القاموس العملي للقانون الإنساني

« الخطأ في تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم » Albert Camus.

اللجنة الدوليّة لتقصّي الحقائق

اللجنة الدولية لتقصّي الحقائق هي أحد الأجهزة التي تتولى إجراء التحقيقات في الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني. وكما توقّعتها المادة 90 من البروتوكول الأول لعام 1977 المضاف إلى اتفاقيات جنيفلعام 1949، فقد عدت اللجنة إضافة مهمة لاتفاقيات جنيف، بحيث يمكن أن توفّر آلية مستقلة للتحقيق في الوقائع المتعلقة “بأي ادعاء خاص بانتهاك جسيم كما حدّدته الاتّفاقيات وهذا البروتوكول”.

ومع ذلك، كان لا بدّ أن توافق عشرون دولة على الأقل على اختصاص اللجنة قبل أن يتمّ تأسيسها. وقد حدث أخيرًا في 1991، في أعقاب حرب الخليج. وحتى حزيران/يونية2015، كانت 76 دولة قبلت فعلًا باختصاص اللجنة.

← قائمة تضمّ الدول الأطراف في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيات الإنسانية الدولية (رقم 2أ)

أولًا الصلاحية

تتمتّع اللجنة بتفويض التحقيق في الانتهاكات الجسيمة والانتهاكات الخطيرة الأخرى لاتفاقيات جنيف والبروتوكول 1. وتقع معظم هذه الجرائم ضمن فئة جرائم الحرب، أو الجرائم ضدّ الإنسانية. وفي الوقت الذي تسري فيه اتفاقيات جنيف (باستثناء المادة 3 المشتركة) والبروتوكول الإضافي الأول على النزاعات المسلحة الدولية، أعلنت اللجنة (أثناء دورتها الثانية في 1996) أنها كانت مستعدة للتحقيق في ادعاءات بانتهاكات وقعت في نزاعات مسلحة غير دولية لا سيما انتهاكات ورد ذكرها في المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع، ما دامت أطراف النزاع توافق على ذلك.

ويكمن دورها في “تسهيل استعادة موقف يحترم المعاهدات وهذا البروتوكول من خلال مساعيها الحميدة” (بروتوكول 1، المادة 90-2 جـ-2).

ثانيًا التشكيل

تتألف اللجنة من خمسة عشر عضوًا “من الشخصيات ذات المكانة الأخلاقية العالية ويتميّزون بعدم الانحياز” وينتخبون لمدة خمس سنوات (بروتوكول 1 المادة 90-1-أ). وبعد القبول بسلطة اللجنة، يتمّ انتخابهم من الدول المشاركة، من قائمة مأخوذة من الدول (ترشّح كل واحدة منها شخصًا واحدًا). وقد تمّ انتخاب أول الأعضاء في يناير 1991. وكان أحدث تجديد للأعضاء تمّ يوم 9 كانون الأول/ ديسمبر 2011 بعد اجتماع حضرته الدول الاثنتان والسبعون التي قبلت ولاية اللجنة.

ثالثًا المهام

(1) ممارسة اختصاصها

تقدّم الطريقة التي تحال بها القضايا إلى اللجنة فكرتين مبتكرتين، مقارنة بالآليات التقليدية التي تحدّد للتحقيق في الانتهاكات الصارخة للقانون الإنساني:

—يحق لأي دولة قبلت اختصاص اللجنة بالرضوخ للمادة 90 إجراء تحقيق حتى وإن كانت لا علاقة مباشرة لها بالنزاع. وهكذا، لا يحمل التحقيق أي شك من شكوك الانحياز - الذي قد يكون متضمّنًا إذا ما طلب أحد أطراف النزاع إجراء تحقيق - ويصبح بذلك آلية تحكُّمٍ جماعية للدول، يقوم على أساس النظام العام واحترام القانون الدولي. مع ذلك، ولكي تتمكن اللجنة من تنفيذ التحقيق لا بدّ أن تكون أطراف النزاع قد قبلت بسلطتها.

—يجوز للدول الأطراف أن تعلن مرة وبصورة نهائية أنها “تقرّ بحكم الواقع وبدون اتفاق معين”، بسلطة اللجنة في التحقيق في الادعاءات التي تقدّمها دولة طرف أخرى تقبل نفس الالتزام (بروتوكول 1 المادة 90 -2أ). وهذا يعني، أن اللجنة ليست مضطرة لطلب أي موافقة محدّدة عندما تبدأ التحقيق.

وفي مواقف أخرى، لم تعترف فيها الدول علانية بسلطة اللجنة، يمكن للجنة أن تبدأ تحقيقًا يطلبه طرف من أطراف النزاع إذا ما أعطى طرف أو أطراف معينة موافقتها على ذلك (بروتوكول 1 المادة 90-2د).

(2) التحقيق

تتولى التحقيقات هيئة مؤلفة من سبعة من أعضاء اللجنة. ولا يكون هؤلاء الأعضاء من مواطني أي طرف في النزاع، ويجري تعيينهم مع الأخذ في الاعتبار “التمثيل المتساوي للمناطق الجغرافية”. وبإمكان الهيئة دعوة أطراف النزاع لتقديم المساعدة والأدلة. ولكنها يمكن أن تبحث عن الأدلة الأخرى بنفسها من بينها التحقيقات الميدانية. ويجب عليها أن تكشف عن كل الأدلة التي تجدها إلى الأطراف المعنية، التي يكون لها الحقّ في التعليق عليها أو رفضها.

وتكون نتيجة التحقيق عبارة عن تقرير يقدّم إلى الأطراف مع توصيات كما تراه مناسبًا. ولا تعلن اللجنة تقرير نتائجها إلى الجمهور، ما لم تكن جميع أطراف النزاع قد طلبت ذلك، أو إذا ما وجدت أن الدولة الخاضعة للتحقيق لم تفعل شيئًا إزاء الانتهاكات.

وعلى الطرف أو الأطراف التي تطلب إجراء تحقيق أن تقدّم الأموال الضرورية لتغطية نفقات الهيئة. ثم يجري تعويضها من الطرف أو الأطراف التي تقام ضدّها الادعاءات.

☜ رغم أن الدول هي التي شكلت اللجنة الدولية لتقصّي الحقائق، إلّا أنها لم تُدعَ بعد لإجراء التحقيقات. وتميل الدول عمومًا إلى تجنّب اتهام دول أخرى بارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني. وعندما تكون مثل هذه الانتهاكات صارخة، فإن الدول تفضل تشكيل هيئات تحقيق خاصة تتولى مهام دبلوماسية أكثر مما هي قضائية.

وبإمكان المنظمات غير الحكومية أن تحيل قضايا وبصورة مباشرة إلى اللجنة، ولكنها قد تطلب من الدول أن تفعل ذلك، وهذا أمر مهمّ ما دامت هذه اللجنة، وليس لجنة تقصي الحقائق الخاصة التي تنشأ تحت ظروف أخرى، هي الجهاز التحقيق الدولي الدائم المنصوص عليه بموجب اتفاقيات جنيف.

الدول التي اعترفت حاليًا بسلطة اللجنة الدولية لتقصّي الحقائق هي: الجزائر، الأرجنتين، استراليا، النمسا، بلجيكا، ، بوليفيا، البوسنة والهرسك، البرازيل، بلغاريا، بوركينا فاسو، كندا، كيب فيرد، تشيلي، كولومبيا، جزر الكوك، كوستاريكا، كرواتيا، قبرص، جمهورية التشيك، إستونيا، جمهورية الكونغو الديموقراطية، الدنمارك، فنلندا، ألمانيا، اليونان، غينيا، هنغاريا، أيرلندا، آيسلندا، إيطاليا، اليابان، كوريا، الكويت، لاوس، ليسوتو، ليشتنشتين، ليتوانيا، لوكسومبورغ، مقدونيا، مدغشقر، مالي، مالطا، ملاوي، موناكو، منغوليا، الجبل الأسود، ناميبيا، هولندا، نيوزيلندا، بنما، الباراغواي، بولندا، البرتغال، قطر، رومانيا، روسيا الاتحادية، رواندا، سانت كيتس ونيفيس، سانت فسنت وجرينادينز، صربيا والجبل الأسود، سيشيل، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، السويد، سويسرا، طاجكستان، توغو، تونغا، ترينيداد وتوباغو، الإمارات العربية المتحدة، المملكة المتحدة، أورغواي.

الآليات القضائية لمعاقبة الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني

بالإضافة إلى هذه الآلية لمراقبة وفرض تنفيذ الاتفاقيات، يرى القانون الإنساني طرقًا مختلفة للتحقيق في انتهاكات أحكامه، ومحاكمة ومعاقبة مرتكبيها، وتقوم هذه على التزامات الدول بشأن معاقبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني، بموجب نظام الاختصاص العالمي، الذي ينصّ على إمكانية تقديم الضحايا شكاوى أمام المحاكم الوطنية لأي بلد.

وقد تمّ إنشاء آليات غير دائمة أخرى على أساس خاص لمعاقبة الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني، مثل المحكمتين الجنائيتين الدوليتين الخاصتين بيوغسلافيا السابقة ورواندا.

وفي 17 تموز/ يولية، 1998، تمّ إقرار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة. ودخلت حيّز التنفيذ في 1 تموز/ يولية 2002 وتعدّ المحكمة مسؤولة عن محاكمة الأشخاص المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضدّ الإنسانية، بالإضافة إلى العدوان في مرحلة لاحقة.

← المحكمة الجنائية الدولية؛ المحكمتان الجنائيتان الدوليتان؛ الاختصاص العالمي .

← لجوء الأفراد إلى المحاكم؛ المحكمة الجنائية الدولية؛ المحكمتان الجنائيتان الدوليتان؛ القانون الدولي الإنساني؛ عقوبات جزائية في القانون الإنساني؛ الاختصاص العالمي؛ جرائم حرب/ جرائم ضدّ الإنسانية.

← قائمة تضمّ الدول الأطراف في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيات الإنسانية الدولية (رقم 2أ).

للاتصال:

✎International Fact-Finding Commission

Palais Federal

Ch-3003 Berne, Switzerland

Tel : (41) 31 322 30 82

Fax : (41) 31 324 90 69

@ www.ihffc.org

لمزيد من المعلومات:

Krill, Françoise. “The International Fact-Finding Commission.” International Review of the Red Cross 281 (March–April 1991): 190–207.

Mokhtar, Aly. “To Be or Not to Be: The International Humanitarian Fact Finding Commission.” ItalianYearbook of International Law 12 (2002): 69–94.

Roach, Ashley. “The International Fact-Finding Commission—Article 90 of Protocol Additional to the 1949Geneva Conventions.” International Review of the Red Cross 281 (March–April 1991): 167–89.

“Rules of the International Humanitarian Fact Finding Commission (Adopted on July 8, 1992).”InternationalReview of the Red Cross 293 (1993): 161.

Article également référencé dans la catégorie suivante :