القاموس العملي للقانون الإنساني

« الخطأ في تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم » Albert Camus.

لجوء الأفراد إلى المحاكم

لا يمتلك الأفراد “شخصية قانونية دولية” معترفًا بها بموجب القانون الدولي. ويمكن أن يمارسوا حقوقهم أمام المحاكم الوطنية التي تقرر العقوبات الملائمة والتعويض عن الإجحاف الذي وقع.

إن فكرة تعويض ضحايا انتهاكاتحقوق الإنسان أو انتهاكات القانون الدولي الإنساني هي فكرة حديثة في القانون الدولي. وهي جزء من حق الحصول على تعويضات قضائية معترف بها في القانون الدولي لضحايا الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. ويرجع الأمر إلى المحاكم الوطنيةلتقديم تعويضات قضائية وتعويضات نقدية. وعلى المستوى الدولي، لا يوجد سوى عدد ضئيل نسبيًّا من إجراءات التعويضاتالقضائية المتاحة للأفراد. ومع ذلك، فهناك العديد من الهيئات غير القضائية، على المستويين الدولي والإقليمي، التي توفر آليات للتعويضات الفردية.

← حقوق الإنسان

سبل اللجوء إلى المحاكم المتاحة في حالة الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والتعذيب

—يحق لضحايا الحروب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، من ناحية المبدأ تقديم قضايا أمام المحاكم الوطنية في أي دولة على أساس مبدأ الاختصاص العالمي، كما حددتها اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 واتفاقيّة مناهضة التعذيب لعام 1984، إلّا أن هذه الشكاوى لا يمكن أن تنجح إلّا إذا كانت الدولة المعنية قد واءمت تشريعاتها مع الالتزام الدولي أو إذا تواجد المجرم المعني على أرض هذه الدولة.

—لا يستطيع ضحايا الأحداث التي وقعت في يوغسلافيا السابقة أو في رواندا تقديم شكاوى بصورة مباشرة إلى المحكمتين الجنائيتين الدوليتين الخاصتين، ولكن بإمكانهم تقديم معلومات إلى المدعي العام. ولا يستفيدون من وضعية “ضحية” أمام هذه المحاكم بل ومن وضعية “شاهد”.

—لا يحق للضحايا الاتصال مباشرة بلجنة تقصي الحقائق الدولية التي تتحمل مسؤولية التحقيق في الانتهاكات الخطيرة المثارة والجسيمة للقانون الدولي الإنساني. ويجب أن يوجهوا خطاباتهم إلى الدول الأطراف، التي يحق لها وحدها أن تطلب من اللجنة إجراء تحقيق.

—لا يمكن لضحايا جرائم الحرب، والجرائم ضدّ الإنسانية، وأعمال الإبادة الجماعية، تقديم القضايا بصورة مباشرة أمام المحكمة الجنائية الدولية.

—إلّا أن بإمكان الشهود والمنظمات غير الحكومية نقل المعلومات إلى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، الذي يستطيع بموجب شروط معينة، أن يبدأ تحقيقًا بمبادرة منه. ويجوز للمدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية أن يبدأ تحقيقًا في ظل الظروف التالية: الدولة التي وقعت الجريمة على أرضها أو الدولة التي ينتمي إليها المجرم المزعوم قد صدقت على نظام روما الأساسي، وألا تكون الأعمال التي ارتكبت فيما يبدو أعمالًا منعزلة بل جزء من جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب، وأن تكون المحاكم المحلية غير راغبة أو غير قادرة على إجراء محاكمة بشأن هذه الجرائم. ويوفّر هذا الإجراء حماية خاصة للضحايا والشهود. وبالإضافة إلى ذلك، يحق للضحايا حضور المحاكمات. ويجوز للمحكمة الجنائية الدولية أن تمنح تعويضا للضحايا.

—لدى محاكم إقليمية لحقوق الإنسان، وبخاصة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إجراءات منفردة لتقديم الشكاوى.

← حقوق الإنسان؛ اللجنة الدولية لتقصي الحقائق؛ تعويض؛ تعذيب؛ جرائم حرب/ جرائم ضدّ الإنسانية.

ولا ينصّ القانون الدولي إلّا على أحكام قليلة لمنح تعويضات ضحايا انتهاكات القانون الدولي الإنساني. وعادة ما يحيل القضايا إلى أحكام المحاكم الوطنية أو إلى صناديق طوعية خاصة. وفي مجال حماية حقوق الإنسان، هناك فرص أكثر أمام الأفراد للجوء إلى هيئات دولية قانونية أو غير قانونية. فالكثير من هذه الهيئات التي عادة ما تكون هيئات مراقبة (مدرجة فيما بعد)، وقبول الدعاوى أو الالتماسات التي يرفعها الأفراد.

← حقوق الإنسان؛ المحكمة الجنائية الدولية.

أولًا لجوء الأفراد إلى الهيئات القضائية

على المستوى الدولي، ليست هناك آلية تستطيع أن توفر حماية عالمية لحقوق الإنسان أو العقوبة الناجمة عن انتهاكها لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني. وليست هناك محكمة دولية لديها تفويض بتلقي الشكاوى من الأفراد . إنما يمكن للمحكمة الجنائية الدولية استلام المعلومات من الأفراد بخصوص ادعاءات عن جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضدّ الإنسانية. إلّا أن مثل هذه الشكاوى لن تحرك بصورة تلقائية إصدار حكم من جانب محكمة العدل الدولية، ما لم يقرّر المدعي العام ذلك وبعد أن يتمّ الوفاء بشروط مسبقة معينة في ممارسة المحكمة لسلطتها (انظر الإطار أعلاه).

وعلى المستوى الإقليمي، فإن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ومحكمة العدل بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ومحكمة العدل لشرق أفريقيا يمكن أن تتلقى اتصالات الأفراد.

وفيما يتعلق بالمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومنذ دخول المعاهدة الأوروبية حيّز التنفيذ في تشرين الثاني/ نوفمبر 1998، يجب على جميع الدول السبع والأربعين الأطراف في المعاهدة، أن تقبل اختصاص المحكمة في تلقي طلبات الأفراد (المادة 34 من المعاهدة الأوروبية).

وهذا الاختصاص اختياري أمام المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. ويمكن لهذه المحكمة، التي أُنشئت عام 1998 بعد اعتماد بروتوكول الميثاق الأفريقي بشأن حقوق الإنسان والشعوب، أن تفحص شكاوى الأفراد (المادة 5-3 من البروتوكول) إذا قبلت الدولة التي قُدمت ضدها الشكوى اختصاص المحكمة (المادة 34-6 من البروتوكول). وهذا الحكم (إمكانية تلقي شكاوى الأفراد) اختياري أيضًا بموجب ميثاق محكمة العدل وحقوق الإنسان الأفريقية (المادة 30.و)، والذي اُعتمد عام 2008)، وسيدمج عند سريانه المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ومحكمة العدل الأفريقية.

ومنذ عام 2005، يمكن لمواطني الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أن يتقدموا بشكاوى ضد انتهاكات لحقوق الإنسان، ارتكبها وكلاء الدولة أمام محكمة العدل الإقليمية. وتصدر المحكمة، التي يقع مقرها في أبوجا، نيجيريا، قراراتها وفقًا لأحكام الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. وقراراتها ملزمة قانونًا للدول الأعضاء في المجموعة. وبخلاف معظم الهيئات القضائية الأخرى، يمكن عدم استنفاد التدابير المحلية قبل رفع الدعاوى أمام محكمة العدل للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. وقد أصدرت المحكمة بالفعل عددًا من الأحكام في قضايا حقوق الإنسان. ففي عام 2008، اتخذت المحكمة قرارًا تاريخيًّا بشأن العبودية. وأدينت دولة النيجر لانتهاكها حقوق الإنسان لأحد مواطنيها. وفي حين أن المحكمة رأت أن النيجر ليست مسؤولة بنفسها عن عملية التمييز، فقد خلصت إلى أن هذا البلد يخالف أحد التزاماته الدولية المتمثلة في حماية أحد مواطنيه من العبودية بموجب القانونين الدولي والوطني (هاديجاتو ماني كوراو ضد جمهورية النيجر، 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2008). وكنتيجة مباشرة لقانون الدعوى هذا، وُجد التزام إيجابي على الدول في سياق منع العبودية بما يماثل الالتزام الذي أُرسي سابقًا في دعوى سيليادين (سيليادين ضد فرنسا، المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، 26 تموز/ يولية 2005) على أساس المادة 4 من المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان.

ثانيًا لجوء الأفراد إلى الهيئات غير القضائية

لا يُفضي فحص اتصالات الأفراد من جانب هيئات غير قضائية إلى قرارات أو عقوبات إلزامية. ومع ذلك، فإن هذا يبرز أنماطًا مشتركة لانتهاكات حقوق الإنسان ويفرض ضغوطا على الدول.

وهذا الإجراء إلزامي بموجب العديد من المعاهدات أمام الهيئات التالية:

—اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان (الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، المادة 55. تقوم اللجنة بدراسة اتصال ما إذا قرر أعضاؤها ذلك بأغلبية بسيطة)؛

—لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (اتفاقية البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، المادة 44). يمكن أن تقرر اللجنة إحالة الدعوى إلى محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان إذا لم تلتزم الدولة بتوصيات اللجنة؛

—لجنة حقوق الإنسان (البروتوكول الأول الاختياري للاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي دخلت حيز التنفيذ عام 1976، المادة 1)؛

—لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (البروتوكول الاختياري للاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي دخلت حيز التنفيذ عام 2008، المادة 2. ولم يصدق على هذا البروتوكول سوى ثماني دول)؛

—لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، المواد 1 و2)؛

—لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، المادة 1)؛

—لجنة الخبراء الأفريقية المعنية بحقوق الطفل ورفاهه (المادة 44).

وهذا الإجراء اختياري أمام الهيئات التالية (يجب على الدول أن تعلن قبولها الامتثال للجنة):

—لجنة مناهضة التعذيب (اتفاقية مناهضة التعذيب) وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (المادة 22)؛

—لجنة القضاء على التمييز العنصري - (المادة 14 من الاتّفاقيّة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري).

—لجنة حقوق العمال المهاجرين (الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأسرهم، المادة 77)؛

—لجنة حقوق الطفل (البروتوكول الثالث الاختياري للجنة حقوق الطفل). وتدخل هذه الأحكام حيز التنفيذ حالما تصدق 10 دول على هذا البروتوكول.

علاوة على ذلك، ففي أوقات النزاع المسلح، تفوض اتفاقيات جنيف 1949 اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتلقي شكاوى الأفراد بخصوص انتهاكات القانون الدولي الإنساني. غير أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليست هيئة قضائية لكنها تعمل كحارس للقانون الدولي الإنساني. وعلى ذلك، فإنها تحيل تقارير عن حالات الانتهاكات إلى الهيئات ذات الصلة للتأكد من أنها أُحيطت علمًا بالوضع المذكور وأنها تستطيع معالجته. ويتم هذا على أساس من السرية.

☜ وعلى المستوى العملي، تبقى فعالية الآليات التي تساعد في استلام الاتصالات من الأفراد محدودة ذلك لأن اختصاصها في تلقي مثل هذه الشكاوى غالبًا ما يكون اختياريًا - اعتمادًا على موافقة الدول الصريحة - بالإضافة إلى كون الإجراءات خاضعة لشروط سماح متعددة. بالإضافة إلى ذلك، لا تكون سوى أحكام الأجهزة القضائية (المحاكم الأوروبية والأفريقية والدولية لحقوق الإنسان) هي الملزمة فعلًا على الدول المتهمة.

الأنواع الأخرى للتعويضات قائمة ويمكن إثارتها من جانب الدول أو المنظمات غير الحكومية. وهي ترد تحت المداخل التالية:

← حقوق الإنسان وجرائم الحرب/ جرائم ضد الإنسانية.

ثالثًا آليات وقائية

يضع القانون الدولي العديد من الآليات لمنع التعذيب ويجيز لهيئات دولية ووطنية مستقلة زيارة أماكن الاحتجاز. يمكن اطلاع هذه الهيئات على حالات فردية. نذكر اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب ولها اختصاص في جميع الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي واللجنة الفرعية لاتفاقيّة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة وصلاحيتها محصورة في الدول التي صدقت على البروتوكول الاختياري لاتفاقيّة مناهضة التعذيب وغيرها من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2002. ودخل هذا البروتوكول الاختياري حيّز التنفيذ في حزيران/ يونية 2006 ويلزم 68 دولة حتى نيسان/ أبريل 2013. ووفقًا للبروتوكول، تضطلع الدول الأطراف بإنشاء أو تعيين أو صيانة على المستوى المحلي واحدة أو عديد من الهيئات الزائرة لمنع التعذيب وغيره من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

وتحتفظ اللجنة الدولية للصليب الأحمر بحق زيارة جميع أماكن الاحتجاز في حالات النزاع، كما يمكن اطلاعها على حالات فردية وذلك كي تستطيع الإبلاغ عنها للسلطة التي تمارس سيطرة فعلية على هذا الوضع.

وتوجد آليات للتعويضات أيضًا داخل منظومة الأمم المتحدة. وتتضمن آلية الإجراءات الخاصة، التي وضعها موضع التنفيذ المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان وأخذها على عاتقه مجلس حقوق الإنسان، إمكانية دراسة اتصالات الأفراد وفقًا لإجراء الشكاوى. وقد عينت اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان مجموعة عمل معنية بالاتصالات، مع تفويضها دراسة الاتصالات ولفت انتباه المجلس إلى الأنماط المتسقة للانتهاكات الجسيمة والمثبتة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

← اللجنة الأفريقيّة والمحاكم الأفريقية لحقوق الإنسان ؛ لجنة مناهضة التعذيب؛ لجنة القضاء على التمييز العنصري؛ لجنة حقوق الطفل؛ اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب ؛ الصليب الأحمر والهلال الأحمر؛ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؛ مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ؛ حقوق الإنسان؛ لجنة حقوق الإنسان، محكمة البلدان الأمريكية ولجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، المحكمة الجنائية الدولية، المحكمتان الجنائيتان الدوليتان الخاصتان بيوغوسلافيا السابقة ورواندا؛ اللجنة الدولية لتقصي الحقائق؛ عقوبات جزائية في القانون الإنساني؛ الاختصاص العالمي؛ جرائم حرب/ جرائم ضدّ الإنسانية؛ القانون الدولي الإنساني؛ تعذيب؛ اغتصاب؛ سوء المعاملة؛ مسؤولية؛ تعويض.

لمزيد من المعلومات:

Shelton, Dinah. Remedies in International Human Rights Law. Oxford: Oxford University Press, 1999.

Rodley, Nigel, and David Weissbrodt. “United Nations Non-Treaty Procedure for Dealing with HumanRights Violations.” In Guide to International Human Rights Practice, edited by Hurst Hannum, 65–88. Ardsley, NY: Transnational, 2004.

United Nations Office of the High Commissioner for Human Rights. “Complaint Mechanism of the Special Procedures.” Available at http://www.ohchr.org/EN/HRBodies/SP/Pages/Communications.aspx .

Zegveld, L. “Remedies for Victims of Violations of International Humanitarian Law.” International Review of the Red Cross 851 (September 2003): 497–526.