القاموس العملي للقانون الإنساني

« الخطأ في تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم » Albert Camus.

القانون المرن

إن كل القرارات التي اتخذتها الهيئات الدولية والمنظمات الحكومية الدولية (سواء كانت ذات طبيعة قانونية أم لا) تتعلّق بقوام “القانون المرن”. ونجد أن المنظمات الدولية تستخدم على نحو تبادلي تقريبًا مصطلحات مثل قرار وإعلان وتوصية.

يستعمل مفهوم “القانون المرن” لتمييز أحكام القانون (التي تتمّ صياغتها من جانب واحد أحيانًا)، عن تلك التي تعتبر أحكامًا تقليدية للقانون الدولي والتي تعرف “بالقانون الصارم”. ويتأسّس القانون الصارم على الأحكام والأنظمة التي تمّ تطويرها وتبنّيها بمشاركة وموافقة صريحة من الدول أو الأطراف الفاعلة الأخرى التي ستلتزم بهذه الأحكام، وتندرج المعاهدات والاتّفاقيات الدولية تحت هذا النوع من القانون.

← اتفاقيات دولية.

أولًا تعريفات

إن التعريفات القانونية لكلمات مثل قرار وإعلان وتوصية ليست تعريفات صارمة وعلى الرغم من ذلك فمن الممكن لنا أن نحاول توضيح المعنى الفعلي لكلٍّ من هذه المصطلحات رغم أن استعمالها العملي قد لا يعكس تلك الاختلافات في المعنى.

القرارات والإعلانات

  • —القرار: يستخدم هذا المصطلح للدلالة على المجموعة الكاملة من الأحكام التي تشكل القانون المرن سواء كانت ملزمة أم لا وهو الذي يستخدم أكثر تكرارًا وكل من القرارات العادية والإعلانات هي في الأصل قرارات.
  • —القرار العادي: يستخدم هذا المصطلح في بعض الأحيان لتعريف القرار الملزم قانونًا ومن ثم فإن قرار مجلس الأمن المأخوذ تطبيقًا لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يعتبر قرارًا ملزمًا (المادة 25 من الميثاق).
  • —الإعلان أو التوصية: ويصفان القرارات التي يمكن توصيفها كإفصاح عن النية، ولا يستوجبان أية التزامات قانونية.

ومن المهمّ التفريق بين الأنواع التالية من الأنظمة أو القرارات التي اتخذتها الهيئات الدولية:

  • —قرارات التنظيم الذاتي وهي التي لها تأثير مباشر على الهيئة أو المنظمة التي تتخذها مثل الأنظمة الخاصة بالعمليات الداخلية وفي هذه الحالة فإن النصوص تكون ملزمة من تلقاء نفسها.
  • —قرارات التنظيم غير الذاتي وهي القرارات التي تهدف إلى تنظيم العلاقات الدولية، ونظريًا فإن تلك النصوص لا تكون ذات طبيعة ملزمة ولكن قد تكون لها صفة القانون.

ثانيًا الالتزامات القانونية

تتفاوت القوة أو الصفة القانونية التي تنسب إلى قواعد القانون المرن. لذا لا تكون معظم القرارات ذات طبيعة ملزمة قانونًا، وبعبارة أخرى فإن تنفيذ تلك القرارات لا يكون إلزاميًا. ومع ذلك فقد تفرض القرارات التزامات على الدول قد تكون لها صفة القانون وذلك اعتمادًا على الجهة التي تتبنى تلك النصوص وعلى شكلها ومحتواها.

لا تستوجب معظم القرارات التي تتّخذها أجهزة الأمم المتحدة التزامات قانونية إجبارية، وهذا حتى في حالة قرارات مجلس الأمن ما عدا القرارات الصادرة تطبيقًا لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وكذلك في حالة معظم القرارات والإعلانات التي تصدرها الجمعية العامة. وكثيرًا ما تستخدم المنظمات الدولية مصطلحات غامضة للحصول على الإجماع بين الدول مما ينجم عنه غياب الالتزامات القانونية في حين يكون للتوصيات الدقيقة تأثير نافذ حتى إذا لم يحمل القرار الذي تمّ إصداره قوة قانونية ملزمة.

1 القرارات المُلزمة قانونًا

إن بعض القرارات ملزمة قانونًا ويعتمد هذا على الهيئة التي اتخذت تلك القرارات وعلى القوة التي تمارسها تلك الهيئة. ولنأخذ الأمم المتحدة كمثال، حيث نجد أن التفسير الصارم للمادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة ينصّ على أن قرارات مجلس الأمن وحده والتي يتخذها تطبيقًا للفصل السابع (الذي ينظم ما يتخذ من أفعال فيما يتعلّق بالتهديدات ضدّ السلم أو انتهاكه أو وقوع أعمال عدوان) تكون ملزمة. وفي العام 1971 أعطت محكمة العدل الدولية تفسيرًا أوسع لنطاق هذه المادة إلّا أن الشكوك ظلّت تدور حول الطبيعة الملزمة لقرارات مجلس الأمن الصادرة تطبيقًا للفصول الأخرى خلاف الفصل السابع.

2 قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة

أما بالنسبة للقرارات التي تتخذها الجمعية العامة للأمم المتحدة فقد ثار جدل واسع حول كونها ملزمة أم لا. ورغم أنها ليست مصدرًا رسميًا للقانون فإن قرارات الجمعية العامة تحتفظ بالقوة والسلطة حيث إنها تعكس رأي أو الإرادة العامة للدول حول موضوع معيّن. فإذا أعطت الدول الأعضاء موافقتها تحديدًا على قرار ما، فإن ذلك قد يجعل القرار ملزمًا قانونًا.

وفي عبارة أخرى يجب على المرء ألا يستهين بالأثر القانوني للقرار الذي تعلنه كل الدول أو معظمها كقاعدة ملزمة قانونًا: وهذا يعكس الممارسة العامة المقبولة كقانون. وفي هذه الحالة يمكن القول إن القرار قد سنّ قاعدة مألوفة اعترفت بها الدول سلفًا من خلال ممارستها اليومية، ويمكن لهذا القرار أن يستخدم كأحد مصادر القانون الذي تطبقه محكمة العدل الدولية (المادة 38-1 من قانون محكمة العدل الدولية)، ومن ثم فإن سلطة الالتزام القانوني ووزنه لا ينبثقان من نوع الكيان الذي أنتج القاعدة فحسب بل ينبثقان من طبيعته المتعارف عليها. وكذلك فإن حقيقة كون القرار لا يشمل أية آلية للتنفيذ لا تعني أنه لا يتضمّن أية التزامات.

وفي كثير من الأحيان إذا تمّت صياغة القرار بدقة لتطبيقه دون أية تفسيرات إضافية وتمّ اتّخاذه بإجماع الدول الأعضاء قد يكون له أثر قانوني هامّ، أما قرار الجمعية العامة الذي يتمّ اتّخاذه بالأغلبية باستخدام لغة دقيقة والذي يعكس رأي المجتمع الدولي فقد يعتبر ذا طبيعة قانونية ملزمة رغم أنه قد لا يكون قابلًا للتنفيذ.

3 الصفة القانونية لقواعد القانون المرن

إن قوة القانون التي قد تمتلكها قواعد القانون المرن ومن ثم طبيعتها الملزمة المحتملة يجب تحديدها على أساس كل حالة على حدة بموجب:

  • —طبيعتها العرفية المحتملة
  • —دقة وتحديد محتواها
  • —الأسلوب الذي تمّ فيه إقرار القاعدة (مثل هل تمّ بالإجماع أم لا).

ويمكن لمحكمة العدل الدولية تحديد قوة القانون حينئذ بما ينسجم مع هرمية القواعد وتفسير قواعد القانون الدولي.

← هرمية القواعد؛ اتفاقيات دولية؛ القانون الدولي .

لمزيد من المعلومات:

Cassese, Antonio, and J. H. Weiler. Change and Stability on International Law-Making. Berlin: de Gruyter, 1988.

Detter, Ingrid. “The Effect of Resolutions of International Organizations.” In Theory of International Law at the Threshold of the Twenty-first Century: Essays in Honour of Krzysztof Skubiszewski,edited by Jerzy Makarczyk, 381–92. The Hague: Kluwer Law International, 1996.

Shelton, Dinah. “International Law and ‘Relative Normativity.’” In International Law, ed.edited by Malcolm D. Evans, 145–72. Oxford: Oxford University Press, 2003, 145–72.

Weil, Pierre. “Towards Relative Normativity in International Law?” American Journal of InternationalLaw 77 (1983): 413–42.

Article également référencé dans la catégorie suivante :