تعذيب وضروب المعاملة اللا إنسانية أو المهينة
حظر التعذيب واحد من الالتزامات المطلقة والحتمية القليلة للقانون الدولي التي تعارفت عليها الدول وقبلتها. وهي تنطبق في حالات السلم والاضطرابات والتوترات الداخلية وكذلك في أوضاع النزاع المسلح على أساس مختلف الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وتلك القواعد الحتمية تندرج تحت الأحكام والقواعد الآمرة. وحظر التعذيب يصاحبه نظام دولي للعقوبات الجنائية. وتُكمِّله أيضًا التزامات دولية حتمية تهدف إلى منع استخدام التعذيب والحد منه. وتلزم تلك الواجبات الدول بتعزيز الضمانات القضائية والحد الأدنى من الضمانات في مسائل الاحتجاز والاستجواب والدفاع عن الأمن القومي. ويجب على الدول التحقيق والمعاقبة على المخالفات التي يرتكبها موظفون عموميون. ويعتمد حظر التعذيب أيضًا على مساءلة أفراد الخدمات الطبية الذين يشاركون في مساعدة الأشخاص المحتجزين وعلى تعزيز قواعد أخلاقيات مهنة الطب التي تنطبق في تلك الأوضاع.
وعلى الرغم من هذه الالتزامات الدولية والإقليمية، فإن استخدام التعذيب للحصول على المعلومات الضرورية لحماية الأمن القومي، أو لمعاقبة الأفراد أو ترهيبهم ما زال أمرًا تلجأ إليه الدول أحيانًا. والتعذيب تمارسه أيضًا جماعات مسلحة من غير الدول في أوضاع النزاع المسلح.
وترتبط ممارسة التعذيب ارتباطًا وثيقًا بالأشكال الأخرى للاحتجاز والاستجواب. ولذلك، يجب أن يعتمد منعها على تقوية الضمانات القضائية والقانونية فيما يتصل بالاحتجاز وكذلك بوجود الحق في الانتصاف الفعال لكل المحرومين من حريتهم أيًّا كان وضعهم القانوني. وهو يعتمد أيضًا على مساءلة كل الجهات الفاعلة المتورطة في أنشطة الاحتجاز سواء كانت السلطات المحتجزة التي تراقب الوضع الفعلي أو القانوني للمُحتَجزين أو فاعلين آخرين يشاركون في الاحتجاز مثل موظفي الإغاثة والأعمال الإنسانية.
يُشكِّل استمرار هذه الممارسة تحديًّا كبيرًا يستلزم دراسة وافية للعيوب ومواطن الضعف في تفسير وتطبيق القانون الدولي في هذا المجال. وأُبرِزت هذه المواطن الضعيفة وكانت محل مناقشة واسعة من وجهة النظر القانونية في سياق الممارسات التي نفَّذتها الحكومة الأمريكية في عام 2001 باحتجاز واستجواب المحتجزين في إطار الحرب على الإرهاب.
الحجج القانونية المستخدمة في تبرير هذه الانتهاكات جعلت المحاكم الدولية توضح في الفقه القانوني مضمون تعريف التعذيب والالتزامات المتصلة بحظره.
أولًا تعريفات
التعذيب محظور بمقتضى العديد من الصكوك الدولية والإقليمية التي تنطبق في أوقات السلم أو النزاع المسلح. وتقدم هذه الاتفاقيات تعريفات مختلفة اختلافًا طفيفًا للتعذيب. وهي تتكيَّف مع أهداف معينة: مساءلة الدول عن سلوكيات أجهزتها وموظفيها، أو القمع الجنائي أو السيطرة على أعمال الإغاثة والمساعدات الإنسانية.
العناصر الرئيسية لمختلف التعريفات
تدور التعريفات المختلفة للتعذيب حول ثلاثة مفاهيم رئيسية: (1) تعمُّد إلحاق ألم نفسي أو بدني؛ و(2) يُقصَد بهذا الألم تحقيق هدف أو أكثر من عدة أهداف مُعيَّنة منها الحصول على اعترافات أو معلومات، أو طمس شخصية الضحية، أو إضعاف قدراته البدنية أو العقلية؛ و(3) حقيقة أن تلك الأفعال يقوم بها موظفون رسميون للدولة تحت إشرافها أو بموافقتها.
- معيار الألم اللازم لتوصيف التعذيب تتضمَّنه بعض الاتفاقيات لكنه غير موجود في اتفاقيات أخرى. وهذا المعيار غالبًا ما يخضع لتفسيرات تقييدية من جانب الدول. وتوسِّع الاتفاقيات المتصلة بالتعذيب الحظر ليشمل المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والتي تشتمل على أفعال لا ترقى إلى التعذيب بتعريفه التقليدي. ويُقدِّم الفقه القضائي العالمي أيضًا معالم لتحديد معيار الألم اللازم لتوصيف التعذيب.
- يرتبط منع التعذيب ارتباطًا وثيقًا بالضمانات المتصلة بقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني فيما يتصل بظروف الاحتجاز والاستجواب في أوقات السلم أو النزاع المسلح. وبوجه عام، الاحتجاز لا تبرره الاعتبارات القضائية وإنما الأسباب الأمنية. فهدفه ليس الحكم على المعلومات وإنما انتزاعها. وترفض عدة حكومات منخرطة في الحرب على الإرهاب المجموعة الكاملة من الضمانات الأساسية والقضائية التي تنطبق في أوقات السلم والنزاع المسلح. مهما يكن من أمر، فإن المحاكم الدولية والوطنية أعادت تأكيد تلك الضمانات. وللحد من استخدام التعذيب لأسباب قضائية، غالبًا ما تحظر الاتفاقيات الدولية استخدام الاعترافات أو الشهادات التي يتم الحصول عليها من خلال التعذيب أثناء المحاكمات.
- حقيقة أن القائم بالتعذيب يتصرف بوصفه موظفًا رسميًّا ليس شرطًا تقتضيه اتفاقيات القانون الدولي الإنساني التي تنطبق في أوقات النزاع المسلح. ويهدف هذا التخفيف للتعريف في أوضاع النزاع إلى أن يشمل الانتهاكات التي يرتكبها كل الفاعلين المتورطين في أنشطة الاحتجاز والاستجواب ومنهم الجماعات المسلحة من غير الدول والسلطات الأخرى من غير الدول. وبالمثل، شرط أن يكون القائم بالتعذيب موظفًا رسميًّا لا ينص عليه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من أجل قمع التعذيب كجريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية. وهذا الشرط تتضمنه اتفاقية مناهضة التعذيب لأنها تحدد التزام الدول بالسيطرة على موظفيها المتورطين في مثل هذه الممارسات ومعاقبتهم.
تستبعد كل الاتفاقيات من تعريف التعذيب الألم أو المعاناة الناجمة عن تطبيق عقوبات شرعية وقضائية على شخص اعتبر مسؤولًا عن جرم أو جنحة بموجب محكمة مشكلة بحسب القانون مع احترام الضمانات القضائية ولا سيما الحق في محاكمة عادلة. ولذلك فإن عقوبة الإعدام والعقوبات الجسدية التي تجيز بعض القوانين الجزائية الوطنية تطبيقها مستبعدة من تعريف التعذيب في أوقات السلم. وفي أوضاع النزاع المسلح، يجب تطبيق هذا الاستثناء بحذر. وفي الواقع إن القانون الإنساني يفرض ضمانات قضائية معينة ويضع متطلبات للمؤسسات القضائية المنشأة بشكل قانوني والتي يجوز لها فرض عقوبات على فئات من الأشخاص المحميين بموجب قانون النزاعات المسلحة.
1 الأحكام التي تتضمَّنها اتفاقيات حقوق الإنسان
تحظر ثلاث اتفاقيات محددة التعذيب وضروب المعاملة القاسية أو المهينة أو اللا إنسانية:
- على المستوى الدولي: اتفاقيّة مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة (تعرف باسم اتفاقيّة مناهضة التعذيب) التي تبنَّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 كانون الأول/ ديسمبر 1984 ودخلت حيز التنفيذ في عام 1987. وبحلول حزيران/ يونية 2015 بلغ عدد الدول الأطراف في الاتفاقية 158 دولة. وأنشأت الاتفاقية لجنة مناهضة التعذيب التي تتابع تنفيذ الاتفاقية من جانب الدول الأطراف. وكل الدول الأطراف ملزمة بعرض تقارير دورية على اللجنة بشأن كيفية تطبيق الحقوق على المستوى الوطني. وفي ظروف معينة، يجوز للجنة أيضًا أن تدرس شكاوى الأفراد أو المخاطبات من أفراد يزعمون انتهاك حقوقهم بموجب الاتفاقية وأن تجري التحريات اللازمة وتدرس الشكاوى فيما بين الدول (المواد 17-24).
← حالة التصديق على القانون الإنساني واتفاقيات حقوق الإنسان، رقم 14
- على المستوى الإقليمي:
– الاتفاقية الأوروبية لمنع التعذيب وضروب المعاملة أو العقوبة اللا إنسانية أو المهينة التي تبنَّاها المجلس الأوروبي في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 1987 ودخلت حيز التنفيذ في أول شباط/ فبراير 1989. وبحلول شباط/ فبراير 2013 صادقت على الاتفاقية سبع وأربعون دولة.
←حالة التصديق على القانون الإنساني واتفاقيات حقوق الإنسان، رقم 15
– اتفاقية البلدان الأمريكية لمنع التعذيب والمعاقبة عليه تم تبنيها في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1985 تحت رعاية منظمة الدول الأمريكية ودخلت حيز التنفيذ في 28 شباط/ فبراير 1987. ويبلغ عدد الدول الأطراف فيها حاليًّا 18 دولة.
← حالة التصديق على القانون الإنساني واتفاقيات حقوق الإنسان، رقم 16
يتمّ تعريف التعذيب طبقًا لاتفاقيّة مناهضة التعذيب على أنه:
“أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديًّا كان أم عقليًّا، يلحق عمدًا بشخص ما”، لأغراض مثل:
الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف،
معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث،
تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق به مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيًّا كان نوعه.
إن ذلك الألم أو تلك المعاناة تكون ناتجة عن أو بسبب أو بموافقة صريحة أو ضمنية من موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرَّف بصفته الرسمية. ولا يتضمَّن هذا المصطلح الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها (المادة 1).
يفرض هذا التعريف عدة شروط مجتمعة. وفي الواقع، أنه يُكمِّله التزام كل دولة طرف في الاتفاقية بأن تمنع، في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية حدوث أي أعمال أخرى من أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة التي لا تصل إلى حد التعذيب كما حددته المادة 1، عندما يرتكب موظف عمومي أو شخص آخر يتصرف بصفة رسمية هذه الأعمال أو يحرض على ارتكابها، أو عندما تتم بموافقته أو بسكوته عليها (المادة 16).
يُقدِّم التعريف تفسيرًا واسعًا لوضع “الموظَّف الرسمي”. وفي الواقع، فإن أعمال التعذيب تظل مشمولة بالتعريف وتُنسَب إلى الدولة أو موظفيها حتى إذا لم يكن ارتكابها بشكل مباشر من جانب موظفيها ولكن “بموافقتهم ورضاهم”. ويمكن افتراض هذه الموافقة أو الرضا في الحالات التي تتقاعس فيها الدولة عن الامتثال للالتزامات الأساسية الأخرى التي تفرضها الاتفاقية مثل التحقيق في أعمال التعذيب ومعاقبة مرتكبي مثل هذه الأفعال وضمان الاقتصاص الكافي للضحايا.
يجب على الدول الأطراف بحكم الاتفاقية الدولية أن تضمن إدراج التعليم والإعلام فيما يتعلق بحظر التعذيب على الوجه الكامل في برامج تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، سواء أكانوا من المدنيين أو العسكريين، والعاملين في ميدان الطب، والموظفين العموميين أو غيرهم ممن قد تكون لهم علاقة باحتجاز أي فرد معرض لأي شكل من أشكال التوقيف أو الاعتقال أو السجن أو باستجواب هذا الفرد أو معاملته (المادة 10).
تُبقِي كل دولة قيد الاستعراض المنظم قواعد الاستجواب، وتعليماته وأساليبه وممارساته، وكذلك الترتيبات المتعلقة بحجز ومعاملة الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال التوقيف أو الاعتقال أو السجن في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية، وذلك بقصد منع حدوث أي حالات تعذيب (المادة 11).
تضمن كل دولة طرف قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وُجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملًا من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي من الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائية (المادة 12).
تضمن كل دولة طرف لأي فرد يدعي بأنه قد تعرض للتعذيب في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية، الحق في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصة وفى أن يتمتع بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب (المادتان 13 و14).
تضمن كل دولة طرف عدم الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب، كدليل في أية إجراءات، إلا إذا كان ذلك ضد شخص متهم بارتكاب التعذيب كدليل على الإدلاء بهذه الأقوال (المادة 15).
تنص اتفاقية مناهضة التعذيب على أنه لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيًّا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدًا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب (المادة 2-2). وفضلًا عن ذلك، لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب (المادة 2-3).
تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي (المادة 4). وتتخذ كل دولة طرف ما يلزم من الإجراءات لإقامة ولايتها القضائية على الجرائم عند ارتكابها في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية أو عندما يكون مرتكب الجريمة المزعوم من مواطني تلك الدولة وكذلك عندما يكون المعتدى عليه من مواطني تلك الدولة، إذا اعتبرت تلك الدولة ذلك مناسبًا (المادة 5).
ويعد هذا تطبيقًا لمبدأ الاختصاص القضائي العالمي المستخدم على المستوى العالمي في أشد الجرائم خطورة.
يمكن تفسير تحديد تعريف التعذيب بالأفعال التي يرتكبها موظفون رسميون بالرغبة في تركيز آلية القمع الدولي على الأفعال التي يوجد فيها قصور في قدرات السلطات الوطنية واستعدادها لمعاقبة مرتكبي مثل هذه الأفعال. والمعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة التي يرتكبها أفراد أو جماعات ليسوا من موظفي الدولة لا يشملها التعريف الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب. ومع ذلك فهي محظورة وتستوجب العقوبة بمقتضى القوانين الوطنية والقانون الدولي الجنائي.
يشتمل تعريف التعذيب الوارد في اتفاقية البلدان الأمريكية لمنع التعذيب والمعاقبة عليه فكرة التعذيب العقلي أو النفسي الذي يوصف بأنه “استخدام وسائل ضد شخص بقصد طمس شخصية الضحية أو تقليص قدراته البدنية أو العقلية حتى إذا لم تكن تُسبِّب ألمًا بدنيًّا أو أذى نفسيًّا”. (المادة 2). وتؤكد هذه الاتفاقية الأحكام والالتزامات الرئيسية المتضمنة في اتفاقية مناهضة التعذيب. وهي تحددها وتُكيِّفها مع الإطار الإقليمي ولا سيما الالتزامات المتصلة بتسليم المجرمين ومبدأ الاختصاص القضائي العالمي وتلك التي تضمن التعويض المناسب لضحايا التعذيب (المادة 9). ولم تنشأ أية لجنة خاصة لكن محكمة ولجنة البلدان الأمريكية لديهما صلاحية النظر في جرائم التعذيب.
تأتي الاتفاقية الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللا إنسانية أو المهينة مُكمِّلة لحظر التعذيب الوارد في المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ولا يعطي هذان الصكان تعريفًا للتعذيب لكنهما يقدمان آليات للمنع والقمع. وأنشأت الاتفاقية لجنة لمنع التعذيب (راجع المدخل المتصل). وهذه اللجنة مُخوَّلة بزيارة أي أماكن احتجاز في إقليم الدول أعضاء المجلس الأوروبي. وتتمتع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بصلاحية تلقي الشكاوى المتصلة بأعمال التعذيب التي تنتهك الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية والبت في هذه الشكاوى.
والتعذيب محظور أيضًا بموجب الاتفاقيات الدولية أو الإقليمية ذات الصلة بقانون حقوق الإنسان وبمعنى أوسع بالقانون الإنساني:
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1949 (المادة 5)؛ و
- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 (المادة 7)؛ و
- الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لعام 1950 (المادة 3)؛ و
- الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1978 (المادة 5)؛ و
- الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981 (المادة 5)؛ و
- البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف لعام 1977 (المادة 75-2)؛ و
- البروتوكول الثاني الإضافي لاتفاقيات جنيف لعام 1977 (المادة 4-2)؛ و
- النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 (المادتان 7و8).
2 أحكام القانون الدولي الإنساني
في أوقات النزاع المسلح، تظل اتفاقية مناهضة التعذيب قابلة للتطبيق لأنها لا تجيز الخروج على الأحكام حتى في أوقات الحرب.
يحظر القانون الإنساني كل أشكال التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة. ومع ذلك، فإنه لا يعيد تأكيد الشروط التقييدية التي تضمنتها اتفاقية مناهضة التعذيب فيما يتصل بالقصد المحدد للتعذيب أو وضع الموظف الرسمي منفذ أعمال التعذيب.
في الواقع، أنه في النزاع المسلح، يُقصد بحظر ومنع التعذيب أن ينطبق على كل أطراف النزاع، لا على الفاعلين الرسميين فحسب ولكن أيضًا على الجماعات المسلحة من غير الدول التي تسيطر وتحتجز الأفراد أيًّا كانت جنسية هذا الفاعل من غير الدول أو طبيعته.
تحظر اتفاقيات جنيف حظرًا صارمًا التعذيب في كل الأوقات وفي كل الظروف. وتنص على أنه لا يجوز إنزال تعذيب بدني أو عقلي أو أي شكل آخر من أشكال الإكراه على الأشخاص المحميين (مدنيين كانوا جرحى ومرضى، أو أسرى حرب، أو أشخاصًا محتجزين)، ولا سيما بغرض الحصول منهم على معلومات من أي نوع (اتفاقية جنيف 3 المادة 17، واتفاقية جنيف 4 المادة 31).
يُضمِّن القانون الدولي الإنساني في تعريفه للتعذيب العنف المتعمد على الحياة أو الصحة، أو الرفاهية البدنية أو العقلية، وكذلك”الاعتداءعلى الكرامةالشخصية،وعلىالأخصالمعاملةالمهينةوالحاطةبالكرامة” للأشخاص الذين لا يشاركون أو لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية (اتفاقية جنيف 3 المادة 17، والبروتوكول 1 المادة 75-2، والبروتوكول 2 المادة 4-2). وتلك الأفعال محظورة في أي وقت وفي أي مكان (اتفاقيات جنيف 1-4 المادة الثالثة المشتركة). ويغطي هذا التعريف التعذيب بكل أشكاله البدني أو النفسي. وعزز البروتوكولان الإضافيان لاتفاقيات جنيف التي تنطبق على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية هذا الحظر وأكدا مجددًا على أن مثل هذه الأفعال قد تكون بدنية أو عقلية (البروتوكول 1 المادة 75 والبروتوكول 2 المادة 4).
وتضع المادة المشتركة الثالثة في اتفاقيات جنيف الأربع على نفس المستوى من الحظر الرسمي الاعتداء على السلامة البدنية بما في ذلك القتل بكل أنواعه، والبتر، والمعاملة القاسية، والتعذيب، والاعتداء على الكرامة الشخصية ولا سيما المعاملة المهينة أو التي تحط بالكرامة (اتفاقية جنيف 3 المادة 3-1 أ، ج). ويحظر القانون الإنساني إساءة المعاملة لكنه لا يُعرِّفها. وتشتمل هذه الفئة على الاعتداء على الكرامة الشخصية وكذلك المعاملات المهينة أو اللا إنسانية أو الحاطة بالكرامة.
القاعدة 90 من دراسة قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي التي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 2005 تنص على أنه “يحظر التعذيب، والمعاملة القاسية أو اللا إنسانية، والاعتداء على الكرامة الشخصية”. وتنطبق هذه القاعدة على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
وينظِّم القانون الإنساني منع التعذيب عن طريق إرساء الضمانات الدنيا لكل المحرومين من حريتهم أيًّا كان وضعهم. وهي ضمانات أساسية وقضائية وكذلك ضمانات المعاملة في حالة الاحتجاز.
وتؤكِّد اتفاقيات جنيف لعام 1949 بوضوح أن التعذيب خرق جسيم للقانون الإنساني، وهو جريمة حرب إذا ارتكب في سياق نزاع مسلح دولي (اتفاقية جنيف 1 المادتان 12 و50، واتفاقية جنيف 2 المادتان 12 و51، واتفاقية جنيف 3 المواد 17 و87 و130 واتفاقية جنيف 4 المواد 31 و32 و147). وفي النزاعات المسلحة غير الدولية لا ينص القانون الإنساني على مثل هذه الآلية للقمع الدولي. بيد أن هذا الفراغ ملأه جزئيًّا النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
← احتجاز؛ ضمانات قضائية؛ سوء المعاملة؛ أسرى الحرب؛ الاختصاص العالمي.
3 أحكام القانون الدولي الجنائي
يتضمَّن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي صدر في تموز/ يولية 1998 ودخل حيز التنفيذ 2002 أيضًا التعذيب البدني والنفسي في تعريفه لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي للمحكمة صلاحية النظر فيها. وبموجب المادة السابعة من هذا النظام فإن “تعمدإلحاقألمشديدأومعاناةشديدة،سواء بدنيًّاأوعقليَّا،بشخصموجودتحتإشرافالمتهمأوسيطرته يُشكِّل جريمة ضد الإنسانية متىارتكبفيإطارهجومواسعالنطاقأومنهجيموجه ضدأيةمجموعةمنالسكانالمدنيين،وعنعلمبالهجوم”. وهو أيضًا جريمة حرب إذا ارتكب في سياق نزاع مسلح أو فيما يتصل به (المادة 8-2 أ-2و3، و8-2،ج-1 من النظام الأساسي للمحكمة).
وتشتمل جرائم الحرب أيضًا على الاعتداء على الكرامة الشخصية والمعاملة المهينة والحاطة بالكرامة التي لا تعتبر تعذيبًا (المادة 8-2-ج -2).
ولا يشير تعريف التعذيب الوارد في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى معيار الموظف العمومي أو المسؤول الحكومي ولا إلى المعيار المتصل بالقصد المحدد لمرتكب التعذيب وهما معياران تضمنتهما اتفاقية مناهضة التعذيب.
← جرائم حرب/ جرائم ضدّ الإنسانية
4 أحكام قانون اللاجئين
إن الهرب من التعذيب أو خوفًا من التعرض له، يشكل سببًا مشروعًا للاجئين لطلب اللجوء في دولة أخرى. وبوضع مبدأ عدم الإعادة القسرية أو الطرد، نجد أن اتفاقيّة 1951 الخاصة بوضع اللاجئين تنصّ على أنه “لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئًا أو ترده بأية صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية” (المادة 33 من الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين).
تؤكد اتفاقيّة مناهضة التعذيب على هذا حيث تنصّ على أنه “لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في مواجهة خطر التعرض للتعذيب” (المادة 3-1 من اتفاقيّة مناهضة التعذيب). وتنصّ أيضًا على أنه يجب شمول التعذيب ضمن الجرائم التي تقتضي تسليم المتهمين وذلك في أي معاهدة لتسليم المتهمين يتمّ توقيعها بين الدول.
في ضوء تلك الأحكام، يبدو أنه حينما تحاول دولة ما التغلُّب على حظر التعذيب بنقل المحتجزين إلى أراضي دول يجوز فيها ممارسة التعذيب، فإن ذلك يشكل انتهاكًا واضحًا للحظر الذي يقضي به مبدأ عدم الإعادة القسرية ولاتفاقية مناهضة التعذيب.
← إعادة قسرية/ طرد.
ثانيًا مناقشات وقضايا حظر التعذيب
لا يمنع الحظر الشامل والمطلق للتعذيب من استمرار هذه الممارسات في العديد من الأوضاع. ولكن فضلًا عن مجرد ملاحظة استمرار هذه الممارسة، فإنه تثار بانتظام بعض الحجج القانونية لإضعاف الحيز الشرعي لتعريف التعذيب وحظره. وتلك الحجج التي استخدمت لوضع برامج للاحتجاز والاستجواب تتفادى أي قواعد قانونية يجب دراستها وكذلك إبطالها من خلال القرارات المتعاقبة التي صدرت عن المحاكم الدولية والوطنية.
وفي عام 2009، رفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما السرية عن الوثائق القانونية التي صاغتها حكومة بوش في العقد الأول من القرن الحالي وتجيز الاحتجاز غير المشروع وأساليب الإكراه في الاستجواب في سياق “الحرب على الإرهاب”. وكشفت هذه الوثائق والقرارات الصادرة عن المحكمة الأمريكية العليا عن تحريف القانون الذي استخدم لمساندة هذه الظاهرة.
التعذيب و”الضغوط البدنية البسيطة” وحجة “الضرورة”
يستخدم تفسير “معيار الألم” وحجة “الضرورة” بانتظام لتقييد نطاق الحظر المطلق للتعذيب.
- وبوجه عام، لا يعترف القانون الدولي أو الوطني بحجة الضرورة التي تتقدّم بها الأجهزة الأمنية القومية لتبرير التعذيب أو “الضغوط البدنية البسيطة” للحصول على المعلومات من بعض المحتجزين لتجنب الهجمات الإرهابية وإنقاذ الأرواح. ولا تشكل حجة الضرورة إطارًا قانونيًّا يجيز استخدام أساليب استجواب تكون في العادة محظورة.
- حجة “الضرورة” تذرعت بها إسرائيل لتبرير استخدام ما يُسمَّى الضغوط البدنية الخفيفة في استجواب الأفراد المشتبه بهم في قضايا الإرهاب. وعدَّلت إسرائيل المعيار الذي يمكن على أساسه اعتبار الفعل تعذيبًا ومن ثم يكون محظورًا. هذه المناقشة حسمتها المحكمة الإسرائيلية العليا في حكم صدر في عام 1999. ورأى القضاة أن الضغوط البدنية البسيطة لا تدخل في إطار أساليب الاستجواب المشروعة ولا يجوز للقوات المسلحة أو السلطة التنفيذية مبدئيًّا التذرع بالأمن القومي لإجازة تلك الأساليب.
- ومع ذلك، فإنهم قبلوا جواز استخدام حجة الضرورة كوسيلة للدفاع أمام محكمة من جانب فرد ملاحق قضائيًّا بسبب ممارسته عمليات استجواب محظورة. ولكن في هذه الحالة، هذا الفرد ليس هو مرتكب الأفعال المزعومة أو السلطة التنفيذية التي يمكنها أن تحدد مبدئيًّا وجود الضرورة. والقضاة وحدهم هم الذين يمكنهم في وقت لاحق دراسة وتقييم وجود هذه الضرورة على أساس كل حالة على حدة (انظر السوابق القضائية أدناه).
- حجة الضرورة استخدمتها أيضًا الحكومة الأمريكية لتبرير استخدام أساليب الاستجواب “المُغلَّظ” في سياق الحرب على الإرهاب، ولا سيما في معتقل غوانتانامو بكوبا وسجن أبو غريب بالعراق.
وتدور الحجج التي استخدمت حول تعريف التعذيب والضمانات القانونية للاحتجاز. وفيما يتعلق بالتعذيب يثور الكثير من الجدال حول تحديد معيار الألم بهدف إجازة استخدام العنف في أساليب الاستجواب. وتحاول عدة دول أيضًا أن تتعاقد من الباطن لتنفيذ أعمال العنف مع وكلاء غير حكوميين ودول أخرى هربًا من مسؤولياتها. وأخيرًا، تحاول عدة أساليب إضعاف ضمانات الاحتجاز أو قمعها. وتتمثَّل تلك الأساليب على وجه الخصوص في الطعن في الوضع المُحدَّد للمحتجزين. وفي الواقع، حدَّد قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني عدة فئات من الأشخاص المحتجزين. وربما استخدمت بعض الحكومات تلك الفئات استخدامًا منحرفًا بغية رفض منح أي وضع للمحتجزين، بذريعة أنهم لا يستوفون المعايير المنصوص عليها لفئتهم.
وكل هذه الحجج أبطلتها الممارسات القضائية الوطنية والدولية التي أكَّدت مجددًا المبادئ الرئيسية التي تضمَّنها القانون الدولي في هذا المجال.
ويحظر القانون الأمريكي للقضاء العسكري وقانون جرائم الحرب لعام 1996 الاستجواب القائم على الإكراه. بيد أن المذكرات القانونية التي أعدها في أول آب/ أغسطس 2002 جون يو وجاي بايبي باسم وزارة العدل أجازت أساليب الإكراه في الاستجواب في ظروف معينة. وفي الواقع، تستثني تلك المذكرات من تعريف التعذيب الألم البدني الذي لا يعادل في شدته الألم المصاحب للإصابة البدنية الخطيرة مثل تعطُّل عمل عضو من أعضاء الجسم أو تلف وظيفة من وظائفه، لا سيما إذا كان القصد المحدد هو جمع أدلة ضرورية للأمن القومي (مذكرة من أجل ألبرتو جونزاليز مستشار الرئيس، مكتب مساعد المدعي العام، واشنطن العاصمة 20530، أول آب/ أغسطس 2002). وتصف مذكرات أخرى وتجيز لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية استخدام أساليب الإكراه في الاستجواب. وفضلًا عن ذلك، في عامي 2002 و2004، عدَّلت الحكومة الأمريكية القواعد المتصلة بالاستجواب الذي ينطوي على إكراه والواردة في الدليل الميداني للجيش الأمريكي باسم الأمن القومي وضرورة جمع المعلومات من أجل إستراتيجية مكافحة التمرد في إطار الحرب على الإرهاب (وزارة الجيش الأمريكية، الدليل الميداني للجيش، الفقرات 34-52).
وأضافت وزارة الدفاع ثلاث فئات من أساليب الاستجواب بهدف الرد على إستراتيجيات الطعن من قبل المحتجزين (وزارة الدفاع، فريق العمل المشترك 170، خليج غوانتانامو، كوبا، APO AE 09860، 11 تشرين الأول/ أكتوبر مذكرة من أجل القائد).
- الفئة الأولى (أساليب الفئة الأولى) تجيز للمُستجوِب أن يصرخ في وجه المحتجزين، وأن يستخدم أساليب أخرى للخداع، ولا سيما لجعل المحتجزين يظنون أن المُستجوِب جاء من بلد أجنبي “يشتهر بالمعاملة الغليظة”.
- الفئة الثانية (أساليب الفئة الثانية) تجيز بعد الإذن من شعبة الاستجواب (1) استخدام أوضاع الإجهاد لمدة أقصاها أربع ساعات؛ و(2) استخدام وثائق أو تقارير مُزوَّرة؛ و(3) استخدام مكان للعزل مدة تصل إلى ثلاثين يومًا؛ و(4) الحرمان من الضوء والمُحفِّزات السمعية؛ و(5) استخدام قناع موضوع على رأس المحتجز أثناء النقل والاستجواب؛ و(6) استخدام أسلوب الاستجواب على مدى 24 ساعة؛ و(7) خلع الملابس؛ و(8) قص الشعر قسرًا (حلق شعر الوجه،... إلخ.)، و(9) استخدام المخاوف الفردية للمحتجزين (مثل الخوف من الكلاب) للضغط عليهم.
- وتتطلب أساليب الفئة الثالثة إذنًا خاصًّا ويقصد بها “المحتجزون غير المتعاونين” وتشتمل تلك الأساليب على (1) استخدام سيناريوهات مصممة لإقناع المحتجزين بأن الموت أو عواقب شديدة الإيلام أصبحت وشيكة لهم؛ و(2) التعريض للطقس أو الماء البارد (مع متابعة طبية مناسبة)؛ و(3) استخدام منشفة مبللة والمياه للإيهام بالغرق؛ و(4) استخدام ضغوط بدنية متوسطة.
تُظهِر الحجج القانونية التي وضعتها الحكومة الأمريكية فيما يتعلق بأساليب الفئتين الثانية والثالثة بوضوح أنها ترقى إلى إساءة المعاملة وهي محظورة بموجب القانون الإنساني واتفاقية مناهضة التعذيب.
وللتغلب على هذه المشكلات ابتكر واضعو هذه النصوص نظامًا موازيًا يمنع أي آلية للانتصاف عبر القضاء للمحتجزين. واختلقوا تفسيرًا غريبًا للضمانات الأساسية التي نص عليها القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ومن ثم أوجدوا ثغرات قانونية سوداء لا يمكن من خلالها تطبيق أي أحكام أو اللجوء إلى المحاكم. وترى هذه الحجج أن الالتزامات التي تضمَّنتها الاتفاقيات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان ولا سيما اتفاقية مناهضة التعذيب لا تنطبق إلا على الإقليم الوطني أو مع مواطني البلد المعني. واستخدمت هذه الحجة لإجازة التصرفات غير القانونية لموظفين رسميين أمريكيين خارج أراضي الولايات المتحدة وعلى أفراد أجانب. تلك التفسيرات أبطلتها المحكمة الأمريكية العليا التي أكَّدت أن المكان الذي أُودِع فيه سجناء غوانتانامو يقع داخل الاختصاص القضائي الأمريكي لأن الولايات المتحدة تملك سيطرة حصرية على هذا المكان (قضية رسول ضد بوش، 542 US 466، [2004] ص. 476 و480). ويُعبِّر هذا القرار عن إجماع الفقه القضائي الدولي والقانون العرفي الذي يقر بالتطبيق خارج إقليم الدولة لاتفاقيات حقوق الإنسان ولا سيما التزامات الدولة بالامتثال للضمانات القضائية فيما يتعلق بالأفراد الأجانب أو الإرهابيين الموضوعين تحت سيطرتها الفعلية.
واستخدمت أيضًا الحجة القائلة بأن اتفاقيات حقوق الإنسان لا تنطبق في أوضاع النزاع المسلح بسبب وجود قاعدة القانون الخاص، وذلك لتبرير عدم تطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب للمحتجزين المسجونين في الخارج في إطار الحرب على الإرهاب بدعوى أن هذه العمليات لا تخضع إلا لقانون النزاع المسلح. ولاقت هذه الحجة التي تهدف إلى منع تطبيق قانون حقوق الإنسان (القانون العام) والقانون الإنساني (القانون الخاص) رفضًا تامًّا من الفقه القضائي العالمي الذي أقر بالتطبيق المتزامن والمتكامل لهذين الفرعين من فروع القانون الدولي. (←حقوق الإنسان). وكانت هذه الحجة غير مقبولة على الإطلاق حينما استخدمت أيضًا لتبرير عدم تطبيق القانون الإنساني على محتجزي تنظيم القاعدة بدعوى أنهم لا ينتمون إلى دولة طرف في النزاع.
القرارات الصادرة عن المحكمة الأمريكية العليا في عام 2006 في قضية حمدان وفي عام 2008 في قضية بومدين أبطلت أخيرًا تلك الثغرات القانونية السوداء. وأكدت المحكمة مجددًا حق جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم لأسباب تتصل بنزاع مسلح في الاستفادة من الضمانات الأساسية التي تنص عليها المادة المشتركة الثالثة من اتفاقيات جنيف.
في 22 كانون الثاني/ يناير 2009، أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما ثلاثة قرارات تنفيذية ألغت وأزالت السرية عن الأوامر التنفيذية المتصلة بتشغيل معتقل غوانتانامو وسياسة الاحتجاز وأساليب الاستجواب في هذا المعتقل. ويؤكِّد هذا الإصلاح القضائي أن المادة المشتركة الثالثة قاعدة أساسية في معاملة أي شخص تحتجزه الولايات المتحدة في سياق نزاع مسلح. ويُلغي التفرقة التعسفية فيما يتصل بجنسية المحتجزين وما يسمَّى المقاتلين غير النظاميين. وهو يُلغي أيضًا التفرقة بين ظروف الاحتجاز وأساليب الاستجواب التي تنطبق على الأفراد المحتجزين في مراكز احتجاز تحت سيطرة الجيش وتلك التي تخضع لسيطرة مؤسسات أمنية مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. ويؤكد هذا الإصلاح أيضًا أنه يجب على كل القائمين بالاستجواب التابعين لوكالات أمريكية الامتثال للقواعد المتضمنة في الدليل الميداني للجيش فيما يتعلق بأساليب الاستجواب.
وأصدرت المحكمة الأمريكية العليا مرارًا أحكامًا في مختلف الجوانب القانونية للاعتقال وحق المحتجين في الانتصاف والتعويض لكنها لم تتخذ أي قرارات بشأن شرعية مختلف أساليب الاستجواب وتوصيفها بأنها تعذيب أم لا.
ثالثًا التزامات أفراد الخدمات الطبية
يعتمد منع التعذيب على مساءلة كل الأجهزة الأمنية المختلفة، والموظفين الرسميين، والأجهزة المسؤولة عن الاعتقالات والاحتجاز والاستجواب. وإلى جانب هؤلاء المسؤولين الأمنيين، يلعب أفراد المهن القانونية والطبية أيضًا دورًا مهمًّا في منع وقمع تلك الممارسات. ويعمل المهنيون الحقوقيون من أجل ضمان الامتثال للإجراءات القضائية والقانونية المتصلة بالاحتجاز والحكم على الأشخاص المحرومين من حريتهم. وهم أيضًا مسؤولون عن التحري بشأن أفعال التعذيب المزعومة ومقاضاة مرتكبي هذا الأفعال. ويتحمل أفراد الخدمات الطبية المسؤولية عن توفير الرعاية الطبية وضمان احترام سلامة المحتجزين البدنية والعقلية.
ويعني هذا ضمنًا أنه يجب على الأجهزة الأمنية احترام ضمانات الاستقلال المهني التي يمنحها القانون الدولي والمحلي للمحامين والقضاة والأطباء. ويجب على هؤلاء الممارسين أيضًا الالتزام بقواعد أخلاقيات مهنتهم.
وترتبط ممارسة التعذيب وإساءة المعاملة تاريخيًّا بدور أفراد الخدمات الطبية والالتزامات الأخلاقية لمهنتهم. والمشاركة النشطة أو السلبية لأفراد الخدمات الطبية في أعمال التعذيب يجعلها أكثر ترهيبًا للمحتجزين وأكثر فاعلية في طمس أي قدرات للمقاومة البدنية أو المعنوية وفي إطالة الألم دون التسبب في الوفاة.
وقد تم تبنِّي عدة قواعد دولية لحل تلك المعضلات الأخلاقية وتقوية قدرات الأطباء على المقاومة ردًّا على أوامر سلطات الاحتجاز. وتهدف تلك القواعد إلى الحد من مشاركة أفراد الخدمات الطبية في هذا النوع من الممارسة. وهي تُؤكِّد أيضًا أنه يجب على أفراد الخدمات الطبية تحذير السلطات وجمع أدلة الطب الجنائي على التعذيب وإساءة المعاملة. وهناك عدة قواعد ملزمة لأخلاقيات مهنة الطب تنطبق في أوقات السلم والنزاع المسلح. وعلى سبيل المثال، تبنَّت الأمم المتحدة في 13 أيار/ مايو 1977 القواعد المعيارية لمعاملة السجناء (القرار 2076 [(62)]) التي أرست مبدأ أنه يجب أن يُجرى لكل محتجز كشف طبي عند دخوله مركز الاحتجاز. وتوجد قواعد أخرى لأخلاقيات مهنة الطب تُنظِّم بشكل صارم الأنشطة الطبية في أماكن الاحتجاز. وبروتوكول إسطنبول الذي وضع عام 2004 هو أحد الحلول للتحديات التي خلقتها الحرب على الإرهاب.
1 مبادئ الأخلاق الطبية فيما يتصل بدور أفراد الخدمات الطبية ولا سيما الأطباء في حماية السجناء والمحتجزين من التعذيب وضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة.
هذه المبادئ تبنَّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1982 (القرار 37/194). وهي تتجاوز مبادئ أخلاق مهنة الطب التي أرساها ميثاق نورمبرغ في 1947، وكان يقتصر على مسألة التجارب الطبية على السجناء. وهي تُعزِّز القواعد المتصلة بالإجراءات الطبية التي تضمَّنتها القواعدالدنياالنموذجيةلمعاملةالسجناء التي أقرتها الأمم المتحدة في عام 1977 وكذلك القواعد الدولية والوطنية لأخلاقيات مهنة الطب.
وفضلًا عن ذلك، فإنها تُكمِّل أحكام القانون الإنساني التي تنطبق في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية وتُنظِّم أداء الواجبات الطبية نحو كل المرضى المحتجزين أو المحرومين من حريتهم أيًّا كان سبب احتجازهم أو طبيعة السلطات المحتجزة.
وتورد هذه الوثيقة ستة مبادئ رئيسية تنطبق على وجه الخصوص في أوضاع الاحتجاز.
- فهي تفرض على أفراد الخدمات الطبية قاعدة عدم التمييز في المعاملة والمعاملة الطبية المتساوية بصرف النظر عن حالة الأشخاص المعنيين. و”من واجب الموظفين الصحيين المكلفين بالرعاية الطبية للمسجونين والمحتجزين ولا سيما الأطباء من هؤلاء الموظفين، أن يوفروا لهم حماية لصحتهم البدنية والعقلية ومعالجة لأمراضهم تكونان من نفس النوعية والمستوى المتاحين لغير المسجونين أو المحتجزين”. (المبدأ 1)
- وتُحدِّد الوثيقة الظروف التي تشكل فيها تلك الممارسات انتهاكًا لأخلاقيات مهنة الطب وتترتَّب عليها مسؤولية الموظفين الصحيين. وتنشأ هذه المسؤولية أيضًا نتيجة للمشاركة السلبية في إساءة المعاملة. وتحدث المشاركة السلبية بمجرد اتباع الموظفين الصحيين أهدافًا غير التقييم أو الحماية أو التحسين للصحة البدنية والعقلية للأشخاص المعنيين. و”يمثل مخالفة جسيمة لآداب مهنة الطب، وجريمة بموجب الصكوك الدولية المنطبقة، أن يقوم الموظفون الصحيون، ولا سيما الأطباء، بطريقة إيجابية أو سلبية، بأعمال تشكل مشاركة في التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة أو تواطؤًا أو تحريضًا على هذه الأعمال أو محاولات لارتكابها” (المبدأ 2).
- ”يمثل مخالفة لآداب مهنة الطب أن يتورط الموظفون الصحيون، ولا سيما الأطباء، في أية علاقة مهنية مع السجناء أو المحتجزين، لا يكون القصد منها مجرد تقييم أو حماية أو تحسين الصحة البدنية أو العقلية للسجين أو المحتجز”. (المبدأ 3)
- ”يمثل مخالفة لآداب مهنة الطب أن يقوم الموظفون الصحيون ولا سيما الأطباء، بما يلي:
- (أ) استخدام معارفهم ومهاراتهم للمساعدة في استجواب السجناء والمحتجزين على نحو قد يضر بالصحة أو الحالة البدنية أو العقلية لهؤلاء المسجونين أو المحتجزين، ويتنافى مع الصكوك الدولية ذات الصلة، (ب) الشهادة، أو الاشتراك في الشهادة، بلياقة السجين أو المحتجز لأي شكل من أشكال المعاملة أو العقوبة قد يضر بصحته البدنية أو العقلية ويتنافى مع الصكوك الدولية ذات الصلة، أو الاشتراك بأية كيفية في تلك المعاملة أو في إنزال تلك العقوبة التي تتنافى مع الصكوك الدولية ذات الصلة”. (المبدأ 4)
- ”يمثل مخالفة لآداب مهنة الطب أن يشترك الموظفون الصحيون، ولا سيما الأطباء، في أي إجراء لتقييد حركة سجين أو محتجز إلا إذا تقرر بمعايير طبية محضة أن هذا الإجراء ضروري لحماية الصحة البدنية أو العقلية أو السلامة للسجين أو المحتجز ذاته، أو زملائه السجناء أو المحتجزين، أو حراسه، وأنه لا يعرض للخطر صحته البدنية أو العقلية”. (المبدأ 5)
- وأخيرًا تستذكر الوثيقة أنه “لا يجوز الخروج على المبادئ سابقة الذكر لأي سبب من الأسباب، بما في ذلك حالة الطوارئ العامة”. (المبدأ 6).
← احتجاز؛ أخلاقيات مهنة الطب
2 دليل التقصي والتوثيق الفعَّالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة (بروتوكول اسطنبول)
في عام 2004، تبنَّت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان دليل التقصي والتوثيق الفعَّالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة المعروف باسم بروتوكول اسطنبول. وتُذكِّر هذه الوثيقة بالقواعد الدولية المتصلة بحظر التعذيب وواجب الدول فيما يتصل بمنع وقمع هذه الممارسات (الفقرات 1-47). وهي تُطوِّر عناصر ملموسة تتصل بالتزام الدول بالتقصي في هذه الأوضاع بطريقة فعَّالة ومحايدة. وتتضمَّن إرشادات عملية فيما يتعلق بجمع الشهادات وغيرها من الأدلة القضائية والطبية لتوثيق التعذيب. وتُحدِّد أيضًا الالتزامات الأخلاقية التي تترتَّب على المهن القانونية (الفقرتان 49-50) والمهن الطبية (الفقرات 51-56) أثناء عملهم مع ضحايا التعذيب.
ويُورِد الدليل التزامات الأطباء في توثيق التعذيب وإساءة المعاملة وحظر أي مشاركة في هذا النوع من الممارسات. وتُحدِّد القواعد قائمة الأنشطة الطبية التي تشكِّل مشاركة للطبيب في التعذيب.
“تشمل المشاركة في التعذيب: (1) تقييم قدرة فرد على تحمُّل إساءة المعاملة؛ و(2) الحضور أثناء إساءة المعاملة أو الإشراف عليها أو اقترافها؛ و(3) إنعاش الأفراد من أجل مواصلة إساءة معاملتهم أو تقديم العلاج الطبي قبل التعذيب مباشرة أو في أثنائه أو على إثره بناء على تعليمات من يُرجَّح أن يكونوا مسؤولين عنه؛ و(4) إتاحة المعرفة المهنية أو البيانات الصحية الشخصية عن الفرد لمرتكبي التعذيب؛ و(5) التجاهل المتعمد للأدلة وتزوير التقارير، مثل تقرير تشريح الجثث، وشهادات الوفاة”. (الفقرة 53)
وأخيرًا، تقع على ممارسي المهن الصحية التزامات مزدوجة فهم مدينون للمريض بواجب أولي هو حماية مصالحه المثلى وعليهم واجب عام نحو المجتمع يقضي بضمان العدالة ومنع انتهاك حقوق الإنسان. وتتجلَّى هذه الازدواجية أيضًا بين قواعد الكتمان السارية في العلاقات العلاجية وواجب إبلاغ معلومات طبية معينة إلى السلطات لأسباب أمنية أو قضائية (الفقرات 66-73).
ويُعدِّد الدليل القواعد والمبادئ الأخلاقية التي يجب العمل بها لحل هذه المعضلات. وتلك المبادئ هي:
- الحظر المطلق لإيذاء المريض؛ و
- التزام الطبيب بإبلاغ المريض بكل ملابسات طبيعة مهمته وأي ضغوط أو قيود خارجية عليه؛ و
- الالتزام بالحصول على موافقة المريض على كل الأفعال الطبية أو الطبية القانونية؛ و
- الالتزام باحترام قاعدة كتمان المعلومات الطبية عند الشك إذا كان إبلاغ السلطات بوضع ما قد يعرض المريض للخطر.
ويُقدِّم الدليل أيضًا المشورة فيما يتعلق بأفضل الطرق للتقصي عن تلك الأوضاع وزيارة أماكن الاحتجاز لضمان سلامة الرعاية وتفادي تعريض الضحايا والشهود للخطر (الفقرات 74-119، و120-160). وينص أيضًا على الإرشادات للتقييم الطبي للتعذيب وإساءة المعاملة (المرفق 4) وكذلك نماذج للفحوص الطبية البدنية والنفسية تساعد على توثيق التعذيب وإساءة المعاملة (الفقرات (161-233، و234-315).
اللجوء إلى القضاء في حالة التعذيب
بالإضافة إلى اللجوء النظري إلى المحاكم في جميع الدول التي أقرّت معاهدة مناهضة التعذيب، يجوز لضحايا التعذيب:
- اللجوء إلى القضاء وطلب التعويض
يمكن للأفراد تقديم شكوى أمام أي محكمة في أي دولة استنادًا إلى مبدأ الاختصاص القضائي العالمي سواء ارتكبت الجرائم في وقت السلم أو الحرب، وشريطة وجود مرتكب الجريمة في إقليم تلك الدولة (المادة 5-2 من اتفاقيّة مناهضة التعذيب؛ واتفاقيّة جنيف 1 المادة 49، واتفاقيّة جنيف 2 المادة 50، واتفاقيّة جنيف 3 المادة 129 واتفاقيّة جنيف 4 المادة 146) كما للأفراد حقّ في التعويض (المادة 14 من اتفاقيّة مناهضة التعذيب لعام 1984).
إذا كان الضحايا يقيمون في دولة عضو في المجلس الأوروبي، يمكنهم تقديم الشكاوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (المادة 34 من الاتّفاقيّة الأوروبية لحقوق الإنسان).
يجوز للأفراد أن يقدموا شكوى أمام المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إذا كانوا من مواطني دولة عضو في الاتحاد الأفريقي (إذا كانت الدولة المعنية تقبل بالاختصاص القضائي للمحكمة). ويجوز لمواطني المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وكذلك مواطني مجموعة شرق أفريقيا اللجوء إلى محاكم كل منها وإلى محكمة العدل لغرب أفريقيا ومحكمة العدل لشرق أفريقيا.
← لجوء الأفراد إلى المحاكم
لا يمكن للأفراد اللجوء بشكل مباشر إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إنما يمكنهم إحالة القضايا إلى النائب العام للمحكمة الذي قد يقرِّر إجراء تحقيق، وفقًا لشروط معينة. وهذه على النحو التالي: (1) أن تكون الدولة التي يزعم أنها ارتكبت الجريمة أو الدولة التي يحمل المتهم جنسيتها قد صدقت على قانون المحكمة الجنائية الدولية، و(2) أن تكون الأفعال قد ارتكبت كجزء من جرائم حرب أو جرائم ضدّ الإنسانية، و(3) في حال رفض المحكمة القضائية الوطنية الصالحة البتّ في الأمر أو عجزها عن المحاكمة. يمكن للمحكمة الجنائية الدولية تقرير التعويض للضحايا.
يوجد أيضًا صندوق طوعي للتبرعات لضحايا التعذيب أنشأته الأمم المتحدة في عام 1981. ويساند هذا الصندوق إجراءات التعويض الجماعي وليس التعويضات الفردية.
- اللجوء إلى جهات غير قضائية
يجوز للأفراد أو الدول إرسال مخاطباتهم أو “التماساتهم” إذا كانت الدولة المعنية صادقت على الاتفاقية ذات الصلة أو المواد الاختيارية أمام الكيانات التالية:
لجنة مناهضة التعذيب (اتفاقية مناهضة التعذيب، 1984): اختصاص اختياري لتلقِّي المخاطبات (المادة 21) واختصاص اختياري لتلقِّي المخاطبات الفردية (المادة 22)؛
اللجنة المعنية بحقوق الإنسان (التي تأسست وفقًا للبروتوكول الأول الاختياري الملحق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966)؛
اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب)؛
لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (الاتّفاقيّة الأمريكية لحقوق الإنسان).
- منع التعذيب وزيارة أماكن الاحتجاز
اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللا إنسانية أو المهينة، والتي تأسّست وفقًا للمادة 1 من الاتّفاقيّة الأوروبية لمنع التعذيب، وهي غير مخولة باستلام مخاطبات من الأفراد. ولكنها مسؤولة عن القيام بزيارات مفاجئة إلى أي مكان يوجد فيه أشخاص محرومون من حريتهم من قبل دولة أقرت الاتّفاقيّة، ويمكن تحذيرها للتدخل لمنع التعذيب في حالات الطوارئ وليس هناك ما يحول دون قيام الضحايا بإرسال معلومات إلى اللجنة.
أسّس البروتوكول الاختياري لاتفاقيّة مناهضة التعذيب المعتمد في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2002 لجنة فرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة. وتجيز الدول الموقعة على البروتوكول للجنة زيارة أي مكان يخضع لولايتها ولسيطرتها ويوجد فيه أشخاص محرومون أو قد يكونون محرومين من حريتهم إما بموجب أمر صادر عن سلطة عامة أو بناء على إيعاز منها أو بموافقتها. وتهدف هذه الزيارات إلى تعزيز الحماية والحدّ من أخطار التعذيب. يمكن للجنة الفرعية تلقي معلومات تتعلّق بحالات فردية.
للجنة الدولية للصليب الأحمر حقّ زيارة أماكن الاحتجاز في أوقات النزاع كما يمكن أن تتلقى معلومات عن حالات فردية.
←اللجنة الأفريقية والمحاكم الأفريقية لحقوق الإنسان؛ لجنة حقوق الإنسان؛ لجنة مناهضة التعذيب؛ عقاب جسدي؛ اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب؛ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؛ ضمانات أساسية؛ لجنة حقوق الإنسان، الصليب الأحمر، الهلال الأحمر؛ لجنة مناهضة التعذيب؛ لجوء الأفراد إلى المحاكم؛ محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان/ لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان؛ المحكمة الجنائية الدولية؛ سوء المعاملة؛ الاختصاص العالمي؛ جرائم حرب/ جرائم ضدّ الإنسانية؛ تعويض.
←قائمة تضمّ الدول الأطراف في القانون الدولي الإنساني واتفاقيات حقوق الإنسان (رقم 14 و15 و16).
السوابق القضائية
- المحاكم الجنائية الدولية
نفس التعريف اعتمد في قضية أكاييسو (الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، 2 أيلول/ سبتمبر 1998، الفقرتان 594-595)، وفي قضية فوكا (دائرة الاستئناف للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا سابقًا، 12 حزيران/ يونية 2002، الفقرة 142). وهو أن التعذيب يقوم على ثلاثة عناصر يتألَّف منها وهي: (1) التسبب بطريق الفعل أو التقصير في ألم شديد أو معاناة شديدة بدنية أو عقلية؛ و(2) أن يكون الفعل أو التقصير متعمدًا (3) أن يكون القصد من الفعل أو التقصير هو الحصول على المعلومات أو اعتراف، أو معاقبة الضحية أو شخص ثالث أو تخويفه أو إكراهه، أو التمييز في المعاملة ضد الضحية أو شخص ثالث على أي أساس.
في قضية كفوكا وآخرين (2 تشرين الثاني/ نوفمبر2001) بحثت الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا سابقًا أفعالًا تعتبر في العادة على درجة من الشدة ترقى إلى أن تكون تعذيبًا. ومنها الضرب والحرمان مدة طويلة من النوم، أو الطعام، أو النظافة العامة (الفقرة 144). ولإثبات القصد الجنائي يجب أن يكون مرتكب العمل قصد عن عمد التسبب في ألم حاد وأن يكون الغرض من العمل واحدًا من الأغراض المذكورة آنفًا (1.تعريفات). وفي هذا القرار نصت الدائرة الابتدائية على العناصر التي يجب أن تؤخذ في الحسبان في قضية التعذيب. ومن ثمَّ، فإنه عند تقييم خطورة أي إساءة للمعاملة، تدرس الدائرة الابتدائية أولًا الشدة الفعلية للأذى المترتب على العمل، ثم تأخذ في الحسبان معايير شخصية مثل الآثار البدنية أو العقلية لإساءة المعاملة على الضحية وفي بعض الحالات عوامل مثل سن الضحية ونوعه وحالته الصحية التي تعتبر أيضًا مهمة في تقييم شدة الجريمة (الفقرتان 142-143).
في قضية مركسيتش وسليفانكانين (5 أيار/ مايو 2009، الفقرتان 210 و211) وجدت دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا سابقًا أن القصد الجنائي للمساعدة في التعذيب والتحريض عليه، يشكل انتهاكًا لقوانين الحرب وأعرافها.
- المحكمة العليا الإسرائيلية
في قرارين صدرا في عامي 1999 و2005، أكَّدت المحكمة العليا الإسرائيلية أن حجة “الضرورة” الوطنية في سياق مكافحة الإرهاب لا تبرر اللجوء إلى أساليب استجواب ترقى إلى أن تكون تعذيبًا. وقالت “في إحدى القضيتين نظرنا في مسألة هل يجوز للدولة أن تأمر القائمين على الاستجواب باستخدام أساليب استجواب خاصة تشتمل على استخدام القوة ضد إرهابيين في وضع قنبلة موقوتة. وأجبنا على ذلك السؤال بالنفي”. انظر اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل ضد دولة إسرائيل (المحكمة العليا 5100/94، 26 أيار/ مايو 1999، الفقرات 35-37) وقضية اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل والجمعية الفلسطينية لحماية حقوق الإنسان والبيئة ضد حكومة إسرائيل (المحكمة العليا 769/02، 11 كانون الأول/ ديسمبر 2005، الفقرة 64).
- الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان
ناقشت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أيضًا قضية التعذيب وإساءة المعاملة أثناء الاحتجاز وكذلك الالتزام بالتعويض للضحايا والتناسب بين المخاطر على الأمن القومي والقيود على الحقوق الفردية (قضية أكسوي ضد تركيا، الطلب رقم 21987/93، الحكم [الدائرة الابتدائية] 18 كانون الأول/ ديسمبر 1996). في هذه القضية رأت المحكمة أنه:
حيثما يؤخذ فرد في عهدة الشرطة وهو في صحة جيدة، ولكن يتبيَّن أنه مصاب عند الإفراج عنه، يكون من الضروري على الدولة أن تقدم تفسيرًا منطقيًّا لسبب الإصابة وإلَّا تثور قضية واضحة بموجب المادة الثالثة من الاتفاقية [المناهضة للتعذيب] (المادة 61).
تُذكِّر المحكمة بأن:
لكل دولة متعاقدة مسؤولة عن “حياة شعبها” أن تقرِّر ما إذا كانت هذه الحياة معرضة للخطر من جراء “حالة طوارئ عامة” وإن كان الأمر كذلك، فلها أن تُحدِّد إلى أي مدى تقتضي الضرورة في محاولة التغلُّب على هذا الطارئ. وبفضل التحامها المباشر والمتواصل مع الاحتياجات الملحة، تكون السلطات الوطنية في وضع أفضل من القاضي الدولي لتقييم وجود مثل هذا الطارئ وطبيعة ونطاق التدابير اللازمة لتفاديه. وعليه، فإنه ينبغي في هذا الموضوع ترك هامش تقدير واسع للسلطات الوطنية. مهما يكن من أمر، فإن الدول المتعاقدة لا تملك سلطة تقدير مطلقة بلا حدود. وللمحكمة أن تحكم ما إذا كانت الدول تجاوزت “الحد الذي تقتضيه الظروف الطارئة” للأزمة. ومن ثم فإن هذا الهامش الوطني للتقدير يجب أن يصاحبه إشراف أوروبي. (الفقرة 68).
لا شك أن التحقيقات في الجرائم الإرهابية تُثير مشكلات غير عادية للسلطات، لكن المحكمة لا يمكنها قبول أنه من الضروري احتجاز مشتبه به 14 يومًا دون تدخل قضائي. فهذه الفترة طويلة بدرجة غير عادية وتجعل الطالب عرضة للتدخل التعسفي في حقه في الحرية وللتعذيب أيضًا (الفقرة 78).
وفيما يتعلق بوجود سبل انتصاف فعالة لضحايا التعذيب رأت المحكمة أنه “بعد أن رأت المحكمة أن المدعي العام كان على علم بإصاباته ولم يتخذ أي إجراء، فإنه من المفهوم أن يتكوَّن في نفس الطالب اعتقاد بأنه لا أمل في أن يلقى اهتمامًا وترضية من خلال القنوات القانونية الوطنية ... ولذلك فإن المحكمة خلصت إلى أنه وجدت ظروف خاصة تحل الطالب من التزامه باستنفاد وسائل الانتصاف الوطنية (الفقرتان 56-57).
وفي عام 2011، أقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية السكيني بتطبيق الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية خارج الإقليم (قضية السكيني وآخرين ضد المملكة المتحدة، الطلب رقم 55721/07، الحكم [الدائرة الرئيسية] 7 تموز/ يولية 2011). وفي هذا الحكم، أكدت المحكمة مجددًا أن هذا التطبيق خارج الإقليم يشتمل على التزام الدول بالتحقيق على نحو مستقل ومحايد في أي خطر على الحياة أو السلامة البدنية للأفراد الموضوعين تحت سيطرتها. وأكدت المحكمة أن هذا الالتزام بالتحقيق يستمر في التطبيق حتى في الظروف الأمنية الصعبة، ومن ذلك في سياق النزاع المسلح (الفقرتان 163-164).
طبَّقت المحكمة معيار التحقيقات الفعَّالة الذي تضمَّنته الاتفاقية على حالات تتصل بالحرمان من الحياة على أيدي القوات البريطانية في العراق في سياق استخدام القوة ضد المدنيين أثناء عمليات أمنية. ورأت المحكمة أن مثل هذه التحقيقات قد تتخذ أشكالًا مختلفة حسب الظروف. مهما يكن من أمر، فإنه مهما كان الأسلوب المستخدم، يجب على السلطات أن تتصرف من تلقاء نفسها حالما يصل إلى علمها الأمر ولا ينبغي أن تتركه لمسؤولية أفراد آخرين أو منظمات أخرى ليقدموا شكوى رسمية أو يتولوا مسؤولية إجراء أي تحقيقات. وفضلًا عن ذلك أكدت المحكمة أن الالتزام الإجرائي للدول بإجراءات تحقيقات لا يمكن الوفاء به بمجرد تقديم تعويضات (الفقرة 1655). ويجب أن تكون التحقيقات فعالة بمعنى أن تكون قادرة على تحديد ما إذا كانت القوة التي استخدمت كان لها ما يبررها أم لا في الظروف وإلى تحديد المسؤولين عن العمل ومعاقبتهم. وليس هذا التزامًا بالنتائج إنما هو التزام بالوسائل. ويجب على السلطات أن تتخذ الخطوات المعقولة المتاحة لها للحصول على الأدلة التي تتصل بالحادث ومن ذلك بين أشياء أخرى روايات شهود العيان وأدلة الطب الجنائي وحيثما أمكن التشريح الذي يقدم سجلًّا كاملًا ودقيقًا للإصابة وتحليلًا موضوعيًّا للنتائج الإكلينيكية. وأي نقص في التحقيقات يضعف قدرته على تحديد سبب الوفاة أو الأشخاص المسؤولين قد يشكل انتهاكًا لهذا الالتزام بالتحقيق (الفقرة 166).
وأكَّدت المحكمة أنه لكي يكون التحقيق في إساءة مزعومة من موظفين رسميين فعَّالًا يجب أن يكون هذا التحقيق مستقلًّا عن الذين تورطوا في الأحداث. ويعني هذا الافتقار إلى ارتباط تسلسل هرمي أو مؤسسي والاستقلال العملي أيضًا (الفقرة 167). وعليه، فإن عملية التحقيق التي تبقى كاملة في إطار تسلسل القيادة العسكرية وتقتصر على أخذ الأقوال من الجنود المعنيين لا يمكن اعتبارها فعَّالة (الفقرة 171).
وفي قضية السعدي ضد إيطاليا (الطلب رقم 37201/106، الحكم [الدائرة الرئيسية] 28 شباط / فبراير 2008) وقضية رمزي ضد هولندا (الطلب رقم 25424/05، الحكم [الشعبة الثالثة]، 20 تموز/ يولية 2010) ذكَّرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالطابع الإلزامي والحتمي لمبدأ “عدم الإعادة القسرية” الذي يعني حظر الطرد أو الإعادة أو التسليم لشخص إلى دولة أخرى توجد أسس قوية للاعتقاد بأنه قد يتعرض فيها للتعذيب. وهذه القرارات ضرورية لدراسة وتقييم الممارسات التي تستخدم في سياق السيطرة على الهجرة والحرب على الإرهاب التي بلغت ذروتها في برامج “الاستسلام” التي تنقل فيها الدول المحتجزين إلى دول أخرى يكون فيها التعذيب مباحًا أو مسموحًا به على نطاق واسع. وأقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن “الدولة تواجه صعوبات هائلة في العصر الحديث في حماية مجتمعاتها من العنف الإرهابي. ولذلك فإنه لا يمكن للمحكمة التهوين من خطر الإرهاب اليوم والخطر الذي يُشكِّله على المجتمع. ولكن يجب ألا يثير هذا الشك في الطبيعة المطلقة للمادة الثالثة [من الاتفاقية الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللا إنسانية أو المهينة]” (قضية السعدي ضد إيطاليا، الفقرة 137).
راجع أيضًا محكمة العدل بالاتحاد الأوروبي، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ضد مجلس الاتحاد الأوروبي، القضية T.228/02، الحكم (الدائرة الثانية) 12 كانون الأول/ ديسمبر 2006، أحمد على يوسف ومؤسسة البركات الدولية ضد مجلس الاتحاد الأوروبي ومفوضية المجتمعات الأوروبية، القضية T.306/01، الحكم 21 أيلول/ سبتمبر 2005، الفقرة 73، وياسين عبد الله قاضي ضد مجلس الاتحاد الأوروبي ومفوضية المجتمعات الأوروبية T.315/01، قضية استئناف C-415/05 P، الحكم (الدائرة الرئيسية) 3 أيلول/ سبتمبر 2008.
لمزيد من المعلومات:
Amnesty International. Torture in the Eighties. New York: Dodd Mead, 1984.
British Medical Association. The Medical Profession and Human Rights: Handbook for a Changing Agenda. London: Zed in association with BMA, 2001, chap. 4.
Constitution Project. “True and False Confessions: The Efficacy of Torture and Brutal Interrogation.” In The Report of the Constitution Project’s Task Force on Detainee Treatment, 243–46. Constitution Project, 2013.
Greeenberg, Karen J., and Joshua L. Dratel, eds. The Torture Papers: The Road to Abu Ghraib. Cambridge: Cambridge University Press, 2005.
Grodin, Michael, and George Annas. “Physicians and Torture: Lessons from the Nazi Doctors.” International Review of the Red Cross 867 (September 2007): 635–54.
Haug, Hans. “Efforts to Eliminate Torture throughtrough International Law.” International Review of the Red Cross 268 (January–February 1989): 9–25.
Rodley, Nigel S. The ICRC. Report on the Treatment of Prisoners underFourteen High Value Detainees in CIA Custody. February 2007. Available at http://assets.nybooks.com/media/doc/2010/04/22/icrc-report.pdf .
Kelman, Herbert C. “The Policy Context of Torture: A Social-Psychological Analysis.” International Law. Oxford: Clarendon, 1999Review of the Red Cross 857 (2005): 123–34.
The Redress Trust. Office of the United Nations High Commissioner for Human Rights. Manual on the Effective Investigation and Documentation of Torture and Other Cruel, Inhuman or Degrading Treatment or Punishment. Istanbul Protocol. Geneva, Professional Training Series No.8/Rév.1.
REDRESS. Terrorism, Counter-terrorismTerrorism and Torture: International Law in the Fight Againstagainst Terrorism,. July 2004, available. Available at: http://www.redress.org/publications/TerrorismReport.pdf .
Torture, Inhuman and Degrading Treatment 449
451
Reyes, Hernan. “The Worst Scars Are in the Mind: Psychological Torture.” International Review of the Red Cross 867 (September 2007): 591–617. Available at http://www.icrc.org/fre/assets/files/other/irrc -967-reyes.pdf.
Rodley, Nigel S. The Treatment of Prisoners under International Law. Oxford: Clarendon Press, 1999.
Ross, James. “Black Letter Abuse: The US Legal Response to Torture since 9/11.” International Review of the Red Cross 867 (September 2007): 561–90. Available at http://www.icrc.org/fre/assets/files/other/irrc-967-ross.pdf .
“Torture.” International Review of the Red Cross 867 (September 2007): 501–774.