القاموس العملي للقانون الإنساني

« الخطأ في تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم » Albert Camus.

أراضٍ محتلّة

في القانون الدولي، تعتبر منطقة ما “محتلة” عندما تخضع فعليًّا لسلطة جيش معاد.

تم تقنين تعريف الاحتلال والتزامات سلطة الاحتلال بادئ الأمر في نهاية القرن التاسع عشر. والتعريف الذي لا يزال معمولًا به ويشيع استخدامه هذه الأيام هو التعريف الذي تضمنته الأنظمة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة المبرمة في 18 آب/ أغسطس 1907. ويورد القسم الثالث من تلك الأنظمة تفاصيل حقوق والتزامات السلطة العسكرية على أرض دولة العدو (المواد 42 – 56). وهذه أنظمة قديمة جدًّا اكتسبت، حسبما ترى محكمة العدل الدولية، وضع القانون الدولي العرفي (انظر السوابق القضائية). ويأخذ هذا التعريف في الحسبان السيطرة الفعلية على أرض سلطة معادية، ويحاول تنظيم مسؤوليات هذه السلطة. وينص القانون الدولي الإنساني على أن تعريف الاحتلال يشمل فحسب الأراضي التي أُنشئت فيها مثل هذه السلطة ويمكن ممارستها. (اتفاقية لاهاي الرابعة المادة 42).

وأوضح القانون الدولي الإنساني المعاصر وأضاف إلى حقوق وواجبات قوات الاحتلال، حقوق سكان أرض محتلة، وقواعد إدارة هذه الأراضي (اتفاقية جنيف 4، المواد 47-78؛ البروتوكول 1 المواد 63-69 و72-79).

وأكدت أيضًا عدة قرارات أصدرتها محاكم دولية في الآونة الأخيرة أن قوات الاحتلال ملزمة بالامتثال لالتزاماتها المتصلة بحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة وفيما يتعلق بالسكان الخاضعين لسيطرتها الفعلية نتيجة للاحتلال أو الاحتجاز. وتُؤكِّد هذه القرارات من ثم أن تطبيق القانون الدولي الإنساني مُكمِّل للاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان في هذه الحالات. وأصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكامًا عن انتهاكات للاتفاقية الأوروبية ارتكبتها بلدان أوروبية فيما يتعلق بتدخلها في العراق واحتلالها العسكري لهذا البلد (انظر السوابق القضائية).

ووفقًا للقانون الإنساني، يندرج الاحتلال في تعريف النزاع الدولي المسلح ويخضع من ثم لأحكام اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الأول. وتترتب على سلطة الاحتلال التزامات مُعيَّنة حيثما تكون لها سيطرة فعلية على الأراضي المحتلة. ويشمل هذا التزامات فيما يتصل باحترام حقوق الإنسان والقانون والنظام، بالإضافة إلى احترام البنود ذات الصلة من القانون الإنساني والتي تتعلق بالاحتلال. وتتمثل الالتزامات الأساسية لسلطة الاحتلال بموجب القانون الدولي الإنساني في الحفاظ على الأمن والنظام العام في الأرض المحتلة. وفي الغالب، يجب على سلطة الاحتلال اتباع القوانين التي كان معمولًا بها بالفعل في تلك الأرض (اتفاقية لاهاي الرابعة المادة 43).

وفي الحالات التي تكون فيها المقاومة المسلحة قوية إلى درجة تمنع سلطة الاحتلال من السيطرة بشكل فعَّال على الأرض، تنطبق الأحكام العامة للقانون الدولي الإنساني الخاصة بالنزاع الدولي المسلح.

← المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حقوق الإنسان، محكمة العدل الدولية، القانون الدولي الإنساني

☜ أحيانًا، لا تنجح قوات الاحتلال في ترسيخ أو ممارسة سلطتها على أرض معينة - على سبيل المثال، بسبب أعمال عدائية ترتكب ضدّها من قبل مقاتلين من الأرض المحتلة. وفي هذه الحالات، لا يعتبر القانون الإنساني هذه الأراضي أراضي محتلة وإنما يعتبرها بدلًا من ذلك أراضي تتعرَّض للغزو. وبعبارة أخرى، فإنها تعتبر ساحات معركة، والقواعد التي تنطبق عليها هي القواعد العامة للنزاع المسلح.

أولًا الإمدادات وعمليات الإغاثة

تتحمل سلطة الاحتلال واجب ضمان توفير حصص كافية من الغذاء والمستلزمات الطبية، وكذلك الملابس، والفراش، والمأوى، واللوازم الأخرى الضرورية من أجل بقاء السكان المدنيين في المنطقة المحتلة على قيد الحياة، بالإضافة إلى الأشياء الضرورية لممارسة الشعائر الدينية (اتفاقيّة جنيف 4 المادتان 55 و58 ؛ والمادة 69 من البروتوكول 1).

ويجب أن تسمح سلطة الاحتلال للدولة الحامية، أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية الأخرى غير المتحيّزة بالتحقق من حالة هذه الإمدادات في المناطق المحتلة، وزيارة الأشخاص المشمولين بالحماية من أجل مراقبة وضعهم (اتفاقيّة جنيف 4 الموادّ 30، 55، 143). وهي ملزمة كذلك بالسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي منظمة إنسانية أخرى محايدة بتنفيذ عمليات الإغاثة الإنسانية الخاصة بها والموجهة لهذه الفئة من السكان. ويجب على جميع الدول أن تسمح وتسهّل المرور السريع وبلا معوقات لكافة إمدادات الإغاثة وينبغي عليها ألا تحرفها عن وجهتها بأي شكل. والقيود الوحيدة التي يمكن لأطراف النزاع فرضها هي قيود فنية ويجوز لهم أن يطلبوا ضمانات بأن توجه الإغاثة للسكان المحتاجين وألا تستخدم من قبل القوة المعادية.

إن حقيقة تقديم المنظمات الإنسانية للإغاثة لا تعني بأي حال إعفاء سلطة الاحتلال من أي من مسؤولياتها في ضمان تزويد السكان بالإمدادات بشكل مناسب (الموادّ 59-62 والموادّ 108-111 من اتفاقيّة جنيف 4؛ والموادّ 69-71 من البروتوكول 1).

← إغاثة؛ الحقّ في الوصول؛ حقّ المبادرة الإنسانية؛ تموين/ إمداد.

ثانيًا المصادرة والمهام الطبية

يجوز لسلطة الاحتلال فقط مصادرة الغذاء، والإمدادات الطبية، والملابس، والفراش، وسبل المأوى، والإمدادات الأخرى الضرورية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة في الأراضي المحتلة، من أجل استخدامها من قبل قواتها وإداراتها، إذا تمّت تغطية احتياجات السكان المدنيين في المنطقة المحتلة (اتفاقيّة جنيف 4المادة 55). ويجب ألا تكون هذه المصادرات نوعًا من إشراك سكان أراض محتلة في التزام بالمشاركة في العمليات العسكرية لسلطة الاحتلال (اتفاقية لاهاي 4 المادة 52).

ويجوز لسلطة الاحتلال فقط مصادرة المستشفيات المدنية في ظل ظروف محدودة للغاية. يجري ذلك بصورة مؤقتة في حالات الضرورة الملحة لرعاية الجرحى والمرضى وبشرط أن تكون قد وضعت ترتيبات ملائمة في الوقت المناسب من أجل تأمين الرعاية والعلاج لمرضى المستشفيات. وعليها أن تضمن أيضًا تلبية احتياجات السكان المدنيين والاستمرار في ذلك (المادتان 56 و57 من اتفاقيّة جنيف 4، والمادة 14 من البروتوكول 1).

← واجبات طبية؛ مصادرة.

ثالثًا النزوح القسري للسكان

يجب ألا تقوم سلطة الاحتلال بنقل أو ترحيل سكان المناطق المحتلة أو نقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى داخل المناطق التي تحتلها (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 49، والقاعدة 130 من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الدولي الإنساني العرفي).

← ترحيل؛ نزوح السكان.

رابعًا الوضع القانوني للسكان (وبخاصة الأطفال)، العمل القسري والتجنيد

يتعيَّن على سلطة الاحتلال احترام الوضع الشخصي للأطفال وألا يعوق العمل الملائم لجميع المؤسسات المكرسة لرعايتهم وتعليمهم. ولا يجوز لها تجنيدهم في تشكيلات أو تنظيمات تابعة لها. وعليها أيضًا أن تحافظ على أية إجراءات تفضيلية ربّما كانت متبناة لصالح الأطفال والأمهات (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 50).

ولا يجوز لسلطة الاحتلال أن تجبر الأشخاص المحميين بموجب اتفاقيات جنيف على الخدمة في قواتها المسلحة. ولا يجوز لها إلزامهم على القيام بأي عمل قد يورطهم في عمليات عسكرية وأي عمل يقومون به يجب أن يتمّ فقط داخل الأراضي المحتلة التي يتواجدون فيها. ولا يجوز بأي حال أن تقود الحاجة إلى العمالة إلى حشد العمال في مؤسسة ذات طبيعة عسكرية أو شبه عسكرية (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 51).

← طفل؛ أشخاص محميون؛ نساء .

خامسًا التدمير والنهب

يحظر القيام بأي تدمير من قبل سلطة الاحتلال للعقارات أو الممتلكات الشخصية، ما لم يعتبر ذلك التدمير ضروريًّا جدًّا من منظور العمليات العسكرية (المادة 53 من اتفاقيّة جنيف 4). ويُحظَر الاستيلاء أو التدمير أو الإضرار العمدي بالمؤسسات المخصصة للأغراض الدينية والخيرية والتعليمية والفنون والعلوم والآثار التاريخية أو الأعمال الفنية والعلمية، ويجب أن تخضع للإجراءات القانونية ( لاهاي 4 المادة 56).

تقضي قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي التي تنطبق على النزاعات المسلحة الدولية بأنه في الأرض المحتلة: (أ) يجوز مصادرة الممتلكات العامة المنقولة التي يمكن استخدامها في عمليات عسكرية؛ و(ب) الممتلكات العامة غير المنقولة يجب إدارتها وفقًا لقاعدة حق الانتفاع؛ و (ج) الممتلكات الخاصة يجب احترامها ولا يجوز مصادرتها إلا إذا كان الاستيلاء على هذه الممتلكات أو تدميرها لازمًا لضرورة عسكرية ملحة (القاعدة 51 من دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي، ولاهاي 4 المواد 53 و55 و56).

يُحظَر النهب رسميًّا، وسلطة الاحتلال مسؤولة عن تفادي مثل هذه الأعمال التي يرتكبها مقاتلوها وعملاؤها والمعاقبة عليها (لاهاي 4 المادة 47). ويمتد الالتزام على سلطة الاحتلال بتوخي اليقظة والتصرف إلى الأعمال التي ترتكبها أطراف ثالثة وجماعات مسلحة مستقلة تنشط في الأراضي المحتلة (انظر السوابق القضائية).

سادسًا الضمانات العدلية والقضائية

يتعيَّن على النظام العدلي الخاص بالمدنيين في المناطق المحتلة احترام ضمانات قضائية معينة منحتها اتفاقيات جنيف (اتفاقية جنيف 4 الموادّ 47، 54 و64-75). وتمّ تقديم تفاصيل إضافية في المادة حول

← ضمانات قضائية (القسم 2).

وهذه الأحكام ترسي الأمور التالية:

—تواصل المحاكم في المناطق المحتلة عملها ويجب احترام حيادها.

—ولا يجوز لسلطة الاحتلال أن تغير وضع الموظفين الحكوميين أو القضاة أو توقع عليهم عقوبات بأي شكل أو اتّخاذ إجراءات للإكراه أو التمييز ضدّهم (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 54).

—يبقى القانون الجنائي في المناطق المحتلة ساري المفعول. غير أنه يحق لسلطة الاحتلال أن تتبنى أحكامًا عقابية تستهدف ضمان الإدارة في المنطقة وأمن سلطة الاحتلال، وأفرادها، وأملاكها وإدارتها (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 64). ولا تدخل هذه الأحكام العقابية حيّز التنفيذ قبل أن يتمّ نشرها ولا يكون تأثيرها بأثر رجعي (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 65).

—في حالة انتهاك الأحكام العقابية الموضوعة بمقتضى المادة 64، يحق لسلطة الاحتلال تسليم متهم إلى محاكمها العسكرية، ما دامت محاكمها “شكلت حسب الأصول” و”غير سياسية” ومقرّها البلد المحتل (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 66).

—يجب ألا يتمّ “اعتقال الأفراد أو محاكمتهم أو إدانتهم من قبل سلطة الاحتلال على أفعال ارتكبت أو على آراء تمّ التعبير عنها قبل الاحتلال، أو خلال فترة انقطاع مؤقت للاحتلال، باستثناء حالات انتهاك القوانين والأعراف الخاصة بالحرب” (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 70).

—يجب أثناء المحاكمة احترام المبادئ والضمانات القضائية الدولية الأساسية ومن بينها تلك المتعلقة بإبلاغ المتهم، والحق في التمثيل القانوني والحق في الاستئناف (اتفاقيّة جنيف 4 الموادّ 71-75).

—لا يجوز إصدار عقوبة الإعدام بحق شخص يتمتع بالحماية ما لم يكن الشخص مدانًا بالتجسس أو بأعمال تخريب خطيرة ضدّ المنشآت العسكرية التابعة لسلطة الاحتلال أو بجرائم متعمدة تسبّبت في وفاة شخص أو أكثر. وعلاوة على ذلك، فإن عقوبة الإعدام لا تطبق إلّا إذا كانت عقوبة هذه الجرائم هي الإعدام بموجب القانون الذي كان ساري المفعول في المناطق المحتلة قبل بداية الاحتلال وبأي حال، فإن عقوبة الإعدام لا يجوز إصدارها بحق فرد كان عمره دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 68). ويجب أن يتمتع الشخص المحكوم عليه بالإعدام بحق الاستئناف على مثل هذا الحكم دائمًا (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 75).

سابعًا الاحتجاز والاعتقال

يجب احتجاز الأشخاص المحميين المتهمين بارتكاب جنح معينة داخل البلاد المحتلة، وإذا ما أدينوا يجب أن يقضوا فترة الحكم في البلاد المحتلة (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 76).

← احتجاز.

وتمنح اتفاقيات جنيف حقوقًا وضمانات معينة للأشخاص الذين يتمّ اعتقالهم من قبل سلطة الاحتلال.

← اعتقال.

ثامنًا المقاومة

يعترف القانون الإنساني بخصوصية حالات الاحتلال ويضمن، طبقًا لشروط، وضع ومعاملة أسرى الحرب لأعضاء الميليشيات والمدنيين الذين يشاركون في العمليات العدائية على هذه الأراضي.

سكان الأراضي المحتلة الذين يحملون بشكل تلقائي عند اقتراب العدو السلاح لمقاومة القوات الغازية دون أن يتاح لهم الوقت للانتظام في وحدات نظامية مسلحة يعتبرون أسرى حرب بشرط أن يحملوا السلاح علانية ويحترموا قانون الحرب وأعرافه (اتفاقية جنيف 3 المادة 4-6)

يشمل أعضاء الميليشيات وأعضاء حركات المقاومة المنظمة أولئك العاملين في المناطق المحتلة. ويجب اعتبارهم أسرى حرب إذا ما وقعوا في قبضة طرف معادٍ ما داموا:

▪ يخضعون لقيادة شخص مسؤول عن مرؤوسيه،

▪ يملكون شارة مميزة محدّدة يمكن تمييزها من بعد،

▪ يحملون السلاح جهرًا،

▪ ينفذون عملياتهم بما ينسجم مع قوانين الحرب وعاداتها (اتفاقيّة جنيف 3 المادة 4-2 ؛ البروتوكول 1المادة 44).

تنصّ الاتّفاقيات علاوة على ذلك على أن المقاتل الذي يقع في قبضة سلطة الطرف الخصم دون أن يكون قد استوفى الشروط المنصوص عليها، يفقد حقه في أن يحصل على وضع أسير حرب ولكنه يتمتع، رغم ذلك، بحماية تماثل من كل النواحي تلك التي تكفلها الاتّفاقيّة الثالثة والبروتوكول الأول لأسرى الحرب (البروتوكول 1 المادة 44-4).

يفترض في الشخص الذي يشارك في الأعمال العدائية ويقع في قبضة الخصم أنه أسير حرب، ومن ثم فإنه يتمتع بحماية الاتّفاقيّة الثالثة. ويظلّ هذا الشخص متمتعًا بوضع أسير الحرب إذا ما ثار الشك حول استحقاقه لهذا الوضع، وبالتالي يبقى مستفيدًا من هذه الحماية حتى ذلك الوقت الذي تفصل في وضعه محكمة مختصة (البروتوكول 1 المادة 45). ويحق لكلّ شخص شارك في الأعمال العدائية ولا يستأهل وضع أسير الحرب ولا يتمتع بمعاملة أفضل وفقًا لأحكام الاتّفاقيّة الرابعة أن يستفيد من الحماية المنصوص عليها في المادة 75 من البروتوكول الأول الإضافي. كما يحق لهذا الشخص في الإقليم المحتل ممارسة حقوقه في الاتصال باللجنة الدولية للصليب الأحمر وفقًا للاتفاقيات وذلك ما لم يكن قد قبض عليه باعتباره جاسوسًا.

فضلًا عن المشاركة في العصيان التلقائي الذي يحدث قبل الاحتلال، يحمي القانون الإنساني المدنيين أيضًا الذين يشاركون في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية ما لم يقوموا بدور مباشر في الأعمال العدائية وعلى مدى الوقت الذي يقومون خلاله بهذا الدور (البروتوكول 1 المادة 51-3، والبروتوكول 2 المادة 13-3). ويمكن للمدنيين في بعض الحالات الاستفادة من وضع أسير حرب (البروتوكول 1 المادة 45). وإذا ثار الشك حول ما إذا كان شخص ما مدنيًّا أم غير مدني فإن ذلك الشخص يُعدُّ مدنيًّا (البروتوكول 1 المادة 50)

← مقاتل؛ أسرى الحرب؛ حركات المقاومة؛ ضمانات أساسية.

← ضمّ؛ احتجاز؛ القانون الدولي الإنساني؛ اعتقال؛ ضمانات قضائية؛ أسرى الحرب؛ أشخاص محميون؛ الدول الحامية؛ إغاثة؛ مسؤولية؛ حقّ المبادرة الإنسانية؛ حقّ الوصول؛ سلامة، أمان، أمن؛ تموين/ إمداد.

السوابق القضائية

1. محكمة العدل الدولية

تناولت محكمة العدل الدولية مسألة تعريف الاحتلال والتزامات سلطة الاحتلال في اثنتين من القضايا لهما دلالات فيما يتعلق بالعواقب القانونية لبناء سور في الأراضي الفلسطينية المحتلة (الرأي الاستشاري، تقارير محكمة العدل الدولية 2004، ص. 136، يشار إليه فيما بعد بالسور) و”الأنشطة المسلحة في أراضي الكونغو (جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا، الحكم، تقارير محكمة العدل الدولية 2005، ص. 168 ، يشار إليها فيما بعد بجمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا)

وأكَّدت محكمة العدل الدولية الطبيعة العرفية لهذا الجزء من القانون، ولذلك لا يخضع لإجراءات تصديق رسمي من جانب دولة الاحتلال. “وفيما يتعلق بالقانون الدولي الإنساني، تلاحظ المحكمة أن إسرائيل ليست طرفًا في اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 التي ضُمَّت إليها قواعد لاهاي... وترى المحكمة أن أحكام قواعد لاهاي أصبحت جزءًا من القانون العرفي” قضية السور الفقرة 89).

وأكَّدت محكمة العدل الدولية التعريف القانوني للاحتلال “بموجب القانون الدولي العرفي كما يتضح في المادة 42 من القواعد المتصلة بقوانين وأعراف الحرب البرية التي ضُمَّت إلى اتفاقية لاهاي الرابعة في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 1907، وهو أن الأرض تعتبر محتلة حينما تكون فعلًا تحت سلطة جيش معادٍ وأن الاحتلال يمتد فحسب إلى الأراضي التي أرسيت فيها مثل هذه السلطة ويمكن ممارستها فيها” (قضية جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا، الفقرة 172، وقضية السور الفقرتان 78 و89)

وتشترط المحكمة وجود قوات أجنبية مسلحة على أرض ما ليتم تصنيفه على أنه احتلال، ويجب أن ترسي شكلًا من أشكال السلطة فوق الأرض المعنية.

وللتوصُّل إلى نتيجة بشأن ما إذا كانت دولة ما قواتها العسكرية موجودة في أرض دولة أخرى نتيجة لتدخل هي “سلطة احتلال” بالمعنى المفهوم في قانون الحرب، فإن المحكمة يجب أن تدرس ما إذا كانت توجد أدلة كافية تُظهِر أن السلطة المذكورة أرسيت في الواقع وتمارسها الدولة المُتدخِّلة في المناطق المعنية. وفي القضية الحالية سيتعيَّن أن تقتنع المحكمة بأن القوات المسلحة الأوغندية في جمهورية الكونغو الديمقراطية لم تكن فحسب مرابطة في مواقع معينة ولكنها أيضًا بسطت سلطتها بدلًا من سلطة حكومة الكونغو. وفي تلك الحالة، أي تبرير تقدمه أوغندا لاحتلالها سيكون غير ذي صلة، ولا ذا أهمية فيما إذا كانت أوغندا أقامت أم لا إدارة عسكرية مُنظَّمة في الأراضي المحتلة (قضية جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا الفقرة 173)

وأوضحت محكمة العدل الدولية الالتزامات التي تترتب على سلطة الاحتلال. وتشتمل مسؤولياتها على واجب اليقظة والالتزام بضمان سلامة السكان ولا سيما فيما يتعلق بأعمال العنف أو النهب التي يرتكبها عملاء سلطة الاحتلال أو جماعات خارجة عنه تنشط في الأراضي المحتلة.

وأكدت المحكمة أن سلطة الاحتلال مُلزَمة بموجب المادة 43 من الأنظمة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة المبرمة في 18 آب/ أغسطس 1907 بأن تتخذ –قدر الإمكان- كل ما في وسعها من إجراءات لاستعادة وضمان النظام العام والسلامة في المنطقة المحتلة وفي الوقت نفسه مراعاة القوانين النافذة في جمهورية الكونغو الديمقراطية ما لم يوجد مانع شديد يحول دون ذلك. ويشتمل هذا الالتزام على واجب ضمان احترام ما ينطبق من قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني لحماية سكان الأراضي المحتلة من أعمال العنف، وعدم السماح بمثل هذا العنف من أي طرف ثالث (قضية جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا، فقرة 178).

وتنص المحكمة على أن سلطة الاحتلال مسؤولة “عن أي أعمال لجيشها [في الأراضي المحتلة] تنتهك التزاماتها الدولية وأي تقصير في اليقظة لمنع انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من جانب أطراف أخرى حاضرة في المنطقة المحتلة، ومن ذلك جماعات متمردة تتصرف من تلقاء نفسها (قضية جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا الفقرتان 179 و180). ورأت المحكمة أن “حقيقة أن أوغندا هي سلطة الاحتلال في مقاطعة إيتوري تقتضي توسيع التزام أوغندا باتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع أعمال النهب والسلب واستغلال الموارد الطبيعية في الأرض المحتلة ليشمل الأفراد العاديين في هذه المقاطعة وليس أفراد القوات المسلحة الأوغندية وحدهم. (قضية جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا الفقرة 248).

وخلصت المحكمة إلى أن أوغندا مسؤولة بموجب القانون الدولي عن أعمال النهب والسلب واستغلال الموارد الطبيعية لجمهورية الكونغو الديمقراطية التي يرتكبها أعضاء قوة الدفاع الشعبي الأوغندية في أراضي جمهورية الكونغو الديمقراطية لانتهاكها التزامها باليقظة فيما يتصل بهذه الأعمال وتقاعسها عن الوفاء بالتزامها بموجب المادة 43 من الأنظمة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة المبرمة في 18 آب/ أغسطس 1907 بوصفها سلطة الاحتلال في مقاطعة إيتوري فيما يتعلق بكل أعمال النهب والسلب واستغلال الموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة . (قضية جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا الفقرة 250).

أكدت محكمة العدل الدولية أيضًا أن التطبيق خارج أراضي الإقليم لاتفاقيات حقوق الإنسان التزام تخضع له سلطة الاحتلال. “الحماية التي تكفلها اتفاقيات حقوق الإنسان لا تتوقف في حالة النزاع المسلح، إلا من خلال أثر الأحكام المتصلة بالاستثناءات كتلك التي تتضمنها المادة الرابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (قضية السور، الفقرة 106). “ويتعين أخذ فرعي القانون الدولي أي القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في الحسبان ... وتنطبق صكوك حقوق الإنسان الدولية فيما يتعلق بالأعمال التي تقوم بها دولة ما في ممارسة اختصاصها القضائي خارج أراضيها ولا سيما في الأراضي المحتلة . (قضية جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا الفقرتان 216 و217).

2. المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا سابقًا

أوضحت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا سابقًا الأحكام التي تنطبق على الأراضي المحتلة في قضية ناليتيليتش ومارتينوفيتش (الدائرة الابتدائية/ الحكم، 31 آذار/ مارس 2003، الفقرات 214-216) وكررت الدائرة الابتدائية للمحكمة منطوق المادة 42 من أنظمة لاهاي لعام 1907 “تعتبر الأرض محتلة حينما تخضع فعليًّا لسلطة جيش الخصم. ويشمل الاحتلال فحسب الأراضي التي أرسيت فيها هذه السلطة ويمكن ممارستها” وشدَّد الحكم على أن الاحتلال العسكري يفرض واجبات على سلطة الاحتلال أكثر مما يفرض على طرف في نزاع دولي مسلح ويلزم توافر درجة أكبر من السيطرة لإرساء الاحتلال (الفقرات 214-216). وأكَّدت المحكمة أيضًا أنه يجب على سلطة الاحتلال احترام التزاماتها خلال هذا الوقت الذي يستمر فيه الاحتلال وعلى عموم الأرض المحتلة سواء كان احتلالها احتلالًا شاملًا أو جزئيًّا. ولذلك فإن دائرة المحكمة وجدت أنه يجب الحكم في كل حالة على حدة فيما يتعلق بهذه الدرجة من السيطرة التي أرسيت في الأوقات المعنية وفي الأماكن المعنية (الفقرة 218).

3. المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان

في قضية السكيني وآل جدة، أوردت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الالتزامات خارج نطاق الإقليم فيما يتصل بالامتثال للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تترتب على القوات المسلحة البريطانية المنخرطة في تدخل عسكري مسلح في العراق والناشئة عن وضعها كسلطة احتلال. وتتعلق هذه الالتزامات على وجه الخصوص بالاحتجاز واحترام الحق في الحياة (قضية السكيني وآل جدة ضد المملكة المتحدة، طلب رقم 55721/07 ، الحكم (الدائرة الكبرى) 7 تموز/ يولية 2011. آل جدة ضد المملكة المتحدة طلب رقم 27021/08، الحكم، (الدائرة الكبرى) 7 تموز/ يولية 2011).

وفي قضية السكيني أقرت المحكمة باستثناءين من مبدأ إقليمية القانون الجنائي فيما يتعلق بتطبيق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ففي أعقاب الإطاحة بنظام البعث في العراق، رأت المحكمة أن المملكة المتحدة (ومعها الولايات المتحدة) تولَّت ممارسة كل أو جزء من السلطات العامة التي تمارسها في العادة حكومة ذات سيادة في العراق، حتى تم تعيين حكومة مؤقتة، وأنه نتيجة لذلك، كان على الحكومة البريطانية التزام بالامتثال للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في كل أفعالها في الأراضي العراقية، وباحترام السكان الخاضعين لسيطرتها. وأكدت المحكمة أنه إذا وقَّعت دولة الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان فإنها تكون ملزمة بتطبيق الاتفاقية خارج أراضيها الوطنية بما يحقق مصلحة المواطنين الأجانب متى كانت تمارس سيطرة وسلطة على فرد أجنبي من خلال وكلائها ومتى كانت تمارس سيطرة فعَّالة على أرض خارج إقليمها الوطني نتيجة لعمل عسكري بصرف النظر عن شرعية هذا العمل. ولاحظت المحكمة أن الدولة الغالبة مسؤولة عن ضمان كل الحقوق التي تضمنتها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والبروتوكولات الإضافية التي صدقت عليها داخل الأراضي التي تسيطر عليها. والتحقُّق من فعالية درجة السيطرة كواقع قائم تُحدِّده المحكمة آخذة في الحسبان سلطة الوجود العسكري للدولة المسيطرة في الإقليم المعني وقدرتها على التأثير أو إخضاع الإدارات أو السلطات القائمة في هذا الإقليم (الفقرات 131-140).

وفي قضية آل جدة، أكَّدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الالتزام المترتب على الحكومة البريطانية فيما يتعلق بالتطبيق خارج الإقليم للاتفاقية الأوروبية في سياق أنشطتها العسكرية في العراق بوصفها سلطة احتلال تحتجز الأسرى في الإقليم. وقدَّمت تفسيرًا أوليًّا للتطبيق التكميلي للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، ورأت المحكمة أن قواعد الاتفاقية لا تزال تنطبق في أوضاع النزاع ما دامت لا تتناقض تناقضًا مباشرًا مع أحكام القانون الدولي الإنساني. ومن ثم ترى المحكمة أنه يجب أن تسود الأحكام التي تنطوي على قدر أكبر من الحماية في الاتفاقية على الأحكام الأخرى المتصلة بقانون النزاع المسلح وتفويض القوات الدولية المأخوذ من قرارات الأمم المتحدة والتي تسمح لقوات الاحتلال باحتجاز الأفراد (الفقرات 105 و107 و109).

لمزيد من المعلومات:

Benvenisti, Eyal. The International Law of Occupation. Princeton, N.J.:NJ: Princeton University Press, 1993.

Campanelli, Danio. “The Law of Military Occupation Put to the Test of Human Rights Law.” International Review of the Red Cross 871 (September 2008): 653–68.

Cavanaugh, Kathleen. “Rewriting Law: The Case of Israel and the Occupied Territories.” In New Wars, New Laws? ed.?,edited by David Wippman and Matthew Evangelistaz, 227–58. Ardsley, N.Y.:NY: Transnational, 2004, chap. 9.

———. “Selective Justice: The Case of Israel and the Occupied Territories.” Fordham International LawJournal 26, no. 4 (2003): 934–60.

Ferraro, Tristan. “Determining the Beginning and End of an Occupation under International Humanitarian Law.” International Review of the Red Cross 885 (March 2012): 133–63.

ICRC. Basic Rules of the Geneva Conventions and Their Additional Protocols. Geneva: ICRC, 1988, 82–84.

International Court of Justice. Advisory Opinion Legal Consequences of the Construction of a Wall in the Occupied Palestinian Territory,. 9 July 2004, availableesp. paras. 89ff. and 123ff. Available at: http://www.icj-cij.org/icjwww/idocket/imwp/imwpframe.htm (in particular para. 89 and following, and 123 and following)..

Kolb, Robert. “Occupation in Iraq since 2003 and the Powers of the UN Security Council.” International Review of the Red Cross 869 (March 2008): 29–50.

Koutroulis, Vaios. “The Application of International Humanitarian Law and International Human Rights Law in Situations of Prolonged Occupation: Only a Matter of Time?” International Review of the Red Cross 885 (March 2012): 165–205.

Kretzmer, David. “The Law of Belligerent Occupation in the Supreme Court of Israel.” International Review of the Red Cross 885 (March 2012): 207–36.

Lubell, Noam. “Human Rights Obligations in Military Occupation.” International Review of the Red Cross 885 (March 2012): 317–37.

Mulinen, Frederic de. Handbook on the Law of War for Armed Forces.Geneva: ICRC, 1989, 175–88.

Scheffer, David. “Beyond Occupation Law.” In Human Rights and Criminal Justice for the Downtrodden:Essays in Honour of Asbjørn Eide, ed.edited by Morten Bergsmo, 842–60. Leiden: Martinus Nijhoff, 2003, 842–60.

Vité, Sylvain. “The Interrelation of the Law of Occupation and Economic, Social and Cultural Rights: The Examples of Food, Health and Property.” International Review of the Red Cross 871 (September 2008): 629–51.

Walker, Phillip James. “Iraq and Occupation.” In New Wars, New Laws? ed.?,edited by David Wippman and Matthew Evangelista, 259–88. Ardsley, N.Y.:NY: Transnational, 2004, chap. 10.

Weill, Sharon. “The Judicial Arm of the Occupation: The Israeli Military Courts in the Occupied Territories.” International Review of the Red Cross 866 (June 2007): 395–419.

Article également référencé dans la catégorie suivante :