القاموس العملي للقانون الإنساني

« الخطأ في تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم » Albert Camus.

أهداف عسكريّة

الأهداف العسكرية هي الأهداف التي تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها، والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها ميزة عسكرية مُحدَّدة (البروتوكول 1 المادة 52، ,القاعدة 8 من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الإنساني العرفي الدولي).

ويعدّ تعريف الهدف العسكري جزءًا مهمًّا من آلية حماية المدنيين في أوقات النزاع.ويشتمل هذا التعريف على عنصرين يُكمِّلان بعضهما بعضًا:

  • —يجب أن يساهم الهدف من حيث الطبيعة والموقع والغاية منه واستخدامه مساهمةً فعَّالة في العمل العسكري. ومن ثمَّ تعتمد الطبيعة المدنية أو العسكرية للهدف على ما له من أثر على سير النزاع.
  • —يجب أن يشكل الدمار الكامل أو الجزئي للهدف أو الاستيلاء عليه أو تعطيله ميزة عسكرية محدّدة. لذلك تعد الهجمات التي ينتج عنها ميزات غير محدّدة أو محتملة محظورة.

في حال وجود شك بشأن هدف ما يستخدم عادة لأغراض مدنية - مثل منزل أو مسكن آخر، أو مكان عبادة، أو مدرسة - يجب على أطراف النزاع الافتراض بأن الهدف المعني لا يجري استخدامه لأغراض عسكرية (البروتوكول 1 المادة 52-3). ويتعيّن تقديم الدليل الذي يثبت عكس ذلك لإضفاء الشرعية على الهجوم وأن يظل التدمير لهدف مدني متناسبًا. وفي كل الأوقات، يؤكد القانون الإنساني على ضرورة التزام القادة العسكريين بمراعاة عدد من الاحتياطات أثناء قيادة العمليات العسكرية، وذلك بهدف ضمان حماية المدنيين.

وعلى سبيل المثال، تضمّ هذه الاحتياطات حظر الاستخدام المفرط للقوة وبذل كل جهد ممكن للتأكد من أن الأهداف المُزمَع مهاجمتها ليست أشخاصًا مدنيين ولا أعيانًا مدنية و”تجنب إحداث خسائر في أرواح المدنيين، أو إلحاق الإصابة بهم أو الأضرار بالأعيان المدنية، وذلك بصفة عرضية، وعلى أي الأحوال حصر ذلك في أضيق نطاق” (البروتوكول 1 المادة 57).

وتُحظَر الهجمات التي لا توجه إلىّ هدف عسكري محدّد مثلما تُحظَر الهجمات التي تستخدم طرقًا أو وسائل قتالية لا يمكن توجيهها إلى هدف عسكري محدّد أو تكون ذات طبيعة تهدف إلى توجيه ضربة لأهداف عسكرية وأشخاص مدنيين أو أعيان مدنية دون تمييز (البروتوكول 1 المادة 51-4).

وكنتيجة طبيعية لذلك، لا يجوز استغلال وجود أو تحركات السكان المدنيين من أجل حماية نقاط أو مناطق معينة من العمليات العسكرية ولا سيما في محاولة درء الهجوم عن الأهداف العسكرية (البروتوكول 1 المادة 51-7).

بالإضافة إلى ذلك، يجب ألا تكون الأعمال أو المنشآت التي تحتوي على عناصر خطرة (مثل السدود المائية، والحواجز المائية، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بالطاقة النووية) هدفًا للهجمات، حتى وإن كانت تشكل أهدافًا عسكرية (البروتوكول 1 المادة 56، والبروتوكول 2 المادة 15)

هنالك صعوبة فيما يختصّ بالأعيان المدنية (الطرق، والمدارس، والمصانع، والإمدادات الكهربائية، ومنشآت الإذاعة والتلفزيون، ... إلخ.) التي تستخدم مؤقتًا لأغراض عسكرية فقط أو لأغراض عسكرية ومدنية. فالأمر يعني هنا استخدامات مزدوجة، وفي حال توافر المعيارين المذكورين في التعريف وبناءً على شروط إضافية يجوز اعتبار هذه الأعيان أهدافًا مشروعة. وتقتصر هذه الشروط الإضافية على واجب اتّخاذ التدابير اللازمة قبل الهجوم لضمان إجلاء المدنيين والتأكد من تناسب الهجمات مع الأضرار اللاحقة بغير المقاتلين.

← هجمات؛ تناسب.

تكمن المشكلة الأساسية في التأكد من الطابع العسكري للهدف المقصود تدميره، ويجب ألا يكون الدافع هو إضعاف معنويات السكان أو بثّ الرعب بينهم.وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة صراحة عن موقف القانون الدولي من هذه القضية، عندما أعطت رأيها في قصف منظمة حلف شمال الأطلسي للإذاعة والتلفزيون الصربيين. فأكدت مجددًا على أن المدنيين والأعيان المدنية ومعنويات المدنيين لا تعدّ أهدافًا عسكريًة مشروعة، وأن الدعاية بمفردها لا تبرر جميع الهجمات على وسائل الإعلام التي تقوم بعملية البثّ، إلّا أنه حينما اقتصر استخدام منشآت الإذاعة والتلفزيون على التحريض على الكراهية والدعاية، فقد يكون هذا مُبرِّرًا للتدمير (المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة: التقرير النهائي الذي رفعته إلى المدعي العام للمحكمة اللجنة التي تم تشكيلها لمراجعة حملة القصف الجوي التي شنّتها منظمة حلف شمال الأطلسي على جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية، 8حزيران/ يونية 2000، الفقرات 47، و55، و74،و76).

← هجمات؛ واجب القادة؛ دروع بشرية؛ أساليب (ووسائل) الحرب؛ ضرورة عسكرية؛ تناسب؛ أشياء وممتلكات محمية؛ رعب/ ذعر.

السوابق القضائية

نظرت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة في مشروعية حملة القصف الجوي لحلف شمال الأطلسي على جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية في عام 1999 وبحثت تعريف مفهوم الأهداف العسكرية بالمقارنة بالمفاهيم الأخرى (التقرير النهائي الذي رفعته إلى المدعي العام للمحكمة اللجنة التي تم تشكيلها لمراجعة حملة القصف الجوي التي شنّتها منظمة حلف شمال الأطلسي على جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية) متاح على: http://www.un.org/icty/pressreal/nato061300.htm , paras.45, 55, 74, 76)، وقضت المحكمة بأن التعريف الذي يلقى قبولًا عامًّا هو التعريف الذي تضمنته المادة 52 من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف. ويحتوي هذا التعريف على عنصرين: (أ) الأعيان التي تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري سواء بطبيعتها أو موقعها أو غايتها أو استخدامها، و(ب) يحقق تدميرها الجزئي أو الكلي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها ميزة عسكرية أكيدة في الظروف السائدة في ذلك الوقت. وبهذا التعريف يمكن لمراقبين مطلعين وغير متحيزين –وكذلك لصناع القرارات في أوقات النزاعات- تحديد هل يوصف الهدف المزمع مهاجمته بأنه عسكري أم لا. وقد يكون الأمر سهلًا في الحالات الواضحة. ولكن قد يكون هناك مجال للجدال في الحالات التي تُستخدَم فيها العين لأغراض مدنية وربما أيضًا لأغراض عسكرية. (مثل تكنولوجيا الاتصالات، ووسائل النقل، والمواد البتروكيماوية، وبعض أنواع المصانع). وبالمثل، قد يختلف تطبيق التعريف حسب نطاق النزاع وأهدافه، مع أن النطاق والأهداف نفسها قد تتغيَّر أثناء النزاع. وشرحت المحكمة مفهوم الاستخدام المزدوج للأعيان وهل الهجمات على مثل هذه الأهداف مشروعة (حالة قصف حلف الأطلسي لإذاعة وتلفزيون صربيا). وأكدت أن الروح المعنوية للمدنيين ليست، من ثمَّ، هدفًا عسكريًّا مشروعًا. وإذا كانت وسيلة الإعلام تستخدم في التحريض على الجرائم كما حدث في رواندا فإنها قد تصبح هدفًا عسكريًّا مشروعًا. ولكن إذا اقتصر ذلك الأثر على التشجيع على مساندة المجهود الحربي فإن وسيلة الإعلام لا تكون هدفًا عسكريًّا مشروعًا. وأضافت المحكمة أنه على الرغم من أن تعريف البروتوكول الإضافي الأول للهدف العسكري ليس فوق النقد، فإنه يُقدِّم معيارًا عصريًّا يجب استخدامه عند محاولة تحديد مشروعية هجمات معينة. وهذا التعريف يلقى قبولًا عامًّا بوصفه جزءًا من القانون العرفي وينطبق حتى على الدول التي لم تصادق على البروتوكول الإضافي الأول (الفقرات 36، و37، و42).

وفي قضية بلاسكيتش، قررت الدائرة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا (3 آذار/ مارس 2000 الفقرات 401، و509-510) أنه على الرغم من وجود مسلحين يقاومون الهجمات المسلحة بين السكان المدنيين فإن هؤلاء السكان يستحقون التمتع بالحماية كمدنيين وإن قريتهم ليست هدفًا عسكريًّا.

وفي قضية كوبرسكيتش (14 كانون الثاني/ يناير 2000) قضت الدائرة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا أنه “حتى إذا أمكن إثبات أن السكان المسلمين في أميتشي لم يكونوا جميعًا مدنيين ولكن كان بينهم بعض العناصر المسلحة، فإنه لا مبرر للهجمات العشوائية الواسعة النطاق على السكان (الفقرة 513).

لمزيد من المعلومات:

Amnesty International’‘Collateral. “Collateral Damage” or Unlawful Killings? Violations of the Laws of War by NATOduring Operation Allied Force. Available at: http://www.amnesty.org/ailib/intcam/kosovo/June 2000. Available at http://www.amnesty.org/ailib/intcam/kosovo .

Dinstein, Yoram. The Conduct of Hostilities under the Law of International Armed Conflict, (2004) United Kingdom The Conduct of Hostilities under the Law of International Armed Conflict. Cambridge: Cambridge University Press, in particular Chap. 4 & 52004.

Henckaerts, Jean-Marie, and Louise Doswald-Beck, eds. Customary International Law. Vol. 1, The Rules. Cambridge: Cambridge University Press, 2005, part 2.

ICTY. Final Report to the Prosecutor by the Committee Established to Review the NATO Bombing Campaign Against the Federal Republic of Yugoslavia.8 June 2000. Available at: http://www.un.org/icty/pressreal/nato061300.htmhttp://www.un.org/icty/pressreal/nato061300.htm .

Henckaerts, Jean-Marie (ICRC) & Doswald-Beck, Louise (International Commission of Jurists) (Eds.) Customary International Law (volume 1 – The Rules). Cambridge University Press, 2005 (Part II).

Mulinen, Frederic de. Handbook on the Law of War for Armed Forces.Geneva : ICRC, 1989, esp. 13-–14.

Article également référencé dans les 3 catégories suivantes :