مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
أنشئ مجلس الأمن بموجب الفصل الخامس من ميثاق الأمم المتحدة، وهو هيئة تابعة للأمم المتحدة مسؤولة عن اتّخاذ القرارات حول القضايا المتعلقة بحفظ السلام والأمن الدوليين وذلك من خلال نظام القرارات والتصويت.
أولًا تكوين مجلس الأمن
يتألَّف مجلس الأمن من خمسة عشر عضوًا منهم خمسة دائمون (الصين وفرنسا والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية ويعرفون إجمالًا بالخمسة الدائمين) أما العشرة الآخرون فتقوم الجمعية العامة بانتخابهم كل سنتين مع اعتبار خاص لتوزيعهم الجغرافي بالتساوي (ميثاق الأمم المتحدة المادة 23). إن قرار الجمعية العامة لعام 1963 قد بين هذا التوزيع الجغرافي العادل لمقاعد مجلس الأمن: ثلاثة مقاعد للدول الأفريقية واثنان لآسيا وواحد لأوروبا الشرقية واثنان لأمريكا اللاتينية واثنان لأوروبا الغربية وبقية العالم.
وتنادي بعض الدول التي نالت نفوذًا عالميًا بمراجعة الميثاق وادعاء الحقّ في مقعد دائم في مجلس الأمن (مثل البرازيل وألمانيا والهند واليابان) وتؤكد على حقيقة أن النظام العالمي قد تغير منذ سنة 1945 وأن الأمم المتحدة يجب أن تتكيف مع هذا التغيير. وحتى يتمّ تبنّي تغيير كهذا في الميثاق يجب موافقة الأعضاء الخمسة الدائمين الحاليين.
ثانيًا نظام التصويت
يتمّ اتّخاذ قرارات مجلس الأمن عن طريق التصويت بالإيجاب لتسعة أعضاء يكون من بينها أصوات الأعضاء الخمسة الدائمين متفقين. وبما أنه لا يتمّ اتّخاذ أي قرار إذا عارضه واحدٌ من الخمسة فتكون النتيجة الفعلية هي منح حقّ الفيتو للخمسة الدائمين (الميثاق المادة 27-3).
وحق الفيتو هذا يمكن تفاديه في حالتين:
إصدار قرار في مسائل إجرائية بتصويت 9 دول لصالح القرار (المادة 27-2).
إذا كان التصويت نتيجة لقرار تمّ اتّخاذه تطبيقًا لأحكام الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة (حول التسويات السلمية للمنازعات)، يجب على الدولة التي تكون طرفًا في النزاع الامتناع عن التصويت (المادة 27-3).
ثالثًا الوظائف والسلطات
يوجد مجلس الأمن لكي يضمن أن يكون العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة سريعًا وفعالًا. وقد عهدت الدول الأعضاء إلى مجلس الأمن بالمسؤولية الرئيسية لحفظ السلام والأمن الدوليين (المادة 24-1).
ولتنفيذ واجباته، يجوز لمجلس الأمن أن يتدخل بطرق مختلفة وعديدة كما تمّ بيانه في الفصول: السادس والسابع والثامن والثاني عشر من الميثاق.
1 الفصل السادس: التسوية السلمية للمنازعات
يتصرّف المجلس كوسيط سياسي بين الدول لمساعدتها على إيجاد حلول سلمية لمنازعاتها وقد يتمّ إحالة النزاع إلى المجلس عن طريق دولة متورطة في النزاع أو عن طريق دولة أخرى أو يجوز للمجلس أن يقرّر منفردًا دراسة الوضع (الموادّ 33، 35، 37) ويمكن له تقديم توصيات واقتراح القيام بإجراءات ملائمة ويجوز له أيضًا إجراء تحقيقات.
وعمليًا فإن معظم عمليات حفظ السلام جاءت كنتيجة للقرارات الصادرة تطبيقًا لأحكام هذا الفصل. ويتمّ تنفيذ هذه العمليات بموافقة أطراف النزاع بهدف ضمان الامتثال لوقف إطلاق النار أو لشكل آخر من الاتّفاق الذي يتوصّل إليه أطراف النزاع. وقد تنفّذ عمليات كهذه عن طريق إرسال مراقبين أو قوات حفظ سلام أو من خلال أساليب أخرى لمراقبة الاتّفاق المشار إليه. وهذه الأفعال كلها يتمّ تنفيذها بالتالي بموافقة الدول المعنية.
☜إن لمجلس الأمن سلطة لا يستهان بها من وجهة نظر قانونية بأن يحصر عملًا ما أو يحدّد وجوده (المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة). ليس هناك تعريف دقيق للإخلال أو تهديد السلم والأمن الدوليين، وللمجلس وحده أن يقرّر ما إذا كان هذا العمل يشكل تهديدًا أو انتهاكًا. كما أن للمجلس أن يُحدّد ما إذا كان الجهد المبذول لتحقيق تسوية سلمية للنزاعات قد نجح أم فشل وما إذا كان يوجد تهديد للنظام العالمي العام ويجوز له حينئذ اتّخاذ التدابير الضرورية لإنهاء الأزمة أو التهديد وقد تشمل هذه الإجراءات استخدام القوة.
مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية
إن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المسؤولة عن مقاضاة الأفراد المتهمين بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية وجرائم حرب والعدوان، يحفظ للمجلس صلاحياته في الأحوال التي تعكس تهديدًا للسلم أو إخلالًا به كما أن المحكمة الجنائية الدولية تزود مجلس الأمن بأداة جديدة للضغط القضائي الذي يمكن تطبيقه على الدول عند التعامل مع الأزمات.
يشتمل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على السماح لمجلس الأمن أن يعلّق المقاضاة أو التحقيق الذي تقوم به المحكمة لمدة اثني عشر شهرًا قابلة للتجديد (النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المادة 16).
يجوز لمجلس الأمن أيضًا أن يحيل قضية إلى النيابة تطبيقًا لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مراعاة لقانون المحكمة الجنائية الدولية الملزم للدول، ومن ثم فإن مجلس الأمن يستطيع فرض الصلاحية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية على الدول التي لم توافق على القانون الأساسي للمحكمة (القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المادة 13).
2 الفصل السابع: الإجراءات المتخذة إذا وقع تهديد للسلم وإخلال به ووقوع أعمال عدوانية
في الحالات التي تندرج تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يتصرّف المجلس ضمن الصلاحيات المتزايدة، لذا فإن القرارات التي يتخذها في تلك الأحوال إجبارية وملزمة لكافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بما فيها تلك الدول المتورطة في النزاع ولا يحتاج المجلس إلى أية موافقة على دوره، فالمجلس يستطيع أن يختار ما يلزم من تدابير لحفظ وتعزيز السلم والأمن الدوليين:
يمكن للمجلس اتّخاذ إجراءات لا تتضمّن استخدام القوة المسلحة مثل القطع الكامل أو الجزئي للعلاقات الاقتصادية أو الدبلوماسية أو وسائل الاتصال البري، والبحري، والبريدي، والإذاعي (المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة).
ويسمح له الفصل السابع أيضًا بإخضاع بعض الدول لولاية محاكم دولية خاصة تكون مسؤولة عن النظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ارتكبت على أراضي دولة أخرى. فعلى سبيل المثال، تم تشكيل محكمتين جنائيتين دوليتين خاصتين للبت في جرائم ارتكبت في يوغوسلافيا السابقة ورواندا. وفي عام 2005 أحال مجلس الأمن الوضع في السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة المسؤولين عن جرائم ارتكبت في دارفور. وفي شباط/ فبراير 2011 أحال مجلس الأمن أيضًا الوضع في ليبيا منذ 15 شباط/ فبراير 2011 إلى مدعي المحكمة الجنائية الدولية. ومنحت هذه الإحالة اختصاصًا للمحكمة الجنائية الدولية يهيمن على الدول التي لم تكن طرفًا في النظام الأساسي للمحكمة.
يجوز له استخدام القوة للحفاظ على السلام أو إعادة فرض السلام (المادة 42).
أما في حالة التدخل المسلح فإن ميثاق الأمم المتحدة يشتمل على نصّ يتمّ من خلاله تنفيذ خطة المجلس لاستخدام القوة بمساعدة لجنة الأركان العسكرية (المادة 47) إلّا أن هذه اللجنة لم تمارس مهامها أبدًا.
3 الفصل الثامن: الترتيبات الإقليمية
يشجّع مجلس الأمن على التسويات السلمية للنزاعات المحلية التي يتمّ تنفيذها من خلال الاتّفاقات أو الوكالات الإقليمية شريطة أن تكون أهدافهم وأنشطتهم متلائمة مع مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة (الميثاق المادة 52).
بناءً على ذلك يجوز للمجلس أن يستخدم تلك الترتيبات الإقليمية في تنفيذ القرارات التي قد اتخذها في ما يتعلّق بالحفاظ على السلام أو استعادته (الميثاق المادة 53). وبهذا الأسلوب فإن الأمم المتحدة قد عهدت بالعديد من عمليات حفظ السلام إلى المنظمات الإقليمية مثل “منظمة حلف شمال الأطلنطي” في يوغوسلافيا السابقة و”منظمة الوحدة الأفريقية في ليبيريا” و”منظمة الأمن والتعاون في أوروبا” في الشيشان.
☜ يضطلع مجلس الأمن بالمسؤولية القانونية عن الطريقة التي يستخدم بها القوة (ميثاق الأمم المتحدة المادة 47-3). يجب رفع أية ادعاءات أو شكاوى بخصوص الإخفاق في احترام القانون الإنساني في تنفيذ الحظر بأنواعه أو في استخدام القوات الدولية إلى مجلس الأمن.
أما في الحالات التي يتمّ فيها إسناد أنشطة حفظ السلام إلى التنظيمات الإقليمية (مثل الناتو ومنظمة الوحدة الأفريقية ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا واتحاد غرب أوروبا) فإن تلك الكيانات تضطلع بالمسؤولية القانونية عن استخدام القوة إلّا أن المجلس يبقى المسؤول وبالتالي يحتفظ بالسلطة على تلك الأعمال (الميثاق المادتان 53 و54).
أما الفصل الثاني عشر الذي يتعلّق بنظام الوصاية الدولي للأراضي التي لا تتمتع بالحكم الذاتي فقد وقع في طيات عدم الاستعمال.
وأخيرًا فإن المجلس أيضًا مسؤول من الناحية النظرية عن إنشاء نظام لتنظيم التسلح (المادة 26) وهي صلاحية لم يمارسها أبدًا.
4 أسلوب العمل
نُظم مجلس الأمن بطريقة يستطيع معها العمل باستمرار (المادة 28-1). يجوز لمجلس الأمن إذا لزم الأمر أن يعقد اجتماعاته في حالة طارئة وفي غير مقارّ الأمم المتحدة (المادة 28-3). لكلّ عضو من الأمم المتحدة أن يُنبه مجلس الأمن إلى أي موقف (المادة 35-1) وكذلك الحال بالنسبة للدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة (المادة 2-35) أو الجمعية العامة (المادة 11-3) أو الأمين العام (المادة 99) أو من تلقاء نفسه (المادة 34).
يتخذ مجلس الأمن قرارات (ويشار إليها عامة بالقرارات) التي تكون ملزمة لكلّ الدول (المادة 25) أو توصيات التي تكون غير ملزمة. إن قواعد القانون الدولي التي تتبناها المنظمات الدولية تعتبر جزءًا مما يسمى “القانون المرن” لذا تتباين قوة ووضع القانون المنسوب لتلك القرارات.
← عدوان؛ أمن جماعي؛ نزاع مسلح دولي؛ المحكمة الجنائية الدولية؛ تدخل؛ نزاع مسلح غير دولي؛ حفظ السلام؛ نظام عام؛ عقوبات (سياسية أو اقتصادية أو عسكرية)؛ الدفاع الشرعي؛ القانون المرن؛ الأمم المتحدة؛ حقّ النقض “الفيتو”.
لمزيد من المعلومات:
Knight, W. Andy. “The Future of the UN Security Council: Questions of Legitimacy and Representation in Multilateral Governance.” In Enhancing Global Governance: Towards a New Diplomacy?,edited by Andrew F. Cooper, John English, and Ramesh Thakur, 19–37. New York: United Nations University Press, 2002.
Roberts, Adams, and Benedict Kingsbury, eds. United Nations, Divided World: The UN’s Roles on International Relations. New York: Oxford University Press, 1993, esp. 63–193.
Weiss, Thomas, David P. Forsythe, and Roger A. Coate. The United Nations and Changing World Politics. Boulder, CO: Westview, 1997, 21–122.