عدم رجعيّة القانون
يطبّق القانون فقط على فعل يحدث بعد تبنّي القانون. وهذا مبدأ قانوني راسخ مشتق من القول المأثور إن الجهل بالقانون لا يعفي من المسؤولية.
وفي القانون الجنائي المحلي، ينطبق مبدأ عدم رجعية القانون على تعريف أو تحديد الجرائم والجنح وعلى درجة العقوبات والأحكام الناتجة عن ذلك.
☜ في أوقات النزاع، وبسبب احتلال الأرض أو الاستيلاء عليها، قد يجد الأفراد أنفسهم في مواجهة مسألة قابلية التطبيق لقوانين غير معروفة لهم. والمبدأ القانوني المرعي في هذه الحالة مشتق من المبدأ العام المتعلق بعدم رجعية القانون: ولا يجوز للقانون الجديد (في هذه الحالة، القانون الأجنبي) أن يفرض عقوبات أعلى أو يحدّد جرائم لم تكن متصورة في القانون المحلي لهؤلاء الأشخاص.
وفي جميع الأوضاع، من المهمّ تذكر أن القانون الذي لم يتمّ سَنّه ونَشرّه رسميًا لا يعتبر قانونًا ساري المفعول. والتاريخ الذي سبق تطبيق القانون بأثر رجعي هو التاريخ الذي شهد سنّ القانون رسميًا - وبعبارة أخرى هو التاريخ الذي شهد صدور القانون ونشره.
وهكذا فإن هذا المبدأ (المعروف أيضًا بالتحرر من قوانين الأثر الرجعي، أو لا جريمة إلّا بموجب القانون) يرسي حقيقة أن القانون لا يجوز تطبيقه على أفعال إجرامية ارتكبت قبل سنّ القانون. ويتبع ذلك عدم جواز فرض عقوبة أكبر من العقوبة التي كانت مطبقة في وقت ارتكاب الفعل الإجرامي. غير أنه، إذا تمّ تبنّي قانون جديد بعد اقتراف العمل، ينصّ على فرض عقوبة أخف، فيجب أن يستفيد منه المذنب.
ويقرّ القانون الدولي أيضًا بعدم رجعية القوانين الجنائية والعقاب على الأعمال الإجرامية باعتباره ضمانة قضائية أساسية (المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية). وهذا المبدأ مدمج أيضًا في اتفاقيات جنيف: لا يجوز محاكمة شخص على عمل أو تقصير لا يشكل جرمًا جنائيًا بموجب القانون الوطني أو الدولي الذي كان/ كانت يخضع له في وقت ارتكاب العمل (المادة 99 من اتفاقيّة جنيف 3، والمادتان 65 و67 من اتفاقيّة جنيف 4، والمادة 75 من البروتوكول 1؛ المادة 6 من البروتوكول 2)
← ضمانات قضائية.
وهذا المبدأ ينعكس في قانون المحكمة الجنائية الدولية الذي تمّ تبنّيه في يولية 1998 ودخل حيّز التنفيذ في 1 يوليو 2002. وللمحكمة سلطة اختصاص للنظر فقط في الجرائم التي ارتكبت بعد دخول قانونها حيّز التنفيذ بالنسبة للدولة المعنية (المادة 11 من قانون المحكمة الجنائية الدولية).
وحتى الآن، فإن الحالة الوحيدة التي تستطيع المحكمة الدولية أن تبتّ في الجرائم التي ارتكبت قبل إنشاء المحكمة هي حالة محاكم الحرب، كتلك التي أنشئت في نورمبرغ وطوكيو بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، والمحاكم الجنائية الدولية التي أنشأها لهذا الغرض مجلس الأمن الدولي في عامي 1993 و1994 ليوغوسلافيا السابقة ورواندا. وحتى في هذه الظروف، فإن المحاكم لا يمكنها أن تبحث سوى الأفعال التي كانت تعتبر جرائم لدى اقترافها. وإبان تشكيل المحكمة الجنائية الدولية من أجل يوغوسلافيا السابقة، أعاد الأمين العام للأمم المتحدة التأكيد على أن المحكمة الجنائية الدولية حول يوغوسلافيا “ستطبق قواعد القانون الدولي الإنساني التي تعتبر بلا شك جزءًا من القانون العرفي”. (تقرير الأمين العام بموجب قرار مجلس الأمن 808، وثيقة رقم: إس/2504 بتاريخ 3 أيار/ مايو 1993).
←المحكمتان الجنائيتان الدوليتان الخاصتان بيوغوسلافيا السابقة ورواندا؛ المحكمة الجنائية الدولية؛ ضمانات قضائية؛ أراض محتلة.
لمزيد من المعلومات:
Bassiouni, Cherif. Introduction to International Criminal Law. Ardsley, N.Y.:NY: Transnational, 2003, 178–26800p.