القاموس العملي للقانون الإنساني

« الخطأ في تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم » Albert Camus.

عدم سريان التقادم

في القانون الدولي، هناك جرائم معيّنة لا تسقط بالتقادم. وهذا يعني أنه مهما طال الزمن المنقضي، فإنه يجوز رفع الدعاوى القضائية على مرتكبي هذه الجرائم. وأصبح عدم سريان التقادم على جرائم الحرب إحدى قواعد القانون العرفي (القاعدة 16 من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الدولي الإنساني العرفي).

وهذا يختلف عن أنظمة قضائية محلية معيّنة - وبخاصة أنظمة القانون المدني - التي لديها قوانين تتعلّق بالتقادم في بعض الجرائم أو كلها وقد تتراوح فترة التقادم بين عام وثلاثين عامًا، اعتمادًا على خطورة الجريمة. وتنصّ معظم القوانين المحلية على هذا الشكل من “التقادم” للجنح (التي تعرف عادة بأنها جرائم يعاقب عليها القانون بالسجن عامًا واحدًا أو أقل) والمخالفات (التي يعاقب عليها القانون عادة بفرض الغرامات فقط، والمعروفة أيضًا باسم المخالفات المستعجلة أو التي لا تؤدي إلى القبض على مرتكبها في المملكة المتحدة). وهكذا، فإن القانون الجنائي يضع حدًا زمنيًا، يختلف بالنسبة للفئات المختلفة من الجرائم، يتمّ بعده إيقاف جميع الدعاوى القانونية ولا يعود ممكنًا متابعة الإجراءات القضائية.

وفي العادة، فإن أنظمة القانون العام لا تضع قوانين للتقادم للجرائم الخطيرة مثل القتل، بينما تطبق أنظمة القانون المدني حدودًا زمنية مطولة لمثل هذه الجرائم - أكثر من عشرين عامًا.

☜ وفي الساحة الدولية، يخصّ عدم سريان تقادم الجرائم التي يعتبر من الصعب للغاية مباشرتها قضائيًا على الفور بعد ارتكابها. وهذا ينطبق بشكل خاص على جرائم الحرب، أو الجرائم ضدّ الإنسانية أو جرائم الإبادة الجماعية. ومع الأخذ بعين الاعتبار السياق الذي تنفذ فيه هذه الجرائم، فإنه من الضروري في الغالب أن يتمّ الانتظار لحدوث تغير في الوضع - نهاية نزاع أو تغير في نظام - لكي يصبح ممكنًا، من الناحية العملية، المباشرة في الإجراءات القضائية. إن عدم سريان التقادم يحول دون مرور أخطر الجرائم، وتلك الأكثر صعوبة في المقاضاة، بدون عقاب.

تمّ تبنّي اتفاقيّة دولية حول عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضدّ الإنسانية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر، 1968 (قرار الجمعية العامة رقم 2391 [23]). ودخلت الاتّفاقيّة حيّز التنفيذ في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، 1970 وأصبح عدد الأطراف الموقعة على الاتفاقية 55 دولة في الوقت الحالي.

وتحدّد الاتّفاقيّة بدقة الجرائم التي لا تنطبق عليها قوانين التقادم. وهي جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، كما حددت في ميثاق محاكمة نورمبرغ، بالإضافة إلى الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني، كما حدّدتها اتفاقيات جنيف لعام 1949.

← جرائم حرب/ جرائم ضدّ الإنسانية.

هناك أيضًا اتفاقيّة أوروبية تتعلّق بعدم تقادم الجرائم المرتكبة ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب، والتي تمّ تبنّيها في 25 كانون الثاني/يناير 1974، ودخلت حيز التنفيذ في 27 حزيران/ يونية 2003. وعدد أطراف المعاهدة الآن ثماني دول وهي بلجيكا والبوسنة والهرسك ومالطا والجبل الأسود وهولندا ورومانيا وصربيا وأوكرانيا.

أولًا التعريف

لا يسري التقادم على الجرائم التالية بصرف النظر عن تاريخ ارتكابها:

(أ) جرائم الحرب كما ورد تعريفها في النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ العسكرية الدولية الصادر في 8 آب/ أغسطس 1945، والوارد تأكيدها في قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 3 (د -1) المؤرخ في 13 شباط/ فبراير 1946 و95 (د -1) المؤرخ في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1946، ولا سيما “الجرائم الخطيرة” المعددة في اتفاقيّة جنيف المعقودة في 12 آب/ أغسطس 1949 لحماية ضحايا الحرب،

(ب) الجرائم المرتكبة ضدّ الإنسانية، سواء في زمن الحرب أو في زمن السلم، كما ورد تعريفها في النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ العسكرية الدولية الصادر في 8 آب/ أغسطس 1945، والوارد تأكيدها في قراري الجمعية العامة 3 (د-1) المؤرخ في 13 شباط/ فبراير 1946 و95 (د-1) المؤرخ في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1946، والطرد بالاعتداء المسلح أو الاحتلال، والأفعال المنافية للإنسانية والناجمة عن سياسة الفصل العنصري، وجريمة الإبادة الجماعية الوارد تعريفها في اتفاقيّة عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، حتى لو كانت الأفعال المذكورة لا تشكل إخلالًا بالقانون الداخلي للبلد الذي ارتكبت فيه (المادة 1 من اتفاقيّة عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضدّ الإنسانية).

ثانيًا التطبيق

لضمان فعالية الاتّفاقيّة، تتعهّد الدول الأطراف بتضمين تشريعاتها المحلية هذه القوانين والإجراءات الضرورية الأخرى لتمكين تسليم الأشخاص المتهمين بارتكاب هذه الجرائم بما يتوافق مع إجراءاتها الدستورية.

وتتعهّد أيضًا بتكييف قوانينها بحيث تضمن عدم تطبيق مبدأ التقادم أو أية قيود أخرى على المقاضاة والعقاب على هذه الجرائم. وفي حالة وجود هذه القيود، فيتعيّن إلغاؤها (المادتان 3 و4).

☜ وفي القضايا المتعلقة بالقانون الجنائي، وعلى الرغم من وجود اتفاقيات دولية، إلّا أن معظم الملاحقات القضائية تتمّ أمام محاكم محلية باستخدام التشريعات الجنائية الوطنية. وبالتالي، فإنه من الضروري أن تجعل الدول قوانينها المحلية متوافقة مع الاتّفاقيات الدولية ذات الصلة وأن تمتنع عن إعاقة أية إجراءات قانونية تتخذها المحاكم الوطنية بخصوص هذه الجرائم.

إذا لم تكن القوانين المحلية لدولة ما متوافقة مع التزاماتها وفقًا لاتفاقيّة دولية، فمن الممكن القيام بالأمور التالية:

▪ إحالة الوضع إلى المؤسسة المحلية المسؤولة عن مراقبة قانونية أو دستورية التشريع (عادة ما تكون محكمة محدّدة).

▪ إخطار الهيئة المودع لديها المعاهدة ذات الصلة (مثل الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الدول الأمريكية، ومنظمة الوحدة الأفريقية).

يعيد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي تمّ تبنّيه في تموز/ يولية 1998، في روما التأكيد على عدم سريان التقادم على الجرائم التي تندرج ضمن سلطة اختصاصها (المادة 29 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية) - وهي الإبادة الجماعية، والجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب. ودخل النظام الأساسي حيّز التنفيذ في 1 تموز/ يولية 2002.

← عفو شامل، إفلات من العقاب، المحكمة الجنائية الدولية؛ تعاون قضائي في المادة الجنائية؛ جرائم حرب/ جرائم ضدّ الإنسانية.

لمزيد من المعلومات:

Meron, Theodor. “The Humanization of Humanitarian Law.” American Journal of International Law 94 (April 2000): 239.

Zalaquett, José. “Moral Reconstruction in the Wake of Human Rights Violations and War Crimes.” In Hard Choices: Moral dilemmas in Humanitarian Intervention, ed. Jonathan Moore. Lanham, Md.: Rowman & Littlefield, 1998, 211-28.

Article également référencé dans les 2 catégories suivantes :