منظمات غير حكوميّة
إن مصطلح المنظمة غير الحكومية لا يعرّف فئة قانونية محدّدة، سواء في القانون الدولي أو في القانون المحلي. وبدلًا من ذلك، فإنه يعتبر طريقة مناسبة في تسمية أشخاص اعتباريين بموجب قانون دولي خاص، تكون النقطة المشتركة الوحيدة بينها هي أنها لا تشكل بنى حكومية وأنها لا “تستهدف الربح”. ويفيد هذا المصطلح أيضًا في تمييزها عن المنظمات الحكومية الدولية (التي يشار إليها أحيانًا بالمنظمات الدولية) أو الشركات الربحية. ومع أنها تعرف أحيانًا بالمنظمات غير الحكومية الدولية، إلّا أن مصطلح المنظمة غير الحكومية يشير عادة إلى المنظمات التي لا تكون نشاطاتها وطنية بشكل جازم، بينما يستخدم مصطلح المنظمة غير الربحية غالبًا للإشارة لمنظمات محلية ذات أهداف مماثلة.
وضع هذه المنظمات يُنظِّمه القانون المحلي المطبق وقد تكون المنظمات غير الحكومية جمعيات قائمة على العضوية، أو مؤسسات أو منظمات تطوعية خاصة أو العديد من الأنواع الأخرى من المنظمات غير الحكومية التي تحظى باعتراف من القانون المحلي في البلد المعني. وتقوم المنظمات غير الحكومية بتحديد المهامّ الخاصة بها ووضع أنظمتها الأساسية، ومواثيقها وأهدافها بالتعاون مع مجالس إداراتها. وتضمّ الجمعيات القائمة على العضوية الأفراد حول أهداف مشتركة تكون موضحة في قوانين المنظمة أو دستورها. وبالتالي، فإنها تعكس التضامن الدولي للأفراد، وتعمل كمكمل للمؤسسات السياسية الدولية وللقوانين الاقتصادية والتجارية للسوق العالمية.
إن وجود المنظمات غير الحكومية في الساحة الدولية لا يعتبر ببساطة نتاجًا لمكانتها القانونية. فهي تشارك في حياة المجتمع الدولي من خلال النشاطات غير الربحية التي تقوم بها في العديد من الدول الأجنبية. وقد تختلف طبيعة هذه النشاطات بشكل كبير، وفقًا للمنظمة نفسها. فهي قد تكون منظمات إنسانية، أو ثقافية، أو تعليمية، أو دينية، أو اقتصادية وهلمّ جرا.
☜ من أجل حماية حرية الانضمام للجمعيات، فإن القوانين ذات الصلة في البلدان المختلفة لا تتضمّن عادة آليات مقيدة تراقب الأنواع المختلفة من المنظمات غير الحكومية. والالتزام الصارم الوحيد الذي تواجهه هو أنه يتعيّن عليها الامتناع عن تنفيذ أية نشاطات قد تعود بالربح على أي فرد، والالتزام بعدم ممارسة النشاطات السياسية. وتخضع هذه المنظمات بشكل أساسي للمساءلة أمام مجالس إداراتها أو الهيئة التي تقوم بتلك الوظيفة (والتي لديها التزامات بموجب القانون المحلي)، وإن أمكن، أمام الجمعية العمومية المؤلفة من أعضائها.
إن هذه المرونة قد تكون نقطة ضعف أيضًا. فالمنظمات غير الحكومية غالبًا ما تخضع لضغوط عديدة، مثل الضغوط المالية أو السياسية. وعلى سبيل المثال، تعتمد بعض المنظمات غير الحكومية بشكل كلّي تقريبًا على التمويل الحكومي في عملها، الأمر الذي قد يعرض استقلاليتها وطبيعتها غير الحكومية للخطر.
إن الضوابط والموازين وكذلك الرؤية التي يُحدِّدها أعضاء جمعية معينة أو مجلس إدارة منظمة معينة هي الحارس والضامن الرئيسي لاستقلالية ومسؤولية العمليات التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية.
▪ يمكن للمنظمات غير الحكومية أن تحصل على وضعية استشارية لدى منظمات دولية حكومية معينة، يقترب مجال اهتمامها من مجال عمل المنظمات غير الحكومية. وهذه الوضعية تتيح لها الاطلاع على عمل المنظمات الدولية ذات الصلة وتقديم الوثائق أو المشاركة في الحوار مع الدول حول قضايا تندرج تحت اختصاصها.
▪ لدى تطبيق برامج دولية للصالح العام، تستطيع المنظمات غير الحكومية توقيع عقود شراكة تشغيلية مع منظمات دولية وعقود مالية لدى قبولها أموالًا من مانحين دوليين أو محليين. وبمقدورها أيضًا توقيع اتفاقيات برامج مع الوزارات ذات الصلة في الدول التي تعمل فيها.
▪ وفي أوضاع النزاع، تسند اتفاقيات جنيف إلى منظمات إنسانية غير متحيّزة واجب تقديم الإغاثة والحماية للضحايا. في هذه الحالات، لا يكفي أن تُظهِر المنظمات الإنسانية استقلالها المالي أثناء القيام بعملها، وينبغي لها عدم إظهار تضامن انتقائي مع بعض الضحايا. ويضع القانون الإنساني بعض المبادئ العملية التي تفرض على المنظمات المفترض أنها منظمات إنسانية العمل من أجل جميع الضحايا دون أي تمييز مبني على أساس العرق أو الدين أو المعتقد أو الجنس أو الآراء السياسية أو أي معايير أخرى (مبدأ عدم التحيز). وفي حالات النزاعات المسلحة، من الأهمية بمكان أن تعي المنظمات غير الحكومية مسؤولياتها فيما يتعلّق بمهمة توفير الحماية والمساعدة للمدنيين والتي يسندها القانون الإنساني لمنظمات إنسانية غير متحيزة في مثل هذه الأوضاع. وفي حال إخفاقها في القيام بذلك، فإن أعمال المنظمات الإنسانية الخاصة يمكن أن تضعف الحماية التي يستحقها الضحايا.
← تمييز، موظفو الإغاثة الإنسانية،مبادئ إنسانية؛ حماية؛ إغاثة؛ مسؤولية؛ حقّ المبادرة الإنسانية.
لمزيد من المعلومات:
Beigbeder, Yves. The Role and Status of International Humanitarian Volunteers and Organizations: TheRight and Duty to Humanitarian Assistance. Dordrecht: Martinus Nijhoff, 1991.
Brauman, Rony. “Refugee Camps, Population Transfers, and NGOs.” In Hard Choices: Moral Dilemmas in Humanitarian Intervention, edited by Jonathan Moore, 177–94. Lanham, MD: Rowman & Littlefield, 1998.
Ferris, Elizabeth. “Faith-Based and Secular Humanitarian Organizations.” International Review of the RedCross 858 (2005): 311–25.
Flauss, Jean François, ed. International Human Rights Law and Nongovernmental Organizations/Les Organisations Non Gouvernementales et le Droit International des Droits de L’homme. Brussels: Publications de l’IIDH—Institut René Cassin de Strasbourg, Bruylant, 2005.