أسلحة
توجد أنواع كثيرة من الأسلحة، والتي يمكن استخدامها بعدة طرق مختلفة.
☜ ينظم القانون الدولي الإنساني استخدام الأسلحة
- بعض الأسلحة هي ببساطة محرمة، ليس فقط لأن استخدامها محظور بشكل صارم، بل إنتاجها ونقلها وتخزينها محرم أيضًا.
- أسلحة أخرى مرخصة، ولكن استخدامها منظم بحظر بعض أشكال استخدامها؛ وعلى سبيل المثال، يُمنع استخدامها إذا كان عشوائيًّا بدون تمييز أو غير متناسب.
- على الدول التأكد من مدى توافق أي أسلحة جديدة مع مبادئ القانون الدولي الإنساني، وذلك بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
أولًا القانون الإنساني هو الذي يقيد اختيار الأسلحة
يحظر القانون الإنساني بوجه عام أي سلاح “ذي طبيعة تسبّب إصابات أو آلامًا لا مبرّر لها” وكذلك أي سلاح يمكن أن يحدث أضرارًا بالغة أو بدون تمييز. وهذا مبدأ قديم متصل ببديهية « - إن حقّ أطراف أي نزاع مسلح في اختيار أساليب ووسائل القتال ليس حقًا لا تقيده قيود» (البروتوكول 1 المادة 35).
ولذلك يجوز للقانون الإنساني أن يحظر استعمال، أو إنتاج، أو تخزين، أو بيع، أنواع محدّدة من الأسلحة، وهذا ما عليه الحال بالنسبة للأسلحة البيولوجية والكيماوية وإلى حدّ ما الألغام الأرضية. ومنذ سنة 1977 (عندما تمّ تبنّي البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف للعام 1949)، أقرّ القانون الإنساني أيضًا بأنه من المحظور استخدام وسائل أو أساليب للقتال، يكون من المؤكد، أو قد يتوقّع منها أن تلحق بالبيئة الطبيعية أضرارًا بالغة واسعة الانتشار وطويلة الأمد (البروتوكول 1 المادة 35).
وعلاوةً على ذلك، فإن القواعد التي تحكم استخدام مثل تلك الأسلحة تمّ وضعها لاحقًا في اتفاقيات جنيف التي تتناول هذه القضايا بشكل محدّد. ولذلك فهي تطبق فقط على الدول الأطراف في هذه الاتّفاقيات. والاستثناء الوحيد لذلك، هو اتفاقيات جنيف وبروتوكولاها الإضافيان التي صادقت عليها الدول على نطاق واسع وتأخذ صفة القانون الدولي العرفي - والتي تعمل على تنظيم وسائل وطرق الحرب.
القانون الدولي الإنساني؛ أساليب (ووسائل) الحرب.
وعلاوة على ذلك، ومن خلال دراسة، تطوير، أو تملك، أو استخدام أي سلاح جديد، يجب على الدول التأكد إن كان استخدام ذلك السلاح محظورًا بموجب القانون الدولي في بعض أو كل الظروف (البروتوكول 1 المادة 36). وتلعب اللجنة الدولية للصليب الأحمر دورًا استشاريًا بهذا الشأن.
ثانيًا القانون الإنساني يحدّد طريقة استخدام الأسلحة
لقد وضعت اتفاقيات جنيف الأربع للعام 1949 وبروتوكولاها الإضافيان للعام 1977 لاحقًا القيود المنظمة لاستخدام الأسلحة، وهذه القيود تعتبر حاليًّا ملزمة لكلّ الدول. وبعض هذه القواعد الرئيسية هي كما يلي:
يجب على أطراف النزاع التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، ويجب أن يراعوا عند استخدامهم للأسلحة احترام هذا الأمر.
يجب ألا تستخدم الأسلحة بطريقة غير مطابقة للمعايير العسكرية المحترفة أو بطريقة لا تتطلبها المصلحة العسكرية أو ردًّا على تهديد عسكري مفترض. والغاية من هذه الضوابط هي تقليل حجم الدمار الشامل أو المعاناة غير الضرورية.
يجب على أطراف النزاع (وبالتحديد على قادتهم) الالتزام باتّخاذ احتياطات مؤكدة أثناء الهجمات لجعل إمكانية تأثير تلك الأسلحة محدودة على المدنيين وعلى الأعيان المدنية
هجمات؛ واجب القادة.
يُنظِّم القانون الدولي الإنساني العرفي أيضًا استخدام الأسلحة. وتنص القاعدة 70 من قواعد هذا القانون التي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 2005 على أنه “يُحظَر استخدام وسائل وأساليب للقتال من شأنها إحداث إصابات أو آلام لا مبرر لها”. وتنص القاعدة 71 على أنه “يُحظَر استخدام الأسلحة عشوائية الطابع”.
من العلامات الفارقة المهمة في تقييد استخدام الأسلحة بصورة عامة، تبنّي اتفاقيّة حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر (تعرّف باتفاقيّة الأسلحة التقليدية)، والتي صدرت في جنيف بتاريخ 10 تشرين الأول/ أكتوبر 1980 (صادقت عليها 116 دولة طرفًا بحلول نيسان/ أبريل 2013) وبروتوكولها الإضافي المتعلق بأسلحة الليزر المسببة للعمى الذي صدر في فيينا في 13 تشرين الأول/ أكتوبر 1995 (صادقت عليه 104 دول أطراف في نيسان/ أبريل 2013).
ثالثًا فئات الأسلحة
من المعلوم أنه تتوفر أنواع مختلفة من الأسلحة، وبعض هذه الأسلحة مسموح به، باستثناء استخدامات محدّدة لها (الأسلحة الحادة والنارية) بينما الأنواع الأخرى يحظر استخدامها (الحارقة والبيولوجية والكيميائية). والقاعدة العامة التي تحكم حظر الهجوم ضدّ المدنيين تنطبق على جميع أنواع الأسلحة.
1. الأسلحة الحادّة
تعرف هذه الأسلحة، بأنها أي سلاح له حواف حادة أو أية أسلحة أخرى مصنوعة من المعدن أو الفولاذ، مثل السكاكين، والسيوف، والمناجل، والخناجر أو الحراب. لقد قيّد استعمالها بموجب الأحكام العامة للقانون الإنساني والذي حرم مهاجمة غير المقاتلين، أو القتل أو الجرح بطريقة غادرة والتي تتسبّب بضرر واسع أو بمعاناة غير ضرورية (المادة 23 من اتفاقيّة لاهاي الرابعة؛ البروتوكول 1 الموادّ 35-37).
2. الأسلحة النارية
وهذه تشمل لائحة عريضة من الأسلحة، مثل البنادق، والمسدسات، والقنابل، والصواريخ وغيرها، والتي تطلق الخرطوش أو المقذوفات الخطيرة المتفجرة. فقط بعض من هذه الأسلحة التالية محرم:
المقذوفات المتفجرة التي يقلّ وزنها عن أربعمائة غرام (أربع عشرة أونصة) وذلك طبقًا لما ورد في إعلان سان بطرس بورغ لسنة 1868 بشأن استخدام المقذوفات المتفجرة في أوقات الحرب؛
الرصاص المنتشر أو المتسطح بسهولة في جسم الإنسان، كما تمّ تحديده لاحقًا في إعلان لاهاي للسلام في العام 1899؛
أي سلاح يكون تأثيره الرئيسي التسبّب بالضرر من خلال شظايا لا يمكن كشفها بواسطة الأشعة السينية في حال دخولها إلى جسم الإنسان، حسبما حدّده البروتوكول الأول لاتفاقيّة الأسلحة التقليدية سنة 1980 (البروتوكول المتعلق بالشظايا الخفية).
الذخائر العنقودية كما حدَّدتها اتفاقية الذخائر العنقودية التي تم تبنيها في دبلن في 30 أيار/ مايو 2008 ودخلت حيز التنفيذ في آب/ أغسطس 2010 وتحظر كل أشكال الاستخدام والتخزين والإنتاج والنقل للذخائر العنقودية. وحتى حزيران/ يونيو 2015 كان عدد الدول التي صادقت على الاتفاقية اثنتين وتسعين دولة. ولمراقبة تطبيق الاتفاقية، تقرَّر أن تجتمع الدول الأطراف بشكل دوري لاتخاذ قرارات فيما يتصل بأي موضوع خاص بتطبيق الاتفاقية، ومن ذلك عمليات الاتفاقية ووضعها. وعقدت الجمعية الأولى للدول الأطراف في فينتيان في لاوس في المدة من 9 إلى 12 من أيلول/ سبتمبر 2010. وعقدت الجمعية الثانية في بيروت بلبنان من 12 إلى 16 من أيلول/ سبتمبر 2011. وفضلًا عن ذلك، سيدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر للمراجعة بعد مرور خمس سنوات على دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ. (المادة 12). والغرض من مؤتمر المراجعة، بين أمور أخرى، هو مراجعة عمليات هذه الاتفاقية ووضعها.
في 30 نيسان/ أبريل 2010، تم توقيع اتفاقية وسط أفريقيا للسيطرة على الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وذخائرها والأجزاء والمكونات التي يمكن استخدامها في تصنيعها وإصلاحها وتجميعها والمعروفة باسم اتفاقية كينشاسا في برازافيل بجمهورية الكونغو في الاجتماع الوزاري الخامس والثلاثين للجنة الدائمة للأمم المتحدة بشأن قضايا الأمن في وسط أفريقيا. والدول الإحدى عشرة الموقعة على الاتفاقية هي أنجولا وبوروندي والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية والجابون وجمهورية الكونغو ورواندا وساوتومي وبرنسيب وغينيا الاستوائية. ولم تدخل الاتفاقية بعد حيز التنفيذ وسيتم ذلك حينما تصادق عليها ست من الدول الموقعة. وهدف هذه الاتفاقية هو منع ومكافحة واستئصال التجارة غير المشروعة والتهريب للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة من أجل مكافحة العنف المسلح وتسهيل الاتجار في البشر الذي تسببه هذه التجارة غير المشروعة في هذه الأسلحة (المادة 1 الفقرتان 1 و3 ).
والالتزامات التي تقع على عاتق الدول الأطراف هي –بين أمور أخرى- هي حظر أي نقل للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة إلى جماعات مسلحة من غير الدول (المادة 4)، وتحديد هيئة وطنية تكون مسؤولة عن مباشرة القضايا التي تتصل بإصدار تراخيص النقل إلى مؤسسات عامة وجهات فاعلة مؤهلة (المادة 5)، وصياغة شهادة المستخدم النهائي التي يتم إصدارها لكل شحنة استيراد (المادة 6)، وحظر ومعاقبة حيازة وحمل واستخدام والاتجار في الأسلحة الصغيرة والخفيفة من جانب المدنيين داخل الأراضي التابعة لها (المادة 7)، وإجراء معاينات نصف سنوية لتقييم ورصد مخزونات هذه الأسلحة التي تكون في حيازة الجماعات المسلحة وغيرها من الجماعات الأمنية المرخص لها، وجمع ومصادرة وتسجيل وتدمير أي من هذه الأسلحة التي تكون فائضة أو متقادمة أو غير مشروعة (المادة 15). ولمتابعة تطبيق الاتفاقية، تساند الدول الأطراف قيام المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا بتكوين فريق من الخبراء المسؤولين عن المتابعة والتقييم لتنفيذ الأنشطة (المادة 32).
ويحظر القانون الإنساني العرفي أيضًا استخدام أنواع معينة من الأسلحة النارية في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وتنص القاعدة 77 من القانون الدولي الإنساني العرفي على أنه “يحظر استخدام الطلقات النارية التي تتمدد وتتفلطح بسهولة في جسم الإنسان”.، وتشير المادة 78 إلى أنه “يحظر استخدام الطلقات النارية ضد الأفراد التي تتفجر في جسم الإنسان”. وتُذكِّر المادة 79 بأنه “يحظر استخدام الأسلحة النارية التي يكون أثرها الرئيسي الإصابة بشظايا لا يمكن كشفها في الجسم بالأشعة السينية”. وتنص القاعدة 80 على أنه ” يُحظر استخدام الشراك الخداعية المتصلة أو المترافقة على أي نحو مع أشياء أو أشخاص مؤهلين لحماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني أو أشياء قد تجتذب المدنيين”.
3. الأسلحة الحارقة
تندرج هذه الأسلحة ضمن لائحة الأسلحة النارية، حيث يكون الغرض من استخدامها إشعال النيران في الهدف أو التسبّب بجروح وحروق للإنسان. وكما هو بالنسبة لكلّ الأسلحة، فإنه من المحرم استخدامها ضدّ الأفراد أو ضدّ أهداف محمية بموجب القانون الإنساني (مثل: المدنيين، والبضائع المدنية، بما في ذلك المباني... إلخ).
وكذلك فإنه من المحظور استخدامها ضدّ المقاتلين والأهداف العسكرية التي توجد داخل تجمعات المدنيين، بموجب البروتوكول 3 من معاهدة الأسلحة التقليدية للعام 1980 (بروتوكول الأسلحة الحارقة).
وتنص القاعدة 84 من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الدولي الإنساني العرفي على أنه “إذا استخدمت الأسلحة المحرقة وجب إيلاء عناية خاصة لتجنُّب الخسائر العارضة في أرواح المدنيين أو إيقاع إصابات بينهم أو الإضرار بالأعيان المدنية والتقليل من هذه الخسائر والأضرار في كل الأحوال”. وتقضي القاعدة 85 بأنه “يحظر استخدام الأسلحة المحرقة ضد الأفراد إلا إذا تعذر استخدم سلاح أقل ضررًا للوصول إلى جعل شخص عاجزًا عن القتال”.
4. أسلحة الدمار الشامل
تحتوي هذه الفئة على ثلاثة مستويات من الأسلحة: البيولوجية، الكيميائية، والنووية. وما دامت هذه الأسلحة غير مميزة بطبيعتها فإن استخدامها يصعب حسمه باستعمال روح القانون الإنساني، الذي يرتكز على القدرة العسكرية للتمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية وبين المدنيين وأعضاء القوات المسلحة.
أ.الأسلحة الجرثومية (أو البيولوجية)
الأسلحة الجرثومية (التي تعرف عمومًا بالأسلحة البيولوجية أو البكتريولوجية) هي تلك الأسلحة التي تهدف لنشر الأمراض التي تهدّد صحة الكائنات الإنسانية، والحيوانات والمزروعات. ويحظر القانون الدولي الإنساني العرفي استخدام الأسلحة البيولوجية في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية (القاعدة 73 من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون العرفي). وفضلًا عن ذلك فإن استخدامها، وإنتاجها، وتخزينها محرم بموجب اثنين من النصوص الدولية الأساسية:
بروتوكول حظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو ما شابهها وللوسائل البكتريولوجية، الذي تمّ تبنّيه في جنيف في 17 حزيران/ يونية 1925 - هذه المعاهدة بلغ عدد الدول الموقعة عليها 137 دولة بحلول نيسان/ أبريل 2013؛
اتفاقيّة حظر استحداث وإنتاج وتكديس الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة التي تمّ فتح باب التوقيع عليها في 10 نيسان/ أبريل 1972 وأصبحت تضمّ 172 دولة حتى حزيران/ يونية عام 2015. وانطلاقًا من الحقيقة القائلة بأن هذه الاتّفاقيّة قد جاءت متأخرة نسبيًا، وقائمة المحظورات فيها واسعة جدًا، إلّا أنها تعدّ نقطة مرجعية في مجال الحدّ من الأسلحة البيولوجية.
الممنوعات الرئيسية التي تضمّها المادة 1: تتعهد كل دولة عضو - في جميع الظروف - بعدم تطوير، أو إنتاج، أو تخزين أو بطريقة أخرى الحصول أو الاحتفاظ بعناصر ميكروبية أو بيولوجية أو سمّية (...) أو أسلحة، معدات أو نقل مثل تلك العناصر أو السميات بقصد استخدامها. ولا تقدّم الاتّفاقيّة تعريفًا إضافيًا، الأمر الذي يمثل مشكلة لأن معنى “الأسلحة، أو المعدات، أو وسائل نقلها” قد أصبح الآن مثارًا للخلاف بين الدول.
دخلت اتفاقية الأسلحة البيولوجية حيز التنفيذ في عام 1975 وكانت أول معاهدة متعددة الأطراف لنزع السلاح تحظر فئة كاملة من أسلحة الدمار الشامل. ومع ذلك، فإن الاتفاقية سرعان ما تعرَّضت لانتقادات، لا سيما بسبب افتقارها إلى تعريفات واضحة لمثل هذه الأسلحة، وكذلك إلى آلية للمراقبة. وفي مؤتمر المراجعة الثالث في عام 1991 قررت الدول الأطراف في الاتفاقية دراسة أساليب التحقق الممكنة. بيد أنه تم التخلِّي عن هذه الفكرة في عام 2001 حينما رفضت الولايات المتحدة مُسوَّدة بروتوكول ملحق بالاتفاقية كان سيلزم الدول الأطراف بالكشف عن المنشآت ذات الصلة وإخضاعها للتفتيش. وفي عام 2006، أثناء مؤتمر المراجعة السادس، تبنَّت الدول الأطراف بالإجماع قرارًا يقضي بإنشاء وحدة دعم التنفيذ لمساندة الدول الأطراف في تنفيذ الاتفاقية. ويأتي تمويل هذه الوحدة من الدول الأطراف وتؤدي عدة مهام مثل تقديم الدعم الإداري وإجراءات بناء الثقة وتقوم بدور آلية لتبادل المعلومات للمساعدة في التنفيذ الوطني للاتفاقية. مهما يكن من أمر، فإن وحدة دعم التنفيذ كانت قدراتها في الرصد والمتابعة محدودة بسبب صغر حجمها (ثلاثة موظفين بدوام كامل)، والتمويل (تم تمويلها لمدة أربع سنوات 2007-2011) وكذلك التفويض الممنوح لها فلم يكن بوسعها تنفيذ أعمال تفتيش أو فرض الامتثال بأحكام الاتفاقية.
وعقد مؤتمر المراجعة السابع لاتفاقية الأسلحة البيولوجية في جنيف في المدة من 5 إلى 22 من كانون الأول/ ديسمبر 2011. وكانت هذه أول فرصة للدول الأطراف لدراسة تنفيذ الاتفاقية منذ عام 2006. ويقول الرئيس الجديد للمؤتمر السفير الهولندي بول فان دن جيسيل إن الاتفاقية يجب تقويتها بالإجماع. وتركَّز هذا المؤتمر على عدة قضايا ومنها بين أمور أخرى: (أ) طرق وأساليب تعزيز التنفيذ الوطني للاتفاقية؛ و(ب) طرق إنشاء إطار للمساءلة لرصد الامتثال بالاتفاقية؛ و(ج) سبل إنشاء تدابير وطنية وإقليمية ودولية لتحسين السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي؛ و(د) طرق تحسين الثقة بين الدول؛ و(ه) طرق زيادة قدرات وحدة دعم التنفيذ.
ب. الأسلحة الكيميائية
إن الأسلحة الكيماوية - التي يوجد أوضح تعريف لها في اتفاقيّة 1992- تسبّب الموت، أو العجز المؤقت أو الأذى الدائم للإنسان أو الحيوان. وهي بصورة رئيسية تشمل ذخائر وأدوات تطلق سمّيات كيميائية. وهناك اتفاقيات متعددة تحظر استخدامها، وإنتاجها وتخزينها:
إعلان لاهاي لحظر إطلاق القذائف بهدف إطلاق ونشر الغازات الخانقة والسامة والذي تمّ تبنّيه في 29 تموز/ يولية 1899.
بروتوكول حظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو ما شابهها وللوسائل البكتريولوجية (انظر أعلاه) ولا تحتوي هذه الاتفاقية أي آلية للإنفاذ أو التحقُّق، فهي تحظر استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية خلال أوقات النزاع الدولي، وفي الوقت نفسه لا تحظر إنتاجها أو تخزينها. وعلاوة على ذلك فهي تجيز استخدام هذه الأسلحة كردٍّ (انتقامًا) ضدّ الدول التي باشرت باستخدامها أولًا، أو ضدّ الدول التي ليست طرفًا في البروتوكول.
اتفاقيّة حظر استحداث وإنتاج وتكديس واستخدام الأسلحة الكيميائية وتدمير تلك الأسلحة والتي أبرمت في جنيف في 3 أيلول/ سبتمبر 1992 ودخلت حيّز التنفيذ في 29 نيسان/ أبريل عام 1997، وبلغ عدد الدول الموقعة عليها 190 دولة حتى شهر حزيران/ يونية من العام 2015. لقد أنشأت هذه الاتّفاقيّة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومقرّها لاهاي، ويتكون هذا الجهاز الرقابي من أمانة عامة وفرق من المفتشين، وهي تحلل التقارير حول التزام الدول المنضوية فيها بالتقيد بها فيما يتعلّق بنشاطاتها المتعلقة بالعناصر الكيميائية وتقوم بمهمات التفتيش الروتينية والمفاجئة على مواقع الإنتاج وهي تقوم كذلك بمراقبة إتلاف المخزونات الموجودة منها.
✐ للاتصال:
OPCW
Johan de Wittlaan 32
NL-2517 AR the Hague, Netherlands
Tel : (31) 70 416 3300
Fax : (31) 70 306 3535
@ www.ocpw.nl
يحظر القانون العرفي أيضًا استخدام الأسلحة الكيميائية في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية (القاعدة 74 من دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي). وتنص القاعدة 75 على أنه “يحظر استخدام وسائل مكافحة الشغب كأسلوب للحرب” وتذكر القاعدة 76 أنه “يحظر استخدام مبيدات الأعشاب كأسلوب للحرب إذا كانت (أ) ذات طبيعة تجعلها أسلحة كيميائية محظورة؛ و(ب) ذات طبيعة تجعلها أسلحة بيولوجية محظورة؛ و(د) تستهدف الحياة النباتية التي ليست هدفًا عسكريًّا؛ (د) تسبب خسائر عارضة في أرواح المدنيين أو إصابات بينهم أو أضرارًا للأعيان أو مجموعة من هذه التأثيرات وتكون مفرطة في تجاوز ما ينتظر أن تسفر عنه من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة؛ و(ه) تسبب أضرارًا بالغة واسعة الانتشار وطويلة الأمد للبيئة الطبيعية.
ج. الأسلحة النووية
لا يوجد حظر بصورة عامة على استخدام الأسلحة النووية. أما الاعتقاد السائد اليوم فيحمل في طياته أن الأسلحة النووية هي الأسلحة ذات الدمار الشامل والتي لها آثار عشوائية بلا تمييز. وانطلاقًا من هذا المفهوم يجب حظرها بموجب أحكام البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف والتي تحظر الأسلحة التي تسبّب أضرارًا واسعة وبدون تمييز (انظر إلى القسم الأول من هذا المدخل). والدول الثماني التي تمتلك الأسلحة النووية صادقت على البروتوكول الإضافي 1 مع بعض التحفظات على تفسيره.
في 8 تموز/ يولية 1996 قدمت محكمة العدل الدولية رأيًا استشاريًا بخصوص شرعية التهديد باستخدام الأسلحة النووية أو استخدامها بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث توصل هذا الرأي الغامض إلى أربعة استنتاجات رئيسية (1) استخدام الأسلحة النووية لا يعتبر محظورًا بشكل رسمي ولا هو مسموح به رسميًا؛ (2) التهديد باستخدام الأسلحة النووية أو استخدامها يعتبر مخالفًا لأصول قواعد القانون الإنساني؛ (3) يُحظر استخدام السلاح النووي في الصراع خلال العمليات القتالية التي يُسمح فيها باستخدام الأسلحة التكتيكية؛ و(4) إنه ليس من الممكن الاستنتاج الأكيد فيما إذا كان التهديد باستخدام الأسلحة النووية مشروعًا أو غير مشروع في حالة الدفاع عن النفس، إذا واجهت دولة معينة ظروفًا تهدّد بقاءها.
ومن الناحية الرسمية توجد خمس قوى نووية: الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة (الصين، وفرنسا، وروسيا الاتحادية، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة). وعلى كل حال في سنة 1998 قامت كل من الهند وباكستان بإجراء عدة تجارب نووية. وتعتبر هاتان الدولتان وكذلك إسرائيل من الدول التي تمتلك العناصر الضرورية لإنتاج الأسلحة النووية ولكنها لا تعلن رسميًا أنها تمتلك تلك الأسلحة.
وتقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومقرّها في فيينا (النمسا) بالرقابة على استخدام الطاقة النووية بما في ذلك الأسلحة النووية. وهنالك اتفاقيتان دوليتان رئيسيتان تهدفان إلى فرض رقابة على الأسلحة النووية:
اتفاقيّة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية (تعرف بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية) والتي تمّ تبنّيها تحت رعاية الأمم المتحدة في 1968. وقد دخلت حيّز التنفيذ في 5 آذار/ مارس 1970 ولكن تمّ تعليقها لمدة غير محدّدة سنة 1995. وبحلول نيسان/ أبريل 2013 بلغ عدد الدول الأطراف فيها 190 دولة بما في ذلك الدول الخمس النووية الدائمة العضوية في مجلس الأمن بينما لم تصادق بعد إسرائيل والهند وباكستان عليها.
معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية والتي تمّ تبنّيها في مؤتمر الأمم المتحدة لنزع السلاح، وهي لم تدخل حيّز التنفيذ حتى الآن، حيث يجب أن تصادق عليها أربع وأربعون دولة بما في ذلك الدول الثلاث المذكورة قبل أن تدخل حيّز التنفيذ. وبحلول شهر حزيران/ يونية 2015 وقّعت عليها 183 دولة ولكن 164 دولة فقط صادقت عليها فعليًا (من بينها 20 دولة فحسب من ضمن الدول القادرة نوويًا إضافة إلى الهند وباكستان وإسرائيل التي أعلنت أنها لن تصادق عليها). وهذه المعاهدة تكمّل معاهدة سابقة لها، هي معاهدة موسكو للعام 1963 (معاهدة حظر تجارب الأسلحة النووية في الجو وفي الفضاء الخارجي وتحت سطح الماء)، والتي تطالب بحظر جزئي للأسلحة النووية.
✐ للاتصال:
IAEA
PO Box 100
A-1400 Vienna, Austria
Tel : (43) 12 60 00
Fax : (43) 12 60 07
@ www.iaea.org
5. الألغام
للحصول على تفاصيل عن الألغام يراجع مدخل çألغام.
يُقيِّد القانون الإنساني العرفي أيضًا استخدام الألغام الأرضية. وتنص القاعدة 81 من دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي على أنه “يجب إيلاء عناية خاصة لدى استخدام الألغام الأرضية للتقليل من آثارها العشوائية”. وتُذكِّر القاعدة 83 بأنه “عند انتهاء العمليات العدائية الفعلية يقوم طرف النزاع الذي استخدم ألغامًا أرضية بإزالتها أو إبطال ضررها على المدنيين أو تسهيل إزالتها”. وتنطبق القاعدتان 81 و83 في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وتنص القاعدة 82 على أنه “يقوم طرف النزاع الذي يستخدم الألغام الأرضية بتسجيل مواقعها كلما أمكن ذلك”. وهي تنطبق حسب القانون العرفي على النزاعات المسلحة الدولية ويمكن القول بأنها تنطبق أيضًا في النزاعات غير الدولية.
6. نظم القتال الآلية: الطائرات بلا طيار والمركبات الجوية المقاتلة غير المأهولة
يثور الجدال اليوم في ما يتعلق بالوضع القانوني بموجب القانون الدولي للمركبات الجوية غير المأهولة والطائرات بلا طيار. وتتركَّز المناقشات على الأعمال الحربية بطائرات بلا طيار. ومع أنه لا توجد معاهدة أو قاعدة عرفية تحظر استخدام تكنولوجيا الهجمات الآلية فإن مثل هذه الممارسة تثير سؤالين رئيسيين. الأول يطعن في التشغيل الذاتي للبرمجيات في قرار الهجوم. ويثير الثاني تساؤلات بشأن إمكانية تحديد هذا القرار الذاتي مع واجب التمييز والحذر الملزمين في كل قواعد الاستهداف (البروتوكول 1 المادتان 36 و51). ولا يمكن ترك المتطلبات القانونية التي تقتضي تقييم المخاطر على المدنيين والموازنة بين هذه المخاطر والميزة العسكرية المتوقعة لتكنولوجيا التشغيل الذاتي ويشير هذا ضمنًا إلى شكل ما من المشاركة البشرية المباشرة حتى وإن كانت عن بعد. وهناك عنصر مهم آخر يكمن في البعد المتصل بالوقوع خارج الإقليم لمثل هذا الهجوم الذي يحدث بعيدًا عن الأراضي الوطنية للبلد المعني ويفاقم منه سرية المؤسسات التي تقوم في الغالب بتشغيل الأسلحة خارج القيادة العسكرية الرسمية.
رابعًا من أجل معاهدة لحظر الاتجار في الأسلحة
استنادًا إلى معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في السويد نمت تجارة السلاح الدولية بنسبة 24 في المائة بين عامي 1994 و1997. وفي عام 1998 تراجعت تجارة السلاح قليلًا إلى 22 مليار دولار من 25 مليارًا في 1997.
ويهيمن على سوق السلاح خمسة مصدّرين: الاتحاد الروسي، والولايات المتحدة، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وألمانيا. أما المناطق الرئيسية لشراء الأسلحة فهي آسيا (39 بالمائة من واردات الأسلحة) والشرق الأوسط (31 في المائة). وتراجع الإنفاق العسكري وعلى الأسلحة على مستوى العالم باطراد منذ عام 1987 إلا في هاتين المنطقتين. وفي عام 1998 بلغت القيمة الإجمالية لسوق الأسلحة 745 مليار دولار.
بموجب التقرير الصادر عن خبراء الأمم المتحدة في أغسطس 1999 فإن النزاعات الداخلية (التي تمثل 90% من النزاعات القائمة اليوم) وقودها جيوش صغيرة وأسلحة خفيفة. وهناك خمسمائة مليون قطعة من تلك الأسلحة متداولة في أنحاء العالم و40% من تجارة تلك الأسلحة غير قانونية وغالبًا ما تمثل انتهاكًا للحظر المفروض.
وفي عام 2003، في أعقاب نجاح حملة من أجل حظر الألغام الأرضية، أطلقت منظمة العفو الدولية ومنظمة أوكسفام الدولية حملة “الحد من الأسلحة” وهي حملة عالمية لتحالف منظمات المجتمع المدني من أجل صياغة اتفاقية دولية ملزمة قانونًا بشأن تجارة السلاح. وفي كانون الأول/ ديسمبر 2006 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 61/89 الذي أقرت فيه 153 دولة بأن الحد من الأسلحة ونزع السلاح ضروريان لحفظ السلام والأمن الدوليين. ولذلك قررت هذه الدول بدء العمل من أجل إعداد معاهدة عالمية لتجارة الأسلحة تُنظِّم استيراد وتصدير ونقل الأسلحة التقليدية، وفي كانون الثاني/ يناير 2009 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 63/240 الذي أطلق إطارًا زمنيًّا للتفاوض بشأن معاهدة تجارة الأسلحة. واشتمل هذا على الاجتماع التحضيري في عام 2010 واجتماعين في عام 2011 واجتماع في تموز/ يولية 2012 قبل مؤتمر التفاوض النهائي في آذار/ مارس 2013. وفي نهاية مؤتمر الأمم المتحدة النهائي بشأن تجارة الأسلحة عجزت الدول عن التوصل إلى اتفاق. وعرضت المعاهدة لذلك على الدول للتصويت في الجمعية العامة. وتم أخيرًا تبني القرار الذي يحتوي على نص المعاهدة في 2 نيسان/ أبريل 2013 بموافقة 154 صوتًا ورفض ثلاثة أصوات (جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وإيران وسوريا) وامتناع ثلاثة وعشرين عضوًا عن التصويت. وفتحت المعاهدة للتصديق منذ 3 حزيران/ يونية 2013 وستدخل حيز التنفيذ بعد 90 يومًا من مصادقة العضو الخمسين عليها.
ومعاهدة تجارة الأسلحة شاملة وملزمة قانونًا وترسي معايير دولية مشتركة لاستيراد وتصدير ونقل الأسلحة التقليدية. والهدف من مثل هذه المعاهدة هو إنشاء آلية دولية قاطعة وشفافة لمنع وحظر نقل الأسلحة والذخائر التقليدية من السوق الشرعية إلى السوق غير الشرعية التي يمكن فيها استخدامها في أعمال إرهابية والجريمة المنظمة وأنشطة إجرامية أخرى.
هجمات؛ القانون الدولي الإنساني؛ أساليب (ووسائل) الحرب؛ ألغام؛ حرب.
لمزيد من المعلومات:
Amnesty International. Contrôler les armes. Paris: Editions Autrement, 2011.
Aubert, Maurice. “The International Red Cross and the Problem of Excessively Injurious or Indiscriminate Weapons.” International Review of the Red Cross 279 (November–December 1990): 447–97.
Boothby, W. H. “Autonomous Systems: Precautions in Attacks.” 34th Round Table on International Humanitarian Law and New Weapon Technologies. International Institute of Humanitarian Law. San Remo, 8–11 September 2011, pp. 119–33.
Coupland, Robin, and Dominique Loye. “International Assistance for Victims of Use of Nuclear, Radiological, Biological and Chemical Weapons: Time for a Reality Check?” International Review of the Red Cross279 (November–December 1990): 447–97874 (June 2009): 329–40.
British Medical Association. The Medical Profession and Human Rights: Handbook for a Changing Agenda. London: Zed in association with BMA, 2001.
Dinstein, Yoram. The Conduct of Hostilities under the Law of International Armed Conflict. Cambridge,U.K.: Cambridge University Press, 2004.
Henckaerts, Jean-Marie, and Louise Doswald-Beck, eds. Customary International Law, “A Guide to the Legal Review of New Weapons, Means and Methods of Warfare: Measures to Implement Article 36 of Additional Protocol I of 1977.” International Review of the Red Cross 864 (December 2006): 931–956.
International Institute of Humanitarian Law. XXXIV Round Table on International Humanitarian Law and New Weapon Technologies. San Remo, 8–11 September 2011.
Lawand, Kathleen. “Reviewing the Legality of New Weapons, Means and Methods of Warfare.” International Review of the Red Cross 864 (December 2006): 925–30.
Vol. 1—The Rules.Cambridge, U.K.: Cambridge University Press, 2005, part IV.
Mulinen, Frederic de. Handbook on the Law of War for Armed Forces. Geneva: ICRC, 1989, appendix 1.
Oeter, Stefan. “Methods and Means of Combat.” In The Handbook of Humanitarian Law in Armed Conflicts,ed. edited by Dieter Fleck, 121–52. Oxford: Oxford University Press, 1995, 121–52.