القاموس العملي للقانون الإنساني

« الخطأ في تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم » Albert Camus.

اعتقال

في أوقات النزاع المسلح الدولي، قد تتّخذ أطراف نزاع ما إجراءات اعتقال ضدّ المدنيين أو أسرى الحرب. والفرق بين الاعتقال والاحتجاز هو أن القرارات المرتبطة بالاعتقال تتّخذها سلطات إدارية أو عسكرية، في حين أن القرارات المرتبطة بالاحتجاز تقع بصورة عامة ضمن مسؤولية السلطات القضائية.

تقع الأحكام التي تنظم اعتقال المحاربين واحتجازهم، أثناء نزاع مسلح دولي تحت طائلة الأحكام الدقيقة والمفصلة للقانون الإنساني الذي يخص معاملة أسرى الحرب (اتفاقيّة جنيف 3 المواد 21، 22، 30، 31، 72). وفي هذا النوع من النزاعات، يحدّد القانون الدولي الإنساني ضمانات معينة للأشخاص الذين يلقى القبض عليهم أو المحجوزين أو المعتقلين لأسباب ترتبط بالنزاع المسلح (بروتوكول 1 المادة 75-6). وتنظم قواعد خاصة اعتقال المدنيين (انظر أدناه).

← احتجاز؛ ضمانات قضائية؛ أسرى الحرب.

في حالة النزاعات المسلحة غير الدولية، لا يحدّد القانون الدولي الإنساني صراحة إجراءات الاعتقال. علاوة على ذلك، فإنه لا يمنح وضع المقاتل لأعضاء جماعات مسلحة من غير الدول وذلك بخلاف القوات المسلحة الرسمية. ويستخدم البروتوكول الثاني المضاف إلى اتفاقيات جنيف تصنيف “الأشخاص الذين حرموا من حريتهم لأسباب تتعلّق بالنزاع المسلح، سواء كانوا معتقلين أم محتجزين”، لتعيين وحماية أشخاص شاركوا في الأعمال العسكرية من داخل جماعات مسلحة من غير الدول أو فرادى”. وتغطي هذه المجموعة الحالات التي ترقى إلى التصنيفات التقليدية للاعتقال أو الاحتجاز (بروتوكول 2 المادتان 4، 5). وينص بروتوكول 2 أيضًا على ضمانات قضائية لهؤلاء الأشخاص (بروتوكول 2، المادة 6).

← مدنيّون؛ احتجاز؛ ضمانات قضائية؛ جماعات مسلحة من غير الدول

وتستهدف الأحكام المتعلقة بالاعتقال والواردة أدناه المدنيين المعتقلين في نزاعات مسلحة دولية. لكن يمكن استخدام الأحكام المرتبطة بالاعتقال كمرجع لإجراءات الإغاثة المماثلة بسبب التفاصيل الدقيقة التي توفّرها. وتسري هذه القواعد في كل مرة يُحرم فيها مدنيون من حريتهم في الحركة من جانب سلطات عسكرية أو إدارية، وحين يتوقف بقاؤهم على قيد الحياة على غوث خارجي تؤذن به هذه السلطات. ويمكن أن ينطبق هذا على بعض مخيمات الأشخاص النازحين داخليًّا.

← النازحون داخل بلدانهم

أولًا إجراءات اعتقال المدنيين

الاعتقال هو إجراء أمني تتخذه دولة في أوقات النزاع المسلح، ويتزامن مع مكان إقامة محدّد. ويستهدف الأشخاص المدنيين الذين يعيشون في أراضي طرف من أطراف نزاع من جنسية الطرف الآخر أو الأجانب. ويستطيع الأجانب المقيمون على أراضي الدولة طلب الاعتقال الطوعي.

  • يجوز لقوة الاحتلال اعتقال أو تحديد إقامة أفراد معينين من سكان المناطق المحتلة الذين تعتبرهم مصدر تهديد. أما بشأن المدنيين، فقد تصدر أوامر بمثل هذه الإجراءات فقط إذا كان أمن قوة الاحتجاز يجعل من ذلك ضروريًّا جدًّا أو في حال طلب المدنيين ذلك (اتفاقيّة جنيف 4، الموادّ 41، 42، 68، 78).
  • يحق لأي شخص معتقل طلب إعادة النظر في قرار الاعتقال بأسرع وقت ممكن من محكمة أو هيئة إدارية تعينها قوة الاحتجاز لذلك الغرض. وفي حال استمرار الاعتقال أو تحديد الإقامة في مكان معين، يجب مراجعة هذا القرار بصورة دورية مرتين في السنة على الأقل (اتفاقيّة جنيف 4، المادة 43). بالإضافة إلى ذلك، إذا لم يعد بمستطاع فرد ما إعانة نفسه نتيجة مثل هذه الإجراءات، يتحمّل طرف النزاع الذي فرض هذا القرار مسؤولية مساعدة هذا الشخص والقاصرين التابعين له (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 39).

وتحدّد اتفاقيّة جنيف الرابعة الأحكام واللوائح التفصيلية بشأن ظروف الاعتقال ومعاملة المعتقلين من خلال اثنتين وسبعين مادة، (المواد 79-141)، وقد أصبحت أهم عناصرها الرئيسية قواعد عرفية.

  • تنص القاعدة 126 من دراسة حول القانون الدولي الإنساني العرفي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 2005 على أنه “يسمح للمعتقلين المدنيين وللأشخاص المحرومين من حريتهم بسبب نزاع مسلح غير دولي باستقبال الزائرين، وبخاصة الأقرب إليهم، بالدرجة الممكنة”.
  • تنص القاعدة 128 من دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي على أنه
  • يطلق سراح أسرى الحرب ويعادون إلى أوطانهم، دون إبطاء، بعد انتهاء الأعمال العدائية الفعلية.
  • يطلق سراح المعتقلين المدنيين حالما تنتفي الأسباب التي استلزمت اعتقالهم، ولكن، وعلى أبعد تقدير، بأسرع ما يمكن بعد انتهاء الأعمال العدائية الفعلية.
  • يطلق سراح الأشخاص المحرومين من حريتهم بسبب نزاع مسلح غير دولي حالما تنتفي الأسباب التي دعت لحرمانهم من حريتهم.
  • يجوز استمرار حرمان الأشخاص المشار إليهم أعلاه من حريتهم إذا كانت الإجراءات الجزائية المتخذة في حقهم معلقة أو إذا كانوا ينفذون أحكامًا صدرت بحقهم بشكل قانوني”.

ثانيًا أماكن الاعتقال

يجب وضع مواقع الاعتقال بعيدًا عن مخاطر الحرب، وتجهيزها بنظام تعريف وملجأ مناسب في حال شنّ هجوم، وأن يتمّ فيها احترام جميع معايير الصحة والنظافة. ويجب حمايتها حماية كاملة من الرطوبة وتزويدها بالإضاءة ودرجة الحرارة المناسبة. كما ينبغي توفير الفراش المناسب وما يكفي من البطانيات للمعتقلين آخذين في نظر الاعتبار الطقس، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمعتقلين. كما يجب توفير المرافق الصحية المناسبة التي تلتزم بالأحكام الصحية التي تفرضها اتفاقيات جنيف ليلًا ونهارًا. ويجب تزويدهم بالماء والصابون والوقت الكافي للصحة الشخصية والغسيل (اتفاقيّة جنيف 4 الموادّ 82، 83، 85، 88).

ثالثًا الطعام والملابس

يجب أن تكون حصص الطعام اليومية للمعتقلين كافية كمًا ونوعًا من أجل الحفاظ على حالة صحية جيدة وللحيلولة دون حالات نقص التغذية. كما يجب الأخذ في الاعتبار عاداتهم الغذائية (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 89). ويجب تزويد المعتقلين بالملابس، والأحذية، وبدائل الملابس الداخلية المناسبة لحالة الطقس. كما يجب أن يحصل العمال على ملابس عمل مناسبة، بما في ذلك الملابس الوقائية. ويجب أن لا تحمل الملابس التي تجهزها القوة المحتلة علامات ظاهرة مذلة أو مثيرة للسخرية (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 90).

رابعًا الصحة والرعاية الطبية

يجب أن يضمّ كل مكان اعتقال مشفى مناسبًا بإدارة طبيب مؤهل ويجب أن يوفّر فحوصات طبية كل يوم. ويفضل أن يحصل المعتقلون على عناية العاملين الطبيين من أبناء جنسيتهم. ولا يجوز منعهم من التقدم إلى السلطات الصحية لإجراء الفحوصات، ويجب توفير العلاج مجانًا بما في ذلك أي جهاز ضروري للحفاظ على صحة المعتقلين (مثل طقم الأسنان، النظارات الطبية،...إلخ.). ويجب على السلطات الصحية أن تصدر، عند الطلب، تقريرًا طبيًا رسميًا أو شهادة طبية تبيّن طبيعة المرض أو الإصابة ومدة وطبيعة العلاج المقدم لكلّ معتقل خضع للعلاج.

وبالإضافة إلى الفحوصات الطبية الطوعية، عند الحاجة إليها، يجب إجراء عمليات فحص طبية على المعتقلين مرة في الشهر على الأقل لمتابعة الحالة الصحية العامة، والتغذية، ونظافة المعتقلين وللكشف عن الأمراض المعدية بصورة خاصة، وكذلك فحص وزن كل معتقل (اتفاقيّة جنيف 4 المادتان 91، 92).

خامسًا النشاطات الدينية والفكرية والرياضية

يجب أن يتمتّع المعتقلون بالحرية التامة في ممارسة طقوسهم ومعتقداتهم الدينية مع ضرورة السماح لرجال الدين بزيارتهم (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 93).

ويجب منح المعتقلين الفرصة لممارسة التمارين الرياضية والألعاب الداخلية والألعاب الخارجية (بالإضافة إلى الممارسات التربوية والفكرية). ولهذا الغرض، يجب تخصيص ما يكفي من المساحة في جميع أماكن الاعتقال، كما يجب تخصيص ملاعب خاصة للأطفال والشباب (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 94). ويجوز لسلطة الاحتجاز تشغيل المعتقلين عمالًا إذا ما رغبوا بذلك، في عمل منفصل عن أي عمل يرتبط مباشرة بحياة المعتقلين. ويجب ألا يكون مثل هذا العمل مُذلًا أو حاطًا للكرامة. ويجب أن تتوافق المقاييس المحدّدة لظروف العمل والتعويض والضمان الصحي مع حقوق ومقاييس العمل الدولية (اتفاقيّة جنيف 4 المادتان 95، 96).

سادسًا الممتلكات الشخصية والموارد المالية

يسمح للمعتقلين بالاحتفاظ بممتلكات للاستعمال الشخصي بما في ذلك الوثائق الشخصية. ويجب إعطاؤهم إيصالات مفصلة عن أي شيء أو ملكية تسحب منهم من قبل إدارة المعسكر (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 97).

ويجب أن يستلم جميع المعتقلين مخصصات منتظمة، بحيث تكفيهم لشراء سلع وموادّ، مثل مستلزمات العناية الشخصية والتبغ. ويمكن أن يحصلوا على مخصصات من الدولة التي ينتمون إليها، والسلطات الحامية، وأي منظمات تقدم المساعدة لهم، أو من عائلاتهم. وأخيرًا يجب أن يتمكنوا من إرسال حوالات إلى عائلاتهم والآخرين الذين يعتمدون عليهم (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 98).

سابعًا الإدارة والانضباط

يجب أن يكون كل مكان اعتقال تحت سلطة ضابط مسؤول أو موظف مدني يلزم بأن يكون معه نسخة من اتفاقيّة جنيف الرابعة مكتوبة بلغته. ويجب إعلام المعتقلين بهذه الاتفاقية وبنصوص أي اتفاقيات خاصة ولوائح وأوامر، وإشعارات ومنشورات من كل نوع وتعليقها داخل أماكن الاعتقال وبلغة يفهمونها. وفي كل مكان اعتقال، يحق للمعتقلين الانتخاب الحر لأعضاء لجنة مخولة بتمثيلهم أمام سلطة الاحتجاز، والسلطات الحامية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأي منظمة أخرى قد تقدم المساعدة لهم (اتفاقيّة جنيف 4 الموادّ 99-104).

ثامنًا العلاقات مع العالم الخارجي

خلال الأسبوع الذي يلي اعتقال الشخص، يجب تمكين كل معتقل من إبلاغ عائلته والوكالة المركزية للبحث عن المفقودين التابعة للصليب الأحمر. كما يجب أن يتاح للمعتقلين إرسال واستلام رسائل وبطاقات وطرود شخصية أو جماعية تحتوي بصورة خاصة على موادّ غذائية، ملابس، وإمدادات طبية، بالإضافة إلى الكتب والموادّ العبادية والتربوية أو ذات الطبيعة الترفيهية، وتعفى مثل هذه الشحنات الإغاثية من رسوم الواردات والجمارك والرسوم الأخرى ويحق للجنة الدولية للصليب الأحمر نقلها أو أي منظمة أخرى مفوضة من قبل أطراف النزاع.

ويجب رفع الرقابة على المراسلات بأسرع ما يمكن ولا يجوز استخدامها حجة في تأخير تسليم الرسائل أو الطرود. ويسمح لكلّ معتقل باستقبال الزوار وخاصة الأقرباء المقرّبين وبفترات منتظمة وبأكبر قدر ممكن من المرات (اتفاقيّة جنيف 4 الموادّ 105-116).

تاسعًا العقوبات الجزائية والتأديبية

تحدّد الموادّ 117 إلى 126 من اتفاقيّة جنيف الرابعة القواعد التي تنظم العقوبات الجزائية والتأديبية التي قد يجري تطبيقها على الأشخاص المعتقلين عن أعمال يرتكبونها أثناء فترة اعتقالهم. وتسري القوانين النافذة في المنطقة التي يجدون أنفسهم فيها على المعتقلين الذين يخرقون القانون أثناء فترة اعتقالهم. وعند إصدار الأحكام، يجب أن تأخذ المحاكم بعين الاعتبار حقيقة أن المتهم هو مواطن غير تابع لسلطة الاحتجاز، ويمكن أن تخفف العقوبة الصادرة. ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون العقوبة التأديبية لا إنسانية وقاسية أو تشكل خطرًا على حياة المعتقلين. ويخضع الهروب أو محاولة الهروب لعقوبة تأديبية فقط. ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يخضع المعتقلون لعقوبة تأديبية في مؤسسات إصلاحية. ويجب أن تتوافق المباني التي تتمّ فيها العقوبات مع الشروط الصحية، بما في ذلك أماكن النوم المناسبة، ويجب أن يسمح للمعتقلين الذين يقضون عقوبة تأديبية بممارسة التمارين والبقاء في الهواء الطلق ساعتين كل يوم على الأقل. ويمكن لهم طلب إجراء فحوصات طبية تقدم يوميًا. ويحق لهم القراءة والكتابة وإرسال واستلام الرسائل. مزيد من الإيضاح لهذه الأحكام في المدخل

← ضمانات قضائية.

عاشرًا نقل المعتقلين

يجب أن يتمّ نقل المعتقلين بطريقة إنسانية. وكقاعدة عامة، يجب أن يتمّ النقل عن طريق السكك الحديدية أو وسائط نقل أخرى وفي ظلّ ظروف مماثلة على الأقل لتلك التي تتمتع بها قوات سلطة الاحتجاز عند تغييرهم لمواقعهم (اتفاقيّة جنيف 4 المادتان 127، 128).

حادي عشر الوفيات

يحقّ للمعتقلين تسليم وصاياهم إلى السلطات المسؤولة عن حفظ السلامة. ويجب أن يوثق طبيب وفاة المعتقل، في كل حالة، ويصدر شهادة وفاة بذلك، مبينًا سبب الوفاة والظروف التي حصلت فيها الوفاة. ويجب دفن الموتى من المعتقلين (أو حرقهم حسب دياناتهم أو بناء على طلبهم) بطريقة مشرفة وإذا أمكن، وفقًا لطقوس دياناتهم. ويجب الشروع بتحقيق رسمي من جانب سلطة الاحتجاز في أي حالة وفاة مشتبه بها أو غامضة (اتفاقيّة جنيف 4 الموادّ 129-131).

ثاني عشر إطلاق السراح، الإعادة إلى الوطن، والإقامة في بلدان محايدة

يجب على السلطة المعتقلة إطلاق سراح كل شخص معتقل حالما تنتفي الأسباب الموجبة لاعتقاله (واتفاقيّة جنيف 4، الموادّ 132-135).

ثالث عشر مكاتب الإعلام والوكالة المركزية

يجب على سلطة الاحتجاز تزويد الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين بكافة المعلومات المتعلقة بالأشخاص المعتقلين (اتفاقيّة جنيف 4 الموادّ 136-141).

← الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين؛ احتجاز؛ ضمانات قضائية؛ واجبات طبية؛ أسرى الحرب؛ سلامة، أمن.

السوابق القضائية

فيما يتعلق بقانونية اعتقال المدنيين خلال النزاع المسلح في يوغوسلافيا السابقة، رأت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة أنه بلا ريب فإن اعتقال المدنيين يقع في إطار “تدابير السيطرة والأمن” التي يجوز لأطراف النزاع أن تتخذها وفقًا للمادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، قضية سيليبيتشي، المدعي العام ضد موسيتش وآخرين، 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 1998، فقرة 569). وفي هذا القرار، فرّق القضاة في الدائرة الابتدائية بين حدود حرية المدنيين التي يُسمح بها وفقًا للمادة 5، ووفقًا للمادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة. ولا تتعلق المادة 5 إلا بهؤلاء الذين قد يضر نشاطهم بأمن الدولة. أما المادة 27 فأوسع نطاقًا، وتسمح لطرف ما باتخاذ تدابير السيطرة والأمن اللازمة بسبب النزاع. غير أن القضاة أشاروا إلى أن الاحتجاز غير مسموح به إلا في الحالات الضرورية فحسب؛ وحددوا معايير صارمة فيما يتعلق بتفسير مفاهيم الضرورة والأمن (الفقرات 576-578). وترى الدائرة الابتدائية أيضًا أنه حتى إذا كان هناك ما يبرر احتجاز المدنيين وفقًا للمواد 5 و27 و42 من اتفاقية جنيف الرابعة، فإن الأفراد المحتجزين يجب أن يحصلوا على بعض الحقوق الإجرائية الأساسية، وفقًا للمادة 43 من اتفاقية جنيف الرابعة. وتتعلق هذه الضمانات بحق الاستئناف ضد قرار الاعتقال، والتمتع بالحماية والزيارة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر (الفقرة 579). وقد أكدت الدوائر الابتدائية هذا في قرارها المتعلق بالقضية ذاتها (20 شباط/ فبراير 2001). ورأت أن احتجاز المدنيين غير قانوني حين لا يكون ضروريًّا بشدة لأسباب أمنية. وأوضحت أن الاحتجاز القسري للمدنيين خلال النزاع المسلح يجوز أن يكون مسموحًا به في حالات محدودة، لكن من الواضح أنه غير قانوني إذا كان الطرف المحتجِز لا يحترم الحقوق الإجرائية الأساسية للأفراد المحتجزين ولا ينشئ محكمة ملائمة أو هيئة إدارية كما هو منصوص عليه في المادة 43 من اتفاقية جنيف الرابعة (الفقرة 320).

وفيما يتعلق بظروف احتجاز المدنيين في مخيمات، رأى قضاة المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة مسؤولية جنائية على أولئك المسؤولين، قانونًاأو فعليًا، عن إدارة المخيم. وفي قضية سيليبيتشي (المدعي العام ضد موسيتش وآخرين، 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 1998، الفقرة 1091)، رأت الدائرة الابتدائية أن المحتجزين في المخيم كانوا معرضين لظروف عاشوا فيها في عذاب وخوف من التعرض لانتهاكات بدنية. وعبر الأعمال الوحشية العنيفة المتكررة التي ارتكبت في سجن المخيم- والتي تفاقمت بالطبيعة العشوائية لهذه الأعمال والتهديدات من جانب الحراس، كان المحتجزون بذلك معرضين لضغط نفسي هائل يجوز وصفه بدقة بأنه “جو من الرعب”. ورأى القضاة أن موسيتش ساهم في استمرار الظروف اللاإنسانية التي سادت في سجن مخيم سيليبتشي (الفقرة 1123). وقررت الدائرة الابتدائية للمحكمة أنه كان مسؤولًا عن هذه الأعمال حيث إنه كان القائد الفعلي لسجن مخيم سيليبيتشي (الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، 20 شباط/ فبراير 2001، الفقرة 214). وبالفعل، قررت المحكمة الجنائية أنه عند تحديد مسائل المسؤولية، فمن الضروري النظر إلى الممارسة الفعلية للسلطة أو السيطرة لا إلى الألقاب الرسمية (الفقرة 197).

لمزيد من المعلومات:

Henckaerts, Jean-Marie (ICRC) & Doswald-Beck, Louise (International Commission of Jurists) (Eds.) Customary International Law (volume 1 – The Rules). Cambridge University Press, 2005 (in particular Part V, Chap. 37).

Pelic, Jelena, “Procedural principles and safeguards for internment/administrative detention in armed conflict and other situations of violence”. International Review of the Red Cross 858 (June 2005): 375-391.

Proulx, Vincent-Joel, “If the Hat Fits Wear It, If the Turban Fits Run for Your Life: Reflection on the Indefinite Detention and Targeted Killings of Suspected Terrorists”, Hastings Law Journal 56-5 (2005): 801-900

Article également référencé dans les 4 catégories suivantes :