احترام القانون الدوليّ الإنسان
تعتبر الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف ملزمة باحترام وضمان احترام القانون الإنساني، في كل الظروف (اتفاقيات جنيف 1-4، المادة 1، البروتوكول 1 المادّتان 1 و80-2). وهنا فإن حقيقة كون القانون الإنساني يعيد التأكيد على التزام الدول ببنوده، رغم أن هذا الالتزام يسري على كافة المعاهدات (المادة 26 من اتفاقيّة فيينا لقانون المعاهدات) - تعكس الطبيعة الملزمة لهذه النصوص. ←اتفاقيات دولية.
ويقوم واجب فرض هذا الاحترام على مستويين، على المستوى الوطني، يجب على الدول دمج بنود القانون الدولي الإنساني في تشريعاتها الوطنية وضمان وجود عقوبات جزائية، في حال ارتكاب شخص ما انتهاكًا. وعلى المستوى الدولي، يجب على الدول اتّخاذ إجراء في حال ارتكاب دولة أخرى انتهاكًا، لأن احترام القانون الإنساني بالغ الأهمية في الحفاظ على النظام الدولي العام الذي يجب على الدول الدفاع عنه.
ولا يستند هذا الاحترام والمسؤولية على آليات معاقبة مرتكبي الانتهاكات فقط. ولأن الضرر الناجم عن مثل هذه الانتهاكات لا يمكن إصلاحه، يجب تنفيذ هذا الاحترام قبل بروز الحاجة إلى العقاب. ولذلك يستند فرض القانون الإنساني كذلك على خلق مجالات مسؤولية مميزة لكافة المشاركين في مواقف التوتر أو النزاع، سواء كان المشاركون دولًا أو منظمات أو أفرادًا. وقد تشمل بصورة خاصة الدول الأطراف في الاتّفاقيات وأطراف النزاع والمقاتلين، ومنظمات الإغاثة
← مسؤولية
← اتفاقيات دولية؛ الوضع القانوني لأطراف النزاع.
وتظلّ الحكومات هي الجهات الرئيسية التي تتحمل المسؤولية بموجب القانون الإنساني، طالما أنها تمتلك وسائل حمايته وتطبيقه وفرض احترامه. ويمكن تقسيم التزامات الدول في هذا الخصوص إلى عدة واجبات محدّدة:
- يجب على الدول الأطراف في نزاع، وبصورة عامة الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، أن تصدر أوامر وتعليمات لضمان مراعاة أحكام الاتّفاقيات والبروتوكول الإضافي الأول ويجب عليها الإشراف على تنفيذها.
- تتعهد الدول بدمج أحكام القانون الإنساني في قوانينها الوطنية وخاصة في قضايا القانون الجنائي (اتفاقيّة جنيف 1 المادة 49، اتفاقيّة جنيف 2 المادة 50، اتفاقيّة جنيف 3 المادة 129، اتفاقيّة جنيف 4 المادة 146).
- تلتزم الدول بنشر معايير وأحكام القانون الإنساني على أوسع نطاق ممكن في بلدانها وبصورة خاصة بين أفراد القوات المسلحة (اتفاقيّة جنيف 1 المادة 47، اتفاقيّة جنيف 2 المادة 48، اتفاقيّة جنيف 3 المادة 127، اتفاقيّة جنيف 4 المادة 141، البروتوكول 1 المادتان 83-1 و87-2 والبروتوكول 2 المادة 19)؛
- تلتزم الدول بسنّ عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يرتكبون أو يأمرون بارتكاب أفعال تنتهك القانون الإنساني (اتفاقيّة جنيف 1 المادّتان 49 و52، اتفاقيّة جنيف 2 المادتان 50 و53، اتفاقيّة جنيف 3 المادّتان 129 و132، اتفاقيّة جنيف 4، المادّتان 146 و149، والبروتوكول 1 المادة 86-1). وفي حال ارتكاب مثل هذه الجريمة، تلتزم الدول بالبحث عن مرتكبي هذه الأعمال وتقديمهم أمام محاكمها، بغض النظر عن جنسياتهم، وبإمكان هذه الدول - وفقًا لأحكام تشريعاتها القانونية، تسليم هؤلاء الأشخاص لمحاكمتهم في دولة أخرى طرف معنية، شريطة أن يكون هذا الطرف قد قدم دعوى مدعمة بإثباتات كافية (دعوى ظاهرة الواجهة).
- تتعهد الدول بالعمل بصورة مشتركة أو على انفراد، وبالتعاون مع الأمم المتحدة ووفقًا لميثاق الأمم المتحدة، في حالات الانتهاكات الجسيمة للمعاهدات أو للبروتوكول الإضافي الأول (البروتوكول 1 المادة 89).
☜ يفرض الالتزام باحترام القانون الإنساني مسؤوليات على السلطات الوطنية. ولكن في حال الفشل في تلبية هذه الالتزامات، لن يكون احتمال اللجوء إلى القضاء أمرًا تلقائيًا. وفي حال الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف، يفرض القانون الدولي الإنساني عقوبات جزائية على أساس مبدأ الاختصاص العالمي، بعد أن بدأ العمل به من خلال المحكمة الجنائية الدولية.
وفي حال وجود انتهاكات أخرى للاتفاقيات يمكن اللجوء إلى القضاء على المستوى الوطني، إلّا أن هذه غير محدّدة في الاتّفاقيات وسيعتمد اللجوء إلى المقاضاة نتيجة لذلك على النظام القضائي الوطني المختلف لكلّ دولة.
وكقاعدة عامة، من الممكن دائمًا إبلاغ اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن أي انتهاكات تمّت ملاحظتها، حيث إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي المؤسسة الراعية للقانون الدولي الإنساني والجهاز الذي ينفذ دور الدولة الحامية.
يجوز للدول كذلك اللجوء إلى لجنة تقصي حقائق مستقلة للتحقيق في انتهاكات للقانون الدولي حدثت ضمن سياق نزاع محدّد (البروتوكول 1 المادة 90).
وغالبًا ما تشكل انتهاكات القانون الإنساني انتهاكًا للاتفاقيات الدولية الأخرى - أي، اتفاقيات حقوق الإنسان - وفي كل حالة، يجب الأخذ بعين الاعتبار كافة أشكال اللجوء إلى القضاء التي توفرها هذه المعاهدات.
← لجوء الأفراد إلى المحاكم؛ اتفاقيات دولية؛ المحكمة الجنائية الدولية؛ لجنة تقصي الحقائق الدولية؛ الوضع القانوني لأطراف النزاع؛ تعاون قضائي في المادة الجنائية؛ عقوبات جزائية في القانون الإنساني؛ الدول الحامية؛ حماية؛ مسؤولية؛ الاختصاص العالمي؛ جرائم حرب/ جرائم ضدّ الإنسانية.
احترام القانون الدولي الإنساني بموجب القانون العرفي
إن الالتزام بالتقيد بالقانون الدولي الإنساني أصبح من معايير القانون العرفي. وتتضمن الدراسة عن قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي التي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 2005 التزامات محددة فيما يتعلق باحترام القانون الدولي الإنساني وإنفاذه في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية:
- القاعدة 139: يجب على كل طرف في النزاع أن يحترم القانون الدولي الإنساني وأن يكفل احترامه من قبل قواته المسلحة والأشخاص والمجموعات الأخرى، الذين يعملون في الواقع بناء على تعليماته، أو تحت إشرافه أو سيطرته.
- القاعدة 140: لا يعتمد الالتزام باحترام وكفالة احترام القانون الدولي الإنساني على المعاملة بالمثل.
- القاعدة 141: يجب على كل دولة أن تعمل على توفير مستشارين قانونيين، عند الاقتضاء، لتقديم المشورة للقادة العسكريين على المستوى المناسب، بشأن تطبيق القانون الدولي الإنساني.
- القاعدة 142: يجب على الدول والأطراف في النزاع أن توفر تعليم القانون الدولي الإنساني لقواتها المسلحة.
- القاعدة 143: يجب على الدول أن تشجع تعليم القانون الدولي الإنساني للسكان المدنيين.
- القاعدة 144: يجب ألا تشجع الدول انتهاكات القانون الدولي الإنساني من قبل أطراف النزاع المسلح. ويجب أن تمارس نفوذها، إلى الحد الممكن، لوقف انتهاكات القانون الدولي الإنساني.
لمزيد من المعلومات:
Ewumbue-Monono, Churchill. “Respect for International Humanitarian Law by Armed Non-state Actors in Africa.” International Review of the Red Cross 864 (December 2006): 905–24.
Henckaerts, Jean-Marie, and Louise Doswald-Beck, eds. Customary International Law. Vol. 1, The Rules. Cambridge: Cambridge University Press, 2005, part 6.
ICRC. “Respect for International Humanitarian Law: ICRC Review of Five Years Activity (1987–1991).” International Review of the Red Cross 286 (January–February 1992): 74–93.
Palwankar, Umesh. “Measures Available to States for Fulfilling Their Obligations to Ensure Respect of International Humanitarian Law.” International Review of the Red Cross 298 (January–February 1994): 9–26.
Pejic, Jelena. “Accountability for International Crimes: From Conjecture to Reality.” International Review of the Red Cross 845 (2002): 13–33.
Pfanner, Toni. “Various Mechanisms and Approaches for Implementing International Humanitarian Law and Protecting and Assisting War Victims.” International Review of the Red Cross 874 (June 2009): 279–328.