القاموس العملي للقانون الإنساني

« الخطأ في تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم » Albert Camus.

سلامة

إن المقصود من احترام النظام الوطني والدولي العام هو ضمان أمن الأفراد. ففي أوقات السلم تقوم نظم العدالة بتعزيز حماية الأفراد.

← حقوق إنسان

ومن جهة أخرى فإن حالات النزاع ينجم عنها بطبيعة الحال نظام أمني قاصر لكلّ من الأفراد والدولة نفسها، وفي مثل تلك الظروف الخطرة لا يمكن لنظام عدالة بذاته وفي حدّ ذاته منع أو وقف التهديدات المباشرة للعنف الجسدي. علاوة على ذلك، يمكن أن تلجأ الدولة إلى القوة وتقيد من حقوق الإنسان لاستعادة النظام العام. وفي حالات الاضطرابات الداخلية، فإنه يبقى الالتزام بصيانة الأمن والنظام مضمونًا في القانون الوطني بما يتفق مع معايير راسخة في اتفاقيات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية. وتحمي محاكم حقوق الإنسان الدولية والإقليمية سيطرة القضاء على أعمال السلطة التنفيذية وقوات الشرطة. فعلى سبيل المثال، تعتبر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مختصة بفحص مدى التناسب بين اشتراطات الأمن واحترام حقوق الإنسان ويجوز أن تطلب من دولة ما تغيير سلوكها.

← تناسب

وفي أوضاع النزاع المسلح، فإن نموذج الأمن وسيادة القانون لا يتسم بالكفاءة إلى حد بعيد. ولهذا السبب يتضمن القانون الإنساني الدولي قواعد تتعلق بتقييد وحصر استخدام القوة والضمانات الأساسية للضحايا من حيث الإغاثة وحق الحماية القانونية. وتعتبر الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية وتنطوي على المسؤولية الجنائية لمرتكبيها أمام المحكمة الوطنية والدولية.

← ضمانات أساسية

تسرد اتفاقيات جنيف لسنة 1949 وبروتوكولاها الإضافيان لسنة 1977 عددًا من المحظورات المحدّدة التي تخصّ السلطات العسكرية والمدنية التي يُعوّل عليها حماية السلامة الجسدية لمعظم المجموعات من السكان الأكثر عُرضة للهجمات. ولتحقيق احترام تلك الأحكام فإن القانون الإنساني يحاول أن يأخذ في الاعتبار العراقيل والأخطار التي قد تأتي كردود أفعال من كل فئة من الأشخاص ومن ثم فإن الاتّفاقيات تضع مستويات مختلفة للمسؤولية الواقعة على عاتق الأطراف الفاعلة المسلحة المختلفة بحيث تضمن سلامة الجماعات والكيانات التالية:

—أسرى الحرب: يجب أن يجري إجلاء ونقل أسرى الحرب بكيفية إنسانية وفي ظروف أمن ملائمة (اتفاقيّة جنيف 3 الموادّ 20 و46 و47) ولا يجوز تعريض أسرى الحرب إلى مصدر خطر بغرض استغلال وجودهم لجعل بعض المناطق في مأمن من الهجمات (اتفاقيّة جنيف 3 المادة 23).

—الأجانب: يعتبر الأجانب المتواجدون على أرض طرف في النزاع مدنيين بشكل عام. ويحق لهم مغادرة تلك الأراضي في ظروف أمن ملائمة وذلك ضمن مسؤوليات السلطات الوطنية لطرف النزاع (اتفاقيّة جنيف 4 المادتان 35 و36)

—المعتقلون المدنيون: يجوز لطرف في النزاع اعتقال أشخاص محميين إذا اقتضى ذلك بصورة مطلقة أمن ذلك الطرف، ولذا فقد تمّ وضع قيود دقيقة لحماية أماكن الاعتقال ضدّ الهجمات كما تمّ وضع ضمانات تؤمن ظروف أمن ملائمة في حالة نقل الأسرى (اتفاقيّة جنيف 4 الموادّ 42 و78، 88 و127).

—السكان المدنيون: ولضمان سلامة السكان المدنيين لا يجوز لأطراف النزاع حرمان المدنيين من وسائل رزقهم. فعلى سبيل المثال لا يجوز للإجراءات الأمنية التي يطبقها طرف في النزاع أن تمنع المدنيين من العمل بأجر (اتفاقيّة جنيف 4 المادتان 39 و51) أو الحصول على مواد الإغاثة. كما يجوز إجلاء سكان الأرض المحتلة إذا اقتضت ذلك ضرورة عسكرية قاهرة (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 49) وفقًا لأوضاع جيدة للسلامة.

—الدولة: إذا قام شخص تحميه الاتّفاقيّة بأعمال عدائية ضدّ أمن الدولة (مثل الجاسوسية أو التخريب) فإن ذلك الشخص يفقد صفته كشخصٍ محمي ولكنه يظلّ ينتفع من الضمانات الأساسية الممنوحة لكلّ الأفراد (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 5).

—أطراف النزاع: لا يجوز لموظفي الإغاثة أن يتعدّوا حدود مهمتهم بل يجب عليهم الأخذ في الاعتبار المتطلبات الأمنية لطرف النزاع الذي يؤدون واجباتهم على أراضيه (البروتوكول الإضافي الأول الموادّ 71 و74 و75) كما يجوز لدولة الاحتلال إذا اقتضت الحاجة أن تغير في القوانين الجنائية في الأراضي التي تحتلها بحيث تكون قادرة على ضمان أمنها (البروتوكول الإضافي الأول المادتان 63 و64)، إلّا أن هنالك قيودًا موضوعة لحماية السكان من سوء المعاملة فمثلًا إذا تعيّن على شخصٍ محميّ المثول للمحاكمة يكون لممثل الدولة الحامية الحقّ في حضور تلك المحاكمة (اتفاقيّة جنيف 4 المادتان 64 و74).

—الأشخاص المحميون أو المنشآت المحمية: لا يجوز للدولة الحامية أن ترغم الأشخاص المحميين على استعمال القوة لتأمين أمن المنشآت التي يقومون فيها بتأدية عمل إجباري (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 51).

—منظمات الإغاثة: إن مبدأ عدم المساس يضمن سلامة موظفي الإغاثة ويضمن عبورًا حرًا للموادّ الإنسانية كما يضمن سلامة عمليات الإغاثة الأخرى التي تقوم بها تلك المنظمات (البروتوكول 1 [النص الأصلي] المادة 71). تلتزم أطراف النزاع بتزويد جمعيات الإغاثة بكل التسهيلات الضرورية لإتمام مهامها ويجوز للدول أخذ التدابير للحد من نشاطات تلك المنظمات ويشترط مع ذلك ألا يعوق هذا التحديد تقديم عون فعال وكاف لجميع الأشخاص المحميين (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 142).

—النقل الطبي (برًا وبحرًا وجوًا): سوف تحظى جميع المركبات والسفن والزوارق والطائرات الطبية بالاحترام والحماية خاضعة بذلك للأحكام ذات الصلة مثل تلك التي تحكم ظروف التحليق والإخطارات والموافقات الخاصة بالطائرات الطبية (البروتوكول 1 المادتان 23 و29).

—اللاجئون: تصبح الدولة التي التمس اللاجئون مأوى على أراضيها مسؤولة عن سلامتهم. وللحديث عن “المأوى” فإن الأرض المشار إليها يجب أن تكون آمنة، ولذا فإنه يجب إنشاء مخيمات للاجئين على مسافة معقولة من الحدود.

ولكن للأسف لا يمكن دومًا ضمان أمن مخيمات اللاجئين إذ تستغلّ أحيانًا كمناطق امتصاص صدمات لحماية الحدود من الهجمات وفي أحيان أخرى تتحول تلك المناطق المحمية إلى مناطق عسكرية وتستخدم كقاعدة تُشنّ منها الهجمات ومع ذلك فإن القانون الدولي يبين أنه من بين مسؤوليات الدولة الإقليمية:

– عدم استغلال وجود اللاجئين كسبب أو قاعدة يتمّ من خلالها تنفيذ أنشطة عدائية ضدّ دولة أخرى، كما

– يجب عليها تأمين سلامة اللاجئين.

إن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات غير الحكومية التي تعمل بالاشتراك مع تلك الدولة تصبح مسؤولة عن مراقبة نوعية ومستوى السلامة والحماية اللتين يحظى بهما اللاجئون.

← واجب القادة؛ موظفو الإغاثة الإنسانية؛ خدمات طبية؛ مناطق ومواقع محمية؛ أشخاص محميون؛ حماية؛ نظام عام؛ مسؤولية.

Article également référencé dans les 4 catégories suivantes :