أسرى الحرب
يُعدّ المقاتل الذي يقع في يد طرف خصم في نزاع مسلح دولي أسير حرب. ويكفل القانون الإنساني الحماية لجميع الأشخاص الذين يقعون في يد العدو أثناء النزاع المسلح، سواء كانوا مقاتلين فيعدون أسرى حرب أو مدنيين فتؤمن لهم الحماية على هذا الأساس. حددت اتفاقيات جنيف أن جميع الأشخاص الذين يقعون في يد الخصم يشملهم القانون الإنساني.
- تنظم اتفاقيّة جنيف الثالثة لعام 1949 معاملة أسرى الحرب، حيث إن تعريفها يُستمدّ من تعريف المقاتلين (اتفاقيتا جنيف 1-3). والمدنيون الذين يشاركون في الأعمال العدائية يستفيدون أيضًا من ضمانات المعاملة في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية (اتفاقية جنيف 4). وفي النزاعات المسلحة غير الدولية، لا يُعترَف رسميًّا بوضع المقاتل لأعضاء الجماعات المسلحة من غير الدول. وينص القانون الإنساني الذي ينطبق على النزاعات المسلحة غير الدولية على نظام حماية مُعيَّن للأشخاص المحرومين من حريتهم لأسباب تتصل بالنزاع (çاحتجاز)، وينطبق هذا الوضع في الحد الأدنى على المقاتلين الذين يقاتلون داخل جماعات مسلحة من غير الدول في النزاعات المسلحة غير الدولية.
← مدنيون؛ مقاتل؛ احتجاز؛ جماعات مسلحة من غير الدول
☜المعاملة المنصوص عليها لأسرى الحرب يجوز دائمًا أن تمنحها السلطة الحاجزة للمحتجزين الذين لا يستوفون المعايير والشروط التي وضعتها اتفاقية جنيف الثالثة. ويمكن أن تنطبق أيضًا جزئيًّا بموجب اتفاق خاص في الحالات التي لا ترقى إلى أن تكون نزاعًا مسلحًا دوليًّا.
- يتناول البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية (البروتوكول 1) لسنة 1977، مسألة أسرى الحرب من زاوية مختلفة. ويُعدِّد فئات الأشخاص الذين يجب حمايتهم بموجب وضع أسرى الحرب في حال وقوعهم أسرى بيد طرف خصم. والهدف من ذلك هو ضمان عدم حرمان الأفراد من هذا الوضع في حال اختيار سلطة ما تفسيرًا شديد التقييد لتعريف اتفاقيّة جنيف الثالثة. كما يحدّد البروتوكول الأول ضمانات للحيلولة دون حرمان شخص من الصفة التي يستحقها. وجميع الذين شاركوا بشكل مباشر في الأعمال العدائية أثناء النزاع المسلح وسقطوا في يد العدو يتمتعون بالحماية التي تكفلها اتفاقيّة جنيف الثالثة لحين البتّ في وضعهم بواسطة محكمة مختصة مع ضمانات إجراء محاكمة عادلة أمام قضاء مستقل ونزيه (اتفاقية جنيف 3 المادة 5 والبروتوكول 1 المادة 45).
- تنظم هذه النصوص شروط احتجاز أسرى الحرب (السكن والطعام، والصحة والرعاية الطبية، والنشاطات البدنية والفكرية، والنظام، والنقل، والعمل، والمراسلات، والنقود). ويشمل وضع أسير الحرب ضمانات أساسية معينة في حالة العقوبات التأديبية والجزائية.
- يأخذ هذا الوضع الخاص في الاعتبار أن للمقاتلين حقًا شرعيًا في استعمال العنف، إلى أن يقعوا في الأسر. ويحاول القانون التأكيد على ضرورة عدم استعمال الأسر والاحتجاز حجة للانتقام أو سوء المعاملة أو التعذيب للحصول على معلومات من أسرى الحرب أثناء الاستجواب. ويمكن إخضاعهم إلى الاستجواب إنما يحظر التعذيب البدني أو المعنوي أو أي نوع آخر من الإكراه للحصول على المعلومات مهما كانت طبيعتها. كما أنه يحاول أيضًا تجنب محاكمة ومعاقبة الأسرى لمجرد مشاركتهم في الأعمال العدائية. ولا يفقد المقاتل الذي انتهك القانون الإنساني بما في ذلك ارتكابه أعمالًا إرهابية وضع أسير الحرب، إنما يمكن أن يحاكم على الجرائم التي ارتكبها أمام قضاء عادل ويستفيد من الضمانات القضائية التي يكفلها القانون الإنساني. كما أن المخالفات التي تستوجب تطبيق عقوبة الإعدام مُحدّدة.
← سوء المعاملة؛ ضمانات أساسية؛ ضمانات قضائية؛ عقوبةالإعدام.
☜ في 1977، تمّ توسيع تعريف أسير الحرب الذي حدد في عام 1949 ليأخذ بعين الاعتبار مفهوم “المقاتل” الآخذ في التطور، والمرتبط بالأساليب العسكرية الجديدة. وبموجب التعريف الجديد، لم يعد وضع أسير الحرب يقتصر على المقاتلين الذين هم أفراد في القوات المسلحة، إذ قد يمنح للمدنيين المشاركين في الأعمال العدائية والأفراد في حركات المقاومة والمشاركين في الانتفاضات الشعبية.
ليس لفئة “مقاتل غير مشروع”، التي يتذرّع بها بعض البلدان لحرمان بعض المقاتلين من وضع أسير الحرب، أي أساس قانوني في القانون الإنساني.
حتى في حال ارتكاب مقاتل ما انتهاكات صارخة للقانون الإنساني، لا يجوز أن يحرم من وضع أسير الحرب والحماية الممنوحة بموجب هذا الوضع. وتوجد آلية مختصة بمراقبة منح وضع مقاتل والضمانات التي يكفلها وضع أسير الحرب. ونادرًا ما ينطبق تعريف أسير الحرب على النزاعات المسلحة غير الدولية. إلَّا أن البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف الخاص بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية (البروتوكول 2) ينصّ على أحكام وضمانات محدّدة تتعلّق بمعاملة الأشخاص الذين يحتجزون لأسباب تتعلّق بنزاع ما (البروتوكول 2 المادة 5).
أولًا تعريف أسرى الحرب (اتفاقيّة جنيف الثالثة لعام 1949)
تُعرِّف اتفاقيّة جنيف الثالثة فئات الأشخاص الذين يحق لهم التمتع بوضع أسرى الحرب:
▪ أسرى الحرب هم الأشخاص الذين ينتمون إلي إحدى الفئات التالية، ويقعون في قبضة العدو:
- أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع، والميليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءًا من هذه القوات المسلحة،
- أفراد الميليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة، الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلًا، على أن تتوافر الشروط التالية في هذه الميليشيات أو الوحدات المتطوعة، بما فيها حركات المقاومة المنظمة المذكورة:
أ. أن يقودها شخص مسؤول عن مرؤوسيه،
ب. أن تكون لها شارة مميزة محدّدة يمكن تمييزها عن بعد،
ج. أن تحمل الأسلحة جهرًا،
د. أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعاداتها.
- أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون ولاءهم لحكومة أو سلطة لا تعترف بها الدولة الحاجزة.
- الأشخاص الذين يرافقون القوات المسلحة دون أن يكونوا في الواقع جزءًا منها، كالأشخاص المدنيين الموجودين ضمن أطقم الطائرات الحربية، والمراسلين الحربيين، ومتعهدي التموين، وأفراد وحدات العمال أو الخدمات المختصة بالترفيه عن العسكريين، شريطة أن يكون لديهم تصريح من القوات المسلحة التي يرافقونها، والتي ستقوم بتزويدهم ببطاقة هوية لذلك الغرض [...]
- أفراد الأطقم الملاحية، بمن فيهم القادة والملاحون ومساعدوهم في السفن التجارية وأطقم الطائرات المدنية التابعة لأطراف النزاع، الذين لا ينتفعون بمعاملة أفضل بمقتضى أي أحكام أخرى من القانون الدولي.
- سكان الأراضي غير المحتلة الذين يحملون السلاح من تلقاء أنفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات الغازية دون أن يتوافر لهم الوقت لتشكيل وحدات مسلحة نظامية، شريطة أن يحملوا السلاح جهرًا وأن يراعوا قوانين الحرب وعاداتها (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 4 -أ).
▪ يعامل الأشخاص المذكورون فيما يلي بالمثل كأسرى حرب بمقتضى هذه الاتّفاقيّة:
- الأشخاص الذين يتبعون أو كانوا تابعين للقوات المسلحة للبلد المحتل إذا رأت دولة الاحتلال ضرورة اعتقالهم بسبب هذا الانتماء، حتى لو كانت قد تركتهم أحرارًا في بادئ الأمر أثناء سير الأعمال الحربية خارج الأراضي التي تحتلها، وعلى الأخص في حالة قيام هؤلاء الأشخاص بمحاولة فاشلة للانضمام إلى القوات المسلحة التي يتبعونها والمشتركة في القتال، أو في حالة عدم امتثالهم لإنذار يوجه إليهم بقصد الاعتقال.
- الأشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات المبينة في هذه المادة، الذين تستقبلهم دولة محايدة أو غير محاربة في إقليمها وتلتزم باعتقالهم بمقتضى القانون الدولي، مع مراعاة أية معاملة أكثر ملاءمة، قد ترى هذه الدول من المناسب منحها لهم [...] (اتفاقيّة جنيف 3 المادة 4 ب).
أخذ البروتوكول الأول لعام 1977 بعين الاعتبار تطور طرق الحرب ووسّع مفهوم مصطلح “مقاتل” لكي يشمل أفراد القوات المسلحة المستقلة (البروتوكول 1 المادتان 43-44) عن القوات النظامية والمدنيين المشاركين في الأعمال العدائية.
تمّ توسيع مفهوم القوات المسلحة والمقاتلين كما يلي:
▪ تتكوّن القوات المسلحة لطرف النزاع من جميع القوات المسلحة والمجموعات والوحدات النظامية التي تكون تحت قيادة مسؤولة عن سلوك مرؤوسيها قبل ذلك الطرف حتى ولو كان ذلك الطرف ممثلًا بحكومة أو بسلطة لا يعترف الخصم بها.
▪ تخضع مثل هذه القوات المسلحة لنظام داخلي يكفل فيما يكفل اتباع قواعد القانون الدولي التي تطبق في النزاع المسلح.
▪ يعتبر أفراد القوات المسلحة في أحد أطراف نزاع ما (عدا أفراد الخدمات الطبية والوعاظ الذين تشملهم المادة 33 من الاتّفاقيّة الثالثة) مقاتلين، بمعنى أن لهم حقّ المساهمة المباشرة في الأعمال العدائية (البروتوكول 1 المادة 43).
ربط البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الحماية التي يكفلها وضع أسير الحرب بالمعيار الموضوعي المتعلق بالمشاركة المباشرة في الأعمال العدائية بدلًا من المعيار القانوني وهو الانتماء إلى القوات المسلحة. فيمكن للمقاتلين والمدنيين المشاركين مباشرة في الأعمال العدائية المطالبة بوضع أسير الحرب والحماية المرتبطة به.
يفترض في الشخص الذي يشارك في الأعمال العدائية ويقع في قبضة الخصم أنه أسير حرب، ومن ثم يتمتع بحماية الاتّفاقيّة الثالثة إذا ادعى أنه يستحق وضع أسير الحرب، أو إذا تبيّن أنه يستحق مثل هذا الوضع، أو إذا ما ادعى الطرف الذي يتبعه هذا الشخص، نيابة عنه، باستحقاقه مثل هذا الوضع، وذلك عن طريق إبلاغ السلطة التي تحتجزه أو السلطة الحامية (اللجنة الدولية للصليب الأحمر). ويظلّ هذا الشخص متمتعًا بوضع أسير الحرب إذا ما ثار الشك حول استحقاقه لهذا الوضع، وبالتالي يبقى مستفيدًا من حماية الاتّفاقيّة الثالثة وهذا البروتوكول حتى ذلك الوقت الذي تفصل في وضعه محكمة مختصة (البروتوكول 1 المادة 45-1).
في هذا الإطار، ليس لفئة “مقاتل غير مشروع”، التي يتذرع بها البعض لحرمان بعض المقاتلين من وضع أسير الحرب، أي أساس قانوني في القانون الإنساني منذ البروتوكولين الإضافيين لعام 1977. وينصّ القانون الإنساني على عدد من الضمانات الإجرائية لتأمين التوصيف المناسب للأشخاص المعنيين سواء كانوا من المدنيين أو المقاتلين والحصول على وضع أسير الحرب.
← مقاتل.
ثانيًا منح وضع أسير الحرب (البروتوكول الأول)
يوضع عدد محدّد من الضمانات لتحديد من هم الأشخاص الذين يمنحون وضع أسير الحرب سواء من المقاتلين أو المدنيين المشاركين في الأعمال العدائية. والهدف هو عدم إعطاء سلطة الاحتجاز صلاحية منح هذا الوضع. وسمحت ضمانات أخرى بمنح الحماية التي يكفلها وضع أسير الحرب لأشخاص لا يتمتعون بشكل مباشر بهذا الوضع.
1 القرائن ومراقبة المحكمة المختصة
يعتبر كل مقاتل يقع في قبضة الطرف الخصم أسير حرب. وقد وسّع البروتوكول الأول لعام 1977 هذه القاعدة لتجنب الجدل حول انتماء المقاتل إلى القوات المسلحة. ويسمح هذا البروتوكول بتطبيق وضع أسير الحرب على مختلف أعضاء الجماعات التابعة إلى قوات مسلحة وكل شخص شارك في الأعمال العدائية. وذكرت الاتّفاقيّة الثالثة والبروتوكول الإضافي الأول أنه في حال الشك فيما إذا كان شخص ما يستحق وضع أسير الحرب، ليس من صلاحية سلطة الاحتجاز البتّ في الأمر، إنما يجب على المحكمة النظر في المسألة.
وفي حالة وجود أي شك بشأن انتماء أشخاص قاموا بعمل حربي وسقطوا في يد العدوّ إلى إحدى فئات المقاتلين (اتفاقيّة جنيف 3 المادة 4)، فإن هؤلاء الأشخاص يتمتعون بالحماية التي تكفلها هذه الاتّفاقيّة لحين البتّ في وضعهم بواسطة محكمة مختصة (اتفاقيّة جنيف 3 المادة 5).
يعتبر أي شخص يشارك في الأعمال العدائية ويقع في قبضة الخصم أنه أسير حرب إذا ادعى أنه يستحق وضع أسير الحرب، أو إذا تبيّن أنه يستحق مثل هذا الوضع، أو إذا ما ادعى الطرف الذي يتبعه هذا الشخص، نيابة عنه، باستحقاقه مثل هذا الوضع، وذلك عن طريق إبلاغ الدولة التي تحتجزه أو السلطة الحامية (اللجنة الدولية للصليب الأحمر). ويظلّ هذا الشخص متمتعًا بوضع أسير الحرب إذا ما ثار شك حول استحقاقه لهذا الوضع وبالتالي يبقى مستفيدًا من حماية الاتّفاقيّة الثالثة والبروتوكول الأول الإضافي حتى ذلك الوقت الذي تفصل في وضعه محكمة مختصة (البروتوكول 1 المادة 45-1).
في مثل هذه الحالات، عزَّز البروتوكول الإضافي الأول هذه الحماية وأعطى الشخصَ المحتجز حقّ المطالبة بوضع أسير الحرب وحق اللجوء إلى المحكمة للفصل في هذا النزاع فضلًا عن السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بمراقبة سريان هذه الإجراءات. ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة حيث إنه يحمي المدنيين الذين شاركوا في العمليات العدائية من الملاحقات الجزائية التعسفية من قبل سلطة الاحتجاز. ويحق للشخص الذي يقع في قبضة الخصم، إذا ما رأى هذا الخصم وجوب محاكمته عن جريمة ناجمة عن الأعمال العدائية، أن يثبت حقه في وضع أسير الحرب أمام محكمة قضائية وأن يطلب البتّ في هذه المسألة وذلك إذا لم يعامل كأسير حرب. ويكون لممثلي الدول الحامية أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر الحقّ في حضور الإجراءات التي يجري في أثنائها البتّ في الموضوع (البروتوكول 1 المادة 45-2).
← عقوبة الإعدام؛ ضمانات قضائية؛ أرض محتلة
لا يتمتع المدنيون بالحماية التي يكفلها قانون النزاعات المسلحة ما داموا يقومون بدور مباشر في الأعمال العدائية وعلى مدى الوقت الذي يقومون خلاله بهذا الدور (البروتوكول 1 المادة 51، والبروتوكول 2 المادة 13-3). فيمكنهم الاستفادة من وضع أسير الحرب في الحالات المشروحة أعلاه (البروتوكول 1 المادة 45-1-3).
في الواقع، هذا يعني أنه يجب على سلطة الاحتجاز إثبات، أمام محكمة مختصة، الأسباب التي تمنع الشخص من الحصول على الوضع المعني. ويعدّ مدنيًا كل من لا يستطيع الحصول على وضع المقاتل أو على الحماية المكفولة لأسير الحرب. في حال الاحتجاز أو المحاكمة لأسباب تتعلّق بانتهاك القانون الإنساني، ويستفيد هؤلاء الأشخاص من الحماية التي تمنحها الضمانات الأساسية والقضائية.
← مدنيون؛ احتجاز؛ ضمانات أساسية؛ ضمانات قضائية.
في حال اشتراك الأطفال في الأعمال العدائية فإنهم يظلّون مستفيدين من الحماية التي يكفلها لهم القانون الإنساني سواء كانوا أم لم يكونوا أسرى حرب (البروتوكول 1 المادة 77).
← طفل.
2 شروط الحرمان من وضع أسير الحرب
يزعم البعض بصورة خاطئة أنه حيثما يحدث انتهاك القانون الإنساني الذي ترتكبه بعض الجماعات المسلحة فإنه يجوز حرمانهم من الحصول على وضع مقاتل أو أسير الحرب. وتشير اتفاقيات جنيف إلى التزام القوات المسلحة بتعيين أحد القادة للعمل على فرض احترام القانون الإنساني، إلّا أن عدم توافر هذا العنصر لا يؤثر على منح وضع أسير الحرب للأشخاص المشاركين في الأعمال العدائية. وقد أوضح البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 هذه النقطة.
▪ إن مخالفة أحكام القانون الإنساني لا تحرم المقاتل حقه في أن يعدّ مقاتلًا، أو أن يعدّ أسير حرب (البروتوكول 1 المادة 44-2). ويجوز معاقبة أسير الحرب لانتهاكه القانون الإنساني دون أن يحرم من الحقوق التي يكفلها له وضع أسير الحرب لا سيما الحصول على الضمانات القضائية.
▪ يشكل التمييز بين المدنيين والمقاتلين أساس نظام حماية المدنيين في القانون الإنساني. لذلك تلزم الاتّفاقيات المقاتلين أن يميزوا أنفسهم عن السكان المدنيين وأن يحملوا أسلحتهم علنًا أثناء الاشتباكات.
▪ يخلّ المقاتل الذي يقع في قبضة الخصم، دون أن يكون ميّز نفسه عن المدنيين، بحقه في الحصول على وضع أسير الحرب (البروتوكول 1 المادة 44-4). وخفّض البروتوكول شروط تمييز المقاتلين أثناء الاشتباكات العسكرية لصعوبة ذلك في بعض العمليات العسكرية. ولا يشمل هذا الالتزام إذن ارتداء الزي الرسمي والشارات المميزة ويمكن أن يقتصر على حمل السلاح علنًا أثناء الاشتباكات العسكرية. وتضيف هذه المادة أن المقاتل الذي حرم من حقه في الحصول على وضع أسير الحرب يستفيد من حماية ممثلة بمقتضى اتفاقيّة جنيف الثالثة والبروتوكول الأول والتي يحظى بها أسرى الحرب. ويعود حقّ تقدير الوقائع وتحديد الوضع النهائي إلى محكمة مختصة وليس إلى سلطة الاحتجاز. يعني التمييز بين وضع أسير الحرب ومعاملة أسير الحرب أنه يمكن توقيع الملاحقة الجزائية على كل من شارك في الاشتباكات بصورة غير معلنة كمقاتل لانتهاكه القانون الوطني لسلطة الاحتجاز. إلّا أنه يستفيد من الحماية التي تكفلها الاتّفاقيّة الثالثة لأسرى الحرب وكذلك الضمانات القضائية.
▪ لا يجوز للمرتزقة التمتع بوضع المقاتل أو أسير الحرب (البروتوكول 1 المادة 47). ويعطي البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 تعريفًا ضيقًا للمرتزقة. فهو لا يشمل المتطوعين الأجانب الذين ينضمّون بشكل عفوي إلى المقاتلين ويشكلون ميليشيات منظمة إلى جانب إحدى القوات المسلحة في النزاع. ويجب أن يستفيد المتطوعون الأجانب من وضع المقاتل ومن ضمانة حقّ اللجوء إلى المحاكم لإثبات وضعهم كأسرى حرب مهما كانت جنسيتهم.
▪ ليس للجاسوس الحقّ في التمتع بوضع أسير الحرب إذا أدى نشاطه دون ارتداء زي قواته المسلحة (البروتوكول 1 المادة 46).
يستفيد المرتزقة والجواسيس، في حال الأسر، من الضمانات الأساسية التي تفرض المعاملة الإنسانية.
← مرتزقة؛ تجسُّس؛ مقاتل؛ ضمانات أساسية.
ثالثًا وضع أسير الحرب (اتفاقيّة جنيف الثالثة)
بعد أن يقع أسرى الحرب في قبضة العدوّ، يصبحون عرضة لأعمال الانتقام والضغط والإذلال على وجه الخصوص. ويحدّد وضع أسرى الحرب بالتفصيل في الموادّ المائة والثلاث والأربعين التي تتألف منها اتفاقيّة جنيف الثالثة، والتي تنظم حماية المقاتلين الذين يقعون في قبضة القوة المعادية وظروف احتجازهم.
وتستند هذه الحماية إلى إعادة تأكيد الاتّفاقيّة على حقوق والتزامات معينة بالإضافة إلى آلية الإشراف المتجسدة في تفويض السلطة الحامية. وفي حال فشل الأطراف في نزاع ما في تعيين سلطة حامية، تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأداء هذا الدور فيما يتعلّق بالأسرى من الطرفين (اتفاقيّة جنيف 3 المواد 8-10). وعمليًا، يعتبر مبدأ المعاملة بالمثل محوريًا لإقناع أطراف النزاع باحترام الحقوق التي أكدتها الاتّفاقيّة الثالثة. ولكن وفي مواقف معينة، أي في النزاعات المسلحة غير الدولية - لا تكون فوائد المعاملة بالمثل هذه كافية دائمًا للحيلولة دون سوء المعاملة. ويكون دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكثر أهمية في مثل هذه الحالات.
ويمكن اختصار الحقوق والالتزامات التي حددتها اتفاقيّة جنيف الثالثة كما يلي:
▪ يجب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات. ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبِّب موت أسير في عهدتها، ويعتبر انتهاكًا جسيمًا (اتفاقيّة جنيف 3 المادة 13).
▪ لأسرى الحرب حقّ في احترام أشخاصهم وشرفهم في جميع الأحوال. ويجب أن تعامل النساء الأسيرات بكل الاعتبار الواجب لجنسهن. ويجب على أية حال أن يلقين معاملة لا تقلّ ملاءمة عن المعاملة التي يلقاها الرجال.
(اتفاقيّة جنيف 3 المادة 14) çنساء.
▪ تتكفل الدولة الحاجزة بإعاشة أسرى حرب دون مقابل وبتقديم الرعاية الطبية التي تتطلبها حالتهم الصحية مجانًا (اتفاقية جنيف 3 المادة 15).
▪ يتعيّن على الدولة الحاجزة معاملة جميع أسرى الحرب معاملة متساوية (اتفاقية جنيف 3 المادة 16).
▪ لا يلتزم الأسرى عند استجوابهم إلَّا بالإدلاء باسمهم بالكامل ورتبتهم العسكرية وتاريخ ميلادهم ورقمهم بالجيش. ويزودون ببطاقة لتحقيق الهوية. ولا تمنع الاتّفاقيّة الاستجواب إنما لا يجوز ممارسة أي تعذيب بدني أو معنوي أو أي إكراه على أسرى الحرب لاستخلاص المعلومات منهم من أي نوع. ولا يجوز تهديد أسرى الحرب الذين يرفضون الإجابة أو سبهم أو تعريضهم لأي إزعاج أو إجحاف. ويجري استجواب أسرى الحرب بلغة يفهمونها (اتفاقية جنيف 3 المادة 17). ولا يجوز حرمان أسرى الحرب من أغراضهم الشخصية (اتفاقية جنيف 3 المادة 18).
▪ يجب نقل أسرى الحرب وبأسرع وقت ممكن بعد أسرهم إلى معسكرات تقع خارج مناطق القتال. ويجب أن تتمّ عملية الإجلاء بطريقة إنسانية وفي ظروف مماثلة لظروف إجلاء قوات الدولة الحاجزة عند تغيير مواقعهم، ويجب تزويد أسرى الحرب بما يكفي من الطعام وماء الشرب والملابس والعناية الطبية الضرورية (اتفاقية جنيف 3 المادتان 19 و20).
▪ يجب أن توفر مباني الاحتجاز كل ما يضمن النظافة والصحة وتأخذ بعين الاعتبار حالة الطقس في المنطقة (اتفاقية جنيف 3 المادة 22).
▪ يجب وضع علامات واضحة لتمييز معسكرات أسرى الحرب يكتب عليها الحروفPW أوPG الحروف الأولى من عبارة “أسرى الحرب” Prisoners of war أوPrisonniers de guerre، متى ما سمحت الاعتبارات العسكرية بذلك (اتفاقية جنيف 3 المادة 23).
▪ يجب أن يحجز أسرى الحرب في ظروف ملائمة مماثلة لما يوفّر لقوات الدولة الحاجزة المقيمة في المنطقة ذاتها. وتراعى في هذه الظروف عادات الأسرى وتقاليدهم، ويجب ألا تكون ضارة بصحتهم بأي حال. ويجب حماية المباني من الرطوبة وتدفئتها وإضاءتها بقدر كاف (اتفاقية جنيف 3 المادة 25).
▪ يجب أن تكون حصص الطعام اليومية الأساسية كافية كمًا ونوعًا وتنوعًا للحفاظ على صحة أسرى الحرب والحيلولة دون فقدان الوزن أو الإصابة بحالات نقص التغذية. ويجب أن تؤخذ العادات الغذائية للأسرى بعين الاعتبار (اتفاقية جنيف 3 المادة 26).
▪ تلتزم الدولة الحاجزة باتّخاذ جميع التدابير الصحية الضرورية لتأمين نظافة المعسكرات وملاءمتها للصحة والوقاية من الأوبئة. وفي أي معسكرات تحتجز فيها أسيرات حرب، يجب توفير مرافق منفصلة لهنّ (المادة 29).
▪ يجب أن يضمّ كل معسكر عيادة مناسبة. ويجب أن يحصل أسرى الحرب على الرعاية الطبية، يفضل أن يقوم بعلاج أسرى الحرب موظفون طبيون من الدولة التي يتبعها الأسرى، وإذا أمكن من نفس جنسيتهم. ويجب إدخال أسرى الحرب الذين يعانون من أمراض خطيرة أو أولئك الذين تتطلب حالتهم معالجة خاصة، أي مستشفى أو وحدة طبية عسكرية أو مدنية حيث يمكن تقديم مثل هذا العلاج. وتشمل الفحص وتسجيل وزن كل أسير وحالته الصحية العامة، والغذائية، والنظافة (اتفاقية جنيف 3 المادتان 30، 31).
▪ لا يجوز اعتبار أفراد الخدمات الطبية والدينية، الذين تستبقيهم الدولة الآسرة لمساعدة أسرى الحرب، على أنهم أسرى حرب. إلّا أنهم يجب أن يحصلوا على الحدّ الأدنى من الامتيازات والحماية التي تنصّ عليها الاتّفاقيّة الثالثة وتقديم جميع التسهيلات الضرورية لهم لأداء أعمالهم (اتفاقية جنيف المادة 33).
▪ يتمتع أسرى الحرب بالحرية الكاملة في ممارسة شعائرهم الدينية وممارسة الأنشطة الرياضية والنشاطات الذهنية (اتفاقية جنيف 3 الموادّ 34-38).
▪ يوضع كل معسكر تحت السلطة المباشرة لضابط مفوض مسؤول يتبع القوات المسلحة النظامية للدولة الحاجزة. ويجب أن يعرف هذا الضابط ويقوم بتنفيذ أحكام بنود اتفاقيّة جنيف الثالثة. ويجب تعليق أي لوائح تتعلّق بسلوك الأسرى - بما في ذلك نصّ الاتّفاقيّة - في المعسكر، وبلغة يفهمها أسرى الحرب (اتفاقية جنيف 3 الموادّ 39-42).
▪ يجوز للدولة الحاجزة تشغيل أسرى الحرب اللائقين للعمل، مع مراعاة سنّهم، وجنسهم، ورتبتهم وكذلك قدرتهم البدنية، ولأغراض ليست عسكرية.
ولا يكلف ضباط الصف إلّا بالإشراف على العمل فقط. ولا يجوز إجبار أسرى الحرب على القيام بأعمال خطيرة أو مذلة ويجب دفع أجر أعمالهم (اتفاقية جنيف الموادّ 49-57).
▪ تنظم الموادّ 58 إلى 68 إدارة ونقل الموارد المالية لأسرى الحرب بدقة.
▪ تنظم الموادّ 69 إلى 77 علاقات الأسرى بالعالم الخارجي. وتنصّ أحكام هذه الموادّ أن على الدولة الحاجزة إبلاغ السلطات التي يتبعونها أن تسمح للأسرى باستلام الرسائل وإرسالها، من اثنتين إلى أربع شهريًا، اعتمادًا على نموذج البطاقة المستعمل، ويسمح للأسرى باستلام طرود فردية أو جماعية تحتوي، على وجه الخصوص، على موادّ غذائية، وملابس، وتجهيزات طبية، وموادّ ذات طبيعة دينية وتربوية أو ترفيهية، تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
▪ يحق لأسرى الحرب تقديم طلبات إلى السلطات العسكرية التي هم قيد أسرها بشأن أوضاع أسرهم (اتفاقية جنيف 3 المادة 78).
▪ تحدّد الموادّ 82 إلى 108 العقوبات الجزائية والتأديبية:
- كقاعدة، يخضع أسرى الحرب لقوانين الدولة الحاجزة ومحاكمها العسكرية وعلى مثل هذه المحاكم أن توفر دائمًا ضمانات الاستقلالية القضائية والحيادية وتوفر الحماية لوسائل وحقوق الدفاع.
- حتى في حالة إدانتهم، يستمر تمتع أسرى الحرب بالحماية التي توفرها بنود الاتّفاقيّة (إذ لا يجوز حرمان أسرى الحرب أبدًا من الحماية المنصوص عليها في الموادّ 78 إلى 126، فيما يخصّ حقهم في رفع الشكاوى وفي الضمانات القضائية التي يستحقونها).
- تحظر العقوبة الجماعية التي تفرض بسبب تصرفات فردية، والعقوبة الجسدية والحبس في أماكن لا يدخلها ضوء الشمس، وبصورة عامة، أي شكل من أشكال التعذيب أو القسوة.
- تحدّد الاتّفاقيّة مدى العقوبات التأديبية النافذة بوضوح تام.
- تعاقب محاولة الهروب بعقوبة تأديبية فقط.
← عقاب جماعي؛ عقاب جسدي؛ ضمانات قضائية.
▪ يجب إعادة الأسرى المصابين بجروح خطيرة أو يعانون من أمراض معينة إلى بلدانهم أو إلى مستشفى في دولة محايدة (الموادّ 109-117). وتحدّد المادة 110 الظروف المحدّدة التي تحكم مثل هذه الظروف. والأشخاص الذين تتطلب أمراضهم أو جراحهم إعادة مباشرة هم:
- الجرحى والمرضى الميؤوس من شفائهم، والذين يبدو أن حالتهم العقلية أو البدنية قد انهارت بشدة،
- الجرحى والمرضى الميؤوس من شفائهم خلال عام طبقًا للتوقعات الطبية، وتتطلب حالتهم العلاج، ويبدو أن حالتهم العقلية أو البدنية قد انهارت بشدة،
- الجرحى والمرضى الذين تمّ شفاؤهم ولكن يبدو أن حالتهم العقلية أو البدنية قد انهارت بشدة وبصفة مستديمة.
الأشخاص الذين يمكن نقلهم إلى بلد محايد هم:
- الجرحى والمرضى الذين ينتظر شفاؤهم خلال عام من تاريخ الجرح أو بداية المرض، إذا كانت معالجتهم في بلد محايد تدعو إلى توقع شفاء أضمن وأسرع،
- أسرى الحرب الذين تكون صحتهم العقلية أو البدنية، طبقًا للتوقعات الطبية، مهددة بشكل خطير إذا استمر أسرهم، ويمكن أن يمنع إيواؤهم في بلد محايد هذا الخطر.
ويمكن إعادة أسرى حرب معينين ممن ينقلون إلى بلد محايد بصورة مباشرة في أعقاب معالجتهم بموجب اتفاقيّة بين السلطات المعنية، في حال:
- تدهور حالتهم الصحية بحيث تستوفي الشروط التي حددت لعملية إعادتهم المباشرة.
- بقاء قواهم العقلية أو البدنية تعاني من عجز ملحوظ بعد العلاج.
▪ وبهدف معالجة احتياجات الإعادة المباشرة أو النقل إلى مستشفى في دولة محايدة، يجب على أطراف نزاع ما أن تشكل لجانًا طبية مختلطة من بداية النزاع، تتولى دراسة حالة الجرحى والمرضى (الملحق 1 لاتفاقيّة جنيف الثالثة، المرتبطة بالمادة 110، ينصّ على اتفاقيّة نموذجية بشأن الإعادة المباشرة وتحويل الجرحى والمرضى من الأسرى إلى بلد محايد).
▪ يجب إطلاق سراح أسرى الحرب وإعادتهم إلى أوطانهم دون إبطاء بعد انتهاء الأعمال العدائية الفعلية (اتفاقية جنيف 3 المادتان 118-119).
▪ تتناول المادتان 120 و121 مسألة وفاة أسرى الحرب. إذ تنظم صلاحية الوصايا الشخصية، والإبلاغ عن شهادات الوفاة، والحق في الدفن، والتزام الدولة الحاجزة بالتحقيق في أي حالة وفاة يكون سببها موضع شك.
▪ تلتزم أطراف النزاع بإنشاء مكاتب الاستعلامات وتنظيم عمليات الإغاثة المتعلقة بأسرى الحرب (اتفاقية جنيف 3 الموادّ 122-125).
تعتبر الأعمال التالية انتهاكات صارخة لاتفاقيات جنيف “القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة، وإرغام أسير الحرب على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وبدون تحيّز وفقًا للتعليمات الواردة في هذه الاتّفاقيّة” (اتفاقية جنيف 3 المادة 130).
←جرائم حرب/ جرائم ضدّ الإنسانية.
رابعًا الضمانات الأساسية
يرتبط وضع أسرى الحرب ارتباطًا وثيقًا بتعريف المقاتلين وعليه بوضع أفراد القوات المسلحة. إلّا أن وضع المقاتل لا يشمل بصورة آلية جميع الأشخاص الذين شاركوا في الأعمال العدائية (الذي قد يشمل المدنيين، أو المرتزقة، أو الأطفال من الجنود)، خاصة في النزاعات المسلحة الداخلية. ويبقى عدد معين من الضمانات الأساسية ساري المفعول في مثل هذه المواقف رغم ذلك.
وفي الواقع، تنص المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع على ضمانات أساسية لكل الأفراد الذين لم يشاركوا أو لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية (في النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية). وتنص على نفس الحقوق لكل الأفراد ومهما كانت الظروف. ولا يجوز للدول أن تتذرع بالطبيعة الخاصة للنزاع، أو صعوبة توصيفه، أو الاتهام بالمشاركة غير المشروعة في الأعمال العدائية، أو الإرهاب، أو جنسية الفرد المعني لرفض تطبيق المادة الثالثة المشتركة على الأشخاص الخاضعين لسلطتها وسيطرتها الفعلية. وفي هذا السياق، رفضت المحكمة الأمريكية العليا في عام 2006 الحجة التي استخدمتها السلطات الأمريكية وقضت بأن المادة الثالثة المشتركة تنطبق في سياق الحرب على الإرهاب على سجناء غوانتانامو. وهذا القرار أكده الاختصاص القضائي العالمي والقانون العرفي. وتم استكمال الضمانات الأساسية الواردة في المادة الثالثة المشتركة بالبروتوكولين الإضافيين لعام 1977. فهما ينصان على الحقوق التكميلية للأفراد الذين لم يشاركوا أو لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية أيًّا كان وضع هؤلاء الأفراد.
← طفل؛ مقاتل؛ احتجاز؛ ضمانات أساسية؛ حالات وفئات لم يشملها القانون الإنساني صراحةً.
1 في النزاعات المسلحة الدولية
▪ تنص المادة 75 من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف على أنه يحق لأي شخص شارك في الأعمال العدائية ولا يستحق وضع أسير حرب ولا تشمله الأحكام الملائمة بموجب اتفاقيّة جنيف الرابعة (الخاصة بحماية المدنيين)، وفي كل الأوقات، التمتع بالضمانات الأساسية التي تنصّ عليها الاتّفاقيات وتشتمل تلك الضمانات على ضمانات المعاملة، وضمانات الاحتجاز، والضمانات القضائية.
← الاحتجاز؛ ضمانات أساسية؛ ضمانات قضائية
2 في النزاعات المسلحة غير الدولية
لا يشير البروتوكول الإضافي الثاني الخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية، بصورة مباشرة إلى تعريف أسرى الحرب. إنما يذكر عددًا من الأحكام تحمي المعتقلين والأسرى المحرومين من حريتهم لأسباب ترتبط بالنزاع. فهي تمنع سوء المعاملة وتحدّد الضمانات الأساسية والقضائية التي يستفيد منها هؤلاء الأشخاص سواء شاركوا أم لا في الأعمال العدائية.
- يحق لجميع الأشخاص غير المشمولين بالأحكام التفضيلية التمتع بالضمانات الأساسية على الأقل وحق التمتع باحترام شخصهم وكرامتهم، ومعتقداتهم وممارساتهم الدينية، وحقهم في المعاملة الإنسانية، دون أي تمييز مجحف (المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف1-4، بروتوكول 2 المادة 4).
← ضمانات أساسية
- يستفيد الأسرى المحرومون من حريتهم لأسباب ترتبط بنزاع مسلح من الحماية ضدّ سوء المعاملة ومن ضمانات محدّدة (البروتوكول 2 المادة 5). وتجد تفاصيلها في المدخل الخاص بالاحتجاز.
← احتجاز؛ سوء المعاملة
- تؤكد دراسة قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي التي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عام 2005 أنه يجب على المقاتلين تمييز أنفسهم عن السكان المدنيين أثناء اشتراكهم في هجوم أو عملية عسكرية استعدادًا لهجوم. وإذا لم يفعلوا ذلك، فلا يستحقون وضع أسير الحرب، لكن لا يجوز إدانتهم أو الحكم عليهم دون محاكمة سابقة واحترام الضمانات القضائية (القاعدتان 106 و107 من دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي). ويشير القانون الدولي الإنساني العرفي إلى أن جميع الأشخاص العاجزين عن القتال يجب معاملتهم معاملة إنسانية وتورد كل الضمانات الأساسية التي تنطبق على الأفراد العاجزين عن القتال ومنها ضمانات الاحتجاز والمحاكمة وإصدار أحكام عليهم (القواعد 087-105).
- يمكن أن يستفيد الأفراد المحتجزون الذين يصنفون ضمن فئة المحاربين أو المشاركين في الأعمال العدائية من وضع أسير الحرب والضمانات المرتبطة به، استنادًا إلى اتفاقيّة جنيف الثالثة طبقًا لشروط المعاملة بالمثل المحدّدة واستنادًا إلى اتفاقيات خاصة يوقعها أطراف النزاع. وبالتالي لا يمنح هذا الوضع بصورة تلقائية ولكنه يكون نتيجة لاتفاقيّة ثنائية يوقعها أطراف في النزاع الداخلي.
← احتجاز .
← الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين؛ مقاتل؛ تجسس؛ مرتزقة؛ حركات المقاومة؛ ضمانات قضائية؛ سوء المعاملة؛ احتجاز؛ إجلاء؛ ضمانات أساسية؛ الدول الحامية؛ الصليب الأحمر، الهلال الأحمر؛ سلامة، أمان، أمن.
لمزيد من المعلومات:
Borelli., Sylvia. “Casting Light on the Legal Black Hole: International Law and Detentions abroadAbroad in the ‘War on Terror’.”Terror.’” International Review of the Red Cross 857 (March 2005): 39–68.
British Medical Association. The Medical Profession and Human Rights: Handbook for a ChangingAgenda. London: Zed in association with BMA, 2001, chap. 5.
Dinstein, Yoram. The Conduct of Hostilities under the Law of International Armed Conflict. Cambridge,U.K.: Cambridge University Press, 2004.
Dormann, Knut. “The Legal Situation of ‘Unlawful/Unprivileged Combatants’.”Combatants.’” In International Review of the Red Cross 849 (March 2003): 45–85.
Goldman, Robert K. Unprivileged Combatants and the Hostilities in Afghanistan: Their Status and Rights under International Humanitarian and Human Rights Law. Washington, DC: American Society of International Law, Task Force Paper, 2002.
Henckaerts, Jean-Marie, and Louise Doswald-Beck, eds. Customary International Law. Vol. , Vol. 1—, The Rules. Cambridge, U.K.: Cambridge University Press, 2005, part V5, chap. 37.
Hingorani, R. C. Prisoners of War. New Delhi: Oxford & IBH, 1982.
Murphy, Ray. “Prisoners of War and Contemporary Conflicts: The Case of the Taliban and Al Qaeda Detainees.” Military Law and the Law of War Review (2002): 141–67.
330 Prisoners of War
Hingorani, R. C. Prisoners of War. New Delhi: Oxford & IBH, 1982.
Murphy, Ray. “Prisoners of War and Contemporary Conflicts: The Case of the Taliban and Al Qaeda Detainees.”Military Law and the Law of War Review (2002): 141–67.
Pilloud, Claude. “Prisoners of War.” In International Dimensions of Humanitarian Law, 167–86. Geneva: Henry Dunand Institute; Paris: UNESCO; Dordrecht: Martinus Nijhoff, 1988, 167–86.