القاموس العملي للقانون الإنساني

« الخطأ في تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم » Albert Camus.

مدنيّون

مدنيّون

يتشكل السكان المدنيون من أفراد مدنيين لا ينتمون إلى أي من الفئات المختلفة للمقاتلين.

وبموجب القانون الدولي الإنساني يُمنح المدنيون عمومًا حماية من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية، وهنالك شريحة من السكان يحتاجون إلى حماية مضاعفة.

أولًا - تعريف

يستند القانون الدولي الإنساني إلى مبدأ التمييز بين المدنيين (والأعيان المدنية) والمقاتلين (والأهداف العسكرية). ويُعرّف المدني على أنه الشخص غير المقاتل. وحرفيًّا”شخص مدني“ هو أي فرد غير تابع للقوات المسلحة. وفي النزاعات المسلحة الدولية، جرى في سنة 1977 التوسع في مفهوم ”فرد تابع للقوات المسلحة“ الوارد أصلًا في اتفاقية جنيف الثالثة لسنة 1949، وفي البروتوكول الإضافي الأول لمنح حماية مماثلة لجميع الأشخاص المشاركين في القتال. وبالتالي، فإن الشخص المدني هو الشخص الذي لا يتبع أيًّا من المجموعات التالية:

  • القوات المسلحة العادية، حتى تلك التي تظهر الولاء لحكومة أو سلطة غير معترف بها من قِبَل دولة خصم؛
  • القوات المسلحة لطرففي نزاع مسلح بالإضافة إلى فرقةالمتطوعين ورجال الميليشيات الذين يشكلون جزءًا من تلك القوات المسلحة؛
  • كل الجماعات والوحدات المنظمة طالما كانت تحت قيادة مسؤولة عن سلوك مرؤوسيها، حتى لو كان أحد أطراف النزاع ممثلًا من قِبَل حكومة أو سلطة غير معترف بها من قِبَل طرف خصم. وهذه الفئة الأخيرة تشمل حركات المقاومة المنظمة والمجموعات المسلحة الصغيرة الأخرى (اتفاقيّة جنيف 3، المادة 4 أ -1-3 و4 أ -6، البروتوكول 1، المادتان 43 و50).

ويعترف القانون الدولي الإنساني العرفي الواجب التطبيق في النزاعات الدولية أن ”القوات المسلحة لأي طرف في النزاع تتكوَّن من جميع أفراد قواته المسلحة أو المجموعات والوحدات النظامية التي تكون تحت قيادة مسؤولة أمام ذلك الطرف عن سلوك مرؤوسيها (القاعدة 4).

وفي النزاعات المسلحة غير الدولية، تقف القوات المسلحة الحكومية الرسمية ضد جماعات منشقة في القوات المسلحة الوطنية أو جماعات مسلحة أخرى غير حكومية. ولا يعترف القانون الخاص بالنزاع المسلح غير الدولي بوضع المقاتل لأفراد الجماعات المسلحة غير الحكومية. وفي الواقع، هذا يتضمن طعنًا في احتكار استخدام القوة الملقاة على عاتق الدولة بموجب القانون الوطني والدولي معًا. ولا يعترف القانون الخاص بالنزاع المسلح غير الدولي بوضع المقاتل لأفراد الجماعات المسلحة غير الحكومية. وفي الواقع هذا من شأنه معارضة احتكار استخدام القوة الذي يسنده للدولة القانون الوطني والدولي. وبالتالي، يوجد لأفراد هذه الجماعات المسلحة وضع مختلط. فهم يعتبرهم القانون الوطني مجرمين مدنيين بسبب استخدامهم القوة. بيد أن القانون الدولي الإنساني يغض الطرف عن مسألة وضع هؤلاء. وحاليًّا، يعاملهم تلقائيًّا كمدنيين يشاركون في الأعمال العدائية.

وقد أحاط القانون الدولي الإنساني علمًا بصعوبة التمييز بين المقاتلين والسكان المدنيين من حيث القانون ومن الناحية العملية، ليس في النزاعات المسلحة غير الدولية فحسب، بل أيضًا في بعض أنواع النزاعات المسلحة الدولية. ففي النزاعات المسلحة الدولية، يجوز لمدنيين المشاركة في الانتفاضات الشعبية أو في حركات المقاومة، وخصوصًا في الأراضي المحتلة. وفي النزاعات المسلحة الداخلية، يجوز لحركات الفدائيين والجماعاتالمسلحةمنغيرالدول، أن تقيم صلات وثيقة مع السكان المدنيين، وخصوصًا في بقاع من الإقليم الوطني يسيطر عليه هؤلاء.

ويأخذ البروتوكولان الإضافيان لسنة 1977 في الاعتبار هذا التغيير في وسائل الحرب لتوفير حماية أفضل للمقاتلين والمدنيين في نوعي النزاع المسلح. وقد وسَّع البروتوكولان تعريف المقاتل بفتح نطاقه أمام أفراد حركات التحرر الوطني. وقد نص البروتوكولان الإضافيان على الحالة المحدَّدة بشأن المدنيين الذين يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية في نوعي النزاع المسلح (البروتوكول 1، المادة 45-1) والمادة 51-3، البروتوكول 2، المادة 13-3). وهذان يؤكدان أن هؤلاء الأشخاص يحتفظون بوضعهم المدني ولا يفقدون الحماية التي يوفرها القانون الدولي الإنساني للمدنيين، ما عدا أثناء فترة المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية.

وعمل البروتوكولان على زيادة الضمانات الواجبة التطبيق على الأشخاص الذين لا يشاركون أو كفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية المذكورة في المادة المشتركة 3 في اتفاقيات جنيف (البروتوكول 1، المادة 75، البروتوكول 2، المادة 4). وهذا التغيير يتسق بشكل مباشر مع هدف البروتوكولين الإضافيين لتعزيز ”حماية ضحايا النزاع المسلح“ بالإضافة إلى استكمال المبدأ التقليدي الذي يميِّز بين المدنيين والمقاتلين.

وإذ يقوم القانون الدولي الإنساني بذلك، فإنه يعيد التأكيد على أن النزاع المسلح يتألف من فئتين فحسب، وكل منهما تستبعد الأخرى، أي المدنيون والمقاتلون. وإزاء هذه الخلفية، فإن استخدام بعض الدول فئة ثالثة من ”المقاتلين غير الشرعيين“ لا يسد الفراغ القانوني المفترض في قانون النزاعات المسلحة، بل على العكس هو يسهم في خلق هذا الفراغ. ويستبعد القانون الدولي الإنساني أيضًا أي تحدٍ أمام حماية المدنيين استنادًا إلى اتهامات بالدعم للجماعاتالمسلحةمنغيرالدول أو مشاركة غير مباشرة في الأعمال العدائية. وقد بدأت نظرية اللجنة الدولية للصليب الأحمر وقانون السوابق القضائية الدولية في تقديم توضيحات بشأن تفسير هذه الأفكار (ترد أدناه). نزاع مسلح دولي؛ نزاع مسلح غير دولي؛ جماعات مسلحة من غير الدول

يندرج في ”السكان المدنيين“ جميع المدنيين. ووجود أشخاص لا ينطبق عليهم تعريف المدنيين يجب ألا يؤدي إلى حرمان السكان ككل من صفة المدنيين أو من الحماية التي يستحقونها (البروتوكول 1، المادة 50).

ويشترك المدنيون في بعض الأحيان في الأعمال العدائية بدون أن يكونوا تابعين رسميًّا لقوات عسكرية نظامية. وقد يحدث هذا حيث يقومون بأنشطة مثل الانتفاضات العفوية في الأراضي المحتلة. كذلك تحدث مثل هذه الحالة في النزاعات المسلحة الداخلية بحيث يصبح من الصعب التفريق بين المدنيين والمقاتلين. ويحتفظ المدنيون الذين يشتركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية بوضعهم كمدنيين رغم حقيقة أنهم يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية. ومع ذلك، فإنهم يحرمون بشكل مؤقت من الحماية التي توفَّر للمدنيين - طيلة مدة مشاركتهم بشكل مباشر (البروتوكول 1، المادة 51-3، والبروتوكول 2، المادة 13-3).

وعند الشك في وضع الشخص مدنيًّا أو عسكريًّا يجب اعتباره مدنيًّا (البروتوكول 1، المادة 50)

■ وفي حالة الأسر، يظل هؤلاء مستفيدين من الضمانات الخاصة الواجبة التطبيق على الأشخاص الذين يحتجزون أو يحاكمون عن أعمال تتصل بالنزاع، الموفَّرة من أجل حالات النزاعات المسلحة الدولية (البروتوكول 1، المادة 75)، والنزاعات المسلحة غير الدولية (البروتوكول 2، المادتان 5 و6) والاحتلال.

■ وتعرِّف القاعدة 5 من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن القانون الدولي الإنساني العرفي المدنيين بأنهم ”الأشخاص الذين ليسوا أعضاء في القوات المسلحة. ويشمل مصطلح السكان المدنيين جميع الأشخاص الذين هم مدنيون“ وتذكر القاعدة 6 ”المدنيون محميون من الهجوم، ما لم يشترك هؤلاء بشكل مباشر في الأعمال العدائية“. وتنطبق هاتان القاعدتان على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. ←مقاتل

ثانيًا -حماية السكان المدنيين

لم يقرّ القانون الدولي الإنساني الحماية للمدنيين إلَّا مؤخرًا. فالاتّفاقيات الرئيسية التي عقدت قبل عام 1949 كانت تقوم فقط بتنظيم سير العمليات العدائية ومصير الجريح والمريض والمقاتلين الناجين من السفن الغارقة أو أسرى الحرب. وكانت الحماية الممنوحة للمدنيين تعتبر فحسب نتيجة غير مباشرة للالتزام العام القائل بالهجوم فقط على الأهداف العسكرية، وكذلك الالتزام المحدّد للمقاتلين بارتداء الزيّ العسكري وتنفيذ المهام العسكرية علنًا.

ومنذ عام 1949، توفر اتفاقيّة جنيف الرابعة الحماية تحديدًا للمدنيين. وهي تهدف خصيصًا إلى حماية المدنيين من أعمال يقوم بها الطرف الخصمفي النزاع. وبهذا الخصوص يضع القانون الإنساني نظامًا عامًّا لحماية المدنيين ويضاعفهذه الحماية في بعض حالات محددة، مثلما في الأراضي المحتلة وأثناء عمليات الاعتقال أو الإجلاء في ما يتعلّق بفئات معينة من الأشخاص يعتبرون الأضعف مثل الأطفال والمرضى والجرحى والمحتجزين (جميع اتفاقيات جنيف الأربع، البروتوكول 1، المواد 48 - 56؛ والبروتوكول 2، الموادّ 13-18).

وفي عام 1977، عزّز البروتوكول الأول الملحقباتفاقيات جنيف الحماية المتوخاة للسكان المدنيين أثناء النزاعات المسلحة الدولية، أما البروتوكول الثاني لاتفاقيات جنيف فقد وسّع من نطاق الحماية للمدنيين في النزاعات المسلحة غير الدولية، من حيث كونهم معرضين بشكل خاص للخطر بسبب زيادة صعوبة التمييز بين المقاتلين والمدنيين في تلك النزاعات. ولأنهما يضعان الأفراد مقابل حكومتهم وجيشهم.← ضمانات أساسيّة؛ أشخاص محميّون؛ حالات وفئات لم يشملها القانون الإنسانيّ صراحةً.

  1. حماية المدنيين في النزاعات المسلحة الدولية

‌أ. الحماية العامة للمدنيين من الهجمات

تقع مسؤولية احتراموحماية السكان المدنيين والأعيان المدنية على عاتق التزام أطراف النزاع من حيث تمييزها بين السكان المدنيين والمقاتلين من جهة وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية من جهة أخرى (البروتوكول 1،المادة 48). وهذه المسؤولية تُشكل أحد أسس القانون الإنساني.

ويجب حماية جميع المدنيين وبدون تمييز ضار وفي جميع الحالات يجب حمايتهم من تأثير العمليات العسكرية (اتفاقيّة جنيف 4،المادة 13)، وبذلك لا يجوز أن يكونوا هدفًاللقتال أو للهجمات ولهم الحقّ في الحصول على المساعدة الضرورية.

ويرد تعريف هذا النظام العام للحماية في المادة (51) من البروتوكول الإضافي الأول. وتحمي الموادّ 52 إلى 56الأعيان المدنية بما في ذلك الأهداف الضرورية لحياة السكان المدنيين (البروتوكول 1، المادة 54). وقد عُزِّزت هذه المواد بقواعد وتعاريف محددة تتعلق بمفهوم الهجمات (البروتوكول 1، الموادّ 49 - 51) وكذلك الاحتياطات الخاصة التي يجب اتّخاذها خلال الهجمات (البروتوكول 1، المادة 57). ← هجمات

  • يجب ألا يكون السكان المدنيون بهذه الصفة عرضة لأي هجوم.وتحظر ممارسة العنف أو التهديدات بغرض نشر الرعب بين السكان المدنيين (البروتوكول1، المادة 51-2).
  • يُحظر شنّ الهجمات العسكرية التي لا تفرّق بين الأهداف العسكرية والمدنية. وتعرَّف “الهجمات العشوائية” على أنها ليست موجهة لتحقيق هدف عسكري محدد. وهي التي يستخدم فيها أسلوب ووسائل القتال التي لا يمكن توجيهها لتحقيق هدف عسكري محدّد أو تلك التي تستخدم أسلوبًاووسائل قتالية تكون تأثيراتها غير محدودة (البروتوكول 1، المادة 51-4).
  • يجب عدم شنّ هجمات في شكل أعمال انتقامية ضدّ السكان المدنيين (البروتوكول1، المادة 51-6).
  • يجب عدم استخدام المدنيين كدرع لأهداف عسكرية أو عمليات عسكرية أو لحماية هذه الأهداف من الهجمات (البروتوكول1، المادة 51-7).
  • مثل هذه الحماية يجب أن تشمل أيضًا الأعيان المدنية التي يجب ألا تكون عرضة لهجمات عنيفة أو مباشرة أو عشوائية أو أعمال انتقامية (البروتوكول 1، المادة 52). وهذه الحماية تتعلّق أيضًا بأعيان ضرورية لحياة السكان (والتي لا يجوز مهاجمتها، أو تدميرها، أو إزالتها، أو جعلها هدفًا للأعمال الانتقامية؛ البروتوكول 1، المادة 54)، الأعيان الثقافية وأماكن العبادة (المادة 53)، البيئة الطبيعية (المادة 55) وكذلك الأعمال والمنشآت التي تضمّ موادّ خطرة (المادة 56).←ممتلكات وأشياء محميّة

‌ب. الحقّ في تلقّي المساعدة

يقوم نظام الحماية على تنظيم المساعدة الإنسانية التي يستحقّها المدنيون وخاصة إذا لم يكن لديهم طعام كافٍ أو إمدادات طبية، وملبس، وفراش ووسائل السكن والإمدادات الأخرى اللازمة لمعيشتهم. وتتناول أعمال الإغاثة المذكورة في البروتوكول الإضافي الأول الحالة الخاصة بالمدنيين في المناطق المحتلة ولكنها تنطبق أيضًاعلى جميع الحالات الأخرى التي يتأثر بها المدنيون وخاصة في أوضاع النزاع المسلح (البروتوكول 1، الموادّ 69-70).←إغاثة

‌ج. حماية إضافية لفئاتمعيَّنة من الأشخاص المحميين

ينصّ القانون الإنساني على أن المدنيين الواقعين تحت سيطرة أحد أطراف النزاع وليسوا من جنسية هذا الطرف، يجب أن يتلقوا حماية مضاعفة كما هو منصوص عليه في اتفاقيّة جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول. أما فئات هؤلاء الأشخاص المحميين فهي:

  • السكان المدنيون في أراضٍ محتلة (اتفاقيّة جنيف4، الموادّ 47-77؛البروتوكول 1، الموادّ 68-71)؛
  • المحتجزون المدنيون في أراضٍ محتلة (اتفاقيّة جنيف 4، الموادّ 64-77)؛
  • السكان الخاضعون لسلطة أحد أطراف النزاع (البروتوكول 1، الموادّ 72-75)؛
  • المعتقلون المدنيون (اتفاقيّة جنيف 4، الموادّ 79-135)؛
  • الأجانب، اللاجئون والأشخاص الذين لا دولة لهم (اتفاقيّة جنيف 4،الموادّ 35-46)؛
  • النساء والأطفال (البروتوكول 1،الموادّ 76-78)؛
  • الجرحى والمرضى والذين يجب العناية بهم بدون تأخير أو تمييز ضار، والأطباء والعاملون في القطاع الطبي والمنشآت الطبية ووسائل النقل التي يجب احترامها والتي يجب أن تكون قادرة على القيام بأعمالها بالرغم من وجود الأعمال العدائية(اتفاقيّة جنيف 4، الموادّ 13-26- الجزء الثاني؛ البروتوكول 1،الموادّ 8-31؛ البروتوكول 2،الموادّ 7-9)؛
  • النساء الحوامل، والأطفال حديثو الولادة والأشخاص العجزة والذين يشملهم التعريف في القانون الإنساني على أنهم “الجرحى والمرضى” لضمان حمايتهم بشكل أفضل (البروتوكول 1،المادة 8)؛
  • موظفو الإغاثة والأعمال الإنسانية والذين يكونون دائمًا متمتعين بالحماية مثلهم مثل المدنيين (البروتوكول 1،المادة 71). ← أشخاص محميّون

‌د. الضمانات الأساسية لجميع الأفراد بغض النظر عن وضعهم

يجب أن يعامل جميع الأشخاص حسب الضمانات الأساسية والموضحة في القانون الإنساني (البروتوكول 1، المادة 75).←طفل؛ احتجاز؛ ضمانات أساسية؛ اعتقال؛ واجبات طبية؛ إغاثة؛ حماية؛ نساء؛ الأشخاص الجرحى والمرضى.

  1. حماية السكان المدنيين في النزاعات المسلحة غير الدولية

لم يكن التمييز بين المقاتلين، والسكان المدنيين واضحًا تمامًا في النزاعات المسلحة الداخلية. ولهذا لم يضع البروتوكول الإضافي الثاني تعريفًا واضحًا للمقاتلين من ناحية والمدنيين من ناحية أخرى،وبدلًا من ذلك، هويميّز فحسب بين الأشخاص الذين يقاتلون، والأشخاص الذين لا يقاتلون أو الذين توقفوا عن القتال.

لذلك، فالبروتوكول الإضافي الثاني يفترض أن جميع الناس هم مدنيون ويجب أن يتمتعوا بالحماية المذكورة في القانون الإنساني “ما لم يقوموا بدور مباشر في الأعمال العدائية وعلى مدى الوقت الذي يقومون خلاله بهذا الدور ” (البروتوكول 2، المادة 13-3).

ينصّ القانون الإنساني على أنه في النزاعات المسلحة غير الدولية قد ينتمي الأفراد إلى فئة المدنيين، ومع ذلك، يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية في أوقات معينة. وينصّ البروتوكول الإضافي الثاني على أن هؤلاء الأفراد يجب أن يستفيدوا من الحماية الممنوحة للمدنيين. ويمكن تعليق الحماية فقط طوال مشاركتهم المباشرة في الأعمال العدائية.

‌أ. الحماية العامة للسكان المدنيين

تحدّد الموادّ 13-18 من البروتوكول الإضافي الثاني الحماية ووسائل الحماية التي يجب اتباعها لصالح المدنيين.

  • “يتمتع السكان المدنيون والأشخاص المدنيون بحماية عامة من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية”وعليه يجب ألا يكونوا هدفًا لهجوم أو أي عمل من أعمال العنف أو التهديد به بقصد نشر الذعر بينهم (البروتوكول 2، المادة 13).
  • يُحظر تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب القتال. وبالتالي،تُحظر مهاجمة أو تدمير أو إزالة الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين (البروتوكول 2، المادة 14).
  • لا تكون الأشغال والمنشآت التي تحوي أعمالًا أو قوى خطرة مثل السدود، والحواجز والمفاعلات النووية ومحطات توليد الكهرباء يجب ألا تكون عرضة للهجوم في أي وقت وعلى الإطلاق، لأن الهجوم على مراكز مثل هذه قد يسبّب إطلاق إشعاعات وموادّ خطرة قد توقع بالمدنيين ضحايا أكثر (البروتوكول 2، المادة 15).
  • الأعيانالثقافية (ومراكز العبادة) والتي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب يجب ألا تتعرض للهجوم ولا تستعمل في دعم المجهود الحربي (البروتوكول 2،المادة 16).
  • “لا يجوز الأمر بترحيل السكان المدنيين لأسباب تتصل بالنزاع ما لم يتطلب ذلك أمن الأشخاص المدنيين المعنيين أو لأسباب عسكرية ملحة” (البروتوكول 2، المادة 17). وبالتالي يجب أن يتمّ تنفيذ هذا وفقًا لشروط صارمة. ←نزوحالسكان

‌ب. الحقّ في تلقّي المساعدات

تبذلأعمالالغوثذاتالطابعالإنسانيوالحياديالبحتلصالحالسكانالمدنيين،وذلكحينيعانيالسكانالمدنيونمنالحرمانالشديدبسببنقصالمددالجوهريلبقائهمكالأغذيةوالموادالطبية(البروتوكول 2، المادة 18).←إغاثة؛ حقّ الوصول

‌ج. حماية إضافية لفئات معينة من الأشخاص المحميين

هناك أحكام خاصة تعزّز الحماية للفئات التالية في النزاعات المسلحة غير الدولية:

  • أشخاص محرومون من حريتهم (محتجزون) لأسباب تتعلّق بالنزاع (البروتوكول 2، المادة 5).←احتجاز
  • الجرحى والمرضى والأشخاص الناجونمن سفنهم الغارقة (اتفاقية جنيف 4، المادة 3، البروتوكول 2،المادة 7).←الأشخاص الجرحى والمرضى.
  • رجال الدين وأفراد الخدمات الطبية (البروتوكول 2، المادة 9).←أفراد الخدمات الطبية

‌د. ضمانات أساسية لجميع الأفراد بغض النظر عن وضعهم

يجب أن يعامل جميع الأفراد بموجب الضمانات الأساسية التي ينصّ عليها القانون الإنساني (البروتوكول 2،المادة 4).← ضمانات أساسية

ثالثًا- المشاركة المباشرة من المدنيين في الأعمال العدائية

يقوم القانون الدولي الإنساني على مبدأ التمييز بين القوات المسلحة التي تقوم بالأعمال العدائية بالنيابة عن الأطراف في نزاع مسلح وبين المدنيين الذين يفترض أنهم لا يشاركون بشكل مباشر في أعمال عدائية، ويجب حمايتهم من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية. ورغم ذلك، أدّت مظاهر الحرب المعاصرة إلى زيادة اختلاط المدنيين بالقوات المسلحة وكذلك الحرب في الأوساط الحضرية. وتُهدِّد الصعوبات في التمييز بفعالية بين الأهداف العسكرية المشروعة والأعيان المدنية قدرة القانون الدولي الإنساني على حماية ضحايا الحرب والحد من العنف المسلح في وقت النزاعات.

ويرد نص بشأن وضع المدنيين الذين يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية في البروتوكول الإضافي الأول والبروتوكول الإضافي الثاني لسنة 1977 فيما يتصل بالنزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية (البروتوكول 1، المادة 45-1، و51-3، والبروتوكول 2، المادة 13-3).

وهذا الوضع ينص على أن هؤلاء المدنيين يفتقدون حمايتهم المدنية أثناء فترة اشتراكهم مباشرة في الأعمال العدائية. ويسعى القانون الدولي الإنساني إلى مراقبة عواقب افتقادالحماية المكفولة لوضع المدنيين لأنه لا يتأتى بهذا الشكل اكتساب الحماية الممنوحة لأولئك الموصوفون بوضع المقاتل. وهذا بالتالي وضع مختلط وخطير يحاول البروتوكولان وضع حد له في الوقت ووفقًا لحالة الأشخاص المعنيين. وتفسير هذه الفكرة الخاصة بالمدة المستغرقة قيدتها عقيدةاللجنة الدولية للصليب الأحمر وقانون السوابق القضائية (انظر أدناه).

  • وافتقاد الحماية التي يتيحها الوضع المدني يعرَّف أساسًا بأنه حق العدو في استهداف مدني يشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية. وهؤلاء المصابون لا يعتبرون شيئًا غير مشروع في حد ذاته، كما لا يرقى هؤلاء إلى الأضرار التبعية التي تقتضي تقييم تناسبية هذه الخسارة إلى المزايا العسكرية المتوقعة من الهجوم والإجراء الاحتياطي المتخذ في الهجوم.
  • وافتقاد الحماية التي يتيحها الوضع المدني ينطبق أيضًا على معاملتهم عندما لا يستطيعون المشاركة في القتال نتيجة الإصابة أو المرض أو الأسر من القوات المسلحة للعدو. فسوف يستفيد هؤلاء من الحماية العامة بسبب أنهم جرحى أو مرضى لكنهم سيفقدون وضعهم المدني دون منحهم الحماية المكفولة لوضع المحارب في حالة التوقيف والاحتجاز. وأنشئت فئة من الأشخاص المحرومين من حريتهم أو الذين تجري محاكمتهم لسبب يتصل بالنزاع المسلح وذلك لسد الفراغ.← احتجاز
  • وافتقاد الحماية لاعتبار الوقت، يعتبر مع ذلك،مقتصرًا بشدة على فترة المشاركة المباشرة.

وفي النزاع المسلح غير الدولي، تكفل مادتان في البروتوكول الإضافي الثاني ضمانات محدَّدة بشأن معاملة الأشخاص المحتجزين فيما يتصل بالنزاع. وهذه تشمل الحق في رعاية طبية محايدة (المادة 5). ويقدِّم البروتوكول الإضافي الثاني ضمانات قضائية للأشخاص المدانين لأسباب تتصل بمشاركتهم الفعلية في النزاع. (المادة 6). وهاتان المادتان تعوضان عن غياب وضع المقاتل بالنسبة للجماعات المسلحة من غير الدول المعارضة للدولة. وفي النزاع المسلح الدولي، يشتمل البروتوكول الإضافي الأول على مادة تتصل بحماية الأشخاص الذين شاركوا في الأعمال العدائية (البروتوكول 1، المادة 45). وتوسِّع هذه المادة إمكانية الاستفادة من معاملة أسير الحرب لتشمل الأشخاص الذين لا يندرجون في فئات مثل أفراد القوات المسلحة. وهي تؤكد أن أي شخص يشترك في الأعمال العدائية ويقع تحت سلطة طرف خصم يفترض أنه أسير حرب (البروتوكول 1، المادة 45-1). وهي تنص على أنه لو وجد أي شك في استحقاق الشخص وضع أسير الحرب، يظل هؤلاء متمتعينبهذا الوضع، وبالتالي، يتمتعون بالحماية بموجب الاتفاقية الثالثة والبروتوكول الإضافي الأول إلى حين البت في وضع هؤلاء من محكمة مختصة. وهي تقدِّم أيضًا ضمانات قضائية إذا ما أدين الشخص نتيجة مشاركته في الأعمال العدائية (البروتوكول 1، المادة 45-2). وأخيرًا، ترسي المادة معايير دنيا بالنسبة للمعاملة والاحتجاز إذا ما رفض في النهاية استحقاق وضع أسير الحرب (البروتوكول 1، 45-3).

فهذه الأحكام الخاصة بالقانون الدولي الإنساني المتعلقة بالمشاركة المباشرة في الأعمال العدائية من المدنيين، تتطلب تفسيرًا واضحًا لفترة المشاركة المباشرة التي يفقد المدني خلالها حمايته كمدني وجزءًا من وضعه، بل أيضًاالمشاركة المباشرةمقابل المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية أو دعمها.

وبالقيام بهذا، يستبعد القانون الدولي الإنساني أي اعتراض على حماية المدنيين استنادًا إلى أي شكل غير مباشر من الدعم للأعمال العدائية أوالمشاركة فيها. وقد بدأت السوابق القضائية الدولية توضح تفسير هذه المفاهيم.

وارتأت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه من الضروري وضع إطار بشكل أفضل للمنطقة الرمادية الخاصة بالمدنيين ”المشاركين مباشرة في الأعمال العدائية“ والتي تقع بين الفئات الواضحة للمدنيين والمقاتلين والقوات المسلحة.

وبموجب القانون الدولي الإنساني، يصف مفهوم”المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية” التصرف الفردي الذي إذا قام به مدنيون توقف حمايتهم من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية. والملاحظ فيما يتعلق بمدة مشاركتهم المباشرة في الأعمال العدائية على وجه الخصوص، قد يتعرض المدنيون مباشرة للهجوم كما لو كانوا مقاتلين. ولأن مفهوم المشاركة “المباشرة” أو “الفعلية” في الأعمال العدائيةمأخوذ من المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف، فإنه يوجد في أحكام عديدة في القانون الدولي الإنساني. ورغم العواقب القانونية الخطيرة الناجمة مع ذلك، لا تقدم اتفاقيات جنيف ولا البروتوكولان الإضافيان الملحقان بها تعريفًا للتصرف الذي يرقى إلى مشاركة مباشرة في أعمال عدائية.

وبغية حل هذه المسألة، شرعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سنة 2003 في عملية بحث وتقديم أفكار مع الخبراء بشأن مفهوم”المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية” بموجب القانون الدولي الإنساني. وكان الهدف هو توضيح ثلاثة أسئلة: من الذي يعتبر مدنيًّا لأغراض القيام بالأعمال العدائية وبالتالي يجب حمايته من الهجوم المباشر “ما لم يشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية وفي حدود مدة تلك المشاركة”؟ وما هو التصرف الذي يرقى إلى مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية وبالتالي يوقف حماية المدني من الهجوم المباشر؟ وأخيرًا ما هي الطرائق التي تنظم فقدان الحماية المدنية من الهجوم المباشر؟

ونشرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التوجيهات التفسيرية بشأن مفهوم الاشتراك المباشر في الأعمال العدائية بموجب القانون الدولي الإنساني في سنة 2010. وهي تقدم التوصيات التالية باعتبارها قراءة قانونية لمفهوم الاشتراك المباشر في الأعمال العدائية:

  1. بشأن مفهوم”المدني” في النزاع المسلح الدولي

جميع الأشخاص الذين ليسوا أفرادًا في القوات المسلحة لطرف في النزاع وليسوا مشاركين في انتفاضةجماهيريةهم مدنيون وبالتالي يستحقون الحماية من الهجوم المباشر ”إلا في حالة مشاركتهم في الأعمال العدائية وفي حدود وقت تلك المشاركة“.

  1. مفهوم “المدني” في النزاع المسلح غير الدولي

جميع الأشخاص الذين هم ليسوا أفرادًا في القوات المسلحة للدولة أو الجماعات المسلحة المنظمة لطرف في النزاع هم مدنيون وبالتالي يستحقون الحماية من الهجوم المباشر ”إلا في حالة مشاركتهم في الأعمال العدائية وفي حدود وقت تلك المشاركة“.

  1. المقاولون الخاصون والموظفون المدنيون

المقاولون الخاصون والموظفون تابعون لطرف في نزاع مسلح والذين هم مدنيون يستحقون الحماية من الهجوم المباشر، ”إلا في حالة مشاركتهم في الأعمال العدائية وفي حدود وقت تلك المشاركة“.

  1. المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية كعمل محدد

مفهوم المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية يعود إلى أعمال محددة يقوم بها أفراد كجزء من سير الأعمال العدائية بين الأطراف في نزاع مسلح.

  1. العناصر التأسيسية للمشاركة المباشرة في الأعمال العدائية:

من أجل اعتبار الموضوع مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية، يجب أن يلبي أي عمل محدد المعايير التراكمية الثلاثة التالية التي تتطلب وجود عتبة للضرر، وعلاقة سببية مباشرة ومترابطة بين الفعل وأثره العسكري:

‌أ. أن يكون هناك احتمال أن يؤثر الفعل سلبًا على العمليات العسكرية أو القدرة العسكرية لأحد أطراف النزاع المسلح أوعوضًا عن ذلك، يُحدث الوفاة أوالإصابةأو الدمار لأشخاص أو أعيان خاضعين للحماية من الهجوم المباشر(عتبة الضرر)؛

‌ب. يجب أن تكون هناك علاقة سببية مباشرة بين الفعل والضرر المحتمل أن يحدث نتيجة ذلكالفعل أو عن عملية عسكرية منسقة ويكون ذلك الفعل جزءًا لا يتجزأ منها (العلاقة السببية المباشرة)؛

‌ج. يجب أن يكون الفعل مصممًاخصيصًا ليحدث بشكل مباشر عتبة الضرر المطلوبة دعمًا لطرف من أطراف النزاع على حساب طرف آخر (الصلة العدوانية).

  1. بداية ونهاية المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية

التدابير التحضيرية لتنفيذ فعل محدد خاص بالمشاركة المباشرة في أعمال عدائية، وكذلك الانتشار في موقع تنفيذه والعودة منه إنما تشكل جزءًا أساسيًّا من ذلك الفعل.

  1. النطاق الزمني لفقدان الحماية

يفقد المدني الحماية من هجوم مباشر في حدود وقت كل فعل محدد يرقى إلى مشاركة مباشرة في أعمال عدائية، فيما تتوقف صفة المدنيين لأعضاء الجماعات المسلحة المنظمة المنتمين إلى طرف غير الدولة في نزاع مسلح، ويفقدون الحماية من هجمات مباشرة، طالما يتولون مهمتهم القتالية المستمرة.

  1. إجراءات احتياطية وافتراضات في حالات الشك

يجب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة في تحديد ما إذا كان شخص مدنيًا وإن كان هو كذلك، تحديد ما إذا كان هذا المدني يشارك مباشرة في أعمال عدائية. وفي حالة الشك، يجب افتراض أن الشخص يتمتع بالحماية من هجوم مباشر.

  1. قيود على استخدام القوة في الهجوم المباشر

بالإضافة إلى القيود المفروضة من القانون الدولي الإنساني على وسائل وأساليبمحددة للحرب، ودون المساس بالقيود الأخرى التي يمكن أن تنشأ في إطار فروع أخرى قابلة للتطبيق من القانون الدولي، فإن نوع ودرجة القوة التي تعتبر مسموحًا بها ضد الأشخاص الذين لا يستحقون الحماية من هجوم مباشر، لا يجب أن تتجاوز ما هو ضروري بالفعل لإنجاز غرض عسكري مشروع في الظروف السائدة.

  1. عواقب اكتساب الحماية المدنية

عندما يتوقف المدنيون عن كونهم يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية، أو عندما يتوقف أفراد جماعات مسلحة منظمة تنتمي إلى طرف غير الدولة في نزاع مسلح في تولي مهمتهم القتالية المستمرة، فإنهم يكتسبون الحماية المدنية الكاملة من الهجوم المباشر، بيد أنهم معفيون من الملاحقة القضائية عن انتهاكات القانون المحلي والدولي التي ربما ارتكبوها.

ولقد ساعدت هذه المبادئ التوجيهية على استبانة النقاط الإشكالية في التفسير.فممارسات الدول والسوابق القضائية لم تتوصل بعد إلى توافق آراء كافٍ بالنسبة للقواعد العرفية التي ترسخت في هذا المجال، والتي لا تزال في المرحلة الأوَّلية بالمعنى القانوني. وقد سلطت قرارات المحكمة العليا في إسرائيل بشأن أعمال القتل المستهدفة الضوء على القضايا التي تحيط بهذه النظرية والأثر بالنسبة إلى افتقاد الحماية التي تصورها المبادئ التوجيهية من أجل المدنيين (انظر أدناه).

وتتناول النقاط الأساسية المرتبطة بهذا التغير في النظرية عددًا من العناصر الحاسمة. وتضع المبادئ التوجيهية للجنة الدولية للصليب الأحمر تمييزًا بين المدنيين الذين يشاركون في أعمال عدائية لفترة محدودة وأفراد الجماعات المسلحة المنظمة لأحد أطراف النزاع والتي تقوم بذلك على أساس دائم. ومع ذلك، تبقى المسألة غير محسومة بشأن الآثار القانونية لهذا التمييز، ما يعكس إحجام الدولة عن الاعتراف بوجود جماعات مسلحة من غير الدول أو منحهاالمركزالقانوني في حالات النزاع المسلح.

ومن الأمور الأساسية مع ذلك أن هذه الفئة يتعيَّن تدعيمها لتخفيف الضغط الذي تضعه على مفهوم مشاركة المدنيين في الأعمال العدائية. وفي الواقع، فإن فقدان الحماية للمدنيين في حدود وقت تلك المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية تفقد فعاليتها إذا كانت تعمل على دعم فقدان الحماية التي تشمل كامل الفترة في نزاع، في حالة الأشخاص الذين يشاركون ليس فقط بشكل عرضي. زيادة على ذلك، هذا يجعل من المستحيل مراعاة وتحديد مفهوم المشاركة المباشرة إذا كانت تستخدم لجميع مهام القيادة والتخطيط والتنظيم لجماعات مسلحة غير تابعةللدول. وهذا لا يمكن استخدامه كبديل لرفض السلطات الحكومية الاعتراف بوضع الجماعات المنظمة التابعة لغير الدول والتي تعتبر متنازعة.

أولًا - المحاكم الجنائية الدولية

‌أ. تعريف المدنيين

في قضيةمارتيتش (IT-95-11-A، 8 تشرين الأول/أكتوبر 2008)، ارتأت دائرة الاستئناف التابعة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة أن الأشخاص العاجزين عن القتال لا يمكن منحهم وضعالمدني (الفقرات 292-296، 302). واعتمدت الدائرة تعريف المدنيين الوارد في الفقرة 50 من البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1997؛ فالمدني هو أي شخص ليس فردًا في القوات المسلحة أو في الميليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءًا من هذه القوات المسلحة، وليس عضوًا في جماعات مقاومة منظمة، شريطة أن يقود هذه الجماعات شخص مسؤول عن مرؤوسيه، وأن تكون لها شارة مميزة محددة يمكن تمييزها من بعد، وأن تحمل الأسلحة جهرًا وأن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعاداتها. ونتيجة لذلك، إذا كان الضحية عضوًا في منظمة مسلحة فإن كونه ليس مسلحًا أو في قتال وقت ارتكاب الجرائم، لا يعطيه صفة المدني. ورغم ذلك قررت المحكمة أن هذا ليس بسبب أن الشخص العاجز عن القتال لا يمكن منحه صفة المدني، ذلك لأنه لا يمكن أن يكون ضحية جريمة ضد الإنسانية.←جرائم حرب/جرائم ضد الإنسانية

‌ب. المشاركة المباشرة من المدنيين في الأعمال العدائية

في قضية ميلوسوفيتش (دراغومير) (IT-98-29/1-A، 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، الفقرة 57)، أشارت دائرة الاستئناف التابعة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة إلى أن الحماية من الهجمات الممنوحة للأفراد المدنيين توقف ”عندما يشارك هؤلاء مباشرة في الأعمال العدائية وفي حدود وقت تلك المشاركة“. وارتأت المحكمة أنه سواء كان الضحية يشارك بفعالية في الأعمال العدائية وقت ارتكاب الفعل يتوقف على الصلة بين أنشطة الضحية وقت ارتكاب الفعل المخل وأية أفعال حرب يقصد بطبيعتها أو بغرضها أن تسبب ضررًا فعليًّا بالأفراد أو المعدات للطرف المعادي (قضيةشتروغار، IT-0-42-A، 17 تموز/يولية 2008، الفقرة 178)←جرائم حرب/جرائم ضد الإنسانية

‌ج. السكان المدنيون مقابل المناطق المدنية

في قضية ميلوسيفيتش (دراغومير) (انظر أعلاه)، أشارت دائرة الاستئناف التابعة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة إلى أن مبدأ التمييز يتطلب من الأطراف التمييز في جميع الأوقات ”بين السكان المدنيين والمقاتلين، وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، ووفقًا لذلك توجه الهجمات فحسب ضد الأهداف العسكرية“ (الفقرة 53). ووجدت الدائرة كذلك أن أوجه التمييز بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية (أو”المناطق“) والأهداف العسكرية ينبغي أن توضع على أساس كل حالة على حدة (54). ←مقاتل.

ثانيًا- المحكمة العليا الإسرائيلية

في المحكمة العليا المنعقدة بصفتها محكمة العدل العليا، اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل (HCJ 759/02، 11 كانون الأول/ديسمبر 2005)، أكدت المحكمة العليا الإسرائيلية أن المدنيين الذين يشاركون في الأعمال العدائية هم أهداف مشروعة (الفقرة 26). وذكرت أن الإرهابيين الذين يشتركون في أعمال عدائية لا تنقطع صفة المدنيين عنهم، لكنهم يحرمون من صفة المدني نتيجة لأعمالهم، كما أنهم لا يستحقون التمتع بحقوق المقاتلين أو وضع أسرى الحرب (الفقرة 31). ورأت المحكمة أن الإرهابيين لا يستحقون وضع المقاتلين لأنهم لا يستوفون المعايير المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني، ولا سيما فيما يتعلق بارتداء شارة مميزة والامتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني (الفقرة 24).

وقبل كل شيء رأت المحكمة أن مفهومي المقاتل والمدني لا يستبعد أحدهما الآخر. وليست هناك فئة للمقاتل غير المشروع. فهؤلاء الأفراد الذين لا يستحقون وضعالمقاتل، يجب بالتالي معاملتهم كمدنيين، ولكن مدنيون فقدوا جزءًا من حمايتهم نتيجة لمشاركتهم المباشرة في الأعمال العدائية (الفقرة 26).

  • الفقرة 26: ”تعريف المقاتل يتصف بأنه “سلبي”بطبيعته. وهو يعرِّف مفهوم “المدني” باعتباره العكس من “المقاتل”. ومن ثم فإنه يرى المقاتلين غير الشرعيين - الذين كما رأينا ليسوا ”مقاتلين“ - بمثابة مدنيين. فهل يعني هذا أن المقاتلين غير الشرعيين يستحقون نفس الحماية التي يستحقها المقاتلون غير الشرعيين؟ والإجابة هي: لا (...) المقاتل غير الشرعي ليس مقاتلًا، بل إنه شخص ”مدني“. ومع ذلك، فإنه مدني ليس محميًّ من الهجوم طالما هو يشارك مباشرة في الأعمال العدائية. وفي الواقع فإن وضع الشخص كمقاتل غير نظامي ليس مجرد مسألة في قانون العقوبات الداخلي للدولة. فهو مسألة للقانون الدولي الذي يتناول النزاعات المسلحة (...). وهذا واضح في حقيقة أن المدنيين الذين يعتبرون مقاتلين غير نظاميين هم أهداف مشروعة للهجوم ومن ثم بالتأكيد لا يتمتعون بحقوق المدنيين الذين ليسوا مقاتلين غير نظاميين، شريطة أنهم يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية في ذات الوقت. وكذلك كما رأينا هم لا يتمتعون بالحقوق الممنوحة للمقاتلين. ومن ثم، على سبيل المثال، لا ينطبق قانون أسرى الحرب على هؤلاء“.
  • الفقرة 31: ”(...) هذا هوالقانون فيما يتعلق بالمقاتلين غير النظاميين. وطالمايحافظ الشخص على وضعه كمدني أي طالما هو لا يصبح طرفًا في الجيش لكنه يشارك في القتال، ينقطع عنه التمتع بالحماية الممنوحة للمدني، ومن ثم يخضع إلى أخطار الهجوم مثله مثل المقاتل دون التمتع بحقوق المقاتل كأسير حرب. وفي الواقع، إن الإرهابيين الذين يشاركون في الأعمال العدائية لا يكفون عن كونهم مدنيين. وصحيح أن الإرهابيين المشاركين في الأعمال العدائية لا يكفون عن كونهم مدنيين ولكن بسبب أعمالهم فإنهم يحرمون أنفسهم من مظهر وضع المدني الذي يمنحهم الحماية من الهجوم المسلح. كما أنهم لا يتمتعون بحقوق المقاتلين، على سبيل المثال، وضع أسرى الحرب“.

وأكدت المحكمة مع ذلك، أن الحق في مهاجمة مدني يشارك مباشرة في الأعمال العدائية هو أمر تقييدي أكثر من كونه الحق الذي ينطبق على مهاجمة المقاتلين. ومن ثم تحدد المحكمة خمسة فروق تعتبر أنها تراعي نتائج هذا الاختلاف في الوضع (الفقرة 40):

  • ”وثمة حاجة إلى معلومات جيدة الأساس قبل تصنيف أي مدني بأنه يندرج في واحدة من الفئات التي جرت مناقشتها. فالمدنيون الأبرياء لا يستحقون إلحاق الأذى بهم (...) وثمة حاجة إلى معلومات تكون قد تم تحقيقها بدقة فيما يتعلق بهوية ونشاط المدني الذي يُدعى أنه يشارك في الأعمال العدائية (...). ويقع ثقل عبء الإثبات على الجيش المهاجم (...).وفي حالة الشك،الحاجة ماسة إلى التحقق الدقيق قبل شن أي هجوم“.
  • “ولا يمكن مهاجمة أي مدني يشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية في ذلك الوقت طالما هو يقوم بذلك، إذا كان بالإمكان استخدام وسائل أقل ضررًا”.
  • “وبعد وقوع هجوم على مدني اشتبه في أنه شارك في ذلك الوقت في الأعمال العدائية، يجب إجراء تحقيق دقيق (بأثر رجعي) بشأن مدى دقة تحديد الهدف وظروف الهجوم عليه. ويجب أن يكون هذا التحقيق مستقلًا”.
  • “إذا كان الضرر ليس فحسب على مدني يشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية بل الأحرى على مدنيين أبرياء بالقرب منه، يعتبر الضرر الواقع على هؤلاء من الأضرار التبعية. ويجب أن تقاس هذه الأضرار بمحك التناسبية”.

وهكذا إذا حدث ضرر للمدنيين الأبرياء إلى جانب الضرر الذي لحق بمدني كان يشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية، سوف يصنف هذا بأنه أضرار تبعية. ومثل هذا الضرر يجب أن يتقيد بالتزامات التناسبيةالذي شارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية، سوف يصنف هذا بأنه أضرار تبعية. ومثل هذا الضرر يجب أن يمتثل للالتزامات التناسبية. ويجب أن تقوم بتقييم التناسبية هيئة قضائية (الفقرات 55 - 59).

وتوضح المحكمة أيضًا حدود مفهوم المشاركة المباشرة

  • ”(...) لا ينبغي تضييق الطابع ”المباشر“ للدور المتخذ فقط على الشخص مرتكب الفعل المادي للهجوم. فهؤلاء الذين قاموا بإرساله يعتبرون أيضًا”مشاركين بشكل مباشر”. وينطبق نفس الشيء على الشخص الذي قرر الفعل والشخص الذي خطط له. ولا أن يقال إنهم يشاركون بدور غير مباشر في الأعمال العدائية. وتعتبر مشاركتهم مباشرة (وفعلية)“. (الفقرة 37)
  • ”(...) وينبغي إدراج الحالات التالية في تعريف ممارسة ”دور مباشر“ في الأعمال العدائية: فالشخص الذي يجمع المعلومات الاستخبارية بشأن الجيش سواء عن مسائل تتعلق بالأعمال العدائية أو تتجاوز تلك المسائل؛ والشخص الذي ينقل المقاتلين غير النظاميين إلى مكان أومن المكان حيث تدور أعمال عدائية إنما يمارسون دورًا مباشرًا، والشخص الذي يقوم بتشغيل الأسلحة التي يستخدمها المقاتلون غير النظاميين أو يشرف على عملياتها، أو يقدم الخدمة لهؤلاء من ميدانالمعركة كما قد يحدث. وكل أولئك الأشخاص يؤدون مهمة المقاتلين. وتحدد المهمة مدى مباشرة الدور المتخذ في الأعمال العدائية“. (الفقرة 35).

وفيما يتعلق بالمدنيين الذين يُستخدمون ”كدروع بشرية “ لحماية الإرهابيين الذين يشاركون في الأعمال العدائية، توضح المحكمة مفهوم”الدرع البشري”بأنها تقول إذا كان المدنيون المذكورون يتصرفون بحرية وبمحض إرادتهم كإشارة لدعم المنظمات الإرهابية، ينبغي معاملة هؤلاء كأشخاص يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية (الفقرة 36).

وعلى العكس من ذلك، تذكر المحكمة أن أي شخص يبيع أطعمة أو أدوية إلى مقاتل غير نظامي لا يعتبر مشاركًا بشكل مباشر لكنه بشكل غير مباشر في الأعمال العدائية. وينطبق نفس الشيء على شخص يساعد مقاتلًا غير نظامي بتحليل استراتيجي عام ويقدم موارد لوجيستية ودعمًا عامًّا، بما في ذلك المعونة المالية. وهذا ينطبق أيضًا على الشخص الذي يوزع المواد الدعائية التي تدعم أولئك المقاتلين غير النظامين المذكورين. فإذا جرح هؤلاء الأشخاص، ليس من المؤكد أن تُعتبر الدولةمسؤولة شريطة أن تدرج هذه الحالة في فئة الأضرار التبعية العرضية (الفقرة 35).

وتؤكد المحكمة أنه ليس هناك نص عرفي لمفهوم المشاركة المباشرة، ولا يوجد توافق آراء قانوني بشأن مفهوم فترة المشاركة المباشرة، مع القيود التي تحدد فقدان الحماية في نهايةالأمر.

ومن ناحية أخرى، إن أي مدني يشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية مرة واحدة، أو بشكل متقطع، وفيما بعد ينأى بنفسه عن ذلك النشاط، يعتبر مدنيًّا ابتداءً من اللحظة التي ينأى بنفسه عن ذلك النشاط، ويستحق الحماية من الهجوم. كما أنه لا يستحق مهاجمته بسببالأعمال العدائية التي ينأى باقترافها في الماضي. ومن ناحية أخرى، فإن أي مدني التحق بمنظمة إرهابية أصبحت ”مأواه“، وفي إطار دوره في تلك المنظمة فإنه يرتكب سلسلة من الأعمال العدائية مع فترات قصيرة من الراحة فيما بينها، فإنه يفقد حصانته من الهجوم ”عنتلك الفترة“ التي كان يواصل فيها ارتكاب سلسلة الأفعال. وفي الواقع، فيما يتعلق بهذا المدني، فإن فترة الراحة بين الأعمال العدائية ليست سوى الاستعداد للأعمال العدائية التالية“. (الفقرة 39).

وتخلص المحكمة إلى أنه في حالة عدم وجود تعريف دقيق بدرجة كافية، يجب فحصكل حالة على أساس كل حالة على حدة.

  • ”وفي المساحة الواسعة بين ذلكما الاحتمالين، يجد الإنسان القضايا ”المتداخلة“ التي لم يتبلور بشأنها القانون الدولي العرفي. ومن ثم يعتبر النهج الأساسي هناك أنه لامفر منفحص كل حالة على حدة“ (الفقرة 40).
  • ”ومن ثم يعتبر النهج الأساسي كما يلي: المدني هو شخص لا يندرج في فئة المقاتل - وينبغي أن يمتنع عن المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية“ (... ). وأي مدني ينتهك ذلك القانون ويرتكب أعمال القتال لا يفقد وضعه كمدني، ولكن طالما يشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية فإنه لا يتمتع - أثناء تلك الفترة - بالحماية الممنوحة لمدني. وهو يعتبر عرضة لمخاطر الهجوم مثل تلك التي يتعرض لها المقاتل، دون التمتع بحقوق المقاتل، على سبيل المثال، أولئك الذين يُمنحون وضع أسير الحرب. وصحيح أن وضعه أنه مدني وهو لا يفقد ذلك الوضع طالما يشارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية. ومع ذلك فإنه مدني يضطلع بمهمة المقاتل. وطالما أنه يضطلع بتلك المهمة، فإنه عرضة للمخاطر التي تستلزمها تلك المهمة وينقطع عنه التمتع بالحماية الممنوحة لمدني من الهجوم“. (الفقرة 31).

هجمات، مقاتل؛ ضمانات أساسية؛ دروع بشرية؛ القانون الدولي الإنساني؛ أساليب(ووسائل) الحرب؛ أهداف عسكرية؛ غير المقاتلين؛ أشخاص محميون؛ ممتلكات وأشياء محميّة؛ حماية؛ أعمال انتقامية/ثأرية؛ حالات وفئات لم يشملها القانون الإنساني صراحةً.

لمزيد من المعلومات:

Camins, Emily. “The Past as Prologue: The Development of ‘Direct Participation’ Exception to Civilian Immunity.” International Review of the Red Cross 872 (December 2008): 853–81.

Dinstein, Yoram. The Conduct of Hostilities under the Law of International Armed Conflict. Cambridge: Cambridge University Press, 2004, esp. chaps. 5 and 6.

“Direct Participation in Hostilities.” Special issue, International Review of the Red Cross 872 (December 2008): 819–1055.

Gasser, Hans Peter. “New Rules Protecting Civilians in Armed Conflict: Was It Worth the Effort?” HumanitäresVölkerrecht15, no. 4 (2002): 209–12.

Henckaerts, Jean-Marie, and Louise Doswald-Beck, eds. Customary International Law. Vol. 1, The Rules.Cambridge: Cambridge University Press, 2005, esp. part 5.

Jaworski, Eric. “Military Necessity and Civilian Immunity: Where Is the Balance?” In International Crime and Punishment, Selected Issues, Vol. 2, edited by Sienho Yee, 87–127. Lanham, MD: University Press of America, 2004.

Melzer, Nils. “ICRC Interpretative Guidance on the Notion of ‘Direct Participation in Hostilities’ under International Humanitarian Law.”International Review of the Red Cross 872 (December 2008): 991–1047. Available at http://www.icrc.org/eng/assets/files/other/irrc-872-reports-documents.pdf .

Plattner, Denise. “Assistance to the Civilian Population: The Development and Present State of International Humanitarian Law.” International Review of the Red Cross 288 (May–June 1992): 249–63.

Sandvik-Nylund, Monika. Caught in Conflicts: Civilian Victims, Humanitarian Assistance and InternationalLaw. Abo Akademi University, Turku: Institute for Human Rights, 2003.

Schmitt, Michael N. “Direct Participation in Hostilities and 21st Century Armed Conflict.” In Crisis Management and Humanitarian Protection: Festschrift fur Dieter Fleck,edited by H. Fischer et al., 505–29. Berlin: BWV, 2004.

Wenger, Andreas, and Simon J. A. Mason. “The Civilianization of Armed Conflict: Trends and Implications.” International Review of the Red Cross 872 (December 2008): 835–52.

Article également référencé dans les 3 catégories suivantes :