أعمال انتقاميّة/ ثأريّة
عمليات الانتقام هي إجراءات ضغط تنتقص من قيمة الأحكام الطبيعية للقانون الدولي: وتقوم بها دولة ردًّا على أعمال غير قانونية ترتكبها دولة أخرى، وتهدف إلى إجبار تلك الدولة على احترام القانون. وقد يجري تنفيذ عمليات الانتقام ردًّا على هجوم. وظلّت مسألة شرعية العمليات الانتقامية موضع جدل منذ أن حظر القانون الدولي التقليدي (الوضعي) - الذي يشمل ميثاق الأمم المتحدة - على الدول استخدام القوة إلّا في حالة الدفاع عن الذات بشكل فردي أو جماعي (ميثاق الأمم المتحدة المادة 51).
وفي أوقات النزاع، تعتبر أعمال الانتقام قانونية بموجب شروط معينة: يجب أن تنفذ ردًّا على هجوم سابق، ويجب أن تكون متناسبة مع ذلك الهجوم، ويجب أن تستهدف المقاتلين والأهداف العسكرية فقط.
وعليه يحظر القانون الدولي كافة أعمال الانتقام ضدّ المدنيين والأهداف الخاضعة لحماية اتفاقيات جنيف 1949 والبروتوكولين الإضافيين لها 1977، وتشمل الجرحى والمرضى أو الغرقى، والعاملين في المجال الطبي أو الديني، والوحدات، ووسائط النقل والموادّ، وأسرى الحرب، والأشخاص المدنيين والأهداف المدنية، والممتلكات الثقافية، أو أماكن العبادة، والأهداف الضرورية لحياة السكان المدنيين، البيئة الطبيعية، والمشاريع والمنشآت التي تحتوي على موادّ خطرة، والمباني والموادّ المستخدمة لحماية السكان المدنيين (اتفاقيّة جنيف المادة 46، اتفاقيّة جنيف 2 المادة 47، اتفاقيّة جنيف 3 المادة 13، اتفاقيّة جنيف 4 المادة 33، بروتوكول1الموادّ 20 و51-56).
☜من الضروري أن نميّز بين عمليات الانتقام وأعمال الثأر والردّ. تعتبر أعمال الثأر محظورة بموجب القانون الدولي، بينما يجيز القانون الإنساني القيام بأعمال الانتقام والردّ.
إن إجراءات الردّ هي عبارة عن أعمال تردّ بها دولة ما على أعمال غير ودية ولكنها قانونية تقوم بها دولة أخرى (مثل، الطرد المتبادل للدبلوماسيين).
ويجب أن تكون عمليات الانتقام متناسبة مع الهجمات التي تردّ عليها ويجب ألا تستهدف المدنيين أو الأهداف الخاضعة للحماية، وفي حال عدم احترام هذه الشروط، يُعد العمل انتقاميًا.
شروط الأعمال الانتقامية في إطار القانون الدولي الإنساني العرفي
بموجب القانون الدولي الإنساني العرفي، يخضع استخدام الأعمال الانتقامية لشروط صارمة. وترد هذه الشروط في دراسة عن قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 2005.
- القاعدة 145: تخضع أعمال الاقتصاص الحربي حيثما لا يحظر القانون الدولي لشروط صارمة.
- القاعدة 146: تحظر أعمال الاقتصاص الحربي من الأشخاص الذين تحميهم اتفاقيات جنيف.
- القاعدة 147: تحظر أعمال الاقتصاص الحربي ضد الأعيان التي تحميها اتفاقيات جنيف واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية.
- القاعدة 148: ليس لأطراف النزاعات المسلحة غير الدولية الحق في اللجوء إلى أعمال الاقتصاص الحربي. وتحظر أية أفعال أخرى بحق الأشخاص الذين لا يقومون بدور مباشر أو الذين توقفوا عن القيام بدور مباشر في الأعمال العدائية.
وفي حالة الانتقام، يتحمل القادة العسكريون مسؤولية تنفيذ إجراءات احترازية نصّ عليها القانون الدولي في ما يتعلّق بوسائل الحرب. ويحدّد القانون الدولي المسؤولية الشخصية لكلّ فرد من أفراد القوات المسلحة في ما يتعلّق بمثل هذه الأعمال.
← هجمات؛ واجب القادة، أساليب (ووسائل) الحرب؛ ممتلكات وأشياء محمية؛ أشخاص محميون؛ تناسب؛ مسؤولية.
السوابق القضائية
رأت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة أن القانون الدولي العرفي يحظر الأعمال الانتقامية ضد السكان المدنيين والسلع (الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، قضية مركشيتش، 8 آذار/ مارس 1996، فقرات 15-17). ويرجع هذا إلى أن القانون الإنساني هو قانون يحمي الأفراد – بوصفهم بشرً – وليس الدول. ولذلك فإن انتهاكات القانون الإنساني قد لا تبرر الأعمال الانتقامية ضد السكان المدنيين (الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، قضية كوبريسكيتش، 17 كانون الثاني/ يناير 2000، فقرات 527-536).
لمزيد من المعلومات:
Kalshoven, Frits. Belligerent Reprisals. Leiden: MartinusNijioff, 2005.
Nahlik, Stanislaw-Edward. “From Reprisals to Individual Penal Responsibility.” In Humanitarian Law ofArmed Conflict: Challenges Ahead; Essays in Honor of Frits Kalshoven, edited by Astrid J. M. Delissen andGerard J. Tanja, 165–76. The Hague: MartinusNijhoff, 1991.
Obradovic, Konstantion. “Prohibition of Reprisals in Protocol I: Greater Protection for War Victims.” International Review of the Red Cross 320 (September–October 1997): 524–28.