جرائم حرب/ جرائم ضدّ الإنسانية
هناك تعريفات مختلفة لجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، يشير كل منها إلى نظام قانوني مختلف وعقوبات مختلفة على المستويين الوطني والدولي. وكما سوف نشرحه في هذا المدخل، فقد صنفت هذه الجرائم بوضوح بعد الحرب العالمية الثانية، على المستوى الدولي، في قوانين المحاكم العسكرية الدولية التي أقامها الحلفاء في نورمبرغ وطوكيو؛ وفي اتفاقيات جنيف 1949 وبروتوكوليها الإضافيين 1977 (تحت توصيف الانتهاكات الجسيمة لهذه الاتّفاقيات)؛ وفي عامي 1993 و1994 في قوانين المحكمتين الجنائيتين الدوليتين الخاصتين بيوغوسلافيا السابقة ورواندا. وكذلك فإن قانون المحكمة الجنائية الدولية الدائمة الصادر في تموز/ يولية 1998، والذي دخل حيّز التنفيذ في تموز/ يولية 2002، يوضح قائمة شاملة بالجرائم التي تخضع للعقوبة من قبل هيئة قضائية دولية. وبحلول نيسان/ أبريل 2013 كانت 122 دولة صادقت على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وهذا المدخل سوف يعرض العقوبات الجزائية وتعريفات الجرائم الموضحة في:
التشريعات الوطنية
قوانين المحاكم الجنائية الدولية الخاصة (ثانيًا-1)
قانون المحكمة الجنائية الدولية (ثانيًا-2)،
اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين (ثانيًا-3).
أولًا التشريعات الوطنية
إن جرائم الحرب، والجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية معرفة في القوانين الجنائية لكلّ دولة وتخضع للعقوبات بموجب تلك القوانين، رغم أن الاسم الدقيق المعطى لتلك الجرائم وكذلك العناصر التي تحدّدها قد تتفاوت حسب كل قانون وطني. وعلى أية حال، فإن المحكمة الجنائية الدولية ساهمت في المواءمة بين التعريفات الوطنية لهذه الجرائم. بيد أن محاولة إيقاع العقوبة على مرتكبي تلك الجرائم بواسطة الجهات القانونية الوطنية قد واجهت قيودًا واضحة، لأنها غالبًا ما ارتكبت في سياق نزاع مسلح وشاركت فيها جيوش وطنية وممثلون للسلطات الحكومية. وكذلك فإن الأنظمة القضائية الوطنية التي يعتمد عليها المتهم أو الضحية من غير المرجح أن تظلّ في تلك الحالات مستقلة أو نزيهة ولن يكون لديها الوسائل الضرورية لإجراء المحاكمات بكفاءة.
إن القوانين العسكرية التي توجد في كل بلد من أجل القوات المسلحة ترسي قواعد للانضباط وتنشئ أدوات لمعاقبة مرتكبي الأفعال التي تنتهك القواعد العسكرية. وهذه الآليات تخضع لمسؤولية النظام القضائي العسكري أو المدني في كل بلد. وتتمتع بإمكانية واضحة للحفاظ على الانضباط الداخلي للقوات المسلحة واحترام أوامر القادة. غير أن قدرتها على تحديد مسؤولية أعلى السلطات السياسية والعسكرية أمر غير واقعي في الأمد القصير.
وفي عام 1949، وسَّعت اتفاقيات جنيف اختصاص المحاكم الوطنية لمقاضاة مرتكبي مثل هذه الجرائم حتى إن ارتكبت في بلد آخر، وذلك بتقنين مبدأ الاختصاص القضائي العالمي في قوانينها. وينص هذا المبدأ على أن تتعهد كل الدول بالبحث عن ومقاضاة مرتكبي جرائم خطيرة معينة منها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية حتى إذا لم يكن للدول روابط مهمة بالمتهم أو بالأعمال التي ارتكبت. ولتتمكن من تنفيذ هذا الشكل من الاختصاص القضائي يجب على الدول أن تدمج هذا المفهوم في قوانينها الوطنية.
← الاختصاص العالمي.
وبالممارسة العملية، فإن إمكانية معاقبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية تعتمد على الإجراءات القضائية الدولية والتعاون أو تعتمد على إنشاء محاكم جنائية دولية. ولتفادي الإفلات من العقاب على هذه الجرائم، أوضح القانون الدولي بأن ذلك لا يخضع لمحدّدات قانونية. وهذا يعني عدم وجود فترة زمنية محدّدة يجب إجراء المحاكمة خلالها وأن المجرمين يمكن محاكمتهم حتى ولو بعد عقود من الزمن عندما تتغير الظروف السياسية أو العسكرية وتجعل من الممكن إجراء المحاكمات.
← إفلات من العقاب؛ عدم سريان التقادم.
ثانيًا القوانين الدولية
تختلف تعريفات جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية وآليات المعاقبة عليها. ويختلف تعريف الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف التي تؤدي إلى المقاضاة في إطار آليات الاختصاص القضائي العالمي اختلافًا جزئيًّا عن ذلك الذي أرسته المحاكم الجنائية الدولية لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
☜ استغرقت الأمم المتحدة خمسين سنة لصياغة قائمة رسمية بالأفعال التي تعتبر جرائم ضدّ سلام وأمن الإنسانية. وقد نمت القائمة بشكل مستمر لتضمّ جرائم معروفة على الصعيد الدولي مثل الإبادة الجماعية والإرهاب وغيرها الكثير. وعلى أية حال، لم تنجح الأمم المتحدة في إقرار هذه القائمة بشكل رسمي من الدول الأعضاء أو في تأسيس محكمة جنائية دولية دائمة لها اختصاص على هذه الجرائم (حتى 1998). وتمّت معاقبة مرتكبي تلك الجرائم على أساس كل حالة على حدة في محاكم خاصة مثل محاكم نورمبرغ وطوكيو، وبعد ذلك بخمسين عامًا، شهدنا إنشاء المحكمتين الجنائيتين الدوليتين الخاصتين بيوغوسلافيا السابقة ورواندا.
وأخيرًا تمّ تبنّي قانون المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في روما بتاريخ 17 تموز/ يولية 1998 ، وبموجبه للمحكمة صلاحية اختصاص على جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضدّ الإنسانية، في حالات تكون فيها الدول غير راغبة أو غير قادرة على إجراء تحقيق أو محاكمة.
1 المحاكم الجنائية الدولية الخاصة
أ. المحكمتان الدوليتان العسكريتان في نورمبرغ وطوكيو
تمّت محاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية خلال الحرب العالمية الثانية من قبل المحكمتين الدوليتين العسكريتين في نورمبرغ وطوكيو. وهاتان المحكمتان اللتان تمّ إنشاؤهما لغرض خاص من قبل الحلفاء في 8 آب/ أغسطس 1945 و18 كانون الثاني/ يناير 1946 على التوالي، قامتا بمحاكمة عدد من أفراد القوات المسلحة في الدول المهزومة ممن ارتكبوا مثل تلك الجرائم.
يميّز قانون محكمة نورمبرغ بين مختلف أنواع الجرائم التي ارتكبت وقت الحرب: جرائم ضدّ السلام، وجرائم الحرب وجرائم ضدّ الإنسانية. وتعرِّف المادة 6 من القانون هذه الجرائم على النحو التالي:
- جرائم ضدّ السلم وهي التي تهدف إلى “تخطيط، أو إعداد، أو بدء أو إشعال حرب عدوانية، أو حرب تخرق المعاهدات الدولية”. ولا تخضع الجرائم ضدّ السلام إلى أي تقادم.
- جرائم الحرب وتشمل:
- القتل، أو المعاملة السيئة، أو الترحيل على شكل عمال ورقيق أو لأي غرض آخر، للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة؛
- القتل أو المعاملة السيئة لأسرى الحرب أو الأشخاص في عرض البحار؛
- قتل الرهائن وسلب الممتلكات العامة أو الخاصة؛
- تدمير المدن أو القرى؛
- التدمير الذي لا تبرره الضرورات العسكرية.
- تُرتكب جرائم الحرب في أوقات الحروب ولا تخضع للتقادم.
- الجرائم ضدّ الإنسانية تتعلّق بالقتل، والإبادة، والاسترقاق، والاستبعاد، والتصرفات اللاإنسانية الأخرى التي يتمّ ارتكابها ضدّ السكان المدنيين قبل أو أثناء الحرب، أو الاضطهاد على أسس سياسية أو عرقية أو دينية تنفيذًا لأي جريمة ضمن اختصاص المحكمة أو فيما يتعلّق بتلك الجريمة”. ويطبق هذا التعريف على جرائم ترتكب في أوقات الحرب أو فيما يتعلّق بالحرب.
☜ من أجل تفادي إفلات مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية من العقاب، فإنه في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 1968 تبنّت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتفاقيّة عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضدّ الإنسانية (قرار الجمعية العامة برقم 2391 (23)، وهي توضح بجلاء أن تلك الجرائم لا تخضع لأي تقادم. وهذا يعني أنه يجوز بدء المحاكمات الجنائية ضدّ مرتكبي تلك الجرائم في أي وقت حتى بعد مرور سنوات على تلك الجرائم. وقد صادقت 50 دولة فقط على هذه المعاهدة.
وعلى أية حال، فإن هذا المبدأ تضمَّنه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي تم توقيعه في عام 1998 وصادقت عليه 122 دولة. وتنص المادة 29 من نظام روما الأساسي على أن الجرائم التي تندرج في اختصاص المحكمة وفقًا للمادة الخامسة من النظام الأساسي - وهي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان - لا تخضع لأي تقادم.
← عدم سريان التقادم
ب. المحكمتان الجنائيتان الدوليتان الخاصتان بيوغوسلافيا السابقة ورواندا
تمّ إنشاء محكمتين جنائيتين دوليتين خاصتين سنة 1993 و1994 بموجب قرار ملزم صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمحاكمة مرتكبي الجرائم في يوغوسلافيا السابقة ورواندا. وعلى خلاف محكمتي نورمبرغ وطوكيو، فهاتان المحكمتان مدنيتان. وقد تمّ تبنّي تعريفات جديدة بجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية في قانونيهما. وتحديدًا فهي تشير إلى انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف 1949.
وعلاوة على ذلك، يدمج قانونا المحكمتين الانتهاكات للمادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع (تعرف باسم المادة المشتركة 3)، والبروتوكول الثاني الإضافي والذي يشير إلى نزاعات داخلية مثل رواندا في تعريفهما للجرائم. وهذا يمثل خطوة هامة نحو معاقبة مرتكبي انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني في سياق النزاعات الداخلية.
← المحكمتان الجنائيتان الدوليتان الخاصتان بيوغوسلافيا السابقة ورواندا
تنحصر صلاحيات هذه المحاكم بموجب طبيعتها الخاصة، وهذا يعني أن اختصاصها يقتصر على جرائم محدّدة ترتكب خلال فترة زمنية محدّدة في منطقة محدّدة.
2 تعريف المحكمة الجنائية الدولية للجرائم ونظام المقاضاة لديها
صدر قانون المحكمة الجنائية الدولية في روما بتاريخ 17 تموز/ يولية 1998 ودخل حيّز التنفيذ في 1 تموز/ يولية 2002 حينما بلغ عدد الدول التي صادقت عليه 60 دولة. وبعد استيفاء بعض الشروط المسبقة تكون المحكمة الجنائية الدولية مختصة بمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية عندما لا تكون هناك أي دولة لديها الرغبة أو القدرة على القيام بالتحقيقات وإجراء المحاكمات بنفسها.
← المحكمة الجنائية الدولية
تعتبر المحكمة الجنائية الدولية مكملًا لأدوات العدالة الوطنية نظرًا لأنها ستعمل فقط عندما تخفق الدول في محاكمة مرتكبي الجرائم التي تقع في اختصاصها .
← عقوبات جزائية في القانون الإنساني؛ الاختصاص العالمي.
☜ تُقدِّم المادتان 7 و8 من قانون المحكمة الجنائية الدولية تعريفًا لجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية التي يكون للمحكمة الجنائية الدولية صلاحية النظر فيها. وهذه التعريفات الموضحة بالتفصيل في هذا المدخل تمثل تطورًا في القانون الدولي. والتعريفات التي تضمَّنتها المادتان 7 و8 من نظام روما الأساسي كمَّلتها وأوضحتها وثيقة أخرى عنوانها أركان الجرائم وتبنَّتها جمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي.
- تتعلّق المادة 7 بالجرائم ضدّ الإنسانية. وهي تحدّد بوضوح أن تعريف تلك الجرائم ينطبق على الأفعال التي يتمّ ارتكابها في أوقات النزاع والأوقات الأخرى بما في ذلك أوقات السلم. وهي تضيف ممارسة الإكراه على الاختفاء إلى هذه الفئة.
- إن تعريف جرائم الحرب المتضمّن في المادة 8 مختلف عن المخالفات الجسيمة أو الانتهاكات الخطيرة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977. ونظرًا لأن البروتوكولين لم يتمّ إقرارهما من قبل جميع الدول، اعتبر القائمون على صياغة البروتوكولين أن المحظورات المتضمّنة فيهما والجرائم التي يقومان بتعريفها لا يمكن اعتبار أنها معترف بها على الصعيد الدولي أو أنها ذات طبيعة عرفية، كما هي الحال مع اتفاقيات جنيف.
وبالتالي، فإن قانون روما الأساسي يشير إلى اختصاص المحكمة بالنظر في الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف وفي ما يتصل بتعريفه لجرائم حرب أخرى يعتبر أنها تشكل جزءًا من القواعد العرفية للقانون الإنساني. وهذا لا يغير من حقيقة أن أحكام البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 تظلّ ملزمة لجميع الدول التي أقرّتها.
تضيف المادة 8 عنصرين إلى الجرائم التي تستوجب العقاب في النزاعات الدولية والداخلية المسلحة:
- الاغتصاب، والاسترقاق الجنسي، والإكراه على البغاء، والإكراه على الحمل، والتعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي مدرجة بشكل صريح بصفتها تشكل انتهاكات خطيرة لاتفاقيات جنيف.
- تجنيد الأطفال ممن هم تحت سنّ الخامسة عشرة في القوات المسلحة الوطنية أو استخدامهم للمشاركة في الأعمال الحربية.
وعلاوة على ذلك، توفّر الموادّ 8-2-جـ إلى 8-2-و تعريفًا دقيقًا لجرائم الحرب التي تنطبق على النزاعات الداخلية المسلحة. وهي توجز المحظورات المحدّدة في المادة 3 المشتركة لاتفاقيات جنيف والانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف الواجبة التطبيق على النزاعات المسلحة التي لا تتّسم بالطابع الدولي.
مهما يكن من أمر، فإنه تجدر ملاحظة أن تعريف جرائم الحرب التي تملك المحكمة الجنائية الدولية اختصاصًا بالنظر فيها في حالات النزاعات المسلحة غير الدولية، وإن كان مماثلًا لكثير من الأحكام الواردة في تعريف جرائم الحرب التي ترتكب في النزاعات الدولية فإنه في بعض الحالات أكثر تقييدًا. وفي الواقع فإن بعض الأفعال التي حظرها البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 غير مشمولة في تعريف المحكمة الجنائية الدولية. وعلى سبيل المثال، فإن التجويع المتعمد للمدنيين، والحرمان من الإمدادات الضرورية، واستخدام المدنيين كدروع بشرية وشن الهجمات المتعمدة رغم معرفة أنها سوف تتسبّب في إحداث خسائر بشرية، وكذلك استخدام الأسلحة المحظورة، ليست مدرجة في قائمة جرائم الحرب أثناء النزاعات غير الدولية. وبالرغم من ذلك، فإن هذه المحظورات تظلّ ملزمة للدول التي أقرّت البروتوكول الثاني أو بحكم طبيعتها العرفية.
← طفل؛ المحكمتان الجنائيتان الدوليتان الخاصتان بيوغوسلافيا السابقة ورواندا؛ اغتصاب؛ نساء.
أ. تعريف جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية في المادة 7 من قانون المحكمة الجنائية الدولية
- لغرض هذا النظام الأساسي، يشكل أي فعل من الأفعال التالية “جريمة ضدّ الإنسانية” متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضدّ أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم:
(أ) القتل العمد؛
(ب) الإبادة؛
(ج) الاسترقاق؛
(د) إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان؛
(هـ) السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي؛
(و) التعذيب؛
(ز) الاغتصاب، أو الاستعباد الجنسي، أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة،
(ح) اضطهاد أية جماعة محدّدة أو مجموع محدّد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو اثنية أو ثقافية أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3، أو لأسباب أخرى من المسلم عالميًّا بأن القانون الدولي لا يجيزها، وذلك في ما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو بأية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة؛
(ط) الاختفاء القسري للأشخاص؛
(ي) جريمة الفصل العنصري؛
(ك) الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبّب عمدًا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية؛
- لغرض الفقرة 1:
(أ) تعني عبارة “هجوم موجه ضدّ أية مجموعة من السكان المدنيين” نهجًا سلوكيًا يتضمّن الارتكاب المتكرر للأفعال المشار إليها في الفقرة 1 ضدّ أية مجموعة من السكان المدنيين، عملًا بسياسة دولة أو منظمة تقضي بارتكاب هذا الهجوم، أو تعزيزًا لهذه السياسة؛
(ب) تشمل “الإبادة” تعمد فرض أحوال معيشية، من بينها الحرمان من الحصول على الطعام والدواء، بقصد إهلاك جزء من السكان؛
(ج) يعني “الاسترقاق” ممارسة أي من السلطات المترتبة على حقّ الملكية، أو هذه السلطات جميعها، على شخص ما، بما في ذلك ممارسة هذه السلطات في سبيل الاتجار بالأشخاص، ولا سيما النساء والأطفال،
(د) يعني “إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان” نقل الأشخاص المعنيين قسرًا من المنطقة التي يوجدون فيها بصفة مشروعة، بالطرد أو بأي فعل قسري آخر، دون مبرّرات يسمح بها القانون الدولي؛
(هـ) يعني “التعذيب” تعمّد إلحاق ألم شديد أو معاناة شديدة، سواء بدنيًا أو عقليًّا، بشخص موجود تحت إشراف المتهم أو سيطرته، ولكن لا يشمل التعذيب أي ألم أو معاناة ينجمان فحسب عن عقوبات قانونية أو يكونان جزءًا منها أو نتيجة لها؛
(و) يعني “الحمل القسري” إكراه المرأة على الحمل قسرًا وعلى الولادة غير المشروعة بقصد التأثير على التكوين العرقي لأية مجموعة من السكان أو ارتكاب انتهاكات خطيرة أخرى للقانون الدولي. ولا يجوز بأي حال تفسير هذا التعريف على نحو يمسّ القوانين الوطنية المتعلقة بالحمل؛
(ز) يعني “الاضطهاد” حرمان جماعة من السكان أو مجموع السكان حرمانًا متعمدًا وشديدًا من الحقوق الأساسية بما يخالف القانون الدولي، وذلك بسبب هوية الجماعة أو المجموع؛
(ح) تعني “جريمة الفصل العنصري” أية أفعال لاإنسانية تماثل في طابعها الأفعال المشار إليها في الفقرة 1 وترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد المنهجي والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة على أية جماعة أو جماعات عرقية أخرى، وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام؛
(ط) يعني “الاختفاء القسري للأشخاص” إلقاء القبض على أي أشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم من قبل دولة أو منظمة سياسية، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه. ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم، بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة.
- لغرض هذا النظام الأساسي، من المفهوم أن تعبير “نوع الجنس” يشير إلى الجنسين، الذكر والأنثى، في إطار المجتمع، ولا يشير تعبير “نوع الجنس” إلى أي معنى آخر يخالف ذلك. (المادة 7 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية).
ب. تعريف جرائم الحرب: المادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
- يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلّق بجرائم الحرب، ولا سيما عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم. يُعرِّف النظام الأساسي جرائم الحرب في نوعي النزاعات.
- لغرض هذا النظام الأساسي، تعني “جرائم الحرب” المرتكبة في نزاع مسلح دولي:
(أ) الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949، وهي أي فعل من الأفعال التالية ضدّ الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقيّة جنيف ذات الصلة:
“1” القتل العمد؛
“2” التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما فى ذلك إجراء تجارب بيولوجية؛
“3” تعمُّد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة؛
“4” إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة؛
“5” إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية؛
“6” تعمُّد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية؛
“7” الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع؛
“8” أخذ رهائن.
(ب) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة، في النطاق الثابت للقانون الدولي، وهي أي فعل من الأفعال التالية:
“1” تعمُّد توجيه هجمات ضدّ السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضدّ أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية؛
“2” تعمُّد توجيه هجمات ضدّ مواقع مدنية، أي المواقع التي لا تشكل أهدافًا عسكرية؛
“3” تعمُّد شنّ هجمات ضدّ موظفين مستخدمين أو منشآت أو موادّ أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملًا بميثاق الأمم المتحدة ما داموا يستحقون الحماية التي توفّر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب قانون المنازعات المسلحة؛
“4” تعمُّد شنّ هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو عن إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحًا بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة؛
“5” مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافًا عسكرية، بأية وسيلة كانت؛
“6” قتل أو جرح مقاتل استسلم مختارًا، يكون قد ألقى سلاحه أو لم تعد لديه وسيلة للدفاع؛
“7” إساءة استعمال علم الهدنة أو علم العدو أو شارته العسكرية وزيّه العسكري أو علم الأمم المتحدة أو شاراتها وأزيائها العسكرية، وكذلك الشعارات المميزة لاتفاقيات جنيف مما يسفر عن موت الأفراد أو إلحاق إصابات بالغة بهم؛
“8” قيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها؛
“9” تعمُّد توجيه هجمات ضدّ المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى، شريطة ألا تكون أهدافًا عسكرية؛
“10” إخضاع الأشخاص الموجودين تحت سلطة طرف معاد للتشويه البدني أو لأي نوع من التجارب الطبية أو العلمية التي لا تبرّرها المعالجة الطبية أو معالجة الأسنان أو المعالجة في المستشفى للشخص المعني والتي لا تجرى لصالحه وتتسبّب في وفاة ذلك الشخص أو أولئك الأشخاص أو في تعريض صحتهم لخطر شديد؛
“11” قتل أفراد منتمين إلى دولة معادية أو جيش معاد أو إصابتهم غدرًا؛
“12” إعلان أنه لن يبقى أحد على قيد الحياة؛
“13” تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو الاستيلاء مما تحتّمه ضرورات الحرب؛
“14” إعلان أن حقوق ودعاوى رعايا الطرف المعادي ملغاة أو معلقة أو لن تكون مقبولة في أية محكمة؛
“15” إجبار رعايا الطرف المعادي على الاشتراك في عمليات حربية موجهة ضدّ بلدهم، حتى وإن كانوا قبل نشوب الحرب في خدمة الدولة المحاربة؛
“16” نهب أي بلدة أو مكان حتى وإن تمّ الاستيلاء عليه عنوة؛
“17” استخدام السموم أو الأسلحة المسممة؛
“18” استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من السوائل أو الموادّ أو الأجهزة؛
“19” استخدام الرصاصات التي تتمدّد أو تتسطح بسهولة في الجسم البشري، مثل الرصاصات ذات الأغلفة الصلبة التي لا تغطي كامل جسم الرصاصة أو الرصاصات المحززة الغلاف؛
“20” استخدام أسلحة أو قذائف أو موادّ أو أساليب حربية تسبّب بطبيعتها أضرارًا زائدة أو آلامًا لا لزوم لها أو أن تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات المسلحة، بشرط أن تكون هذه الأسلحة والقذائف والموادّ والأساليب الحربية موضع حظر شامل وأن تدرج في مرفق لهذا النظام الأساسي، عن طريق تعديل يتفق والأحكام ذات الصلة الواردة في المادتين 121، 123؛
“21” الاعتداء على كرامة الشخص، وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة؛
“22” الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحمل القسري على النحو المعرّف في الفقرة 2 (و) من المادة 7، أو التعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي يشكل أيضًا انتهاكًا خطيرًا لاتفاقيات جنيف؛
“23” استغلال وجود شخص مدني أو أشخاص آخرين متمتعين بحماية لإضفاء الحصانة من العمليات العسكرية على نقاط أو مناطق أو قوات عسكرية معينة؛
“24” تعمُّد توجيه هجمات ضدّ المباني والموادّ والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقًا للقانون الدولي؛
“25” تعمُّد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من الموادّ التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمُّد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف؛
“26” تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر إلزاميًا أو طوعيًا في القوات المسلحة الوطنية أو استخدامهم للمشاركة فعليًا في الأعمال الحربية؛
(ج) في حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي (نزاع مسلح غير دولي)، الانتهاكات الخطيرة للمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949، وهي أي من الأفعال التالية المرتكبة ضدّ أشخاص غير مشتركين اشتراكًا فعليًا في الأعمال الحربية، بما في ذلك أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا سلاحهم وأولئك الذين أصبحوا عاجزين عن القتال بسبب المرض أو الإصابة أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر؛
“1” استعمال العنف ضدّ الحياة والأشخاص، وبخاصة القتل بجميع أنواعه، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب؛
“2” الاعتداء على كرامة الشخص، وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة؛
“3” أخذ الرهائن؛
“4” إصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محكمة مشكلة تشكيلًا نظاميًا تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عمومًا بأنه لا غنى عنها.
(د) تنطبق الفقرة 2 (ج) على المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي، وبالتالي فهي لا تنطبق على حالات الاضطرابات والتوترات الداخلية مثل أعمال الشغب أو أعمال العنف المنفردة أو المتقطعة وغيرها من الأعمال ذات الطبيعة المماثلة؛
(هـ) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي، في النطاق الثابت للقانون الدولي، وهي أي من الأفعال التالية:
“1” توجيه هجمات ضدّ السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضدّ أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية؛
“2” تعمُّد توجيه هجمات ضدّ المباني والموادّ والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيّة جنيف طبقًا للقانون الدولي؛
“3” تعمُّد شنّ هجمات ضدّ موظفين مستخدمين أو منشآت أو موادّ أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملًا بميثاق الأمم المتحدة ما داموا يستحقون الحماية التي توفّر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب القانون الدولي للمنازعات المسلحة؛
“4” تعمُّد توجيه هجمات ضدّ المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات، وأماكن تجمع المرضى والجرحى، شريطة ألا تكون أهدافًا عسكرية؛
“5” نهب أي بلدة أو مكان حتى وإن تمّ الاستيلاء عليه عنوة؛
“6” الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحمل القسري على النحو المعرف في الفقرة 2 (و) من المادة 7 أو التعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي يشكل أيضًا انتهاكًا خطيرًا للمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع؛
“7” تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر إلزاميًا أو طوعيًا في القوات المسلحة أو في جماعات مسلحة أو استخدامهم للمشاركة فعليًا في الأعمال الحربية؛
“8” إصدار أوامر بتشريد السكان المدنيين لأسباب تتصل بالنزاع، ما لم يكن ذلك بداع من أمن المدنيين المعنيين أو لأسباب عسكرية ملحة؛
“9” قتل أحد المقاتلين من العدو أو إصابته غدرًا؛
“10” إعلان أنه لن يبقى أحد على قيد الحياة؛
“11” إخضاع الأشخاص الموجودين تحت سلطة طرف آخر في النزاع للتشويه البدني أو لأي نوع من التجارب الطبية أو العلمية التي لا تبرّرها المعالجة الطبية أو معالجة الأسنان أو المعالجة في المستشفى للشخص المعنى والتي لا تجرى لصالحه وتتسبّب في وفاة ذلك الشخص أو أولئك الأشخاص أو في تعريض صحتهم لخطر شديد؛
“12” تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو الاستيلاء مما تحتمه ضرورة الحرب؛
(و) تنطبق الفقرة 2 (هـ) على المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي، وبالتالي فهي لا تنطبق على حالات الاضطرابات والتوترات الداخلية، مثل أعمال الشغب أو أعمال العنف المنفردة أو المتقطعة أو غيرها من الأعمال ذات الطبيعة المماثلة. وتنطبق على المنازعات المسلحة التي تقع في إقليم دولة عندما يوجد صراع مسلح متطاول الأجل بين السلطات الحكومية وجماعات مسلحة منظمة أو في ما بين هذه الجماعات. (المادة 8 من قانون المحكمة الجنائية الدولية).
ثالثًا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني
تُعدّ متطلبات العدالة، ومكافحةّ الإفلات من العقوبة، من العناصر المركزية للقانون الإنساني، وذلك جنبًا إلى جنب مع حماية أعمال الإغاثة.
إن القانون الإنساني، وبصيغته المعترف بها دوليًا في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين، يعرّف كلاًّ من الانتهاكات، والانتهاكات الجسيمة لأحكامه، حيث يصنِّف كليهما على أنهما من جرائم الحرب لكنه لا يستخدم مصطلح جرائم الحرب. هذه العناصر وغيرها التي تمّ تصنيفها لاحقًا بموجب القانون الإنساني، تقدّم تعريفًا لهذه الجرائم يختلف عن ذلك التعريف الذي اعتمدته من قبل محكمة نورمبرغ. والعقوبات التي يمكن فرضها تختلف وفقًا للفعل الذي يتمّ ارتكابه سواء كان انتهاكًا أو انتهاكًا جسيمًا. والانتهاكات الجسيمة هي وحدها التي يمكن أن تؤدي فعليًّا إلى تفعيل آلية الاختصاص العالمي التي تجيز المقاضاة أمام أي محكمة وطنية أيًّا كانت جنسية الجاني أو الضحية أو إقليم المحاكم الجنائية الدولية. مهما يكن من أمر، فإن ممارسات الدول تتجه نحو إدراج جرائم حرب أخرى مثل تلك التي تضمَّنها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في آلية الاختصاص العالمي.
ولا تنطبق هذه الأحكام إلا في النزاعات المسلحة الدولية.
ويختلف تعريف الانتهاكات الجسيمة عن تعريف جرائم الحرب الذي أورده نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وتنطبق القواعد 156 إلى 161 من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر لقواعد القانون الدولي الإنساني العرفي التي نشرت في 2005 على جرائم الحرب التي ترتكب في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وهي تنص على “الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني تشكِّل جرائم حرب” (القاعدة 156). وتتجاوز “الانتهاكات الجسيمة” فئة الانتهاكات الخطيرة وتغطي النزاعات المسلحة غير الدولية.
وقد يقود تعقيد هذه العناصر وتداخلها إلى الارتباك، ويتطلب قراءة متمعنة.
← الاختصاص العالمي
1 انتهاكات القانون الإنساني
يقصد بالانتهاكات، التعديات على القانون الإنساني التي لم يتمّ تعريفها على أنها انتهاكات جسيمة (سوف يتمّ نقاشها لاحقًا). حيث إن القانون الإنساني لم يقدّم تعريفًا مفصلًا وشاملًا لهذه الانتهاكات الأخرى، وعن العقوبة التي تتّخذ بحق مرتكبي مثل هذه الجرائم بواسطة المحاكم العادية أو التأديبية، وبكلمات أخرى، المحاكم المدنية أو العسكرية.
فهذه الجرائم ربّما يمنح مرتكبوها عفوًا عامًا، بموجب النظم القانونية الوطنية التي يتمّ إصدارها بعد انتهاء النزاع. ويمكن لمرتكبي هذه الانتهاكات الاستفادة من مبدأ التقادم، على عكس جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية التي عرفتها محاكم نورمبرغ، وكذلك الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف، حيث لا يوجد وقت محدّد لمباشرة الإجراءات القضائية بذلك الخصوص. يجب دراسة الانتهاكات في سياق نظام تكون فيه المسؤوليات محدّدة للسلطات المحلية والقادة العسكريين والأشخاص.
← عقوبات جزائية في القانون الإنساني؛ مسؤولية
2 الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني
إن اتفاقيات جنيف، وبروتوكولها الإضافي الأول للعام 1977، والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية (البروتوكول 1) قد عرّفت بوضوح عددًا محدودًا من الجرائم التي تقع في خانة الانتهاكات الجسيمة. حيث لا يسري قانون التقادم على هذه الجرائم، وحيث إن القانون الإنساني قد وضع نظامًا محدّدًا للعقوبات الجنائية.
إن تعريف هذه الانتهاكات الجسيمة يتغيّر اعتمادًا على إذا ما تمّ ارتكابها خلال النزاعات المسلحة الدولية أو الداخلية. وقد قدّمت اتفاقيات جنيف تعريفًا أوليًا في سياق النزاعات المسلحة الدولية (اتفاقيّة جنيف 1 المادة 50، واتفاقيّة جنيف 2 المادة 51، واتفاقيّة جنيف 3 المادة 130، واتفاقيّة جنيف 4 المادة 147) والذي تمّ التوسع به بتفصيل أكثر في البروتوكول الأول (المادة 85).
أ. الانتهاكات الجسيمة خلال النزاعات المسلحة الدولية
اتفاقيات جنيف 1949. الانتهاكات الخطيرة، هي مخالفات محدّدة للقوانين المتعلقة بالنزاعات المسلحة، والتي يجب على الدول، بموجب القانون، أن تحظرها وهي تشمل أيًا من الأفعال التالية، التي يتمّ ارتكابها ضدّ الأشخاص أو الممتلكات المحمية بموجب اتفاقيات جنيف الأربع:
- القتل العمد، أو التعذيب، أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك الخاصة التجارب البيولوجية،
- تعمُّد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة،
- النفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع لأي شخص محمي، أو أخذ الرهائن بدون سند قانوني،
- وإكراه الشخص المحمي بموجب الاتّفاقيات على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية،
- تجريد أي شخص محمي بموجب القانون الدولي الإنساني، من حقه في ضمان محاكمة عادلة وعادية.
- التسبّب بدمار كبير في الممتلكات، أو الاستيلاء عليها، بطريقة غير مشروعة وتعسفية، على نحو لا تبرره ضرورات حربية.
تعتبر هذه الأفعال محظورة إذا مورست ضدّ:
المدنيين، المرضى والجرحى (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 147)؛
أسرى الحرب (اتفاقيّة جنيف 3 المادة 130)؛
الجرحى والمرضى، وأعضاء القوات المسلحة الذين على متن السفن الحربية التي تحطمت أو غرقت في البحر (اتفاقيّة جنيف 2 المادة 51)؛
الجرحى والمرضى من القوات المسلحة في أرض المعركة (اتفاقيّة جنيف 1 المادة 50).
☜ يوسع البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف (البروتوكول 1)، ويتناول بالتفصيل الجرائم التي تعتبر انتهاكًا جسيمًا لاتفاقيات جنيف، حيث أضاف بشكل بارز الأفعال المقترفة ضدّ أفراد وإمدادات الإغاثة (البروتوكول 1 المادة 85) والمهمات الطبية (البروتوكول 1 المادة 11) إلى قائمة الجرائم التي يعاقب عليها بموجب البروتوكول.
البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 (البروتوكول 1 المادة 85). الأفعال التي توصف بأنها انتهاكات خطيرة بموجب الاتّفاقيات هي تلك الانتهاكات الخطيرة للبروتوكول الأول إذا تمّ ارتكابها ضدّ:
- الأشخاص الذين وقعوا في قبضة الطرف المعادي، والذين هم محميون بموجب اتفاقيات جنيف والبروتوكول الأول (كما هو معرّف في الموادّ 44، 45، 73 من البروتوكول 1) أو في مدخل
← أشخاص محميون
- جرحى ومرضى وغرقى الطرف المعادي؛
- أفراد الخدمات الطبية أو رجال الدين، الوحدات الطبية أو وسائل النقل الطبية التي تكون تحت سيطرة الجانب المعادي والمحمية بموجب البروتوكول الأول (البروتوكول 1 المادة 85-2).
إضافة إلى ذلك، فإن الأفعال التالية، والمخالفة للبروتوكول الأول، تُعدّ بمثابة انتهاكات جسيمة، عندما يتمّ ارتكابها بقصد التسبُّب بالموت، أو الإضرار الخطير بالجسم أو الصحة (البروتوكول 1 المادة 85 -3):
أ) جعل السكان المدنيين أو الأفراد المدنيين هدفًا للهجوم،
ب) شنّ هجوم عشوائي، يصيب السكان المدنيين أو الأعيان المدنية عن معرفة بأن مثل هذا الهجوم يسبّب خسائر بالغة في الأرواح، أو إصابات بالأشخاص المدنيين أو أضرارًا للأعيان المدنية كما جاء في الفقرة الثانية “1” ثالثًا من المادة 57،
ج) شنّ هجوم على الأشغال الهندسية أو المنشآت التي تحوي قوى خطرة عن معرفة بأن مثل هذا الهجوم يسبّب خسائر بالغة في الأرواح، أو إصابات بالأشخاص المدنيين، أو أضرارًا للأعيان المدنية كما جاء في الفقرة الثانية “أ” ثالثًا من المادة 57،
د) اتّخاذ المواقع المجردة من وسائل الدفاع، أو المناطق المنزوعة السلاح هدفًا للهجوم،
هـ) اتّخاذ شخص ما هدفًا للهجوم، عن معرفة بأنه عاجز عن القتال،
و) الاستعمال الغادر مخالفة للمادة 37 للشارات المميزة للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر أو الأسد والشمس الأحمرين، أو أية علامات أخرى للحماية تقرّها الاتّفاقيات أو هذا البروتوكول.
← هجمات.
تعدّ الأعمال التالية أيضًا ذات علاقة بالانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني، عندما ترتكب عن عمد بشكل يخالف اتّفاقيات جنيف أو البروتوكول الإضافي الأول، حتى لو لم تتسبّب بالموت أو أضرار خطيرة للجسم والصحة (البروتوكول 1 المادة 85 - 4):
أ) قيام دولة الاحتلال بنقل بعض سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها أو ترحيل أو نقل كل أو بعض سكان الأراضي المحتلة داخل نطاق تلك الأراضي أو خارجها، مخالفة للمادة 49 من اتّفاقيّة جنيف الرابعة،
ب) كل تأخير لا مبرّر له في إعادة أسرى الحرب أو المدنيين إلى أوطانهم،
ج) ممارسة التفرقة العنصرية (الأبارتهيد) وغيرها من الأساليب المبنية على التمييز العنصري والمنافية للإنسانية والمهينة، والتي من شأنها النيل من الكرامة الشخصية،
د) شنّ الهجمات على الآثار التاريخية وأماكن العبادة والأعمال الفنية التي يمكن التعرف عليها بوضوح، والتي تمثل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب، وتوفرت لها حماية خاصة بمقتضى ترتيبات معينة، وعلى سبيل المثال في إطار منظمة دولية مختصة، مما يسفر عنه تدمير بالغ لهذه الأعيان، وذلك في الوقت الذي لا يتوفر فيه أي دليل على مخالفة الخصم للفقرة “ب” من المادة 53، وفي الوقت الذي لا تكون فيه هذه الآثار التاريخية وأماكن العبادة والأعمال الفنية في موقع قريب بصورة مباشرة من أهداف عسكرية،
هـ) حرمان شخص تحميه الاتّفاقيات، أو مشار إليه في الفقرة الثانية من هذه المادة من حقه في محاكمة عادلة طبقًا للأصول المرعية.
البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 (البروتوكول 1 المادة 11). يجب ألا يمسّ أي عمل أو إحجام لا مبرّر لهما بالصحة والسلامة البدنية والعقلية للأشخاص الذين هم في قبضة الخصم أو يتمّ احتجازهم أو اعتقالهم أو حرمانهم بأية صورة أخرى من حرياتهم نتيجة ممارسة أي فعل غير قانوني ضدّهم أو بدون تفويض. ووفقًا لذلك، فإنه من المحظور تعريض هؤلاء الأشخاص لأية إجراءات طبية لا تتطلبها حالتهم الصحية، ومنافية للمعايير الطبية المرعية التي يتمّ تطبيقها عادة في حالات طبية مشابهة على أشخاص من جنسية الطرف الذي يقوم بذلك الإجراء، والذين لم يجردوا من حرياتهم (البروتوكول 1 المادة 11 - 1). وتحديدًا، فإنه يحظر القيام بأيّ مما يلي ضدّ أي شخص حتى لو كان ذلك بموافقته:
- عمليات البتر؛
- التجارب الطبية أو العلمية؛
- نزع الأنسجة أو الأعضاء البشرية بغرض زرعها أو نقلها، إلّا إذا كان ذلك مقرًّا بشكل أكيد بموجب معايير طبية معتمدة بشكل عام، والتي يمكن أن تطبق في ظروف طبية مشابهة على أشخاص من جنسية الطرف الذي يقوم بتلك الإجراءات، والذين لم يجردوا بأية طريقة من حرياتهم (البروتوكول 1 المادة 11-2).
ومن هنا، فان أي عمل مقصود أو غير مقصود ضدّ أي شخص في قبضة أي طرف غير الطرف الذي ينتمي إليه ويثق به - يخالف ما تمّ سرده أعلاه، أو يفشل بالامتثال للمتطلبات التي تتحكم بتلك الأفعال - يعد انتهاكًا جسيمًا للبروتوكول الإضافي الأول (البروتوكول 1 المادة 11-4).
إن الاستثناءات الوحيدة من هذه الأعمال الممنوعة هي “في حالة التبرع بالدم لنقله أو التبرع بالأنسجة الجلدية لاستزراعها شريطة أن يتمّ ذلك بطريقة طوعية وبدون قهر أو غواية. وأن يجرى لأغراض علاجية فقط وبشروط تتفق مع المعايير والضوابط الطبية المرعية عادةً وبالصورة التي تكفل صالح كل من المتبرع والمتبرع له” (البروتوكول 1 المادة 11-3).
ب. الانتهاكات الجسيمة أو الخطيرة أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية
لا يوجد أي تعريف للانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف مشمول في البروتوكول الإضافي الثاني أو إشارة صريحة إليها في المادة المشتركة الثالثة التي تتعلّق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية، والسؤال الخاص بأي تعريف ينطبق أو أية آليات عقابية متوفرة في مثل هذه الأوضاع ما زال بانتظار حلّه بطريقة واضحة لا لبس فيها. وكذلك فإن السمة الحالية للنزاعات - غير الدولية منها أكثر من الدولية - إضافة إلى تطورات القانون الدولي الأخيرة، تُظهِر توسيع التعريفات والآليات القائمة للعقوبات لتغطِّي مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية في النزاعات غير الدولية المسلحة . وملأت النظم الأساسية والفقه القضائي للمحاكم الجنائية الدولية هذا النقص وحدَّدت تعريف جرائم الحرب الذي ينطبق في تلك الأوضاع.
- في عام 1994، حدَّد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا اختصاص المحكمة للنظر في جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، وكذلك الانتهاكات الجسيمة للمادة الثالثة المشتركة (المشروحة آنفًا) لاتفاقيات جنيف الأربع (المشروحة أيضًا آنفًا) والبروتوكول الثاني والذي ينصّ على الحماية التي يجب توفيرها لضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية.
- وفي عام 1998، أورد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تعريفًا مفصلًا للجرائم التي يتمّ ارتكابها أثناء النزاعات الداخلية والتي يكون للمحكمة صلاحية النظر فيها (المشروحة أيضًا آنفًا).
- إن اللجنة الدولية لتقصي الحقائق، التي تأسست وفقًا لاتفاقيات جنيف (البروتوكول 1 المادة 90)، قد أُقرّت رسميًّا صلاحياتها للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة للمادة 3 المشتركة (التي تشير بشكل صريح إلى النزاعات المسلحة غير الدولية). وكذلك فإن التحقيقات المتعلقة بتلك المخالفات يجب أن تتمّ وفقًا للشروط العامة التي تنظم إجراءات وقواعد الطلب المحدّد بالنسبة للجنة.
- تحظر المادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربع ما يلي:
أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب،
ب) أخذ الرهائن،
ج) الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة،
د) إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلًا قانونيًا، وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة (اتفاقيّة جنيف 1-4 المادة الثالثة المشتركة).
وتم إرساء هذا التطوُّر في دراسة قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي التي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عام 2005.
☜ بالمصادقة على اتفاقيات جنيف، تتعهّد الدول بأن تحترم القانون الإنساني وتكفل احترامه (اتفاقيّات جنيف 1-4 المادة 1). وعلى هذه الدول عمل كل ما هو ممكن بشكل مشترك أو منفرد أو بالتعاون مع الأمم المتحدة لوضع حد للانتهاكات الجسيمة للقانون (البروتوكول 1 المادة 9).
تمّ تعريف الانتهاكات الخطيرة لاتفاقيات جنيف بصفتها جرائم حرب. وفي بعض الحالات، ربّما تندرج تلك الأفعال أيضًا ضمن فئة الجرائم ضدّ الإنسانية. وهذا يعني أن جميع الدول ملزمة بالبحث عن الأشخاص الذين ارتكبوا أو أمروا بارتكاب مثل تلك الجرائم، وجلبهم أمام محاكمها بغض النظر عن جنسيتهم. وهذا يعرف بمبدأ الاختصاص العالمي.
يجوز للدول والمنظمات غير الحكومية أن تقدم إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر أي شكوى تتعلّق بالانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات (المادة 4-1-جـ من النظام الأساسي للجنة الدولية للصليب الأحمر). وتحدّد الاتّفاقيات أيضًا إجراءات الاستعلام وتضع أحكامًا للجنة الدولية لتقصي الحقائق فيما يتعلّق بالتحقيق في تلك الانتهاكات الجسيمة.
وبالتالي، فإن الشهادات المتصلة بانتهاكات القانون الإنساني يجوز تقديمها أمام المحكمة بأي من الدول المعنية، أو إلى الأمم المتحدة أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر وإلى اللجنة الدولية لتقصي الحقائق وللنائب العام للمحكمة الجنائية الدولية الجديدة
←حقوق الإنسان؛ لجوء الأفراد إلى المحاكم؛ احترام القانون الدولي الإنساني؛ الاختصاص العالمي.
ج. الهياكل الحالية المتعلقة بمعاقبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة
هناك العديد من المبادئ والتعريفات والقيود التي تحدّد إطار العمل الذي من خلاله يمكن معاقبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة.
- يُلزِم القانون الإنساني الدول بفرض عقوبات جنائية على من يرتكبون أو يأمرون بارتكاب أي من الانتهاكات الخطيرة (اتفاقية جنيف 4 المادة 146). ويضع القانون الإنساني أيضًا حدودًا لإمكانية منح العفو، سواء ضمن سياق التفاوض للتوصل إلى اتفاقيات سلام أو في أي ظروف أخرى. وكما أشرنا إليه، تنصّ اتفاقيات جنيف على أنه لا يجوز لأي دولة أن تعفي نفسها أو أي دولة أخرى من مسؤولياتها المتعلقة بانتهاك القانون الدولي الإنساني (اتفاقيّة جنيف 1 المادة 51، واتفاقيّة جنيف 2 المادة 52، واتفاقيّة جنيف 3 المادة 131، واتفاقيّة جنيف 4 المادة 148).
← عفو شامل .
- تُعرّف الانتهاكات الجسيمة على أنها جرائم حرب (البروتوكول 1 المادة 85-5). وفي حالات معينة، يجوز وصفها على أنها جرائم ضدّ الإنسانية. وعلى ذلك النحو، فهي لا تسقط بالتقادم، وفقًا للمادة الأولى من اتفاقيّة عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضدّ الإنسانية والتي تبنتها الأمم المتحدة في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 1968وكذلك بموجب المادة 29 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وأصبح مبدأ تطبيق عدم سقوط الجريمة بالتقادم على جرائم الحرب إحدى قواعد القانون العرفي. وفي الواقع فإن القاعدة 160 من دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي التي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 2005 تنص على أنه “لا يطبق قانون التقادم على جرائم الحرب”.
← عدم سريان التقادم
- إن مبدأ الاختصاص العالمي يعكس التزام جميع الدول الأطراف في اتّفاقيات جنيف بشأن معاقبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني. وهو يمثل نظامًا حقيقيًّا للأمن الجماعي على المستوى القضائي. وتُعدّ الدول ملزمة بالبحث عن الأشخاص الذين يُعتقد بأنهم ارتكبوا أو أمروا بارتكاب تلك الانتهاكات الجسيمة. وبالمصادقة على اتّفاقيات جنيف، تعهدت تلك الدول بجلب أولئك الأشخاص أمام محاكمها بغض النظر عن جنسياتهم. ويجوز للدول أيضًا تسليم أولئك الأشخاص إلى دول أخرى أقرت الاتّفاقيات، شريطة أن تكون تلك الدولة قد باشرت الإجراءات القضائية وأن المتهم سيواجه العقاب الملائم. ولهذه الغاية، فإن نظام التعاون القضائي في الشؤون الجنائية بين الدول قد أرسته اتفاقيات جنيف (اتفاقيّة جنيف 1 المادة 49؛ واتفاقيّة جنيف 2 المادة 50؛ واتفاقيّة جنيف 3 المادة 129؛ واتفاقيّة جنيف 4 المادة 146؛ والبروتوكول 1 المادتان 86 و88).
☜ إن قانون المحكمة الجنائية الدولية ينصّ على أن المحكمة لا تمارس صلاحياتها إلا على الدول التي صادقت على نظامها الأساسي وحينما تكون هذه الدول غير راغبة أو غير قادرة على إجراء التحقيقات والمحاكمات الضرورية للمتهمين.
وفي هذا السياق، ما زالت الدول تتحمَّل مسؤولية البحث عن مرتكبي مثل هذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها وفق معايير الاختصاص القضائي الوطني والعالمي.
وبموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949 يكون لمحاكم جميع الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف صلاحية محاكمة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات. وبالمصادقة على الاتّفاقيات، تتعهد هذه الدول بتعديل تشريعاتها المحلية لتمكين محاكمها من النظر في مثل تلك القضايا. وعلى أية حال، لا يوجد سوى عدد قليل جدًا من الدول التي أوفت بهذا الالتزام.
ومن الضروري قيام الدول بدمج هذه النصوص في قوانينها بحيث تتوافق مع التزاماتها، ويتعيّن عليها عدم إعاقة نشاطات المحاكم الوطنية التي تنظر في قضايا تتعلّق بمثل تلك الجرائم (اتفاقيّة جنيف 1 المادتان 49 و51؛ واتفاقيّة جنيف 2 المادتان 50 و52؛ واتفاقيّة جنيف 3 المادتان 129 و131؛ واتفاقيّة جنيف 4 المادتان 146 و148، والبروتوكول 1 المادتان 85-87).
← تعاون قضائي في المادة الجنائية؛ الاختصاص العالمي .
- تمّ وضع أحكام لنظام تحقيق يهدف إلى التقصي عن وجود انتهاكات وذلك بموجب اتفاقيات جنيف (اتفاقيّة جنيف 1 المادة 52؛ واتفاقيّة جنيف 2 المادة 53؛ واتفاقيّة جنيف 3 المادة 132؛ واتفاقيّة جنيف 4 المادة 149). ولا يجوز مباشرة إجراء تلك التحقيقات إلا بالاتّفاق مع الأطراف المعنية بالصراع.
- تمّ إنشاء لجنة دولية لتقصي الحقائق، وفقًا للمادة 90 من البروتوكول الأول. وهي عبارة عن جهاز مكلف بالتحقيق في الانتهاكات والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني. وتعتبر المادة 90 اختيارية، وهذا يعني أنه لا يجوز للجنة التصرف إلا فيما يتعلّق بالدول التي اعترفت بسلطة اختصاص اللجنة.
← اللجنة الدولية لتقصي الحقائق.
قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي: دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر:
أصبحت المبادئ الأساسية لقمع الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني التي تنطبق في النزاعات المسلحة الدولية قواعد للقانون العرفي وتُطبَّق الآن في النزاعات المسلحة غير الدولية وتنص هذه المبادئ على :
- الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني تُشكِّل جرائم حرب (القاعدة 156)؛ و
- للدول الحق في أن تخول محاكمها الوطنية صلاحية الاختصاص القضائي العالمي للنظر في جرائم الحرب (157)؛ و
- تحقق الدول في جرائم الحرب التي يزعم ارتكابها من قبل مواطنيها أو قواتها المسلحة على أراضي الغير أو على أراضيها ومحاكمة المشتبه بهم عند الاقتضاء وتحقق أيضًا في جرائم الحرب الأخرى الداخلة ضمن اختصاصها ومحاكمة المشتبه بهم عند الاقتضاء (القاعدة 158)
- تسعى السلطات الحاكمة عند انتهاء الأعمال العدائية لمنح أوسع عفو ممكن للأشخاص الذين شاركوا في نزاع مسلح غير دولي أو للأشخاص المحرومين من حريتهم لأسباب تتعلق بالنزاع المسلح باستثناء الأشخاص المشتبه بهم أو المتهمين أو المحكوم عليهم في جرائم حرب. (القاعدة 159)
- لا يطبق قانون التقادم على جرائم الحرب. (القاعدة 160)
- تبذل الدول ما بوسعها لتتعاون إلى الحد الممكن بعضها مع بعض لتسهيل التحقيق في جرائم الحرب ومحاكمة المشتبه بهم (القاعدة 161).
الوسائل المتاحة للجوء إلى القضاء في حالة الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني، جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية
- يجوز لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني تقديم دعاوى أمام المحاكم الوطنية الأجنبية استنادًا إلى الاختصاص العالمي، طبقًا لما أرسته اتفاقيات جنيف لسنة 1949. وعلى أية حال، من المحتمل لتلك الشكاوى أن تهمل إذا لم تكن الدولة المعنية قد عدّلت تشريعاتها لتتوافق مع هذا الالتزام الدولي.
- لا يجوز لضحايا انتهاكات القانون الإنساني الاتصال بشكل مباشر باللجنة الدولية لتقصي الحقائق المسؤولة عن التحقيق في الانتهاكات الجسيمة والانتهاكات الخطيرة المزعومة للقانون الإنساني. ويجب عليهم تقديم شكاواهم إلى الدول الأطراف التي يجوز لها وحدها أن تطلب من اللجنة مباشرة التحقيق.
- يجوز لضحايا الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية تقديم معلومات إلى النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية ولكن لا يمكنهم تحريك إجراءات الملاحقة القضائية.
- يجوز تطبيق مبدأ الاختصاص العالمي على حالات التعذيب على أساس اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 .
- وبالنسبة لمثل هذه الانتهاكات الأخرى، تتوفّر وسائل أخرى للجوء إلى القضاء العادي على المستوى الوطني.
- وفي ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان توجد أيضًا وسائل للاقتصاص إقليمية أو دولية غير قضائية. بيد أنها ليست ذات طبيعة جنائية ولا يمكن أن تؤدي إلا إلى إثارة مسألة سيادة الدولة.
← حقوق الإنسان؛ لجوء الأفراد إلى المحاكم .
← عفو شامل؛ واجب القادة؛ حصانة؛ إفلات من العقاب؛ لجوء الأفراد إلى المحاكم؛ المحكمة الجنائية الدولية؛ المحكمتان الجنائيتان الدوليتان الخاصتان بيوغوسلافيا السابقة ورواندا؛ اللجنة الدولية لتقصي الحقائق؛ تعاون قضائي في المادة الجنائية؛ عدم سريان التقادم؛ عقوبات جزائية في القانون الإنساني؛ مسؤولية؛ الاختصاص العالمي.
السوابق القضائية
1. الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وجرائم الحرب
أ. التعريف
قضت المحكمتان الجنائيتان الدوليتان ليوغوسلافيا السابقة ورواندا أنه لمحاكمة فرد عن انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف وفقًا للمادة الثانية من نظام روما الأساسي يجب توافر أربعة شروط: (1) وجود نزاع مسلح؛ و(2) إثبات الصلة بين الجرائم المزعومة والنزاع المسلح؛ و(3) يجب أن يكون النزاع المسلح دوليًّا في طبيعته؛ و(4) يجب أن يستوفي ضحايا الجرائم المزعومة شروط الحصول على الحماية المنصوص عليها في أحكام اتفاقيات جنيف لعام 1949. راجع المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة: قضية بلاسكيتش (29 تموز/ يولية 2004، الفقرة 170)، وقضية ناليتيليتش ومارتينوفيتش (31 آذار/ مارس 2003، الفقرة 176) ، وقضية توتا وستيلا (31 آذار/ مارس 2003، الفقرة 176) وقضية برديانين (أول أيلول/ سبتمبر 2004 الفقرة 121) والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا: قضية نتاغرورا ا وآخرين (25 شباط/ فبراير 2004، الفقرة 766) وقضية باجوسورا وآخرين (18 كانون الأول/ ديسمبر 2008، الفقرة 2229).
ومسايرة للمحاكم الجنائية الدولية الخاصة، رأت محكمة العدل الدولية أنه لإثبات أن جريمة ما تشكل جريمة حرب وفق تعريف نظام روما الأساسي يجب إثبات الصلة بين النزاع المسلح والجرائم المزعومة (قضية بيمبا، 10 حزيران/ يونية 2008، الفقرة 25، وقضية كاتانغا وآخرين، 30 أيلول/ سبتمبر 2008، الفقرات 379-384).
وفي قضية تاديتش (2 تشرين الأول/ أكتوبر 1995، الفقرة 137) أصدرت دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة إعلانًا مبتكرًا لسد الفجوة بين النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية في ما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة وتعريف جرائم الحرب. وخلصت إلى أن انتهاكات المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف تشكل جرائم حرب بصرف النظر عن حدوثها في نزاع مسلح دولي أو غير دولي (الفقرة 137). ولذلك، فإنه على الرغم من أن قائمة الانتهاكات الخطيرة لاتفاقيات جنيف تنطبق على النزاعات المسلحة الدولية فحسب ولا تورد ذكرًا للمادة المشتركة الثالثة فإن القضاة حكموا بأنه وفقًا لأحكام القانون العرفي (التي تنطبق على الدول التي لم تصادق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية) فإن جرائم الحرب التي تنتهك المادة المشتركة الثالثة (التي تورد قائمة السلوكيات والأنشطة المحظورة) تستوجب العقوبة أثناء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
وتأكَّدت هذه الخطوة بقرارات صدرت في وقت لاحق. وفي قضية بغوسورا وآخرين (18 كانون الأول/ ديسمبر 2008، الفقرتان 2242 و2250) قضت الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا بأنه وفقًا للمادة الرابعة من النظام الأساسي “تملك المحكمة صلاحية مقاضاة الأشخاص الذين ارتكبوا أو أمروا بارتكاب انتهاكات خطيرة للمادة الثالثة المشتركة أو البروتوكول الإضافي الثاني ترقى إلى أن تكون عنفًا يعرض للخطر الحياة أو الصحة أو الرفاهية البدنية أو العقلية للأشخاص ولا سيما القتل وكذلك المعاملة القاسية مثل التعذيب والتشويه أو أي شكل من أشكال العقوبة البدنية ... أو المساس بالكرامة الشخصية (الفقرات 2252-2254). وفي قضية نتاغيرورا وآخرين (25 شباط/ فبراير 2004، الفقرة 766) استذكرت الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا أنه في ما يتعلق بجرائم الحرب، يجب إثبات وجود نزاع مسلح غير دولي على أراضي الدولة المعنية.
وفي قضية روتانغجا (6 كانون الأول/ ديسمبر 1999) رأت الدائرة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية لرواند أنه في وقت النزاع تمتد الحماية الممنوحة للأفراد بموجب القانون الإنساني في كل أنحاء أراضي الدولة التي تحدث فيها الأعمال العدائية. ولذلك فإنها لا تقتصر على “جبهة الحرب” أو على “السياق الجغرافي الضيق للمسرح الفعلي للعمليات القتالية (الفقرتان 182-183). وتأكد هذا من قبل الدائرة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية لرواندا في قضايا أخرى: قضية أكاييسو (2 أيلول/ سبتمبر 1998، الفقرة 635)، وقضية كايشيما وروزندانا (21 أيار/ مايو 1999 الفقرات 182-183)، وقضية موسيما (27 كانون الثاني/ يناير 2000، الفقرة 284)، وقضية سيمانزا (15 أيار/ مايو 2003، الفقرة 367).
ب. اشتراط وجود نية محدَّدة لدى مرتكبي مثل هذه الجرائم
في قضية بوسكوسي وتاركولوفسكي (19 أيار/ مايو 2010، الفقرتان 67-68) رأت دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة أن إثبات النية المحددة ضروري لإدانة متهم بالتخطيط والتحريض والأمر بارتكاب الجرائم التي تضمَّنتها المادة الثالثة المشتركة وهي جرائم الحرب.
2. جرائم ضد الإنسانية
أ. التعريف
الجرائم ضد الإنسانية يمكن تقسيمها بوجه عام إلى خمسة عناصر أساسية، وهي” (1) أن يكون العمل غير إنساني في طبيعته وخصائصه ويسبب آلامًا شديدة أو إصابة خطيرة للجسم أو للصحة العقلية أو البدنية؛ و(2) أن يكون العمل قد ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو ممنهج؛ و(3) أن يكون العمل قد ارتكب ضد السكان المدنيين؛ و(4) أن يكون العمل ارتكب على أساس واحد أو أكثر من الأسس التي تنطوي على تمييز مثل الأسس الوطنية أو السياسية أو العرقية أو العنصرية أو الدينية؛ و(5) أن يكون مرتكب العمل على علم بالصلة بين سلوكه والهجوم الواسع النطاق أو الممنهج. (المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، قضية أكاييسو، 2 أيلول/ سبتمبر 1998، الفقرة 578) راجع أيضًا (المحكمة الجنائية الدولية لرواندا: قضية باغوسورا وآخرين، 2 أيلول/ سبتمبر 1998، الفقرة 578)، راجع أيضًا قضية باغوسورا وآخرين (18 كانون الأول/ ديسمبر 2008، الفقرة 2165) وقضية سيرومبا (13 كانون الأول/ ديسمبر 2006، الفقرة 354)، وقضية زيغيرانييرازو (18 كانون الأول/ ديسمبر 2008، الفقرة 430)، وقضية بيكيندي (2 كانون الأول/ ديسمبر 2008، الفقرة 428)، وقضية نزابيرندا (23 شباط/ فبراير 2007 الفقرة 20) وقضية نتشاميهيغو (12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008، الفقرة 430).
“التمييز في المعاملة” يعني ضمنًا أن قصد التمييز ليس شرطًا في الأعمال غير الاضطهاد (المحكمة الجنائية الدولية لرواندا (قضية زيغيرانييرازو (18 كانون الأول/ ديسمبر 2008، الفقرة 430).
أوضحت المحاكم الدولية الخاصة أيضًا معنى مصطلح “واسع النطاق وممنهج” وأن المتطلبات العامة لجريمة ضد الإنسانية يجب اعتبارها عناصر مُميِّزة. ويشير “واسع النطاق” إلى النطاق الكبير للهجوم أمَّا “ممنهج” فيصف الطبيعة المنظمة للهجوم بالمقارنة بالأعمال العشوائية أو غير المترابطة (المحكمة الجنائية الدولية لرواندا ، قضية روكوندو، 27 شباط/ فبراير 2009، الفقرة 578).
“واسع النطاق” يعني أن العمل مكثف ومتكرر على نطاق واسع ويُنفَّذ بشكل جماعي وينطوي على خطورة شديدة وموجه ضد العديد من الضحايا. راجع الدائرة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية لرواندا: قضية روتاغاندا (6 كانون الأول/ ديسمبر 1999،الفقرة 69)، وقضية موسيما (27 كانون الثاني/ يناير 2000، الفقرة 204) ، وقضية باغيليشيما (7 حزيران/ يونية 2001، الفقرة 77)، وقضية كايشيما وروزيندانا (21 أيار/ مايو 1999،الفقرة 123) وراجع أيضًا الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة: قضية كورديتش وسيركيز (26 شباط/ فبراير 2001، الفقرة 179)، وقضية بلاسكيتش (3 آذار/ مارس 2000، الفقرة 206)، .وقضية بلاغوفيتش ويوكيتش (9 أيار/ مايو 2007، الفقرتان 101-102). بيد أن العنصر العددي ليس عنصرًا حاسمًا. وفي قضية كرايسنيك (17 آذار/ مارس 2009، الفقرة 309) استذكرت دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة أنه “باستثناء الإبادة ليس من الضروري أن يتم تنفيذ الجريمة ضد العديد من الضحايا لتشكِّل جريمة ضد الإنسانية: فكون العمل موجهًا إلى عدد محدود من الضحايا قد يشكل جريمة ضد الإنسانية بشرط أن يكون جزءًا من هجوم واسع النطاق على السكان المدنيين”.
“ممنهج” يعني أن العمل مُنظَّم تنظيمًا كاملًا في أعقاب نمط متكرر على أساس سياسة مشتركة يستخدم فيها قدر كبير من الموارد العامة أو الخاصة. وليس لزامًا أن تكون هذه السياسة معتمدة رسميًّا كسياسة للدولة. بيد أنه ينطوي على نوع من التخطيط أو السياسة المتصورة مسبقًا. راجع الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا: قضية أكاييسو (2 أيلول/ سبتمبر 1998، الفقرة 580)، وقضية روتاغاندا (6 كانون الأول/ ديسمبر 1999، الفقرة 69)، وقضية موسيما (27 كانون الثاني/ يناير 2000، الفقرة 204)، وراجع أيضًا الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة: قضية توتا وستيلا (31 آذار/ مارس 2003، الفقرة 236)، ودائرة الاستئناف للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا: قضية فوكا (21 حزيران/ يونية، الفقرة 94)، وفي قضية كيشيما وروزيندانا (21 أيار/ مايو 1999) رأت الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ما يلي:
لا بد أن يكون الجاني قد ارتكب عن وعي جرائم ضد الإنسانية بمعنى أنه كان يفهم السياق العام لفعلته. .....وجزء مما يجعل عمل الفرد جريمة ضد الإنسانية هو تضمين هذا العمل في إطار بُعْد أكبر للسلوك الجنائي ومن ثم يجب أن يكون المتهم على دراية بهذا البُعْد الأكبر حتى يكون مذنبًا بهذا العمل. وعليه، فإن هذه المعرفة الفعلية أو البناءة بالسياق الأوسع للهجوم التي تعني أن المتهم يجب أن يكون على علم بأن عمله جزء من هجوم واسع النطاق أو ممنهج على المدنيين وعملًا بسياسة أو خطة ضرورية لاستيفاء شرط النية الإجرامية للمتهم (الفقرتان 133-134).
ويتسق هذا مع قرارات أخرى للمحكمة الدولية تقضي بأنه في الجرائم ضد الإنسانية “لا بد أن يكون المتهم تصرف مع علمه بالسياق الأوسع للهجوم وعلمه بأن عمله جزء من الهجوم الواسع النطاق والممنهج على المدنيين”. (المحكمة الجنائية الدولية، قضية غاكومبيتسي، 7 تموز/ يولية 2006، الفقرة 86)، وراجع أيضًا المحكمة الجنائية الدولية لرواندا: قضية روغيو (1 حزيران/ يونية 2000، الفقرتان 19-20)، وقضية باغيليشيما (7 حزيران/ يونية 2001، الفقرة 94)، وقضية نزابيريندا (23 شباط/ فبراير 2007، الفقرة 24)، وقضية باغوسورا وآخرين (18 كانون الأول/ ديسمبر 2008، الفقرة 2166)، وقضية روكوندو (27 شباط/ فبراير 2009، الفقرة 578)، وكذلك المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة: قضية تاديتش (15 تموز/ يولية 1999 الفقرة 271)، وقضية بريكو (14 كانون الأول/ ديسمبر 1999 الفقرة 56)، وقضية بلاسكيتش (3 آذار/ مارس 2000 الفقرتان 244 و247)، وقضية فوكا (22 شباط/ فبراير 2001 الفقرة 410) و (12 حزيران/ يونية 2002 الفقرة 102)، وقضية كورديتش وسيركيز (26 شباط/ فبراير 2001، الفقرة 185).
وفي قضية كاتانغا وآخرين (المدعي العام ضد جرمين كاتانغا وماثيو نغودجولو شوي ، 6 تموز/ يولية 2007، الفقرات 32-35)، رأت الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية أن العنصر الظرفي المذكور في المادة السابعة من نظام روما الأساسي، وهي حقيقة أن ارتكاب جريمة ضد الإنسانية يشير ضمنًا إلى “هجوم واسع النطاق أو ممنهج” هو عنصر لا غنى عنه في التعريف. وأسَّست الدائرة قراءتها على الفقه القضائي للمحاكم الجنائية الدولية الخاصة. راجع أيضًا قضية بيمبا (10 حزيران/ يونية 2008، الفقرات 32-36). وفضلًا عن ذلك، فإن عنصر الإصرار المسبق ضروري في التعريف، وأن مفهوم “الهجوم الواسع النطاق أو الممنهج” يعني أن الهجوم مُنظَّم تنظيمًا كاملًا ويسير على نمط متكرر من الجرائم ويتم تنفيذه لتعزيز سياسة مشتركة تتضمَّن استخدام موارد عامة أو خاصة. (المحكمة الجنائية الدولية، قضية كاتانغا وآخرين، 30 أيلول/ سبتمبر 2008، الفقرات 394-396). ومع ذلك، فإنه بالنسبة لمفهوم “الهجوم الواسع النطاق والممنهج” وجدت الدائرة أيضًا أنه لا داعي لإثبات وجود العنصرين عندما توجد أدلة كافية على أحدهما (الفقرة 412).
ب. جرائم ترتكب ضد السكان المدنيين
“بموجب المادة الخامسة من النظام الأساسي قد يكون الأشخاص العاجزين عن القتال ضحايا لعمل يعادل جريمة ضد الإنسانية بشرط استيفاء كل الشروط الضرورية الأخرى، ولا سيما أن يكون العمل المعني جزءًا من هجوم واسع النطاق وممنهج على أي جماعة من السكان المدنيين” (المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة: قضية مارتيتش، 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2008، الفقرات 312-314). راجع أيضًا قضية ميلوسيفيتش (12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، الفقرة 58). ولذلك فإنه حتى إذا كان يلزم أن يكون المدنيون الهدف الرئيسي للهجوم للحكم بأنه جريمة، فإن وجود غير المدنيين بين السكان المستهدفين لا يُغيِّر من الطبيعة المدنية للسكان أو طبيعة الجريمة. والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا: قضية نزابيرندا (23 شباط/ فبراير 2007، الفقرة 22)، وقضية سيمانزا (15 أيار/ مايو 2003، الفقرة 330) وقضية سيرومبا (13 كانون الأول/ ديسمبر 2006، الفقرة 358). وليس شرطًا أن تكون الجرائم ضد الإنسانية موجهة ضد جميع السكان حتى يمكن اعتبارها على هذا النحو: المحكمة الجنائية الدولية لرواندا: قضية بيسينجيمانا (13 نيسان/ أبريل 2006، الفقرتان 49 و50).
ويجب أن تكون هذه الجريمة جزءًا من هجوم واسع النطاق أو ممنهج على أي مجموعة من السكان المدنيين. وفيما يتعلق بالشرط الأخير، استذكرت الدائرة أن : (1) السكان المدنيين يجب أن يكونوا الهدف الرئيسي للهجوم، و(2) العوامل المتصلة بتحديد هل كان الهجوم موجهًا على ذلك النحو تتضمن الوسائل والأساليب المستخدمة في سياق الهجوم.، ووضع الضحايا، وعددهم، والطبيعة العشوائية للهجوم، وطبيعة الجرائم المرتكبة في سياقه، والمقاومة للمعتدين في ذلك الوقت والمدى الذي يقال إن القوة المهاجمة وصلت إليه في الامتثال أو محاولة الامتثال للمتطلبات الاحترازية لقوانين الحرب؛ و(3) أن السكان المدنيين يجب أن يكونوا في أغلبهم فحسب مدنيين: المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، قضية مركسيتش، وسلجيفاتكانين (27 أيلول/ سبتمبر 2007، الفقرتان 429 و440).
تمشيًا مع موقف المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، رأت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية في قضية كاتانغا وآخرين (30 أيلول/ سبتمبر 2008، الفقرة 399) أن عبارة “أي سكان مدنيين” تعني بصرف النظر عن جنسيتهم أو عرقيتهم أو أي صفات مميزة أخرى، وأن المدنيين من جنسية الجاني يشملهم هذا التعريف.
لمزيد من المعلومات:
Bassiouni, Cherif. Crimes against Humanity in International Criminal Law.The Hague: Kluwer Law International, 1999.
Brouwer, Anne-Marie de. Supranational Criminal Prosecution of Sexual Violence: The ICC and the Practice of the ICTY and the ICTR. Antwerp: Intersentia, 2005.
Byron, Christine. War Crimes and Crimes against Humanity in the Rome Statute of the International Criminal Court. Manchester: Manchester University Press, 2009.
Dinstein, Yoram. The Conduct of Hostilities under the Law of International Armed Conflict. Cambridge,U.K.: Cambridge University Press, 2004, in particular esp. chap. 9.
Dörmann, Knut, ed. Elements of War Crimes under the Rome Statute of the International Criminal Court—Sources and Commentary. Cambridge, U.K.: ICRC and Cambridge University Press, 2003, 580.
Dworkin, Anthony, Roy Gutman, and David Rieff. Crimes of War 2.0: What the Public Should Know.Rev. ed. New York: W. W. Norton, 2007.
Goldstone, Richard J. “Bringing War Criminals to Justice during an Ongoing War.” In Hard Choices: Moral Dilemmas in Humanitarian Intervention, ed.edited by Jonathan Moore, 195–228. Lanham, Md.:MD: Rowman & Littlefield, 1998.
1998, 195–228.
Henckaerts, Jean-Marie, and Louise Doswald-Beck, eds. Customary International Law,. Vol. 1—, The Rules. Cambridge, U.K.: Cambridge University Press, 2005, part VI6, chap. 44.
May, Larry. Crimes against Humanity: A Normative Account. Cambridge: Cambridge University Press, 2005.
McGrath, Raymond. “Problems of Investigations into War Crimes and Crimes against Humanity During and after Ethnic Conflict.” In Post Conflict Justice, ed.edited by Cherif Bassiouni, 893–909. Ardsley, N.Y.:NY: Transnational, 2002, 893–909.
Meron, Theodor. “War Crimes Law Comes of Age.” American Journal of International Law 92 (July1998): 462–68.
Mettraux, Guénaël. International Crimes and the Ad Hoc Tribunals. Oxford: Oxford University Press, 2006.
Simpson, Gerry. Law, War and Crime: War Crimes Trials and the Reinvention of International Law. Cambridge: Polity Press, 2007.
Van Sliedregt, E. The Criminal Responsibility of Individuals for Violations of International Humanitarian Law. The Hague: T.M.C. Asser Press, 2003.
Wagner, Natalie. “The Development of the Grave Breaches Regime and of Individual Criminal Responsibility by the International Criminal Tribunal for the Former Yugoslavia.” International Review of the Red Cross 850 (2003): 351–85.
Zalaquett, José. “Moral Reconstruction in the Wake of Human Rights Violations and War Crimes.” In HardChoices: Moral Dilemmas in Humanitarian Intervention, edited by Jonathan Moore, 211–28. Lanham, MD: Rowman & Littlefield, 1998.