القاموس العملي للقانون الإنساني

« الخطأ في تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم » Albert Camus.

أطراف النزاع

تستخدم اتفاقيات جنيف المصطلح المحايد “أطراف النزاع” للإشارة إلى الأطراف من الدول وغير الدول المشاركة في الأعمال العدائية وذلك بهدف ضمان تطبيق القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977 على أوسع نطاق ممكن. وهذا المصطلح يحل محل المصطلح “محاربون”، الذي لا يزال شائعًا استخدامه لوصف الأفراد أو الجماعات أو الدول المنخرطين في نزاع مسلح. وفي الواقع إن اللاعبين في نزاع مسلح ما ليسوا دائمًا القوات المسلحة لدولتين تعترفان بوجود بعضهما البعض. وعلاوة على ذلك، فإن أحد الأطراف في حالة النزاعات المسلحة غير الدولية قد يكون جماعة مسلحة من غير الدول لم يتمّ الاعتراف رسميًّا بسلطتها ووجودها كما هي الحال مع المتمردين أو حركات التحرر. وطبيعة هؤلاء اللاعبين من غير الدول تمنعهم من توقيع اتفاقيات دولية بشأن القانون الدولي الإنساني. ومع ذلك، فإنه من الضروري ألا يتمّ تأخير تطبيق القانون الإنساني بسبب المناقشات حول الوضع القانوني للمحاربين.

ولهذا يميز القانون الإنساني بين وضع “أطراف النزاع” ووضع “الأطراف السامية المتعاقدة”. ويشير المسمى الأخير إلى الدول التي صادقت على الاتفاقيات وبالتالي فهي ملزمة باحترامها حتى وإن لم تكن مشاركة بشكل مباشر في نزاع مسلح. والأطراف السامية المتعاقدة ملزمة دائمًا بالاتفاقيات التي وقَّعتها تجاه خصم لم يكن قد وقَّع الاتفاقيات. والجانبان ملزمان بمراعاة الأحكام التي اكتسبت وضع القانون العرفي وهي معظم قواعد اتفاقيات جنيف. (ومنها المادة الثالثة المشتركة). ولا يقوم شرط المعاملة بالمثل فيما يتعلق باحترام القانون الدولي الإنساني. ويتضح هذا في حقيقة أن أحد الأطراف لا يجوز له التذرع بانتهاك الطرف الآخر قاعدة إنسانية لتبرير أن ينتهك هو هذا القانون.

ويُحدد مفهوم الأطراف في نزاع تلك الدول الموقِّعة والأخرى غير الموقِّعة وكذلك الأطراف من غير الدول المنخرطة في النزاع.

وللتغلب على عيوب التطبيق المباشر للاتفاقيات، ينص القانون الإنساني على آلية تعاقدية تكميلية. وفي الحقيقة، تنص الاتفاقيات على حكم يقضي بأن كل أطراف نزاع ما يجب عليها أن تحاول وضع كل الاتفاقيات أو جزء منها موضع التنفيذ من بداية النزاع عن طريق إبرام اتفاقات خاصة (اتفاقيات جنيف 1-4 المادة الثالثة المشتركة). وهذه الآلية مفتوحة أيضًا أمام الكيانات والدول الأطراف في النزاع التي لم تصدق أو لا يمكنها التصديق على الاتفاقيات (اتفاقية جنيف 4 المادة 2) وفضلًا عن ذلك، تنص اتفاقيات جنيف بوضوح على أن تطبيق القانون الدولي الإنساني لا يؤثر على الوضع القانوني لأطراف النزاع (اتفاقيات جنيف 1-4 المادة الثالثة المشتركة، وبروتوكول 1 المادة 4).

← اتفاق خاص

واليوم، هذه القيود التقليدية يُبطِلها جزئيًّا حقيقة أن الكثير من أحكام القانون الدولي الإنساني اكتسبت الطبيعة العرفية. وفي عام 2005، نشرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر دراسة تُحدِّد القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني التي تنطبق في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وهذا القانون العرفي ملزم لكل الدول، حتى لتلك التي لم توقع الاتفاقيات. وهو أيضًا ملزم للجماعات المسلحة من غير الدول التي تكون طرفًا في نزاع والتي بحكم تعريفها لا يمكنها التصديق على الاتفاقيات.

وفي الواقع قد تتمتع الجماعات المسلحة من غير الدول بوضع أطراف النزاعات المسلحة غير الدولية. ولكن يجب استيفاء شرطين تراكميين، الأول هو أن الجماعة يجب أن تشارك في الأعمال العدائية ضد دولة أو دول أو جماعة مسلحة أخرى بدرجة معينة من الشدة (تشتمل المعايير ذات الصلة كما أوردها قانون السوابق القضائية على عدد المواجهات الفردية ومدتها وكثافتها، ونوع الأسلحة وغيرها من العتاد العسكري المستخدم، وعدد وعيار الذخائر التي تُطلَق، وعدد الأشخاص وأنواع القوات المشاركة في القتال، وعدد الإصابات، وحجم الدمار المادي، وعدد المدنيين الفارين من منطقة القتال، ...إلخ.). والثاني هو أن الجماعة نفسها يجب أن تكون مُنظَّمة تنظيمًا كافيًا (وتشتمل العوامل التي يجب أن تؤخذ في الحسبان على وجود هيكل قيادة، وقواعد وآليات انضباطية داخل الجماعة المسلحة ووجود مقر قيادة، والقدرة على شراء الأسلحة ونقلها وتوزيعها، وقدرة الجماعة على تخطيط العمليات العسكرية وتنسيقها وتنفيذها، بما في ذلك تحركات القوات والخدمات اللوجستية، وقدرتها على التفاوض وإبرام اتفاقات مثل وقف إطلاق النار واتفاقات السلام،... إلخ.).

والجماعات المسلحة من غير الدول بوصفها أطرافًا في النزاع، ملزمة باحترام القانون الإنساني فيما يتعلق به، أي وفقًا للمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 إذا كانت منطبقة وأحكام القانون العرفي. وإذا وجدت أدلة على أن الجماعات المسلحة من غير الدول تتصرف في الواقع نيابة عن أو تحت سيطرة دولة أجنبية فإن النزاع المسلح يصبح دوليًّا.

← القانون الدولي الإنساني؛ جماعات مسلحة من غير الدول

القوات العسكرية الدولية التي تنشر بموجب تفويض مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة يجوز أيضًا اعتبارها بشروط معينة أطرافًا في النزاع. ويصدق هذا حينما تستخدم القوة بطريقة هجومية تتجاوز مجرد الدفاع الشرعي عن النفس (حينما “تشارك مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية”) وحينما تساند أحد أطراف النزاع.

← حفظ السلام

تتوقف قواعد القانون الإنساني التي يتم تطبيقها على الطبيعة الدولية أو غير الدولية للنزاع. ولا يكون التوصيف حسب تقدير أطراف النزاع. ويضع القانون الإنساني معايير للتوصيف الواقعي والموضوعي لتفادي الجدال. وهذه المعايير يُفسِّرها ويُوضِّحها الاختصاص القضائي في الآونة الأخيرة للمحاكم الجنائية الدولية.

← نزاع مسلح دولي؛ نزاع مسلح غير دولي

في حالة النزاعات المسلحة غير الدولية، تكون الجماعة المسلحة من غير الدول والمعترف بأنها طرف في النزاع ملزمة باحترام القانون الإنساني. غير أن القانون الإنساني لا يعترف لأعضاء الجماعات المسلحة بالحق في استخدام القوة، ومن ثم، بوضع “مقاتلين”، والحقوق المرتبطة به، ومنها على سبيل المثال، وضع أسير الحرب والحصانة من المقاضاة لمجرد المشاركة في الأعمال العدائية. وحيثما يسكت القانون الدولي الإنساني، يظل أعضاء الجماعات المسلحة من غير الدول خاضعين لقانونهم الوطني الذي يعتبرهم مجرمين ويمنح الحق في استخدام القوة للجيش الوطني فحسب. ويخلق هذا الوضع تناقضًا قانونيًّا يخرق مبدأ المساواة أمام القانون لأطراف النزاع والذي ينص عليه في العادة القانون الدولي الإنساني.

ومن الممكن حل هذا الإشكال بتوقيع اتفاق خاص بين أطراف النزاع كما تقترح المادة الثالثة المشتركة (انظر أعلاه). وقد تساعد إمكانية إبرام اتفاق خاص من جانب الدولة طرف النزاع في إعادة التوازن بين تطبيق الأحكام التي ينص عليها القانون الإنساني وتلك التي ينص عليها القانون الوطني في النزاعات المسلحة غير الدولية. وتتيح هذه الإمكانية لأطراف النزاع تطبيق بعض أو كل أحكام البروتوكول الإضافي الأول دون أن تتطلَّب الاعتراف القانوني بطرف النزاع من غير الدول. ولهذا الأمر أهمية في التغلب على الخوف أن يضفي توقيع مثل هذا الاتفاق شرعية على الطرف الخصم ولتمكين الدولة من توقيع اتفاق مع جماعة تعتبر غير مشروعة من منظور القانون الوطني.

☜ إن القواعد التقليدية للمعاملة بالمثل لا تنطبق على حالة القانون الدولي الإنساني. فحقيقة أن أحد الأطراف في نزاع معين لم يصادق أو لم يحترم اتفاقيات جنيف لا يعفي الطرف الآخر من التزامه باحترام القانون الإنساني (المادتان 1 و2 المشتركتان بين اتفاقيات جنيف). ويكتسب هذا أهمية خاصة في حالة النزاع المسلح غير الدولي، الذي لا يكون هناك تناسب قانوني وعملي بين أطراف النزاع وإنما تكون هناك الدولة من ناحية ومن الناحية الأخرى أفراد وجماعات مسلحة من غير الدولة قد يعتبرون مجرمين من منظور القانون الوطني.

محارب؛ مدنيون؛ مقاتل؛ القانون الدولي العرفي؛ الأطراف السامية المتعاقدة؛ نزاع مسلح دولي؛ اتفاقيات دولية؛ الوضع القانوني لأطراف النزاع؛ نزاع مسلح غير دولي؛ جماعات مسلحة من غير الدول؛ حفظ السلام؛ شركات عسكرية خاصة؛ احترام القانون الدولي الإنساني؛ اتفاق خاص.

لمزيد من المعلومات:

Kleffner, Jann. “The Applicability of International Humanitarian Law to Organized Armed Groups.” International Review of the Red Cross 882 (June 2011): 443–61.

Meyrowitz, H., M. Sassoli, and Y. Shany. “Should the Obligations of States and Armed Groups under International Humanitarian Law Really Be Equal?” International Review of the Red Cross 882 (June 2011): 425–36.

Perrin, Benjamin, ed. Modern Warfare: Armed Groups, Private Militaries, Humanitarian Organizations and the Law. Vancouver: UBC Press, 2012, part 1.

Pfanner, Tony. “Asymmetrical Warfare from the Perspective of Humanitarian Law and Humanitarian Action.” International Review of the Red Cross 857 (March 2005): 149–74.

Somer, Jonathan. “Jungle Justice: Passing Dentence on the Equality of Belligerents in Non-international Armed Conflict.” International Review of the Red Cross 867 (September 2007): 655–90.

Vité, Sylvain. “Typology of Armed Conflicts in International Humanitarian Law: Legal Concepts and Actual Situations.” International Review of the Red Cross 873 (March 2009): 69–94.

Article également référencé dans les 3 catégories suivantes :