القاموس العملي للقانون الإنساني

« الخطأ في تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم » Albert Camus.

عدوان

العمل العدواني من المسلم به اليوم أنه أخطر شكل من أشكال اللجوء غير المشروع للقوة. وفي إطار النظام الدولي السائد منذ معاهدة ويستفاليا سنة 1648 وتأكيد سيادة الدولة، يبدو العدوان أنه أخطر جريمة يمكن ارتكابها، حيث يمكن أن يقوِّض وجود الدولة وسلامة أراضيها، وعلى هذا النحو يقوِّض المبادئ الأساسية للقانون الدولي.

وفي منتصف القرن العشرين، عمل القمع التدريجي للحق في شن حرب (الوارد في عهد عصبة الأمم لسنة 1919 وميثاق كيلوغ – برياند لسنة 1928)، على تقييد حق اللجوء للقوة المسلحة ليقتصر على حالات الدفاع عن النفس والعدوان.

وفي سنة 1950 أرست مبادئ القانون الدولي المعترف بها في ميثاق محكمة نورنبرغ وفي قرار المحكمة إجراء أن أعمال التخطيط والإعداد والشروع أو شن حرب أو عدوان كجريمة ضد السلم (المبدأ 6) وإشراك مرتكبي العدوان في المسؤولية الجنائية.

ويحظر ميثاق الأمم المتحدة الموقَّع في سنة 1945 العدوان واللجوء إلى القوة في العلاقات بين الدول فيما عدا حالة الدفاع عن النفس. وينشئ ميثاق الأمم المتحدة نظامًا للأمن الجماعي بموجب المسؤولية الأساسية لمجلس الأمن. ولا يتضمن ميثاق الأمم المتحدة تعريفًا واضحًا للعدوان. وتترتب ولاية مجلس الأمن حول الفكرة الأوسع نطاقًا الخاصة بتهديد السلم والأمن الدوليين، وهو مكلف باتخاذ التدابير المناسبة في مثل هذه الحالات، بما في ذلك اللجوء إلى القوة الجماعية. وقد استغرق البحث عن تعريف توافقي للعدوان فترة طويلة وكان أمرًا شاقًّا بين الدول لوضع تعريف يقتصر على التدخل العسكري لدولة على أرض دولة أخرى، وأولئك الذين كانوا يحبذون تعريفًا أوسع يعكس مختلف أشكال التدخل وانتهاك سيادة الدولة.

وظل هذا إلى أن جاءت سنة 1974حين اعتمدت الأمم المتحدة تعريفًا لفعل العدوان. وتم أيضًا توضيح مفهوم العدوان وتطويره في العديد من قرارات محكمة العدل الدولية. واعتمدت المنظمات الحكومية الدولية الإقليمية، مثل منظمة الدول الأمريكية والاتحاد الأفريقي أيضًا تعاريف للعدوان. وتشكِّل كل هذه التعاريف أساس الحق في الدفاع عن النفس وتنفيذ آليات الأمن الجماعي من ناحية أولى وأساس مسؤولية الدولة أمام الهيئات القضائية الإقليمية أو الدولية من جهة أخرى.

وفي عام 1998، وخلال صياغة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أُعيد مفهوم العمل العدواني مرة أخرى إلى مجال القانون الجنائي الدولي. ومع ذلك، ظل اختصاص المحكمة في جريمة العدوان لفترة طويلة نظريًّا فحسب؛ وتم تمكين الدول الأطراف من أجل التوصل إلى اتفاق على تعريف جريمة العدوان. وفي سنة 2010، وأثناء انعقاد المؤتمر الاستعراضي في كمبالا لنظام روما الأساسي، اعتمدت الدول الأطراف أخيرًا تعريفًا لجريمة العدوان.

ومن ثم أصبح العدوان الآن معرَّفًا ومحظورًا ليس من القانون الدولي العام فحسب بل أيضًا من القانون الجنائي الدولي. وعلى هذا النحو، يمكن للعمل العدواني أن يشمل مسؤولية الدولة عن السلوك غير المشروع أمام محكمة العدل الدولية وأن يفسح المجال لصدور أحكام وتعويضات. ويمكن لجريمة العدوان أيضًا أن تشمل المسؤولية الجنائية الفردية أمام المحكمة الجنائية الدولية. وفي هذه الحالة، يكون اختصاص المحكمة إدانة الجناة الذين تثبت إدانتهم بارتكاب جريمة العدوان بأحكام بالسجن وبالأمر بتعويضات للضحايا. ويميل الاتجاه الدولي نحو التعويضات الجماعية وليس التعويضات الفردية.çمحكمة العدل الدولية؛ المحكمة الجنائية الدولية؛ جبر الضرر (تعويض)

تعاريف العدوان

1 الأمم المتحدة

تصوغ المادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة، الموقع في سنة 1945 في سان فرانسيسكو، أنه ”يمتنع أعضاء الهيئة جميعًا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة“، وفقًا لمبدأ التسوية السلمية للمنازعات.

ومع ذلك، فإن اللجوء للقوة المسلحة يؤذن به في ظرفين:

في حالة الدفاع عن النفس، فردًا أو جماعات، وهذا تأذن به المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة؛

في سياق التدابير الجماعية للأمن التي اعتمدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (المادة 42 من ميثاق الأمم المتحدة).

الدفاع الشرعيّ؛ حفظ السلام

تنص المادة 39 من الميثاق على أن مجلس الأمن هو الهيئة الوحيدة المختصة بتحديد وجود أي تهديد للسلام أو إخلال بالسلم أو أعمال العدوان، دون إعطاء تعريف للعدوان.

وبسبب عدم وجود توافق في الآراء أثناء الدورات العملية الأولى للجمعية العامة، أُجلت مسألة تعريف العدوان وأحيلت إلى لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة. ومع ذلك، لم تتوصل لجنة القانون الدولي إلى تعريف؛ وخلص المقرر الخاص إلى نتيجة في تقريره إلى الجمعية العامة في سنة 1951 إلى أن العدوان ”بحكم جوهره، ليس قابلًا للتعريف“ (A/CN.4/44، ص. 68). وكلفت الجمعية العامة عدة لجان خاصة أخرى لاقتراح تعريف للعدوان، بيد أنها جميعًا فشلت في الاتفاق على تعريف يحظى بتوافق الآراء.

وظل هذا الوضع حتى سنة 1974 عندما اعتمدت الأمم المتحدة بالإجماع تعريفًا للعدوان.

وتضمن القرار 3314 الصادر من الجمعية العامة والذي استند إلى تعريف المعتدي المقترح في سنة 1935 أثناء انعقاد مؤتمر تخفيض الأسلحة والحد منها، يعرف العدوان بأنه ”استعمال القوة المسلحة من قِبل دولة ضد سيادة دولة أخرى أوسلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي، أو أي وجه آخر لا يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة“. وتحدد الجمعية العامة في هذا التعريف مصطلح ”الدولة“ أنه يستخدم دون المساس بمسألة الاعتراف ولا بمسألة كون الدولة أو عدم كونها عضوًا في الأمم المتحدة، ويتضمن مفهوم ”مجموعة دول“ عند اقتضاء الحال. ووفقًا للأمم المتحدة، فإن المبادأة باستعمال ”القوة المسلحة من قِبل دولة ما، خرقًاللميثاق تشكل بيِّنة كافية مبدئيًّا على ارتكابها عملًا عدوانيًّا“، بيد أن هذا العمل يجب أن يكون “على قدر كاف من الخطورة” كي ما ينعت بهذه الصفة من جانب مجلس الأمن.

ووفقًا لقرار الجمعية العامة، تشكل الأعمال التالية أعمالًا للعدوان، سواء بإعلان الحرب أو بدونه شريطة أنها ليست جامعة:

قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه، أو أي احتلال عسكري، ولو كان مؤقتًا، ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم، أو أي ضم لإقليم دولة أخرى أو لجزء منه باستعمال القوة؛

قيام القوات المسلحة لدولة ما بقذف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو استعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى؛

ضرب حصار على موانئ دولة ما أو على سواحلها من قبل القوات المسلحة لدولة أخرى؛

قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية أو الأسطولين التجاريين البحري والجوي لدولة أخرى؛

قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة، على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق أو أي تمديد لوجودها الإقليمي المذكور، إلى ما بعد نهاية الاتفاق؛

سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه الدولة الأخرى لارتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة؛

إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من قِبَل دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى من أعمال القوة المسلحة تكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال المعددة أعلاه، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك.

ويستند هذا التعريف إلى ثلاثة معايير: ’1‘ يجب أن ترتكب العمل العدواني دولة ويمكن أن ترتب عليه مسؤولية تلك الدولة؛ ’2‘ ينطوي على استخدام القوة المسلحة؛ ’3‘ ويجب أن يصل العدوان إلى مستوى كافٍ من الخطورة لكي يصفه مجلس الأمن بهذا الشكل ويثير ردود أفعال في الدفاع عن النفس أو عقوبات يفرضها المجتمع الدولي. ويستبعد التعريف العدوان الأيديولوجي أو الاقتصادي، ولا ينص على احتمال أن ترتكب هذه الأعمال العدوانية عناصر فاعلة من غير الدول (جماعات مسلحة أو كيانات أخرى).

ويجدر بالذكر أنه رغم اعتماد هذا التعريف في سنة 1974، ظل مجلس الأمن يستخدم المصطلح الأكثر حيادًا الخاص بتهديد السلام والأمن الدولي في إدارته فيما بعد للأزمة الدولية، مثل الغزوات المتتالية من إسرائيل لدولة لبنان في آذار/مارس 1978 وحزيران/يونية 1982، أو في غزو الكويت من جانب العراق في آب/أغسطس 1990، رغم أن الغزو يشكِّل عملًا عدوانيًّا في قرار الجمعية العامة.

2 محكمة العدل الدولية

فسَّرت محكمة العدل الدولية في حكمها الصادر في قضية الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية في نيكاراغوا وضدها (نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة الأمريكية، الحيثيات والحكم، تقارير محكمة العدل الدولية 1986). فسَّرت تعريف العدوان، قائلة: ”بينما يشمل مفهوم العدوان المسلح إرسال دولة واحدة عصابات مسلحة إلى أراضي دولة أخرى، وإمداد الأسلحة وأوجه دعم أخرى لتلك العصابات لا يمكن مساواته بالهجوم المسلح“ (الفقرة 247). ووجدت المحكمة أن الدعم المالي والتدريب والإمداد بالأسلحة والمعلومات الاستخبارية والدعم اللوجستي يشكل خرقًا واضحًا لمبدأ عدم استخدام القوة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة، أي: ”شكل من أشكال السلوك التي تعتبر عملًا غير مشروع لكنه أقل خطورة من الهجوم المسلح“ (الفقرة 247). ويجدر بالذكر أن النسخة الفرنسية من هذا الحكم، تُرجم مصطلح ”الهجوم المسلح إلى العدوان المسلح“.

زيادة على ذلك، لاحظت المحكمة أن العدوان غير المباشر في إطار معنى المادة 3 (زاي) من القرار 3314 الصادر من الجمعية العامة، ينبغي، لكي يتصف بهذا الشكل، أن ينطوي على ”إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من قِبَل دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة تكون من الخطورة بحيث تعادل (ضمن أمور أخرى) هجومًا مسلحًا فعليًّا تقوم به قوات نظامية أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك. (الفقرة 195). وارتأت المحكمة أن هذا الوصف يعكس القانون العرفي؛ ”في القانون العرفي، حظر الهجمات المسلحة قد ينطبق على إرسال دولة ما عصابات مسلحة إلى أراضي دولة أخرى، وإذا صُنِّفت هذه العملية بسبب نطاقها وتأثيراتها، بمثابة هجوم مسلح بدلًا من مجرد كونها حادثة على الحدود وقامت به قوات مسلحة نظامية“ (الفقرة 195). وبهذا الإجراء، حدَّدت المحكمة انطباق قرار الجمعية العامة 3314 نظرًا لأنه ينطوي على أن هذه ”العصابات المسلحة والقوات غير النظامية أو المرتزقة“ يجب أن تمتلك قدرات من القوة الضاربة العسكرية تُعادل تلك التي لدى القوات المسلحة النظامية.

وفي الحكم الصادر في 19 كانون الأول/ديسمبر 2005، في قضية “الأنشطة المسلحة” على أراضي الكونغو (جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا، الحكم، تقارير محكمة العدل الدولية سنة 2005، ص 168)، وجدت محكمة العدل الدولية أن ما يفترض أنه عدوان جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا لم يكن مذكورًا في القانون بسبب أنه ليس هناك دليل مقبول لمشاركة مباشرة أو غير مباشرة من جمهورية الكونغو الديمقراطية في الهجمات المسلحة على أراضي أوغندا والذي قامت به جماعات مسلحة تعمل من الأراضي الكونغولية (الفقرة 146). ووفقًا لما ذكرته المحكمة، لم تنشأ هذه الهجمات من عصابات مسلحة أو قوات غير نظامية أرسلتها جمهورية الكونغو الديمقراطية أو بالنيابة عن هذه الدولة، في إطار معنى المادة 3 (زاي) من قرار الجمعية العامة 3314 (الدورة 29) (الفقرة 146). ونتيجة لذلك، وجدت المحكمة أن الظروف القانونية والواقعية لممارسة أوغندا حق الدفاع عن النفس ضد جمهورية الكونغو الديمقراطية لم يكن موجودًا (الفقرة 147). وعدم قدرة الدولة على التحكم في أنشطة مجموعات تعمل من أراضيها ليس كافيًا لإقرار فعل العدوان، نظرًا لأن عمل العدوان يجب أن ترتكبه دولة أو قوات تعمل تحت سيطرتها بالنيابة عنها.

3 المحكمة الجنائية الدولية

اعتُمد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في سنة 1998 ودخل حيز النفاذ في سنة 2002، لكنه لم يقدِّم تعريفًا لجريمة العدوان، ومنح اختصاصًا نظريًّا للمحكمة فيما يتعلق بهذه الجريمة، وخصوصًا بسبب أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كان هو الهيئة المختصة الوحيدة ليقرر وجود عمل من أعمال العدوان. ونص نظام روما الأساسي في المادة 5 على (تمارس المحكمة الاختصاص على جريمة العدوان متى اعتُمد حكم بهذا الشأن وفقًا للمادتين 121 و123 يعرِّف العدوان ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة. ويجب أن يكون هذا الحكم متسقًا مع الأحكام ذات الصلة من ميثاق الأمم المتحدة). وتضع المادتان 121 و123 من النظام الأساسي الشروط اللازمة لتعديل ومراجعة النظام الأساسي، وخصوصًا أن تنص على أن يعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مؤتمرًا استعراضيًّا لنظام روما الأساسي بعد سبع سنوات من دخول هذا النظام حيز النفاذ. وقد عقد أول مؤتمر استعراضي لنظام روما الأساسي في الفترة من 31 أيار/مايو إلى 10 حزيران/يونية 2010 في كمبالا، أوغندا. واعتمدت جمعية الدول الأطراف، أثناء انعقاد هذا المؤتمر، قرارًا يشتمل على تعريف لجريمة العدوان ونظامًا يقرِّر كيف ستمارس المحكمة اختصاصها على هذه الجريمة. وقد جاء تعريف جريمة العدوان، الذي اقترحه الفريق العامل الخاص المعني بجريمة العدوان، أساسًا بوحي من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 لسنة 1974.

ويرد التعريف في المادة 8 مكررًا الجديدة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهو ينص على ما يلي:

لأغراض هذا النظام الأساسي، تعني ”جريمة العدوان“ قيام شخص ما، له وضع يمكِّنه فعلًا من التحكم في العمل السياسي أو العسكري للدولة أو من توجيه هذا العمل، بتخطيط أو إعداد أو بدء أو تنفيذ عمل عدواني يشكِّل، بحكم طابعه وخطورته ونطاقه، انتهاكًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة.

لأغراض الفقرة 1، يعني ”العمل العدواني“ استعمال القوة المسلحة من جانب دولة ما ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي، أو بأي طريقة أخرى تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة. وتنطبق صفة العمل العدواني على أي عمل من الأعمال التالية، سواء بإعلان حرب أو بدونه، وذلك وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3314 (د-29) المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 1994:

قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه، أو أي احتلال عسكري، ولو كان مؤقتًا، ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم، أو أي ضم لإقليم دولة أخرى أو لجزء منه باستعمال القوة؛

قيام القوات المسلحة لدولة ما بقذف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو استعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى؛

ضرب حصار على مواني دولة ما أو على سواحلها من جانب القوات المسلحة لدولة أخرى؛

قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرِّية أو البحرية أو الجوية أو الأسطولين البحري والجوي لدولة أخرى؛

قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة، على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق، أو أي تمديد لوجودها في الإقليم المذكور إلى ما بعد نهاية الاتفاق؛

سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدم هذه الدولة الأخرى لارتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة؛

إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من جانب دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة تكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال المحددة أعلاه، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك“.

وبإدراج هذه المادة الجديدة، يُصبح العمل العدواني جريمة تنطوي على المسؤولية الجنائية الفردية لأولئك الذين ارتكبوها وليس مجرد مسؤولية الدولة.

وجرى أيضًا تعديل أركان الجرائم التي حددتها المحكمة لتحديد الأركان المكوِّنة لهذه الجريمة الجديدة. ويؤكد أحد أركان الجريمة أن مرتكب الجريمة يجب أن يكون شخصًا أو أكثر في وضع يسمح لهم بممارسة السيطرة أو لتوجيه العمل السياسي أو العسكري للدولة التي ارتكبت العمل العدواني. ويعتبر هذا التعريف تقييديًّا نظرًا لأنه يستبعد محاكمة أفراد الجماعات المسلحة من غير الدول التي تتصرَّف بالنيابة عن دولة أجنبية. وتظل المحاكمات القضائية لقيادات هذه الجماعات ممكنة أمام المحكمة الجنائية الدولية بموجب جرائم أخرى. إضافة إلى ذلك، تشير أحكام القضاء الصادرة مؤخرًا إلى أن الهجمات من جماعات مسلحة غير الدول يمكن أن يعترف بها القضاة، باعتبارها عنصرًا جوهريًّا لعمل عدواني إذا ثبت أن تلك الجماعات تتصرف كعملاء فعليين لدولة أجنبية.

وخلافًا لجرائم أخرى في نظام روما الأساسي، تخضع جريمة العدوان لشروط إحالة أكثر صرامة. وفي الواقع، يمكن للمدعي العام فيما يتعلق بجريمة العدوان أن يباشر فحسب إجراء تحقيق بمبادرة منه (من تلقاء نفسه) أو يباشر تحقيقًا استنادًا إلى إحالة من دولة بعد التأكد أولًا مما إذا كان مجلس الأمن قد أصدر تأكيدًا بوجود عمل عدواني (بموجب المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة)، حيث تتعلق الحالة بعمل عدواني مرتكب بين دول أطراف، أو عندما تأذن الشُعبة التمهيدية في المحكمة ببدء تحقيق إذا لم يكن مجلس الأمن، بعد ستة شهور من الحادثة، قد قرَّر رسميًّا وجود عمل عدواني. وأخيرًا، تنص أحكام المادتين 15 مكررًا و15 ثالثًا على أن المحكمة لن تتمكَّن من ممارسة اختصاصها القضائي على جريمة العدوان إلَّا: ’1‘ ثلاثون دولة طرفًا على الأقل صادقت على التعديلات أو قبلتها؛ و’2‘ يُتخذ قرار بأغلبية ثلثي الدول الأطراف لتفعيل الاختصاص القضائي في أي وقت بعد 1 كانون الثاني/يناير 2017.

المحكمة الجنائية الدولية

4 منظمة الدول الأمريكية

تحظر معاهدة البلدان الأمريكية للمساعدة المتبادلة، التي اعتُمدت في ريو دي جانيرو، البرازيل سنة 1947 وميثاق منظمة الدول الأمريكية، الموقَّع في سنة 1948 في بوغوتا، كولومبيا، حرب العدوان، مع التأكيد على أن النصر لا يعطي حقوقًا للدولة المهاجمة (المادة 3 (ز) من الميثاق). ووفقًا لمنظمة الدول الأمريكية، يصير العمل العدواني ضد دولة أمريكية عملًا عدوانيًّا ضد جميع الدول الأمريكية الأخرى (المادة 3.3 من المعاهدة والمادة 3 (ح) من الميثاق).

وتُعرِّف المادة 9 من المعاهدة نوعي العدوان: ’1‘ هجوم مسلَّح من غير استفزاز من جانب دولة على أراضي أو شعب دولة أخرى أو ضد قواتها البرِّية أو البحرية أو الجوية؛ و’2‘ الغزو من القوات المسلحة لدولة ما لأراضي دولة أمريكية أخرى. إضافة إلى ذلك، تنص المادة 21 من الميثاق على أن ”أراضي دولة ما مصونة لا تنتهك؛ ولا يجوز أن تكون، ولا حتى مؤقتًا، موضع احتلال عسكري أو تدابير أخرى لقوة اتخذتها دولة أخرى بشكل مباشر أو غير مباشر على أية أراضٍ مهما كانت“.

زيادة على ذلك، تنص منظمة الدول الأمريكية على احتمال أشكال أخرى من العدوان غير الهجوم المسلح (المادة 6 من المعاهدة والمادة 29 من الميثاق). ولا يعطي النص تفاصيل دقيقة حول هذا النوع من الهجوم، لكن يمكن للإنسان أن يظن أن العدوان الاقتصادي أو الأشكال المحوَّرة الأخرى من التخريب السياسي والتدخل، الذي يمكن أن يندرج في فئة ”تدابير أخرى من القوة“ المذكورة أعلاه.

5 الاتحاد الأفريقي

في 31 كانون الثاني/يناير 2005، اعتمدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي ميثاق عدم الاعتداء والدفاع المشترك في أبوجا، نيجيريا. ودخل هذا الميثاق حيز النفاذ في 18 كانون الأول/ديسمبر 2000، ووقَّعت عليه 43دولة ولكن صدَّقت عليه 20 دولة فقط حتى حزيران/يونية2015.

وتُحدِّد المادة 1-ج من الميثاق العدوان بطريقة أعم من الصكوك الدولية الأخرى نظرًا لأنها تتجاوز الأعمال المرتكبة ضد الأراضي وحدها وتشمل الهجمات المرتكبة ضد العنصرين الآخرين في الدولة: السيادة السياسية والسكان. وتقترح تعريفًا أوسع نطاقًا من التعاريف التي اقترحتها الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، حيث تعرض احتمال أن ترتكب العدوان قوات جماعات مسلحة بل أيضًا جماعات إرهابية على أراضي دولة ما (”أي كيانأجنبي أو خارجي“) وأيضًا باعتبار أن أي دعم من جانب دولة للجماعات المسلحة والمرتزقة والجماعات الإجرامية المنظَّمة والعابرة للحدود، والتي قد تنفِّذ أعمالًا عدائية ضد دولة عضو، يمكن أن يشكِّل هذا عدوانًا وهو ما يتجاوز تفسير محكمة العدل الدولية (انظر أعلاه).

”العدوان يعني الاستعمال، عن قصد وعن علم، للقوة المسلحة أو أي عمل معادٍ آخر من قِبل دولة أو مجموعة من الدول أو منظمة دول أو عناصر فاعلة غير الدول أو من جانب هيئة أجنبية أو خارجية، ضد سيادة الدولة والتدخل والاستقلال السياسي والسلامة الإقليمية والأمن الإنساني لسكان دولة طرف في هذا الميثاق، وهو ما يتنافىمع ميثاق الأمم المتحدة أو القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي. وما يلي يشكِّل أعمالًا عدوانية بغض النظر عن إعلان الحرب من قِبل دولة أو مجموعة من الدول أو منظمة دول أو عناصر فاعلة غير الدول أو من هيئة أجنبية:

استخدام القوات المسلحة ضد سيادة دولة عضو أو سلامة أراضيها واستقلالها السياسي، أو أي عمل آخر لا يتفق مع أحكام القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي وميثاق الأمم المتحدة؛

الغزو أو هجوم من قوات مسلحة ضد أراضي دولة عضو أو احتلال عسكري، ولو كان مؤقتًا، مما ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم أو أي ضم باستخدام القوة لأراضي دولة عضو أو جزء منها؛

قذف أراضي دولة عضو بالقنابل أو استخدام أي سلاح ضد أراضي دولة عضو؛

ضرب حصار على المواني أو السواحل أو المجال الجوي لدولة عضو؛

الهجوم على القوات البرِّية أو البحرية أو الجوية أو على الأساطيل البحرية لدولة عضو؛

استخدام القوات المسلحة لدولة عضو وهي تقع داخل أراضي دولة عضو أخرى مع موافقة الأخيرة، إخلالًا بالشروط المنصوص عليها في هذا الميثاق؛

سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصرف دولة أخرىبأن تستخدم هذه الدولة الأخرى لارتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة؛

إرسال من خلال دولة عضو، أو بالنيابة عنها، أو تقديم أي دعم للقوات المسلحة أو المرتزقة والجماعات الإجرامية المنظمة الأخرىعبر الوطنية التي قد تنفذ أعمالًا عدائية ضد دولة عضو تكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال المدرجة أعلاه، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك؛

أعمال التجسس التي يمكن أن تستخدم للعدوان العسكري ضد دولة عضو؛

المساعدة التكنولوجية من أي نوع والمعلومات الاستخبارية والتدريب لدولة أخرى للاستخدام في ارتكاب أعمال عدوانية ضد دولة عضو أخرى؛

تشجيع أو دعم أو إيواء أو تقديم أية مساعدة لارتكاب أعمال إرهابية وغيرها من الجرائم المنظَّمة العنيفة عبر الوطنية ضد دولة عضو.

وعندما تتكرر هذه الأعمال العدوانية بموجب هذا الميثاق، يستطيع الاتحاد الأفريقي أن يضع آليات للأمن الجماعي، وإن كانت في مهدها، وتستطيع أي دول أعضاء أن تقدِّم سُبل انتصاف أمام محكمة العدل الأفريقية.

الاتحاد الأفريقي؛ أمن جماعيٌّ؛ المحكمة الجنائية الدولية؛ محكمة العدل الدولية؛ نظام عامٌّ؛ مسؤولية الدولة؛عقوبات (دبلوماسيَّة أو اقتصاديَّة أو عسكريَّة)؛ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ الدفاع الشرعيّ؛ حرب

لمزيد من المعلومات

Bugnion, François, « Guerre juste, guerre d’agression et droit international humanitaire », International Review of the Red Cross 847 (September 2002) : 523-546)

Clark, Roger, “Rethinking Aggression as a Crime and Formulating its Elements: The Final Work-Product of the Preparatory Commission for the International Criminal Court”, Leiden Journal of International Law 15 (2002): 859.

Dabone, Zakaria, “International law: armed groups in a state-centric system”, International Review of the Red Cross 882 (June 2011): 395-423.

Daudet, Yves, « La Commission du Droit International des Nations Unies », Annuairefrançais de droit international, Vol.29, 1983, pp. 499-509.

Dinstein, Yoram, War, Aggression and Self-defense, The Hague: Grotius, 1988.

Ferencz, Benjamin B. Defining International Aggression: The Search for World Peace. New York: Oceana Publications, 1975, Vol. II.

Kamto, Maurice, « L’agression en droit international ». Paris : Pedone, 2010, 464p.

Krisch, N &Frowein, J.A., “Chapter VII. Action with respect to Threat to the Peace, Breaches of the Peace, and Acts of Aggression, Introduction” in B. Simma (ed.)The Charter of the United Nations: A Commentary. Oxford University Press, New York, 2002, pp. 701-716.

Pancracio, Jean-Paul, « Un mutant juridique : l’agressioninternationale ? », Les Cahiers de l’IRSEM, n°7, 2011, 85p.

Politi, Mauro &Nesi, Guiseppe, The International Criminal Court and the Crime of Aggression. Ashgate (2004), 193 p.

Thomas, Ann Van Wynen, The Concept of Aggression in International Law, Dallas: Southern Methodist University Press, 1972, 114 p.

Zourek, Jaroslav, « Enfinunedéfinition de l’agression », Annuairefrançais de droit international, Vol.20, 1974, pp. 9-30.